المرشحان الرئيسيان للانتخابات الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس.
المرشحان الرئيسيان للانتخابات الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس.

للمرة الأولى منذ العام 2003، يغيب العراق بشكل شبه تام عن ميدان التراشق الإعلامي في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ولا يرتبط أي من المرشحين الحاليين، أو نوابهم، بشكل مباشر بالتصويت لدعم الحرب، بعدما كان هذا الملف نقطة جدال أساسية في الحملات الانتخابية السابقة، بما  في ذلك الانتخابات الأخيرة بين جو بايدن ودونالد ترمب.

وصوت جو بايدن لصالح الحرب، عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير. أما ترمب فلم يكن يشغل أي منصب سياسي. وتتهمه وسائل إعلام أميركية بأن موقفه كان أقرب لدعم الحرب، وبأنه لم يعلن معارضة صريحة إلا بعد بداية الحرب بأشهر.

لكن هذه المرة، يبدو الملف العراقي غائبا. فعن الحزب الديمقراطي، لم تبدأ كل من كامالا هاريس ونائبها تيم والز حياتهما السياسية إلا بعد العام 2003.

الشيء نفسه، بالنسبة للمرشح لنائب الرئيس عن الحزب الجمهوري جاي دي فانس، الذي لم يكن عمره يتجاوز 19 عاما عند بداية الحرب.

وشارك فانس جنديا في  الحرب خلال شبابه، وهو اليوم أحد أشدّ منتقديها.

وسلّط تقرير لصحيفة "سيمافور" بعنوان "الديمقراطيون يتخطون أخيراً حرب العراق" الضوء على "غياب" العراق كمادة جدلية في الانتخابات الرئاسية هذا العام، بعد أن كان يتصدر المناظرات الانتخابية في السنوات العشرين الماضية.

نائبة الرئيس الأميركي الحالية كامالا هاريس، المرشحة لمنصب الرئيس عن الحزب الديمقراطي، لم تكن في موقع مسؤولية لدى اتخاذ قرار الغزو في العام 2003. حينها، كانت لا تزال تعمل في مكتب المدعي العام، قبل أن تخوض حملتها لمنصب المدعي العام في مدينة سان فرانسيسكو، وتبدأ رحلة صعودها في المراكز الرسمية وصولاً إلى انتخابها نائبة للرئيس جو بايدن في العام 2020.

 ومن جانبه، خاض حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، المرشح الديمقراطي الحالي لمنصب نائب الرئيس، انتخابات مجلس النواب الأميركي لعام 2006، بانياً خطابه السياسي على معارضة حرب العراق. 

وواجه والز  حينها انتقادات لاذعة بشأن بسجله العسكري، بما في ذلك اتهامات بالتقاعد من الخدمة لخوض الانتخابات قبل وقت قصير من إرسال وحدة الحرس الوطني التي كان يخدم فيها إلى العراق.

الرئيس الأميركي الأٍبق جورج بوش، الذي قاد الحرب على العراق عام 2003
من الصحاف إلى "صاحب الحذاء".. ماذا حل بأبرز الشخصيات بعد 20 عاما من سقوط نظام صدام حسين؟ 
في الذكرى الـ 20 لقراره الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، يعيش الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، في  إحدى ضواحي دالاس، ويقضي وقته في الرسم ولعب الغولف، فيما تفرقت السبل بأبرز شخصيات الحرب التي أطاحت بصدام حسين.

في السنوات العشرين الأخيرة انخرط المرشحون الديمقراطيون للرئاسة في استهداف بعضهم في الحملات خلال الانتخابات التمهيدية. 

وتقول الصحيفة إنا المرشح الديمقراطي جون كيري عانى كثير لشرح موقفه الداعم للحرب خلال الانتخابات التمهيدية للحزب  عام 2004، والتي نافسه عليه زميله هوارد دين. 

وفي العام 2008، كانت معارضة باراك أوباما لما أسماها "الحرب الغبية" أساسية في التغلب على منافسته آنذاك هيلاري كلينتون، التي دعمت العملية العسكرية الأميركية في العراق حينما كانت عضواً في مجلس الشيوخ.

وبحسب الصحيفة، لم تتعاف كلينتون أبداً من موقفها المؤيد للحرب، خصوصاً لدى يسار الحزب الديمقراطي. ولعب الأمر دوراً في دفع منافسها بيرني ساندرز إلى الترشح ضدها في انتخابات عام 2016 التمهيدية.

وفي الانتخابات التمهيدية لعام 2020، استخدم ساندرز الحجج نفسها في هجومه على جو بايدن لدى تنافسهما على نيل بطاقة الحزب الديمقراطي. ساندرز طالب آنذاك زميله في الحزب "بالاعتراف بأنه كان مخطئًا تماماً بشأن حرب العراق".

ودعم بايدن حرب العراق، لكنه لعب لاحقا دورا أساسيا كنائب للرئيس في الإشراف على انسحاب الجيش الأميركي من البلاد في عهد أوباما. 

وفقد الرئيس الأميركي بايدن ابنه البكر جوزيف في العام 2015 بمرض سرطان الدماغ. وكان الابن قد خدم في العراق.

El cabo estadounidense Edward Chin cubre el rostro de una estatua de Saddam Hussein con una bandera de Estados Unidos antes de…
بعد عشرين عاماً... ما مصير العلم الأميركي الذي غطى وجه تمثال صدام حسين؟
يقول تيم ماكلوفلين لمراسل الصحيفة، إنه تلقى في العام 2009 رسالةً من المتحف الوطني لسلاح مشاة البحرية، تسأله اذا كان يقبل بالتبرع بالعلم لعرضه في المتحف بوصفه "علامة تاريخية فارقة". في ذلك الوقت كان العلم محفوظاً في صندوق يعود لوالد ماكلافلين. سأل تيم المسؤولين عن المتحف مجموعة أسئلة حول كيفية عرض العلم وقرر بعدها أن افضل مكان له في قبو منزله.

الجمهوريون: "دعونا نخرج من العراق"؟

في المقابل، تبدو المفارقات المتعلقة بحرب العراق أكثر وضوحاً عند الحزب الجمهوري، الذي كانت رموز المحافظين فيه في العام 2003 "رأس حربة" في التسويق للحرب ولإسقاط نظام صدام حسين. 

في هذه الجولة الانتخابية، دخل المرشح لنائب الرئيس عن الحزب الجمهوري جاي دي فانس إلى المؤتمر الوطني لحزبه، على أنغام أغنية "أميركا أولاً" الشهيرة، والتي تحمل دعوة صريحة ضد حرب العراق، إذ تقول كلماتها: "دعونا نخرج من العراق ونعُد إلى المسار الصحيح. ولنعِد بناء أميركا أولاً". 

فانس اختار هذه الأغنية لأنه حارب شخصياً في العراق، وكتب نقداً للتجربة العسكرية هناك في مذكراته التي نالت شهرة واسعة وتحولت إلى فيلم سينمائي.

أما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات، فيزعم منذ العام 2015 أنه كان معارضا للحرب منذ البداية.

وقاد ترمب عام ٢٠١٦ حملة شديدة على المرشح الجمهوري في الانتخابات التمهيدية آنذاك جيب بوش، شقيق الرئيس الأميركي السابق جورج  بوش، بسبب إعلان شقيقه للحرب.

لكن تقرير صحيفة "سيمافور"، وصحفا أخرى، يشير إلى أن ترمب لم يعلن معارضته للحرب منذ بدايتها، وأن موقفه المعارض جاء في وقت متأخر. حينها كان الكثير من السياسيين الأميركيين قد أعلنوا بدورهم معارضتهم للحرب.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.