عناصر من الشرطة اللبنانية - صورة أرشيفية.
الشرطة القضائيّة أوقفت أشخاص بتهمة الاعتداء الجنسي

بعدما هزّت قضية شبكة "التيك توك" المجتمع اللبناني، كاشفة عن وحوش بشرية تتخفى وراء شاشات الهواتف الخلوية، تستدرج القصّر، تجبرهم على تعاطي المخدرات وتغتصبهم وتصورهم وتبتزهم، توالت الأخبار عن جرائم اغتصاب وتحرش جديدة، مما يثير تساؤلات حول مدى الخطر الذي يهدد أطفال لبنان، ومدى قدرة القانون على حمايتهم.

قبل أن يتلقف اللبنانيون صدمة عصابة "التيك توك"، صدموا بأخبار عدة حول تعرّض أطفال للعنف الجنسي، منها خبر ايقاف مكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الآداب في وحدة الشرطة القضائيّة قاصرَين لبنانيين وأربعة آخرين من الجنسية العراقية، كما أوردت المديرية العام لقوى الأمن الداخلي في بلاغ في 26 من الشهر الجاري، وذلك "للاشتباه بقيامهم بأعمال منافية للحشمة، في إحدى الشّقق المفروشة في محلّة الحمراء – بيروت".

كما صدم اللبنانيون في السابع من الشهر الحالي بخبر اعتداء قاصر يبلغ من العمر 12 سنة على طفل يبلغ من العمر سبع سنوات في بلدة الدوسة بعكار شمال لبنان.

واستدرج القاصر الطفل أثناء لعبه على دراجته الهوائية، وتحت شجرة ارتكب جريمته، وقد كشف الأهل ذلك بعدما بدأ طفلهم يعاني من نوبات خوف وكوابيس أثناء نومه، حاولوا معرفة ما حصل معه، فأخبرهم بما تعرض له. على إثر ذلك، قدّموا شكوى ضد القاصر المعتدي لدى مخفر القبيات، وتم توقيفه لاحقاً وإحالته إلى التحقيق.

حتى حرمة المدرسة تم انتهاكها، حيث ضج قبل أيام خبر تحرش أستاذ وحارس أمن بتلميذات قاصرات، محوّلان صرح العلم في بلدة كفرشيما (في محافظة جبل لبنان) إلى مسرح لجريمتهما، وقد اكتشف والد إحدى الضحية الأمر من خلال تسجيل صوتي في هاتف ابنته، يحمل الكثير من عبارات التحرش والألفاظ الإباحية.

تم توقيف الحارس، وبعد أن فرّ الأستاذ من وجه العدالة، تمكنت القوى الأمنية من القبض عليه، لتسارع إدارة المدرسة وتعلن أنها فصلت منذ ما يقارب شهرين، وكذلك عامل الحراسة منذ أكتوبر.

وشددت الإدارة على أن "المدير ليس متهماً، بل في حالة تحقيق، كونه رئيس المدرسة ولا بدّ من إجراءات قانونية استلزمت أن يدليَ بشهادته".

ولم تسلم ذوات الاحتياجات الخاصة من الاعتداءات الجنسية، فبتاريخ 9 مايو، توافرت معلومات لدى فصيلة عدلون في وحدة الدرك الإقليمي، حول إقدام رجل يبلغ من العمر 53 سنة بالاعتداء جنسياً على فتاة قاصر من ذوات الاحتياجات الخاصة من الناحية العقلية من مواليد 2007 لبنانية، وذلك في بلدة السكسكية جنوب لبنان.

استدرج عناصر من الفصيلة المجرم وأوقفته، قبل أن تحيله إلى مكتب حماية الآداب ومكافحة الإتجار بالأشخاص للتوسّع بالتحقيق. وبعد الاستماع إلى الضحية بحضور مندوبة الأحداث، جرى توقيفه.

وبحسب ما أوردته وسائل إعلام لبنانية، فإن المعتدي هو جار الطفلة الضحية، وقد اصطحبها مع زوجته وابنته إلى إحدى الحدائق العامة. لتعود بعدها زوجته مع ابنتهما إلى المنزل بصحبة أحد الجيران، بينما توكّل هو بتوصيل الفتاة إلى منزل أهلها، وبدلاً من ذلك أوقف السيارة على الطريق ثم قام باغتصابها مرتين.

