علي جمعة شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية
علي جمعة شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية

ظهر التصوف في الإسلام منذ فترة مبكرة. عُرف الصوفيون بالهدوء والتقشف والزهد والبُعد إجمالاً عن السياسة. ولكن لم يمنع ذلك من بعض الاستثناءات، عبر المشاركة في حركات "الجهاد" و"مقاومة الاستعمار" في بعض الفترات التاريخية الحرجة.

في العقود الأخيرة، دفعت الأوضاع السياسية في عدد من الدول الإسلامية إلى استدعاء الصوفية إلى ميادين العمل السياسي، بهدف الحد من خطورة التيارات الجهادية الطامحة للوصول إلى الحكم؟

 

 التصوف كـ"سلاح" ضد التطرف

 

على الرغم من تبني الأنظمة العربية التصوف منذ فترات طويلة، إلا أن استدعاء التصوف كسلاح فعال ضد التطرف بدأ في لحظات متباينة من العقود الأخيرة. وذلك بحسب الظروف والسياقات التي مرت بها كل دولة على حدة.

في السبعينات، ومع تصاعد المد السلفي في مصر، لجأت السلطة إلى عدد من شيوخ الأزهر المعروفين بتوجهاتهم الصوفية -ومن أبرزهم محمد متولي الشعراوي- لمحاورة أعضاء التيارات التكفيرية الجهادية، فيما عُرف وقتها باسم المراجعات. في السياق نفسه، تبنت الدولة الخطاب الصوفي التقليدي الذي يدعو إلى التصالح مع الأمر الواقع من جهة، ورفض الثورة والتغيير بالقوة من جهة أخرى.

في الحالة السورية، بدأ التحالف بين التصوف والسلطة في النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين. في سنة 1982م تحديداً، وقعت المواجهة المسلحة بين القوات العسكرية التابعة للنظام والكتائب الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين. انتهى هذا الصراع بهزيمة الجبهة الإسلامية على يد قوات النظام. وتم نفي الكثير من شيوخ الصوفية المتحالفين مع الإخوان، ومن أبرزهم الشيخ عبد القادر عيسى، شيخ الشاذلية في حلب، والذي توفي في منفاه في الأردن.

على إثر تلك المعارك الضارية، بدأ النظام البعثي السوري في مصالحة بعض التيارات الصوفية، واتخذ منها سلاحاً موجهاً ضد حركات الإسلام السياسي. وبحسب ما تذكره الباحثة الألمانية أنابيله بوتشر في دراستها "الإسلام الرسمي، الشبكات الإسلامية العابرة للحدود، والسياسات المحلية: سوريا أنموذجاً"، فإن الطريقة الكفتارية للشيخ أحمد كفتارو، والطريقة الخزنوية للشيخ محمد الخزنوي كانتا أبرز الطرق التي تحالفت مع النظام البعثي.

تذكر بوتشر أن الطريقتين انتشرتا في مناطق واسعة من سوريا. وفي حين تركّزت شبكة علاقات طريقة الشيخ كفتارو في المناطق الحضرية في دمشق بشكل أساسي، تركزّت شبكة الشيخ الخزنوي في المناطق الريفية للجزيرة السورية.

في العراق، استدعى نظام صدام حسين المكون الصوفي -الرفاعي والنقشبندي والقادري- من بوابة بعض رجال السلطة المتأثرين بالطابع الصوفي، ومن أبرزهم عزة الدوري، النائب الأسبق لرئيس الجمهورية.

استعان النظام البعثي بتلك الطرق الصوفية في سبيل إضفاء المسحة الدينية على حكمه من جهة، ولتحقيق التوازن مع القوى الشيعية العراقية من جهة أخرى.

يختلف الوضع في الحالة المغربية. بدأ التحالف المُعلن الأكبر بين التصوف والسلطة بعد أحداث السادس عشر من مايو 2003.

في ذلك اليوم فجّر 13 شاباً أنفسهم في قلب مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، ما أدى إلى مقتل 45 شخصاً بما فيهم الانتحاريون الذين اكتشفت السلطات فيما بعد أنهم ينتمون إلى ما بات يسمى في المغرب بـ"السلفية الجهادية".

