المتهم بطعن الروائي سلمان رشدي، هادي مطر
المتهم بطعن الروائي سلمان رشدي، هادي مطر

تنتشر على جانب طريق في قرية يارون بجنوب لبنان صور للمرشد الأعلى الإيراني السابق، روح الله الخميني، الذي أصدر عام 1989 فتوى بقتل سلمان رشدي، مؤلف كتاب "آيات شيطانية"، وينحدر من هذه القرية أسلاف المشتبه به في طعن رشدي، الجمعة.

ويزين شعار حزب الله، المدعوم من إيران، نصب تذكاري صغير لمقاتلي الحزب الذين قتلوا خلال عقود من الحروب مع إسرائيل التي تحد يارون من الشرق والجنوب.

ويغلب التوجس على الجو العام بالقرية اللبنانية الصغيرة، وفقا لرويترز.

وقليل من سكان القرية رغبوا في التحدث عن الهجوم على، سلمان رشدي، أو عن هادي مطر، الأميركي الشيعي البالغ من العمر 24 عاما المشتبه به في الهجوم والذي تنحدر عائلته أصلا من يارون، حيث يحظى حزب الله بدعم قوي.

ويقول سكان محليون لرويترز إن الهجوم على الروائي رشدي، المولود في الهند، بمكان عام في ولاية نيويورك لا علاقة له بهم.

وقال رياض الرضا، مختار القرية، لرويترز: "لا يوجد أي معلومة، ولا أحد يعرف عنه أي معلومة. هو مولود في أميركا ويعيش هناك، وفي أميركا يعرفون عنه أكثر منا هنا. وإذا جاء إلى القرية لا نعرف. لا أحد يعرف عنه شيئا".

ودفع مطر، وهو من نيوجيرسي ببراءته من محاولة القتل والاعتداء. وأفادت شبكة "أن بي سي" أن مراجعة أولية قامت بها هيئات إنفاذ القانون لحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أنه متعاطف مع التطرف الشيعي والحرس الثوري الإيراني.

والحرس الثوري الإيراني فصيل قوي تتهمه واشنطن بتنفيذ حملة من الأنشطة المتطرفة العالمية.

ولم تقدم السلطات الأميركية أي تفاصيل إضافية عن التحقيق، بما في ذلك الدافع المحتمل.

وقال علي تحفة، رئيس بلدية يارون، لرويترز إن والدي مطر هاجرا إلى الولايات المتحدة وإنه ولد ونشأ هناك لكن والده، حسن مطر، عاد إلى لبنان منذ عدة سنوات.

وقال سكان من القرية إن والدي مطر انفصلا بالطلاق وإن الأم ما زالت تعيش في الولايات المتحدة.

وأوضح تحفة أن الأب يحبس نفسه في منزله منذ الهجوم ويرفض التحدث إلى أحد.

وزار فريق رويترز مبنى بسيطا من الطوب قال تحفة إن حسن مطر يعيش فيه. ورفض شخصان بالداخل، أحدهما رجل في منتصف العمر، التحدث.

كما رفض سبعة أشخاص من البلدة، بينهم أربعة يعيشون في الولايات المتحدة وأستراليا، التحدث عند سؤالهم عما إذا كانوا يعرفون هادي مطر أو يدينون هجومه، مشيرين إلى حساسية القضية وعدم معرفتهم بتفاصيلها.

ويعيش رشدي تحت التهديد منذ رصد مكافأة لمن يقتله بسبب روايته "آيات شيطانية" التي نشرت عام 1988، والتي يرى بعض المسلمين أنها تحتوي على تجديف.

وقال حزب الله إنه ليس لديه معلومات عن الهجوم. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن المسؤولية تقع على رشدي وأنصاره فقط.

وأدان منتقدو إيران وحزب الله في لبنان الهجوم، رغم أن آخرين مقربين من حزب الله أيدوا فتوى الخميني التي صدرت عام 1989، وسبق أن أيدها الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

قالت والدة هادي مطر، المهاجم الذي طعن الكاتب البريطاني سلمان رشدي، لموقع "ديلي ميل" إن ابنها عاد "متغيّرا" وأكثر تدينا، من رحلة قام بها عام 2018 إلى لبنان، موطن عائلته.

ومن جانب آخر، قالت والدة هادي مطر، لموقع "ديلي ميل"، الاثنين، إن ابنها عاد "متغيرا" وأكثر تدينا، من رحلة قام بها عام 2018 إلى لبنان، موطن عائلته.

وكان هادي مطر يعيش مع والدته في فيرفيو (نيوجيرسي) على الضفة المقابلة لنهر هدسون من مانهاتن.

وقالت سيلفانا فردوس (46 عاما) التي تعيش في الولايات المتحدة منذ 26 عاما، للموقع إن ابنها سافر إلى لبنان عام 2018 لزيارة والده، علما أن الوالدَين الشيعيَين مطلقان منذ العام 2004.

وأضافت "كنت أتوقع أن يعود متحمسا، وأن ينهي دراسته، ويتخرج وأن يحصل على وظيفة. لكن بدلا من ذلك، حبس نفسه في (غرفته) تحت الأرض. تغير كثيرا، ولم يقل أي شيء لي أو لشقيقتيه لأشهر".

وتابعت "تشاجر معي في إحدى المرات وسألني لمَ شجعته على الدراسة بدلا من التركيز على الدين".

معربة عن أسفها لما تعرض له "السيد رشدي" الذي لم تكن تعرف عنه شيئا قبل هذا الهجوم، وأكدت فردوس أنها لا تهتم بالسياسة ونفت معرفتها بأي شخص في إيران وقالت إن ابنها "مسؤول عن أفعاله".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.