الحملة الإسرائيلية مستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر الدامي.
الحملة الإسرائيلية مستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر الدامي

أدان مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس، انتهاكات لجنود إسرائيليين بعد نشر فيديوهات ترصد سلسلة من الارتكابات التي قالت وكالة رويترز إنها "تصنع سجلا منفرا عن الحرب على القطاع في وقت تلوح فيه المجاعة في الأفق مما أدى لتكثيف التدقيق الدولي في الحملة العسكرية الإسرائيلية".

وأثيرت الانتقادات بعد نشر جنود إسرائيليين لصور ولقطات فيديو لأنفسهم وهم يلهون بملابس داخلية نسائية وجدوها في منازل الفلسطينيين في قطاع غزة الذي يشهد منذ الهجوم الدامي لحماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، حملة عسكرية إسرائيلية أسفرت عن مقتل الآلاف وأزمة إنسانية حادة.

وفي أحد المقاطع المصورة، يجلس جندي إسرائيلي على كرسي بمسندين في غرفة وهو يبتسم ابتسامة عريضة، وفي يد يمسك ببندقية وفي الأخرى قطعة ملابس داخلية تحتية بيضاء من الساتان يدليها فوق فم أحد رفاقه الجنود المفتوح وهو مستلق على أريكة.

وفي مقطع آخر، يجلس جندي فوق دبابة وهو ممسك بدمية عرض أزياء (مانيكان) ترتدي حمالة صدر سوداء وخوذة ويقول "عثرت على زوجة جميلة.. علاقة جدية في غزة.. امرأة رائعة".

والمقطعان من بين عشرات صورها جنود إسرائيليون ونشروها على الإنترنت لأفراد من القوات في قطاع غزة يعرضون قطع الملابس الداخلية النسائية ويلهون بدمى عرض الأزياء وهي عارية أو مرتدية لبعض تلك القطع. وتلقت صور الملابس الداخلية عشرات الآلاف من المشاهدات، وفي إحدى الحالات اقتربت من نصف مليون مشاهدة بعد أن نشرها يونس الطيراوي، الذي يصف نفسه بأنه مراسل فلسطيني.

وبعدما طُلب منه ذلك، قلت رويترز إن الطيراوي قدم روابط للمنشورات الأصلية التي وضعها جنود إسرائيليون والتي أعاد نشرها لمتابعيه على منصة إكس، وعددهم أكثر من مئة ألف، في الفترة بين 23 فبراير شباط والأول من مارس آذار. وتحققت رويترز بعد ذلك بشكل مستقل من ثمانية منشورات على إنستجرام أو يوتيوب.

إهانة للمرأة الفلسطينية.. ولكل النساء

وقالت المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رافينا شامداساني "نشر مثل تلك اللقطات يشكل إهانة للمرأة الفلسطينية.. ولكل النساء". وأرسلت رويترز تفاصيل عن المنشورات الثمانية التي تحققت منها على يوتيوب أو إنستغرام إلى القوات الإسرائيلية طلبا للتعليق عليها.

وردا على ذلك، أرسل متحدث بيانا يقول فيه إن الجيش الإسرائيلي يحقق في تلك الوقائع، التي وصفها بأنها تحيد عن الأوامر والقيم المتوقعة من جنوده، ويحقق في التقارير عن مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف البيان "في الحالات التي يثور فيها اشتباه بوجود مخالفة جنائية تبرر فتح تحقيق، تفتح الشرطة العسكرية تحقيقا"،  مشيرا إلى أنه "يجب أن نوضح أنه في بعض الحالات التي تم النظر فيها خلصنا إلى أن التعبير أو السلوك الذي اتبعه الجنود في الفيديو غير ملائم وتم التعامل مع الأمر على هذا الأساس".

وأحجم الجيش الإسرائيلي عن الإفصاح عما إذا كان يشير إلى أي من اللقطات التي أرسلت رويترز تفاصيل عنها أو إن كان أي من الجنود المسؤولين قد تعرض للتأديب. ولم يرد جنود إسرائيليون، تمكنت رويترز من تحديد هوياتهم، على طلبات للتعليق عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

لهو بدمية نصف عارية

وتشمل المنشورات، التي تم التحقق منها، صورة لجندي يمسك بدمية عرض أزياء من الخلف ويداه مستقرتان على ثدييها وجندي وهو يلهو بدمية نصف عارية.

وتظهر صورة جنديا مع بندقيته وهو يرفع إبهام يده لأعلى في إشارة على الإعجاب والرضا، وهو يجلس على سرير مزدوج تناثرت عليه عبوات ملابس داخلية نسائية.

وقال موقع يوتيوب إنه حذف مقطعا أشارت له رويترز بسبب انتهاك سياسات التحرش على المنصة، التي تحظر المحتوى الذي يكشف عن معلومات شخصية يمكن التعرف عليها. ولم يصدر تعليق من إنستغرام.

وبدأت الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة بعد أن شنت "حماس" هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إسرائيل إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 253 رهائن.

ويأتي انتشار تلك اللقطات في وقت يتم فيه توجيه اتهامات لحماس ولإسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وقال فريق من خبراء الأمم المتحدة هذا الشهر في تقرير إن هناك أسسا معقولة للاعتقاد بأن عنفا جنسيا يشمل الاغتصاب والاغتصاب الجماعي حدث في عدة مواقع خلال هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

عنف جنسي 

كما يقول الخبراء إن هناك معلومات مقنعة عن تعرض بعض الإسرائيليات من الرهائن في قطاع غزة لعنف جنسي ربما لا يزال يجري.

وهناك أيضا اتهامات لإسرائيل بدفع قطاع غزة صوب المجاعة. وقال فريق خبراء الأمم المتحدة أيضا في تقريره الذي صدر مؤخرا إنه تلقى معلومات من مصادر مؤسسية وأخرى في المجتمع المدني ومن مقابلات مباشرة في الضفة الغربية عن تعرض الفلسطينيات لعنف جنسي على يد جنود إسرائيليين. ويرفض الجانبان اتهامات ارتكاب عنف جنسي.

ولا تقارن لقطات ومنشورات الملابس الداخلية والدمى بما يقال عن جرائم بحق نساء منذ السابع من أكتوبر. لكن خبيرين قانونيين قالا برغم ذلك إنها قد تشكل انتهاكا محتملا للقانون الدولي.

ويقول أرضي إمسيس، الأستاذ المساعد في القانون بجامعة كوينز في كندا، إن تلك المنشورات تنتهك البند 27 في معاهدة جنيف الرابعة التي تحكم قواعد معاملة المدنيين في وقت الحرب.

وينص هذا البند على أن من حق المدنيين أن يحظوا بالاحترام لشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم. ويجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على شرفهن.

ويقول أورين بيرسيكو من موقع (سيفينث آي)، أو "العين السابعة"، على الإنترنت الذي يتابع وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن لقطات الملابس الداخلية تلك لم تحظ باهتمام يذكر في إسرائيل. 

وأضاف أن على النقيض من ذلك لاقت منشورات تظهر العثور على أسلحة أو رايات حماس في منازل في قطاع غزة انتشارا واسعا.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".