امرأة عراقية تحمل طرد مساعدات إلى منزلها خلال توزيع مساعدات من الهلال الأحمر في مدينة صفوان العراقية الجنوبية بتاريخ 28 مارس 2003.
امرأة عراقية تحمل طرد مساعدات إلى منزلها خلال توزيع مساعدات من الهلال الأحمر في مدينة صفوان العراقية الجنوبية بتاريخ 28 مارس 2003.

بدأت فكرة توزيع المواد الغذائية الأساسية على شكل "حصة تموينية" في أيلول من العام 1990، في إطار خطة واسعة النطاق وضعها نظام صدام حسين للتخفيف من عواقب الحصار الذي فرض على العراق بعد غزو  الكويت.

تم تقديم مقترح تنظيم توزيع المواد الغذائية المتبقية في المخازن العراقية من قبل وزير التجارة آنذاك محمد مهدي صالح. ولم تكن هذه المواد كافية لأكثر من ستة أشهر كحد أقصى وفق تصريحات للوزير الأسبق ذاته في مقابلة تلفزيونية.

الفكرة تبلورت كما رواها صالح، بعد عشرة أيام من فرض الحصار على العراق "بهدف التحوط للحفاظ على خزين البلد، وهو سلاح فعال للمساعدة على مواجهة الظرف الطارئ، وتهيئة الحدود الدنيا للحفاظ على حياة المواطنين، وتوفير سعرات حرارية تكفي لتجنب المجاعة الواسعة للمواطنين".

صالح شرح في المقابلة التلفزيونية أن العراق كان يعتبر "من الدول العالية بالسعرات الحرارية التي تصل إلى 3120 سعرة يومياً يتم تجهيزها في السوق العراقية". وعندما فُرض الحصار لم تكن الحكومة مهيأة لهذا الظرف ولم يكن ممكناً توفير مواد غذائية لمدة طويلة، ولذلك جرى جمع ما توفّر من الحنطة والشعير، وكان هناك مقترح لإضافة الذرة لتكثير الكمية قدر المستطاع.

وبحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد خليل إسماعيل، فإن تسعينيات القرن الماضي لم تكن المرة الأولى التي لجأ فيها العراق لتوزيع المواد الغذائية. "ففي الأربعينيات أيضاً وبعد نقص الإمدادات بسبب الحرب العالمية الثانية، اضطرت الحكومة إلى توزيع المواد الغذائية لمن يمتلك هوية الأحوال المدنية وجرى تزويد المواطنين بالدفتر التمويني".

ومن خلال ذلك الدفتر، كما يقول إسماعيل لـ "ارفع صوتك"، "تم توزيع السكر والشاي والقهوة والأقمشة والطحين بأسعار مدعومة لسنوات".

من أرشيف وكالة رويترز- عام 1998
"كيف تطعم الديكتاتور؟".. طباخ صدام حسين يتحدث
لحظات رعب انتهت بـ50 دينار عراقي (ما يعادل 150 دولاراً في حينه)، وصدام حسين الذي يضحك ويبكي ويحاول إثبات ألا شبيه له، وصدام "الأفضل في عائلة التكريتي"، وحساء اللصوص أو "شوربة الحرامية" التكريتية، وقصة سميرة التي تركت زوجها لأجل صدام، والرجل الذي ظل واقفاً حين هرب الجميع، وغير ذلك.
 

من الرفاهية إلى الجوع

 

حتى العام 1990 كان متوسط السعرات الغذائية التي يتغذى بها الفرد العراقي يتراوح ما بين 3130 و3315 سعرة.

أما الحصة التموينية فلم تسدّ سوى 53% من السعرات الحرارية التي كان العراقيون يحصلون عليها بين سنتي 1987 و1989. وهي أرقام وثقها حيدر الغريباوي في بحث حمل عنوان "أثر البطاقة التموينية على الاستهلاك والفقر".

