العراق تحوّل الى سوق رائجة لاستهلاك المخدرات في السنوات الأخيرة
العراق تحوّل إلى سوق رائجة لاستهلاك المخدرات في السنوات الأخيرة

أعلنت وزارة الداخلية العراقية، الخميس، عن ضبط 230 شبكة تتاجر بالمخدرات، خلال السنة الجارية، وفقا لما ذكرت تقارير إعلامية محلية.

وقال الناطق الرسمي لوزارة الداخلية، مقداد ميري، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع قائد شرطة البصرة: "وزارة الداخلية قطعت شوطا استثنائيا بملف المخدرات الذي كان من أكبر التحديات، وقد عملنا عليه بشكل كبير جدا"، وفقا لموقع "السومرية نيوز".

وأضاف: "العام الماضي عدد الملقى القبض عليهم كان أكثر من 19 ألفا وأكثر من 150 تاجرا دوليا"، مضيفا: "هذا العام حققنا نجاحا باهرا وهناك أكثر من 230 شبكة، من ضمنها 27 دولية، تم إلقاء القبض عليها".

ولفت إلى أن كميات المخدرات التي جرى ضبطها وصلت إلى نحو طنين.

وعن مصادر المخدرات، قال ميري: "الكبتاغون يأتي من سوريا.. والكريستال (الميثامفيتامين) يأتي من أفغانستان ثم من إيران إلى العراق، وهذان الخطان تحت الرقابة".

وكانت وزارة الداخلية العراقية قد قالت في أوخر الشهر الماضي، إنها تمكنت من اعتقال العديد من المتاجرين الدوليين والمحليين بالمخدرات وأحالتهم إلى القضاء، مشيرة إلى صدور أحكام "قاسية" بحقهم.

وأضافت في بيان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، أن هناك "تعاونا كبيرا مع جميع دول الجوار وغيرها، للقضاء على هذه السموم والعمل على استمرار ملاحقة المهربين والمتاجرين، ومنع أي محاولات خبيثة منهم للوصول إلى أهدافهم الرخيصة في الترويج للمخدرات، والتصدي لهم بحزم".

وأشار البيان إلى أن "الحرب ضد المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب، بعد أن أصبحت واحدة من الأسباب الرئيسة للجريمة".

ويُعد العراق الذي يمتلك حدودا طويلة مع سوريا وإيران والسعودية والكويت، بلد عبور لتهريب المخدرات، وقد تحوّل إلى سوق رائجة لاستهلاكها في السنوات الأخيرة، لا سيما الكبتاغون والكريستال ميث. 

وتُشكل دول الخليج، وفي مقدمها السعودية، الوجهة الأساسية لحبوب الكبتاغون التي تُهرب من سوريا والشريط الحدودي مع لبنان.

وتحوّل تهريب هذه المخدرات إلى تجارة مربحة يقدر خبراء قيمتها الإجمالية بمليارات الدولارات.

وفي مايو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية ضبط أطنان من المواد المخدرة وتوقيف 6 آلاف متهم بجرائم تتعلق بالمخدرات، خلال النصف الأول من عام 2024.

كما أعلنت صدور أحكام بإعدام 70 مدانا بجريمة مخدرات خلال الأشهر الأخيرة المنصرمة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.