صورة تعبيرية من عروض الشعلة قبيل بدء أولمبياد باريس 2024- ا ف ب
صورة تعبيرية من عروض مسيرة الشعلة قبيل بدء أولمبياد باريس 2024- ا ف ب

خوض غمار أولمبياد باريس 2024 لا يختلف عن المشاركات السابقة للعراق والعامل المشترك هو غياب ‏التفاؤل عن بلد ما زال يبحث عن مكان مفقود له في هذه الألعاب التي أحرز فيها ميدالية يتيمة خلال تاريخه، وكانت ‏باللون البرونزي عبر الربّاع الراحل عبد الواحد عزيز في روما 1960.‏

يرى رئيس اللجنة الأولمبية العراقية عقيل مفتن في حديث لوكالة فرانس برس أن الاتحادات الرياضية لم تعمل ‏بالشكل الصحيح خلال السنوات الماضية لكن "لدينا تصميم على التغيير" وفق تعبيره.

ولم يتردّد بالحديث عن "عدم الاهتمام بما ‏يعرف بمشروع  إعداد البطل الأولمبي... طالما أننا نفتقر لبرامج إعداد رياضيين موهوبين لفترة تمتد لسنوات، تبقى ‏مشاركاتنا الأولمبية متواضعة خالية من التفاؤل".‏

وأوضح مفتن الذي يقود رئاسة الأولمبية العراقية منذ خمسة أشهر بعدما كان منذ عام النائب الأول لرئيس اللجنة ‏السابق رعد حمودي: "نفتقر إلى بنى تحتية ومراكز اعداد حديثة وخبرات تدريبية أجنبية. هذا يحتاج إلى أموال ‏كبيرة وعدتنا الحكومة بها".‏

وكشف أنه تم تخصيص مبلغ "10 مليار دينار (قرابة سبعة ملايين ونصف مليون دولار أميركي) من قبل الحكومة العراقية ‏لتعزيز مشروع صياغة البطل الأولمبي وإعداده لسنوات. وأولى الخطوات كانت اتفاقية تعاون مع الأولمبية ‏الإسبانية في مجال إعداد رياضيين موهوبين في بعض الفعاليات. لا يمكن أن نقوم بأي تغيير في الواقع الرياضي ‏من دون هذا الدعم الذي سيمكنّنا أيضاً من بناء مراكز تدريب حديثة والاستعانة بمدربين أجانب".‏

وقال مفتن "لدينا تركة ثقيلة في العمل الأولمبي، لا بد أن نتخطّاها وأن نصحّح مسار العمل الرياضي. لا نريد أن ‏يتواصل الإخفاق، وإذا وجدنا عقبات تعيق التغيير، سأترك مسؤوليتي".‏

ويشارك العراق الذي خاض الألعاب الأولمبية للمرة الأولى عام 1948، في أولمبياد باريس بخمس فعاليات، اثنتان ‏منها تأهل إليهما عبر منتخب كرة القدم والربّاع علي عمار يسر الذي يعوّل عليه للوصول إلى أدوار نهائية متقدّمة ‏في منافسات رفع الأثقال.‏

أما بالنسبة للمشاركين الآخرين، سيُسافرون إلى باريس ببطاقات دعوة من الأولمبية الدولية، في فعاليات السباحة ‏وسباق 100 متر والجودو.‏

"لحظات تاريخية" ‏

أمّنت اللجنة الأولمبية لمنتخب كرة القدم العراقي معسكراً تدريبياً في فرنسا، ووفّرت له متطلبات التجهيزات.‏

ويشارك العراق في منافسات كرة القدم للمرة السابعة في تاريخه، وتبقى أفضل نتائجه في أثينا 2004 حين حصل ‏على المركز الرابع بقيادة المدرب عدنان حمد، رغم أن البلاد كانت تمر بحروب ونزاعات.‏

وبقيادة المدرب راضي شنيشل، استعان المنتخب بلاعبي القوة الجوية سعد ناطق وإبراهيم بايش وأيمن حسين ‏ليكونوا الثلاثة المسموح بهم فوق سن 23 عاماً، على أن يبدأ مشواره في 24 يوليو الحالي ضد أوكرانيا قبل ملاقاة ‏الأرجنتين في الـ27 منه ثم المغرب بعدها بثلاثة أيام.‏

اختارت اللجنة الأولمبية العراقية الرباع علي عمار يسر الذي يخوض منافسات وزن فوق 102 كلغ لحمل العلم ‏العراقي في حفل الافتتاح أمام البعثة التي تضم أكثر من خمسين شخصاً برئاسة رئيس اللجنة الأولمبية، وفق ‏ما أفاد مدير البعثة هيرده رؤوف.‏

وبيّن يسر الذي خاض معسكراً تدريبياً في تركيا لأشهر عدة "شرف كبير أن يتم منحي فرصة حمل العلم العراقي ‏في حفل الافتتاح. ستكون من دون شك لحظات تاريخية سأعيشها وتبقى خالدة في حياتي".‏

وأعرب عن أمله في بلوغ مراحل متقدمة، قائلاً "المنافسات ستكون شديدة بل أكثر من ذلك بكثير بوجود ‏عمالقة رفع الأثقال. أمضيت برنامجاً تدريبياً مهماً في تركيا استمر لأشهر طيلة الفترة الماضية".

"وأركِز  الآن فقط ‏على اللمسات الاستعدادية الاخيرة في مدينة أربيل (إقليم كردستان) لمدة عشرة أيام قبل   التوجه مباشرة إلى ‏باريس".، أضاف يسر.

ويشرف على تدريبات يسر الذي حل خامساً في بطولة العالم في تايلاند هذا العام وخطف فيها بطاقة الوصول إلى ‏أولمبياد باريس، والده الرباع السابق عمار يسر الذي أشار إلى أن "اهتمام ورعاية اللجنة الأولمبية للبرنامج ‏التدريبي الاستعدادي كان مثالياً وشكّل حافزاً كبيراً للمنافسة".‏

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.