خلال السنوات الخمس الأولى من الحصار، اعتمد العراق بشكل كامل على ما يتم إنتاجه محلياً أو تهريبه، بسبب رفض الحكومة لمقترح "النفط مقابل الغذاء" الذي قدمته الأمم المتحدة بأكثر من صيغة. وفي ديسمبر 1994، طرأ تخفيض على الحصة فأصبحت لا تسد سوى 34% من الحاجة الغذائية. وفي سنة 1995  تدنت السعرات الحرارية المخصصة لكل عراقي إلى 1093 وظهرت أمراض سوء التغذية الحاد.

بعد موافقة الحكومة العراقية على مقترح "النفط مقابل الغذاء" وتنفيذه في العام 1996 تحسنت نوعية المواد التي تضمنتها السلّة الغذائية. مع ذلك تعرض البرنامج لنقد حاد بعد اكتشاف تلاعب كبير بالعقود المبرمة من قبل مسؤولين عراقيين وأمميين.

شملت البطاقة التموينية مجموعة من المواد الغذائية الأساسية، وهي الطحين والأرز والسكر بالإضافة إلى الشاي والزيت ومساحيق الغسيل والصابون والبقوليات والحليب. وكانت توزع بقيمة تصل إلى 5% من قيمتها في السوق العالمية.

ويقول أستاذ العلوم الاجتماعية فاهم نعمة لـ"ارفع صوتك" إن "تردي وعدم كفاية المواد الغذائية الموزعة ضمن الحصة التموينية، وغلاء أسعارها في السوق المحلية خلال تلك الفترة، أثرّا بشكل كبير على طبيعة حياة المجتمع الذي كان يتمتع بنوع من الرفاهية فيما يتعلق بالغذاء".

أكبر الشرائح المتأثرة كانت النساء والأطفال، "فقد تحملت المرأة أعباء إدارة المنزل بأقل قدر ممكن من المواد الغذائية، وحاولت سد رمق العائلة بالاقتصاد عبر صناعة الخبز وخياطة الملابس وغيرها".

وأثر شحّ المواد الغذائية على الأطفال بشكل كبير، بحسب نعمة، "فبرزت حالات السرقة بين أطفال المدارس فيما يتعلق بالنقود والمستلزمات الدراسية والمأكولات بسبب الحرمان المادي والغذائي"، بالإضافة إلى ظهور  "تناول الأطعمة غير الصحية، منها المواد غير الناضجة أو المتعفنة بسبب نقص الغذاء وحاجة الجسم للأملاح والكالسيوم والفيتامينات، وقلة النشاط والاكتئاب ناهيك عن عمالة الأطفال والتسرب من المدارس".

 

خلل مزمن

 

في بحث حمل عنوان "الفقر ونظام البطاقة التموينية: دراسة تحليلية قياسية"، يقول أستاذ الاقتصاد حسن لطيف كاظم إن نظام البطاقة التموينية "أريد له أن يكون وسيلة آنية لحالة طارئة، ولم يدر في خلد صناع القرار آنذاك أنه سيستمر حتى اليوم".

ويعاني نظام البطاقة التموينية من "خلل مزمن" بحسب الدراسة. فرغم المزايا العديدة التي يقدمها "إلا أنه يتميز بنظام العدالة المطلقة بالتوزيع". وهو ما يعني "التساوي بين جميع العراقيين وهو ما يعتبر واحدة من نقاط ضعف النظام". فالمطلوب هنا "وصول المساعدات إلى من يحتاجها فعلاً، وأن يستثني النظام غير المحتاجين".

وبحسب الدراسة، فإن طول المدة التي طبق فيها نظام البطاقة التموينية "رسخ الاعتقاد لدى الأسر العراقية بأهمية النظام، وخلق اعتماداً لدى الأسر المتوسطة والفقيرة على البطاقة".

ويشير البحث إلى أن الحكومات التي أعقبت العام 2003 لم تكن تفضل الاستمرار بالحصة التموينية، بل إنها حاولت التحرر من جزء كبير مما خلفه النظام السابق من تركة كان عليها التعامل معها. وأعلنت الحكومات المتعاقبة عن برنامج لإلغاء الحصة التموينية عبر تحويلها إلى البدل النقدي، أو قطعها عن الأغنياء، إلا أن ذلك لم يتحقق.