على إثر تلك الحادثة الدموية سارعت الدولة إلى استدعاء المكون الصوفي بهدف التصدي للأفكار السلفية الجهادية.

 

دعم الأنظمة للتصوف

 

ظهرت دلائل الدعم المتبادل بين الأنظمة السياسية العربية والتيارات الصوفية في الكثير من الشواهد. والتي تنوعت بين الدعم المالي في بعض الأحيان، والدعم المعنوي في أحيان أخرى.

في مصر، عُينت القيادات الدينية في المؤسسات الرسمية -الأزهر، والإفتاء، ووزارة الأوقاف- من بين الشيوخ المعروفين بتوجهاتهم الصوفية. في السياق نفسه، اهتمت الدولة بمظاهر التدين الصوفي التقليدي، من خلال الحرص على إقامة الموالد، والاحتفال الرسمي بالمواسم، وهو الاسم الذي يُطلق على المناسبات الدينية الأهم على مدار العام، فضلاً عن تقديم الدعم المادي للمؤسسات الصوفية وعلى رأسها نقابة الأشراف، والمجلس الأعلى للطرق الصوفية.

من جهتهم، قدم الصوفيون دعمهم الكامل للأنظمة السياسية التي حكمت مصر على مر السنوات السابقة. على سبيل المثال في 2009م، أعلن مشايخ الطرق الصوفية مبايعتهم للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ولأبنائه من بعده.

تكرر المشهد في 2014م، عندما حظي ترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم مطلق من قِبل قيادات الطرق الصوفية.  صارت قوة التحالف بين التيارات الصوفية والدولة أوضح في 2018م، عندما فاز رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر عبد الهادي القصبي برئاسة ائتلاف "دعم مصر" داخل مجلس النواب وهو ائتلاف الأغلبية المقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

في سوريا، تمتع مشايخ الصوفية بمكانة عالية من قِبل السلطة الحاكمة، خصوصاً بعدما اختارتهم الدولة لتمثيل "الإسلام السني الوسطي"، وقلدت قياداتهم العديد من المناصب الدينية الرفيعة مثل منصب المفتي العام لسوريا. وهو منصب تعاقب عليه كل من أحمد كفتارو، وأحمد بدر الدين حسون.

بحسب ما تذكره بوتشر في دراستها، فإن الدولة السورية لم تكتف بتقليد مشايخ الصوفية أهم المراكز الدينية في الدولة، بل منحتهم كذلك دعماً مالياً كبيراً.

على سبيل المثال أشرفت الدولة على تطوير "مجْمع أبو النور الإسلامي" التابع للتيار الصوفي، فتحول من مكان صغير إلى مؤسسة كبيرة تضم العديد من المدارس الإسلامية، وأربع جامعات، ومسجداً كبيراً ومكاتب، ومكتبة وشققاً وغرف اجتماعات، فضلاً عن بعض الجمعيات الخيرية.

من جهة أخرى، عُين مشايخ الصوفية في إدارة "معاهد القرآن" التي تضطلع بمهمة تحفيظ وتفسير القرآن للأطفال في العديد من المدن السورية، كما شغل الصوفيون المناصب الأساسية المعنية بتدريس الإسلام في كل من وزارة الأوقاف والتلفزيون السوري.

اختلف الوضع بشكل كبير في العراق بسبب الاضطرابات التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين في 2003. حافظ الصوفيون لفترة على ولائهم للسلطة البعثية، وتم الإعلان وقتها عما عُرف بـ"جيش رجال الطريقة النقشبندية" والذي شارك في قتال القوات الأميركية.

برزت أهمية هذا التنظيم بعد إعدام صدام حسين في ديسمبر سنة 2006م. نشط التنظيم في المناطق ذات الأغلبية السنية في العراق ولا سيما في كل من محافظة ديالى ومناطق جنوب غرب كركوك ومحافظتي نينوى وصلاح الدين، شمال غرب العراق.

امتلك النقشبنديون الكثير من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة التي حصل عليها التنظيم من الجيش العراقي. وروجوا لأنفسهم باعتبارهم المدافعين عن الهوية العربية الإسلامية السنية في العراق.