بعد تسليم الطفلة إلى أهلها، لاحظت والدتها علامات التوتر والخوف عليها، لتكشف الطفلة فيما بعد إلى إحدى الجارات بما حدث معها، فتقدمت العائلة بشكوى ضد المجرم.

عوامل مساهمة

سجل لبنان ارتفاعاً في حالات العنف الجنسي ضد الأطفال بين عامي 2022 و2023، من 10% إلى 12%، وفقاً لجمعية "حماية"، وتوزعت حالات العنف المسجلة بين 46% للإناث و54% للذكور.

وبلغ عدد الحالات المتابعة من قبل الجمعية منذ تأسيسها عام 2008 حتى عام 2023، بحسب ما كشفته منسقة برنامج التوعية في الجمعية، آمنة حمادي "2240 حالة، 22% منها كانت عرضة للعنف الجسدي، و26% للإهمال، و16% للاستغلال الجنسي، و11% للعنف الجنسي".

ترجع حمادي الارتفاع في حالات العنف الجنسي ضد الأطفال إلى جملة من العوامل، أبرزها وفقاً لما تقوله لموقع "الحرة" "قلة الوعي المجتمعي بمخاطر الاعتداء الجنسي على الأطفال وكيفية الوقاية منه، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي قد تدفع البعض إلى استغلال الأطفال، والتفكك الأسري الذي يخلق بيئة خصبة لمثل هذه الجرائم، إضافة إلى نقص البرامج الوقائية والتثقيفية في المدارس والمجتمع، وضعف الرقابة الإلكترونية التي تعرّض الأطفال للاستغلال عبر الإنترنت".

كما تحذّر الخبيرة بالحماية الأسرية، رنا غنوي من ازدياد ظاهرة الاعتداء على الأطفال في لبنان، موضحة في حديث لموقع "الحرة" أن "الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة التي يعاني منها لبنان منذ عام 2019، أدّت إلى ارتفاع معدل الجرائم بما في ذلك الاعتداء الجنسي على الأطفال"، مشيرة إلى أن تهالك آليات تطبيق القوانين وتغييب دور السلطات التنفيذية ساهما في تفاقم هذه الآفة، حيث "يشعر المجرمون بحرية أكبر لارتكاب جرائمهم في شبه غياب لمنظومة المحاسبة".

كذلك تشير مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية، لانا قصقص، إلى ازدياد مقلق في حوادث الاعتداء على الأطفال في لبنان، مدفوعاً بأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، وضعف القوانين والبنية التشريعية، وعدم تطبيق القوانين الحالية.

يضاف إلى ذلك كما تقول قصقص لموقع "الحرة"، "نقص الوعي في تعليم الأطفال حول حقوقهم وكيفية حمايتها في ظل تقاليد ومعتقدات ثقافية واجتماعية تسهّل عمليات الاعتداء الجنسي عليهم، حيث يتساهل الأهل مع بعض التصرفات ذات الطبيعة الجنسية ما يجعل الأطفال يعتقدونها طبيعية".

أما الأستاذة الجامعية والباحثة الاجتماعية، البروفيسورة وديعة الأميوني، فترجع أسباب ازدياد حالات العنف الجنسي ضد الأطفال في لبنان إلى "انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل الأطفال أكثر عرضة للمخاطر عبر الإنترنت، مثل التحرش الجنسي".

إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان الذي قد يزيد وفق ما تقوله الأميوني لموقع "الحرة" "من حدوث حالات العنف الجنسي ضد الأطفال، حيث يمكن أن تؤدي الضغوط المالية على الأسر إلى ترك الأطفال بمفردهم أو تعريضهم للمخاطر، كما قد يكون هناك نقصاً في التوعية حول الأمور المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والتحرش في المجتمع والأسرة".

يلاحظ من الأرقام ارتفاع نسبة العنف الجنسي ضد الذكور أكثر من الإناث، عن ذلك تعلّق غنوي أن أحد أهم الأسباب وراء ذلك هو "الوصمة المضاعفة التي تلحق بالفتيات عند تعرّضهن للاعتداء. فالأمر بالنسبة للأهل صعب للغاية، وفي حال اضطروا إلى التبليغ، نجد أنهم يقدمون على ذلك بشكل أقل بكثير عندما تكون الضحية فتاة مقارنة بولد، لأن المجتمع يربط شرف الفتاة بوجود غشاء بكارة، بينما لا يطبق هذا المعيار على الذكور".