أسباب ذلك، كما يقول كاظم في بحثه، تعود إلى أن "القادة الحاليين يدركون الأهمية السياسية لنظام البطاقة التموينية ، ولذلك فإنه من الصعب تصور القيام بتغيير جذري فيها رغم صعوبة إدامة عمل النظام بهذه الطريقة".

 

أمن غذائي

 

يشير الخبير الاقتصادي كمال الحسني، في حديث مع "ارفع صوتك"، إلى أن نظام التموين الغذائي في العراق "مر بمرحلتين: الأولى منذ أغسطس 1990 ومن ضمنها فترة برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء. والثانية ما بعد العام 2003 ولغاية الآن".

تخلل هاتين المرحلتين "العديد من الأخطاء، أبرزها الفساد الكبير في العقود النفطية وعقود وزارة التجارة على السواء، وخلق تشوها في هيكلية الطلب المحلي".

ورغم كل المساوئ المرتبطة بملف البطاقة التموينية، فإن التزام الدولة بتوفير مفردات البطاقة التموينية "يعتبر أمراً في غاية الحساسية، لارتباطه الوثيق بالأمن الغذائي". هذا الارتباط، كما يوضح، "ينطلق من أن البطاقة التموينية أصبحت جزءاً من الأمن الغذائي للمواطن العراقي في ظل وجود نسبة غير قليلة تقدر بربع عدد السكان، دون خط الفقر".

ويشير الحسني إلى أن البطاقة التموينية "على علاتها الكثيرة تحقق الاستقرار بأسعار المواد الغذائية الأساسية، وتشكل ملاذاً من تعاظم مستويات الفقر والجريمة والعنف، خصوصاً وأن البلد ما يزال غير مستقر أمنياً، وإذا حصلت أي مشكلة في تدفق تمويل الحكومة لهذا البرنامج فسوف تتأثر كل الحالة الاقتصادية وبسرعة".

يعطي الحسني مثالاً على ذلك. "القصور في توزيع أي من مواد البطاقة التموينية اليوم، سينعكس في صورة ارتفاع في أسعار تلك السلعة بالسوق المحلية فيما يسهم توفيرها ضمن البطاقة، في خفض الأسعار داخل العراق عن المستوى العام للأسعار في دول الجوار".

أما البديل الأفضل للبطاقة التموينية، فيكون عبر "تخيير المواطن بين البدل النقدي أو الاستمرار باستلام المواد الغذائية، ليحصل من السوق المحلية على الأغذية الأساسية بالنوعيات التي يفضلها، والحد من التلاعب بالمواد وأسعارها ونوعياتها".

إعادة النظر بنظام البطاقة التموينية على هذا الأساس، يساهم، بحسب الحسني، في "خلق فرص عمل أكبر في القطاع الخاص، ويساعد على قيام صناعة غذائية داخل البلد. وصولاً إلى إعادة الاقتصاد العراقي إلى السكة الصحيحة بصورة تدريجية ودون إلحاق ضرر بالمواطن".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.
فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.

يبدو تنظيم داعش، عندما يتعلق الأمر بالتمويل والبحث عن مصادر دخل تنعش موارده المتدهورة، أشبه بكيان متمرس في عالم المافيا والجريمة المنظمة. الكثيرون، بمن فيهم أمراء كبار، انشقوا عنه حينما صدمتهم هذه الحقيقة. 

قيادة التنظيم نفسها تدرك جيدا أن تسليط الضوء على هذا الجانب من نشاطات التنظيم يقوض الصورة التي رسمها لنفسه أمام أتباعه وأنصاره. لذلك لم يتبنَّ يوما أي عملية قتل أو تخريب قام بها باسم جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية" رغم أن جزءا من جهوده، لا سيما في شرق سوريا، مكرس لهذا النشاط الشنيع.

 

الكلفة السلطانية

 

منذ خسارة التنظيم للمساحات الشاسعة التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وما نجم عن ذلك من فقدانه لما تدره عليه المعابر وحقول النفط من موارد مالية كبيرة، فَعّل التنظيم عددا من "الخطط الاقتصادية" البديلة كان من بينها جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية".