مع تغير الأحداث التي شهدها العراق في السنين الأخيرة، ظهرت بعض التنظيمات الصوفية التي تقاربت إلى حد بعيد مع مراكز القوى الجديدة المُمثلة في القوى الشيعية وإيران. يُعدّ "مجلس علماء الرباط المحمدي" أحد أهم تلك التنظيمات. أعلن المجلس عن علاقاته الوطيدة بالسلطة في العديد من المواقف. على سبيل المثال، أشاد رئيس مجلس علماء الرباط المحمدي عبد القادر الآلوسي في وقت سابق بالحشد الشعبي وقال: "الحشد الشعبي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل الوطن ولولا تضحياته لما تحررت المدن من داعش". من خلال تلك العلاقة، تمكن المجلس من ممارسة أنشطته في عموم المدن العراقية، الأمر الذي يثبت العلاقة الثنائية الوطيدة المنعقدة بين الصوفية والسلطة في بلاد الرافدين.

لا تختلف المعادلة كثيراً في المغرب، عملت السلطة على استقطاب الصوفية من خلال تعيينهم في العديد من المناصب السامية.

في هذا السياق، تم تعيين أحمد التوفيق -الذي ينتمي إلى الطريقة الصوفية البوتشيشية- على رأس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ سنة 2002م إلى اليوم، بما يجعله أقدم وزير في تاريخ الحكومة المغربية.

من جهة أخرى، تمت إعادة هيكلة المؤسسات الدينية المغربية استناداً إلى المرجعية الصوفية. وحافظت السلطة على دعمها المادي للتصوف من خلال تسليم الهبات الملكية للزوايا المنتشرة في أنحاء البلاد.

في السياق نفسه، نُظمت العديد من الندوات والمهرجانات الفنية ذات الاتجاه الصوفي. كما أُنتجت البرامج الإعلامية التي تبث الشعائر الصوفية على القنوات الرسمية للدولة.

من جهتها، دأبت الطرق الصوفية المغربية على تأييد السلطة في العديد من المواقف. على سبيل المثال أعلن الصوفيون في 2011م عن تأييدهم المطلق للدستور الجديد رغم الاعتراض عليه من جانب الكثير من التيارات الأخرى.

 

الصراع بين التصوف والإسلام السياسي

 

تمكّن التحالف المُنعقد بين السلطة والتصوف من فرض وجوده في بعض الحالات أمام التيارات السلفية الجهادية. ويعدّ المغرب الحالة الأكثر بروزاً في هذا السياق بسبب قوة المكون الصوفي من جهة، وتراجع التيارات السلفية في المغرب من جهة أخرى.

في المقابل، يختلف الوضع في دول عربية أخرى، حيث خاض الطرفان -التصوف والإسلام السياسي- حرباً ضارية في السنوات السابقة. تعددت مظاهر تلك الحرب بين الفتاوى المتبادلة، والاقتتال المسلح، فضلاً عن عمليات الاغتيال.

كانت فتوى مفتي مصر الأسبق علي جمعة من أشهر الفتاوى التي وجهها التيار الصوفي ضد الإسلام السياسي. في 2013م، أفتى جمعة -الذي يُعدّ واحداً من كبار مشايخ الصوفية المصريين- في أحد المؤتمرات التي حضرها العشرات من القيادات العسكرية بجواز قتل عناصر جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين الجهاديين.

وشبّه جمعة الإخوان وحلفاءهم بالخوارج ووصفهم بـ"كلاب أهل النار". وتابع قائلاً: "اضرب في المليان، إياك أن تضحي بأفرادك وجنودك من أجل هؤلاء... طوبى لمن قتلهم، وقتلوه... كان يجب أن نطهر مدينتنا من هؤلاء الأوباش... يجب أن نتبرأ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب". تعرضت هذه التصريحات لانتقادات كثيرة.

تشابه موقف جمعة مع موقف رجل الدين السوري الصوفي محمد سعيد رمضان البوطي -المقرب من النظام- عندما انتقد خروج المظاهرات المعارضة للنظام من المساجد ودعا السوريين إلى عدم "الانقياد وراء دعوات خارجية".

