بعد أن لفت الأنظار خلال حمله راية العراق على الزورق المخصص لبعثة العراق الأولمبية، يعوّل العراقيون على الرباع علي عمار، للفوز بميدالية جديدة بعد 64 عاماً على حصد العراق للميدالية البرونزية الوحيدة في أولمبياد روما 1960، خلال مشاركاته في المنافسات التي تقام مرة واحدة كل أربعة أعوام.
تأهّل عمّار، البالغ من العمر عشرين عاماً، إلى أولمبياد باريس بعد تحقيقه خمسة انتصارات متتالية، كسر في إحداها الرقم القياسي عن فئته الوزنية ليحجز تذكرة مستحقة إلى الأولمبياد بعد إحرازه المركز التاسع عالمياً في بطولة العالم في رفع الأثقال.
مدير إعلام اللجنة الأولمبية العراقية مؤنس عبدالله يقول لـ "ارفع صوتك" إن اللجنة "وضعت خطة لرعاية علي عمار من خلال تأمين مشاركته في أكثر من معسكر تدريبي داخل العراق وخارجه لتحقيق النتائج التي أدت إلى تأهله للمشاركة في أولمبياد باريس".
أما موعد المنافسة الخاصة برفع الأثقال في الألعاب الأولمبية، "فمن المقرر أن تقام حسب الفئات الوزنية، وستبدأ في العاشر من أغسطس المقبل. وأملنا كبير في حصوله على أحد الأوسمة الملونة رغم قوة منافسيه المشاركين في الأولمبياد والذين يعتبرون أبطالا للعالم"، يتابع عبدالله.
ويشارك العراق في أولمبياد باريس بخمس فعاليات تأهل في اثنتين منها ببطاقات مستحقة، الأولى عبر منتخب كرة القدم، والثانية عبر الرباع علي عمار. فيما يشارك عدد من اللاعبين في ثلاثة أنواع من الرياضات الفردية وهي السباحة، وسباق 100 متر، والجودو، ببطاقات دعوة من اللجنة الأولمبية الدولية تسمى "البطاقة المجانية".
التأهل للأولمبياد
بحسب اللوائح الدولية يتطلب الوصول إلى الأولمبياد المشاركة في جميع البطولات التأهيلية، وتسجيل نقاط ضمن أعلى المجموعات للحصول على تصنيف العشرة الأوائل في المنافسة.
ويقول الصحفي الرياضي أحمد عبد الكريم لـ "ارفع صوتك" إن عمار "تدرّب على يد أفضل المدربين في نادي الأمانة الرياضي منذ طفولته، وتدرّج بشكل صحيح. وهو من اللاعبين المتميزين وحقق نتائج متقدمة في الدورات العربية ثم الآسيوية، وصولاً إلى بطولة رفع الأثقال العالمية التي أهلته لحجز تذكرته إلى أولمبياد باريس".
الطريق للترشح إلى الأولمبياد عبد الكريم لم يكن سهلاً على عمّار. فعلى مدى العامين الماضيين شارك الشاب العراقي في عدد كبير من البطولات وحصد العديد من الأوسمة.
ومن ضمن الأوسمة التي أحرزها، وسامان برونزيان في بطولة آسيا برفع الأثقال لفئة المتقدمين التي استضافتها العاصمة الأوزبكية طشقند العام الماضي. كما كسر الرقم العالمي بفعالية الخطف محققاً رقماً عالمياً جديداً بعد رفع 198 كيلوغراماً لفئة الشباب، محرزاً المركز الأول ضمن فئته في بطولة العالم برفع الأثقال التي أقيمت في أيلول 2023 في العاصمة السعودية الرياض.
ترشح عمّار رسمياً إلى أولمبياد باريس بعد أن نال الميدالية الذهبية في بطولة آسيا لرفع الأثقال التي أقيمت في جزيرة بوكيت التايلندية في أبريل الماضي، متفوقاً على بطل العالم الأوزبكي رسلان نورودينوف، الذي تربع على عرش البطولة لأكثر من 10 سنوات.
جميع هذه الإنجازات التي حققها الرباع علي عمّار، "تجعلنا متفائلين بحصول العراق على وسام جديد في الألعاب الأولمبية بعد أكثر من ستين عاماً من حصوله على الميدالية البرونزية الوحيدة"، يقول الإعلامي الرياضي أمين رشاد لـ"ارفع صوتك".
ويتابع أنه في حالة حصد الرباع وساماً جديداً، "فستكون فرحة عظيمة طال انتظارها".
"لعبة عائلية"
ورغم النتائج التي حققها عمّار وأهلته إلى الأولمبياد إلا أن الصحفي الرياضي أحمد عبد الكريم يقول إنه "لا يوجد اهتمام كبير من قبل الحكومة العراقية بالألعاب الفردية، والتركيز غالباً يكون ناحية كرة القدم" ولهذا السبب تحولت أغلب هذه الألعاب الفردية "إلى رياضات أشبه ما تكون بالعائلية أي أن يكون الرياضي امتداداً لأفراد العائلة مثل الأب في حالة الربّاع علي عمّار".
السبب في ذلك يعود إلى "كثرة الاحتياجات المتعلقة بهذه الألعاب من تجهيزات وقاعات رياضية وأنوع الطعام الخاصة والمكملات الغذائية والأدوية وغيرها من الأمور التي تتطلب الإنفاق بسخاء لتحقيق النتائج". هذا الأمر لا ينطبق فقط على رياضة رفع الأثقال بحسب عبد الكريم، "بل يشمل جميع الألعاب الفردية التي يصل عددها في العراق إلى 13 نوعاً، بالإضافة إلى الألعاب الجماعية عدا كرة القدم".
والرباع علي عمّار هو نجل الرباع ومدرب المنتخب العراقي لرفع الأثقال عمّار يسر وهو يشرف على تدريب ابنه وتوفير جميع مستلزمات التمرين له، وفي لقاء تلفزيوني جمعهما معاً قال علي إن والده اضطر إلى بيع سيارته لتجهيز قاعة رياضية للتدريب.
وخلال اللقاء ذاته تحدث عمّار عن الصعوبات المالية التي رافقت العائلة خلال الإغلاق التام بعد انتشار فيروس كورونا العام 2020 والتي اضطرته إلى أن يعمل حمالاً في إحدى الأسواق لتوفير العيش الكريم للعائلة. لكن الوضع لم يرق للأب الذي كان يرى فيه أملاً كبيراً لتحقيق حلم الوصول إلى الأولمبياد، لتقوم العائلة بشراء أدوات للتدريب داخل المنزل، حتى لا يفقد عمّار لياقته وقدراته التي اكتسبها عبر سنوات طويلة من التدريب والالتزام.
ويشير عبد الكريم إلى أن "هناك تراجعاً كبيراً في إعداد الرياضيين في جميع أنواع الألعاب الفردية في العراق، لأسباب مادية واجتماعية. فالظرف الاقتصادي لا يشجع العراقيين على الاهتمام بالرياضة والتدريب لأنهم بالكاد يسدون احتياجاتهم". بالإضافة إلى أن هذه الألعاب، "تحتاج إلى الكثير من الأمور اللوجستية من لوازم حديثة وطرق ومعسكرات تدريب لتحقيق نتائج مرضية تسمح لهذه الألعاب بالتطور خصوصاً في ما يتعلق بالألعاب الأولمبية".