تعد " الكلفة السلطانية" نشاطا مدرا للدخل إلى جانب نشاطات أخرى ضمن "اقتصاد الحرب" تضخ في خزينة التنظيم أموالا طائلة، مثل التهريب، والاختطاف، وتجارة الآثار، والسطو على البنوك ومحلات الصرافة، واستحواذه على احتياطات العملة الصعبة والذهب في المدن التي اجتاحها، ونهب ممتلكات الطوائف الأخرى وغيرها.

تزامنت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي مع الصعود السريع لتنظيم داعش عام 2013.
"داعش".. خلافة رقمية يطوقها مارد الذكاء الاصطناعي
الشركات التكنولوجية الكبيرة شرعت منذ 2017 في الاعتماد كليا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المواد التي تروج للتطرف العنيف على منصاتها، بينما اقتصر دورها في السابق على تكميل جهود فرق بشرية يقع على عاتقها عبء هذه العملية برمتها.

لعدة سنوات ظل التنظيم يجمع " الكلفة السلطانية" لاسيما في مناطق الشرق السوري، حيث تنتشر حقول النفط، والمساحات الزراعية، وممرات التهريب، والمتاجر ومحلات الصرافة. لكنه لم يكن يتحدث عن ذلك لا في إعلامه الرسمي ولا الرديف، بل وتحاشى الاشارة إليها حتى في مراسلاته الداخلية، لأنه يدرك أن جدلا محموما سينتج عن ذلك، وسيحتاج إلى فتاوى دينية وجهود دعائية كبيرة لإقناع أتباعه بـ"وجاهة" أفعاله، وقد خرج أعضاء سابقون في التنظيم ونشروا على قنواتهم الرقمية "أن إرغام المسلمين غصبا وبحد السيف على إعطاء جزء من حلالِهم لثلة من المفسدين في الأرض هو عمل عدواني لا يقوم به إلا أهل البغي وقطاع الطرق".

 

ضريبة على رعايا الخليفة!

 

ينبغي التفريق هنا بين ما ينهبه التنظيم ممن يعتبرهم "كفارا ومرتدين" والذي يسميه ب"الفيء" و"الغنيمة" وبين ما يجبيه باسم "الكلفة السلطانية". فالكلفة السلطانية هي ضريبة يؤديها "المسلمون ورعايا الخليفة" بالقوة والإكراه، أي أن المستهدفين بها هم في عرف التنظيم من المسلمين الذين "لا تحل أموالهم ودماؤهم" ولا تدخل "الكلفة السلطانية" أيضا ضمن الزكاة الواجبة التي تتم جبايتها قسرا من المسلمين من طرف أمنيي التنظيم.

وبعد انكشاف أمر عمليات السطو والنهب هذه لم يجد التنظيم بدا من الحديث عنها في مراسلاته الداخلية، وانتداب أحد شرعييه لصياغة فتوى لتسويغها من الناحية الدينية.

صاغ أبو المعتصم القرشي، وهو أحد كوادر "المكتب الشرعي" لـ"ولاية الشام" فتوى مطولة في 12 صفحة، وحشد فيها مجموعة من النصوص الدينية والقواعد الأصولية التي اعتبرها "أدلة شرعية" على جواز نهب أموال المسلمين بالقوة والإكراه!.

عَرّف القرشي الكلفة السلطانية بأنها " الأموال التي يطلبها الإمام من الناس لأجل مصلحة شرعية". ولعجزه عن إيجاد نصوص قطعية من الكتاب والسنة لتبرير هذه "البدعة الداعشية"، فقد لجأ إلى القواعد الأصولية من قبيل" يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام" و" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و" تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما"، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

يعني هذا ببساطة أن مصلحة استمرار عمليات التنظيم والحفاظ على قوته ومقدراته مقدمة على مصالح الناس الأخرى، وأن تواصل عمليات التنظيم باعتبارها "جهادا مقدسا"  إذا لم يتم إلا بالسطو على أموال الناس فيجب السطو عليها.