ووصف الثوار الذين حملوا السلاح في مواجهة الدولة بأنهم "عصابات إرهابية مسلحة". رد الجهاديون على تلك الفتاوى وقتها بشكل عنيف. وفي مارس 2013م، قُتل الشيخ البوطي أثناء إعطائه درساً دينياً في مسجد الإيمان بحي المزرعة في دمشق.

تصاعدُ العنف بين الصوفيين والتيارات الجهادية أخذ أشكالاً أكثر عنفاً في بعض الحالات. على سبيل المثال في 2014م، سقط الكثير من الضحايا في الاشتباكات التي وقعت بين جيش النقشبندية وتنظيم داعش.

وفي نوفمبر 2017م، وصل العداء الصوفي- الجهادي إلى دموية غير مسبوقة عندما هاجم إرهابيون مسجد الروضة الصوفي في سيناء المصرية، ما أسفر عن مقتل قرابة 300 شخص وإصابة العشرات بينهم أطفال.

مواضيع ذات صلة:

السلطات الطاجيكية تشن حملة قمع ضد اللحى والحجاب
السلطات الطاجيكية تشن حملة قمع ضد اللحى والحجاب

بدأت طاجيكستان حملة قمع واسعة تستهدف المظاهر الدينية كاللحى الطويلة والحجاب، بعد اتهام عدد من الطاجيكيين بتنفيذ هجوم إرهابي كبير في موسكو، بحسب تقرير مطول لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن تنظيم "داعش-خراسان" المتطرف، الذي ينشط في آسيا الوسطى، كان وراء الهجوم، وهو ما سلط الضوء على الدور الذي يلعبه الطاجيك المتطرفون في تنفيذ عمليات إرهابية على مستوى العالم.

وبعد اعتقال رجال طاجيك واتهامهم بشن هجوم إرهابي على قاعة حفلات في موسكو في مارس الماضي، أدى إلى مقتل 145 شخصاً وإصابة أكثر من 500، كان المواطنون هناك يتوقعون حملة قمع حكومية.

وتستعرض الصحيفة قصة فتاة طاجيكية في الـ27 من العمر، شاهدت عناصر من السلطات المحلية تحمل مقصا خارج أحد المطاعم في دوشانبي، عاصمة طاجيكستان، وهي تقص اللحى التي اعتبرت طويلة للغاية.

وتعرضت الفتاة بحسب حديثها للصحيفة إلى الاعتقال عدة مرات حتى قررت التخلي عن الحجاب حتى لا يؤثر على مستقبلها المهني.

 وتفرض الحكومة الطاجيكية برئاسة إمام علي رحمن، الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود، كثيرا من القيود ومنها حظر الحجاب في المدارس منذ عام 2007 والمؤسسات العامة في طاجيكستان منذ عام 2009.

واعتمد البرلمان في الدولة ذات الأغلبية المسلمة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة مسودة تعديلات على قانون "التقاليد والاحتفالات" والتي ستحظر ارتداء "الملابس الغريبة عن الثقافة الطاجيكية"، وهو مصطلح يستخدمه المسؤولون على نطاق واسع لوصف الملابس الإسلامية، بحسب إذاعة أوروبا الحرة "راديو ليبرتي". 

وتمنع التعديلات أيضا استيراد تلك الملابس وبيعها والإعلان عنها.

وفرضت غرامات مالية كبيرة  تتراوح ما بين 660 إلى 1400 دولار على من يخالف هذه القوانين، ما يزيد الضغط على السكان في بلد يعاني من الفقر والبطالة.

وفي عام 2018، قدمت طاجيكستان دليل الملابس الموصى بها الذي يحدد ألوان الملابس وأشكالها وأطوالها وموادها "المقبولة".

وأنشأت الحكومات المحلية فرق عمل خاصة بينما داهمت الشرطة الأسواق لاعتقال "المخالفين"، بحسب "راديو ليبرتي". 

