جدار كونكريتي بطول 170 كيلومتراً وارتفاع ثلاثة أمتار، يشكل جزءً رئيساً من التحصينات الحدودية التي يواصل العراق اتخاذها منذ 4 سنوات على الشريط الحدودي مع سوريا، للحد من عمليات التسلل والتهريب الذي يشهده منذ أكثر من عقدين.
يبلغ طول الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا أكثر من 600 كيلومتر، وقد أنشأ العراق عليه جدارا كونكريتيا من جزئين رئيسين يغطيان الثغرات والمناطق الضعيفة منه.
يمتد الجزء الأول مسافة 157 كيلومتراً من قضاء سنجار باتجاه ناحية ربيعة ثم نهر فيشخابور، أما الجزء الثاني فيمتد على طول 13 كيلومترا في منطقة الباغوز ليفصل بين مدينتي القائم العراقية والبوكمال السورية.
وشهدت الحدود العراقية السورية خلال السنوات الماضية تدابير مشددة اتخذها العراق، تضمنت تطبيق خطة مكونة من سبعة محاور، بالإضافة لتعزيز القطعات العسكرية المتواجدة على الشريط بنحو 13 فوجاً جديدا من قوات الحدود.
في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية الرسمية، قال قائد قوات الحدود- الفريق الحقوقي، محمد سكر السعيدي، في يوليو الماضي، إن محاور خطة تحصين الحدود العراقية السورية "تضمنت شق خندق بعرض ثلاثة أمتار وعمق ثلاثة أمتار، ووضع ساتر بارتفاع متر واحد إضافة لوضع مانع نفاخ رباعي قنفذي وسياج (بي آر سي)، ونشر نقاط حراسة لكل كيلو متر مع برج كونكريتي، وغُطيت الحدود بكاميرات حرارية متداخلة في ما بينها. والجزء الأهم منها تمثل بمد جدار كونكريتي بطول 170 كيلو متراً".
وأشار السعيدي إلى مواصلة العمل لإكمال مد كابل ضوئي على الحدود سيقوم بنقل الصور وتأمين الاتصال بشكل مباشر إلى مقر قوات الحدود.
واعتمدت القوات العراقية في بناء الجدار الكونكريتي على معمل الكونكريت الجاهز والمنتجات الإنشائية الذي أنشأته قوات الحدود في سنجار، ويُدار من قبل منتسبيها.
يمتد الشريط الحدودي العراقي السوري من المثلث الحدودي العراقي السوري الأردني وصولا إلى بلدة فيشخابور التابعة لقضاء زاخو في إقليم كردستان العراق، وتشكل الصحراء جزءا كبيرا من الحدود بين الدولتين، إلى جانب وجود أكثر من 100 قرية موزعة على جانبي الحدود، اضطر سكان العديد منها إلى تركها نتيجة التدهور الأمني الذي شهدته على مدى العقدين الماضيين، من النشاط الكبير لتنظيمي القاعدة وداعش وكذلك المليشيات والجماعات المسلحة الأخرى بعد عام 2003، كما تعتبر ممراً لمهربي السلاح والمخدرات بين البلدين.
بدوره، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، ياسر إسكندر وتوت لـ"ارفع صوتك"، إن الجدار الكونكريتي والتحصينات الحدودية الأخرى المتخذة "أسهمت في إنهاء التسلل على الحدود العراقية السورية بنسبة 90%"، معرباً عن أمنياته بأن يشمل الجدار كافة حدود العراق مع دول الجوار.
ورغم تأكيدات القوات الأمنية والسلطات العراقية على أهمية الجدار في إنهاء الخروقات على الحدود بين الجانبين، ما زالت الخطوات الحكومية لتحصين الحدود تواجه عوائق عديدة أمام تحقيق الضبط الكامل للحدود، مثل انتشار عدد من المليشيات العراقية الموالية لإيران على أجزاء من الشريط الحدودي والتحكم به لاستمرار نقل المسلحين والأسلحة إلى سوريا، وتحكم مسلحين تابعين لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا المتواجدين في سنجار وأطرافها، بقسم آخر منه.
من جهته، يقول الخبير الإستراتيجي علاء النشوع إن الجدار الكونكريتي وتحصيناته "غير كافية لضبط الحدود" معللاً لـ"ارفع صوتك": "هذا الجدار لا أهمية له من الناحية الأمنية والعسكرية خاصة مع الشريط الحدودي بين العراق وسوريا الذي يعتبر طويلا، إذ تصعب السيطرة على حدود بهذه المسافة عبر جدار بهذا الطول".