أكد القرشي في نص فتواه جواز استخدام العنف والقوة لجباية الأموال، قائلا: "لا شك أن المال عصب الجهاد، والإعداد لا يكون إلا به، فتحصيله وتوفيره واجب على الإمام ولو بالقوة والإكراه"، ومن امتنع عن أداء "الكلف السلطانية جاز للإمام أو من ينوب عنه أن يعزره بشكل يكون رادعا له ولغيره حتى يؤدي ما عليه من الحقوق المالية في هذا الشأن".

أما الفئات الاجتماعية المستهدفة بهذه الضريبة، فقد قدم أبو المعتصم سردا طويلا بأصحاب المهن والمحلات التجارية والأطباء والصرافين والفلاحين والمدارس والكليات وتجار الدجاج والبيض وتجار المواشي والمستشفيات. ولم يترك أي نشاط مدر للدخل إلا وأشار إليه ضمن الذين فرض عليهم دفع "الكلف السلطانية"، ولم يستثن سوى أصحاب البسْطات على الأرصفة.

أخطر ما في الفتوى هو أن الممتنع عن أداء ما يطلبه التنظيم من أموال سيكون مصيره القتل والحكم عليه بالردة، و" طريقة استخدام القوة تتفاوت حسب المعاندة والممانعة بين التهديد، والإتلاف لبعض المال، أو التعزير، أو التغريم المالي وحتى الجسدي، ثم القتل إذا استعان الممتنع بشوكة الكفار والمرتدين على المجاهدين فعندها يُطبق عليه حكم الردة" حسب تعبير أبي المعتصم القرشي.

 

معاناة الناس في شرق سوريا

 

في شرق سوريا، يتم استخلاص هذه الضريبة بعد توجيه رسائل تهديد بأرقام دولية عبر تطبيق واتساب إلى المعنيين، وتخييرهم بين دفع "السلطانية" أو مواجهة خلايا الاغتيال، بعد تخريب ممتلكاتهم وتقويض مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ارتفعت هذا العام نسبة تلك الضرائب إلى حد كبير جداً مقارنة بالسنوات الفائتة، حتى بلغت نحو 616 ألف دولار من تجار النفط والمستثمرين.

وحصل المرصد على إفادة من أحد العاملين في شركة مستثمرة في قطاع النفط في المنطقة الشرقية (دير الزور) تقول بأن الشركة رفضت دفع كامل المبلغ المطلوب منها تحت مسمى "الكلفة السلطانية"، والتي قدرها التنظيم بنصف مليون دولار أميركي، ودفعت بدلها 300 ألف دولار، لكن التنظيم هدد سائقي صهاريج المحروقات التي تعمل لصالح الشركة بالاستهداف إذا لم يتم دفع المبلغ كاملا في غضون أسابيع، ولم يعد لدى الشركة خيار آخر سوى تدبير ما تبقى من المبلغ.

مستثمر آخر في قطاع النفط توصل برسالة عبر تطبيق الواتساب من رقم دولي مفادها بأن عليه دفع "الكلفة السلطانية" البالغ قدرها 75 ألف دولار، وعدم إخبار أي جهة تابعة لقسد أو التحالف الدولي بذلك ووجهت له تهديدات في حال التبليغ أو عدم دفع المبلغ خلال أسبوع، وأن خلايا التنظيم ستقوم بزرع عبوة في سيارته أو حرق بئر النفط الذي يعود له.

ولفت المرصد إلى أن خلايا داعش في بادية ريف دير الزور الشرقي تفرض ضرائب تتراوح بين 1000 و3500 دولار، في مناطق ذيبان وحوايج ذيبان وجديد بكارة، على المستثمرين الذين يعملون على توريد المحروقات إلى "سادكوبى" التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور.

يعمد التنظيم أيضا إلى حرق المحاصيل الزراعية التي تعود للفلاحين الذين رفضوا الرضوخ لابتزازه ودفع الأموال التي يطلبها منهم، ورمي القنابل اليدوية على منازل الأثرياء، وعيادات الأطباء، وقد هرب عدد من الأطباء من المنطقة الشرقية بعدما أثقل التنظيم كاهلهم بالضرائب و"المكوس"، ولا سيما وقد وضعهم في رأس قائمة أهدافه لأنهم -حسب اعتقاده- يجنون الأموال أكثر من غيرهم.