في العام 762 ميلادي، أي قبل ما يقارب 1262 عاماً، أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ببناء عاصمة جديدة لدولته، تكون بعيدة عن المدن التي كثر فيها الخروج على الخلافة، كالكوفة والبصرة. وأرادها مدينة تتمتع بمناخ معتدل وموقع حسن، على ما تتفق المصادر التاريخية، وقام بوضع الحجر الأساس لهذه المدينة بيده.
هذه حكاية ولادة مدينة بغداد، التي يحفظ التاريخ لأبي جعفر المنصور فضل بنائها.

في العام 1977 وفي عهد الرئيس أحمد حسن البكر، أنجز النحات العراقي الشهير خالد الرحال تمثالا برونزيا يمثّل رأس أبي جعفر المنصور، تكريماً لدوره في بناء بغداد، ووُضع الرأس على قاعدة مرتفعة في أحد شوارع ناحية الكرخ في العاصمة العراقية، وسميت المنطقة على اسمه.
في السيرة التي كتبها الأديب العراقي نجم والي لمدينة بغداد ("بغداد سيرة مدينة"، دار الساقي)، يشير، نقلاً عن مصادر تاريخية، إلى أن المنصور جلب عدداً من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، بمساعدة أعداد كبيرة من أكثر البنائين والصنّاع المهرة.
انتهى بناء بغداد في زمن قياسي، بالنسبة إلى تقنيات البناء في تلك المرحلة الزمنية. "فبعد أربع سنوات فقط من وضع أبي جعفر المنصور حجر الأساس لها، انتهى البناء منها لتصبح مدينة جاهزة لانتقال الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة إليها، ولتصبح منذ ذلك الحين عاصمة للدولة العباسية"، يقول نجم والي.
وبحسب إسماعيل مرسي في كتابه "ملوك الدولة العباسية"، فإن العباسيين "ظلّوا قبل ذلك ثلاثة عشر عاماً منذ وصولهم إلى الحكم دون عاصمة لملكهم حتى بنوا بغداد".
وقد نزل المنصور بغداد قبل إتمام بنائها، وكان لا يدخلها أحد أبداً راكباً، "حتى إن عمه عيسى بن علي شكا إليه المشي فلم يأذن له".
سكن المنصور بغداد حين تم البناء، وكان سورها دائرياً، عرضه خمسون ذراعاً في أسفله، وعشرون في أعلاه، وله ثمانية أبواب، وكذا السور الداخلي، إلا أن الأبواب الداخلية والخارجية غير متقابلة، يضيف مرسي.
كان موقع بغداد الذي اختاره المنصور يمتاز بحصانته من الناحية العسكرية، إذ "لا يمكن الوصول إليه إلا على قنطرة أو جسر، فإذا قطعت الجسور وخربت القناطر، لا يصل إليها العدو"، بحسب مرسي. كما شكّل نهرا دجلة والفرات سوراً وخندقاً طبيعيين، وتميز الموقع ببعده عن مناطق الحدود البيزنطية مما جعله آمناً وبعيداً عن غاراتهم.
وللدلالة إلى علو شأن شخصية المنصور في التاريخ، ينقل مرسي عن الشيخ الخضري قوله: "كان المنصور أعظم رجل قام من آل العباس شدة وبأساً ويقظة وثباتاً".
يبدو ان ابو جعفر المنصور هو
— 🕊Dr. Dijlah🕊 (@Dddddddwerrr) May 6, 2024
من سرق 1500مليار دولار
ومن هرب النفط العراقي
ومنع استخراج الغاز لصالح بلاد فارس
وهو من يحرق محاصيل الحنطه
ويمنع زراعة ارض خضبه ويبعها ليحولها لمدن لايسكنها الا السراق
ويمنع فتح المصانع والمعامل لفتح ابواب الاستيراد من كل بقاع الارض pic.twitter.com/Rui5ulqYbA
كغيره من المعالم والرموز العراقية، تعرض تمثال أبو جعفر المنصور بعد 2003 للتخريب والسرقة، وتم تفجير قاعدته كليا في العام 2005، قبل أن تقوم السلطات العراقية بترميمه وتعيد نصبه مرة أخرى عام 2008 في المنطقة الغربية من المدينة التي سميت على اسمه.
لكن، على الرغم من مرور مئات السنين على وفاة الخليفة العباسي، إلا إن مجموعات عراقية أطلقت بشكل متكرر عبر السنين، دعوات لإزالة تمثاله الذي شيد خلال سبعينات القرن العشرين، على يد النحات العراقي خالد الرحال.
وتطالب هذه المجموعات بإزالة تمثال المنصور، لأسباب طائفية تعود الى اعتبار الشيعة أن المنصور هو الذي أعطى الأمر بقتل سادس أئمة الشيعة الاثني عشرية جعفر الصادق.