ونتيجة لهذه المعتقدات الخاطئة، يصبح الأهل كما تقول غنوي "مُحمّلين بوصمة عار ترافقهم طوال حياتهم في حال تعرّضت ابنتهم للاعتداء".

يذكر أن العنف الجنسي يتكون بحسب الأمم المتحدة "من مجموعة من الأفعال الجنسية الممارسة ضد الطفل، منها، على سبيل المثال لا الحصر، الانتهاك الجنسي للأطفال، وسفاح المحارم، والاغتصاب، والعنف الجنسي في سياق المواعدة/العلاقات الحميمة، والاستغلال الجنسي، والانتهاك الجنسي عبر الإنترنت، والانتهاك الجنسي دون اتصال".

تغيرات يجب التنبه إليها

جملة من التغيرات قد تدل على تعرض الطفل للاعتداء الجنسي، تشمل بحسب حمادي "التغيرات الاجتماعية والسلوكية مثل العزلة كالابتعاد عن الأصدقاء ورفض ممارسة الأنشطة، وفرط الخوف، وسرعة الغضب، والتغيرات الجسدية كظهور الكدمات وآلام خلال المشي أو الجلوس، وأمراض في الأجهزة التناسلية، والتغيرات النفسية مثل الاكتئاب، القلق، واضطرابات النوم، والتغيرات الأكاديمية مثل تراجع التحصيل الدراسي ورفض الذهاب إلى المدرسة".

كما تشير قصقص إلى الأعراض التي يجب على الأهل الانتباه لها، مثل "تغيرات في سلوكيات الطفل كزيادة العدوانية أو اضطرابات النوم أو الأكل، وإصابات جسدية غير مبررة، والخوف أو القلق أو عدم الارتياح عند التواجد مع شخص معين".

أما التداعيات النفسية والاجتماعية التي تظهر على الأطفال الذين يتعرضون لاعتداء جنسي، فتشمل بحسب قصقص "اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق والاكتئاب، ومشاكل في العلاقات الاجتماعية والتواصل، وتراجع في الأداء الأكاديمي، والمعاناة من أمراض منقولة أو حمل غير مرغوب فيه".

مكافحة جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، مسؤولية جماعية كما تشدد غنوي "تتطلب تضافر الجهود من قبل جميع أفراد المجتمع والوزارات المعنية".

وتؤكد غنوي على أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الأهل، إذ "من الطبيعي أن يمر الأطفال في مرحلة يستكشفون فيها أجسادهم، وقد يتعرضون خلالها للاستغلال والابتزاز الجنسي، وعلى الوالدين تمكينهم من مهارات كيفية حماية أنفسهم وفق كل مرحلة عمرية يمرون بها".

كما يقع على الوالدين "توفير بيئة آمنة وداعمة لأطفالهم من خلال تشجيعهم على التحدث عن أي تجارب صعبة يمرون بها دون خوف من اللوم أو العقاب، وتلقف ما يقولونه باحترام وخصوصية وسرية، بمعنى عدم تكريس ثقافة الذنب لديهم، بل احتضانهم وإفهامهم أن لكل مشكلة حل، وأن مرورهم بهذه التجربة هو حادث عرضي".

كلام غنوي تشدد عليه الأميوني قائلة "يجب أن توفّر الأسر بيئة آمنة وداعمة للأطفال، وتشجيع الثقة بين الأطفال وأفراد الأسرة للإبلاغ عن أي حالات تحرش أو استغلال قد يتعرضون لها. كما ينبغي تعزيز التوعية حول مخاطر التحرش والاستغلال الجنسي وكيفية الوقاية منها داخل الأسرة."

كدلك تشدد حمادي على دور الأسرة المحوري في حماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية من خلال "توعيتهم حول خصوصية أجسادهم وحقوقهم، وخلق بيئة تواصل مفتوحة من خلال الاستماع باهتمام لهم من دون لوم أو عتاب، وتعليمهم أن التحدث عن مشاكلهم ليس عيباً، كي يشعروا بالأمان والثقة ما يشجعهم على التعبير بحرية، وتقديم الدعم النفسي لهم من خلال مختصين نفسيين أو اجتماعيين في حال احتاجوا ذلك".