فرق عمل حكومية في طاجيكستان تغرم النساء اللاتي ترتدين الحجاب في الشوارع

يُظهر مقطع فيديو حديث يُزعم أنه لموظفي مستشفى في جنوب طاجيكستان وهم يساعدون زائرتين ترتديان الحجاب في تنسيق غطاء الرأس "على الطريقة الطاجيكية" بربطه خلف رأسيهما كوشاح، بحسب راديو "ليبرتي". 

 

 

ويبدو أن المنطق وراء هذا هو القضاء على المظاهر العامة للإسلام المحافظ، وهو ما تعتقد الحكومة أن من شأنه أن يساعد في كبح جماح الإسلام المحافظ والحد من التطرف.

ورغم هذه التدابير، يشير خبراء مكافحة الإرهاب إلى أن هذه السياسة قد تأتي بنتائج عكسية.

ويرى لوكاس ويبر، المؤسس المشارك لمنظمة "ميليتانت واير" التي تركز على بحث نشاط الجماعات المتطرفة، إن الحملة القمعية التي تقودها الحكومة قد تؤدي إلى زيادة الغضب والاحتقان الاجتماعي، مما يغذي مزيدا من التطرف بدلا من الحد منه.

وأضاف أن ردود الفعل الحكومية على الهجمات الإرهابية قد تكون بالضبط ما يسعى إليه المتطرفون، إذ يرغبون في تأجيج التوترات بين المواطنين والسلطات.

إلى جانب القمع الداخلي، زادت طاجيكستان من تعاونها الأمني مع روسيا بعد الهجوم الإرهابي في موسكو، حيث يُنظر إلى الطاجيكيين المهاجرين في روسيا بريبة متزايدة.

ويعمل حوالي مليون طاجيكي في روسيا، ما يمثل نحو 10 في المئة من سكان البلاد، وهم يرسلون أموالا حيوية لعائلاتهم في الوطن.

ولكن في أعقاب الهجمات، أصبح الطاجيكيون هدفا رئيسيا للمداهمات الأمنية في روسيا، لتفتيش مساكنهم وأوراقهم الثبوتية بانتظام.

هذا الاعتماد الكبير على روسيا لم يمنع طاجيكستان من تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، فقد بدأت أيضاً في تعزيز التعاون مع الصين، رغم التقارير التي تفيد ببناء قاعدة صينية في شمال البلاد، وهي تقارير نفتها بكين.

ووقعت طاجيكستان اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، تهدف إلى تحسين مراقبة الأشخاص الذين يدخلون البلاد ويشتبه في صلتهم بالجماعات المتطرفة.

ويرى مراقبون أن التركيز على المظاهر الدينية قد لا يكون حلا فعالا لمكافحة الإرهاب، خاصة أن بعض أفراد عائلات المتهمين في الهجوم الإرهابي في موسكو أشاروا إلى أن المتورطين لم يظهروا أي علامات خارجية على التدين أو التطرف، مما يدل على أن هؤلاء المتطرفين قد يحاولون التهرب من التدابير الأمنية من خلال الابتعاد عن المظاهر الإسلامية التقليدية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وقالت جولراكات ميرزوييفا (59 عاما)، والدة أحد المتهمين في الهجوم، إن ابنها لم يكن متدينا بشكل علني ولم يظهر أي ميول للتطرف.

وأشارت إلى أن الفقر والظروف الاقتصادية القاسية هي التي دفعت ابنها إلى السفر مرارا للعمل في روسيا لتوفير احتياجات أسرته.

كان المهاجمون الأربعة المتهمون يعملون في روسيا لعدة أشهر على الأقل، وكان بعضهم يقوم برحلات متكررة للدخول والخروج.

ويشير خبراء في مجال حقوق الإنسان إلى أنه بدلا من أن تعالج الدولة المشاكل الجوهرية مثل الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، تبحث عن أمور مظهرية قد لا يكون لها علاقة بجذور أزمة التطرف. 

وقال العديد من سكان دوشانبي لراديو ليبرتي إنهم لا يدعمون حظر أنواع معينة من الملابس لأنهم يعتقدون أن الناس يجب أن يكونوا أحرارا في اختيار الملابس التي يريدون ارتدائها.