وتدعو حمادي الأهل إلى "مراقبة أطفالها ومتابعتهم لمعرفة من يتعامل معهم وأين يقضون وقتهم، وتعليمهم قول 'لا' عندما يشعرون بعدم الراحة أو الخطر، وكذلك مراقبة أنشطتهم الإلكترونية وتوعيتهم بمخاطر الإنترنت".

من جانبها ترى قصقص ضرورة أن "تعلّم الأسرة أطفالها حقوقهم وكيفية احترام أجسادهم والدفاع عن أنفسهم، وبناء ثقة الأطفال بأنفسهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم ومشاركة ما يمرون به، والإشراف عليهم ومراقبة محيطهم، والانتباه إلى أي علامات تدل على تعرضهم للاعتداء، وتقديم الدعم والرعاية لهم، وتبليغ القوى الأمنية، ومتابعة العلاج النفسي لمساعدتهم على تجاوز المحنة".

دور المجتمع

من جهة ثانية يلعب المجتمع، بحسب غنوي، دوراً هاماً في مكافحة هذه الجريمة الشنعاء، "لاسيما وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال رفع مستوى الوعي حول مخاطر هذه الظاهرة، ونشر ثقافة الحماية"، مؤكدة كذلك على ضرورة "تعديل المناهج الدراسية لدمج محتوى يتناول الحماية الاجتماعية".

وعلى صعيد دور المجتمع في حماية الأطفال، تؤكد حمادي على ضرورة "تعزيز الوعي المجتمعي من خلال حملات توعوية مكثفة عبر مختلف الوسائل، وإشراك المنظمات غير الحكومية في جهود التوعية والوقاية، والتعاون مع المدارس لتقديم برامج تثقيفية للأطفال

والمعلمين، وتدريب الكوادر المجتمعية على كيفية التعرف على حالات الاستغلال الجنسي والمسار الذي يجب اتباعه لإحالتها إلى الجهات المختصة".

كذلك ترى قصقص ضرورة "تعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر التكنولوجيا وعدم نشر معلومات مضللة أو المساهمة في التنمر الإلكتروني، واستخدام التكنولوجيا لنشر محتوى توعوي حول حماية الأطفال، وتطوير استراتيجيات لحمايتهم من استغلال الإنترنت، وتنظيم حملات توعية في مختلف وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني".

وحول تعزيز الوعي المجتمعي تدعو الأميوني إلى "تنظيم حملات توعية وندوات للمجتمع حول مخاطر التحرش والاستغلال الجنسي. واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لنشر المعرفة وتعزيز الوعي حول هذه القضية."

وتشير الأميوني إلى أهمية "تضمين مواضيع حماية الطفل في المناهج الدراسية وبرامج التثقيف، وتنظيم فعاليات وورش عمل للطلاب والمعلمين حول كيفية التعرف على علامات التحرش والاستغلال الجنسي وكيفية الوقاية منها."

كما تتحمل السلطات التنفيذية مسؤولية كبرى في هذا المجال، بحسب غنوي "لكن تقصيرها وغياب هيبتها أدّيا إلى ازدياد اعتماد المجتمع على الجمعيات المدنية، التي نعول عليها في نشر ثقافة الوعي والتبليغ عن الجرائم المرتكبة وتطبيق القوانين المرعية الإجراء، مثل القانون 422 (قانون الأحداث، الذي يحفظ حقوق القصّر المخالفين للقانون الجزائي والأطفال المعرضين للخطر والأطفال ضحايا جرم جزائي في جميع المراحل القضائية، وكذلك قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري 293".

وعن دور الجمعيات في حماية الأطفال من العنف الجنسي، تقول حمادي "يقع على عاتقها تقديم الدعم النفسي والقانوني للضحية وعائلتها، وتنفيذ برامج توعوية وقائية في المدارس والمجتمع، وتدريب وتمكين الكوادر المعنية للتعامل مع حالات الاستغلال الجنسي، والضغط على الجهات الحكومية لتحسين القوانين وتطبيقها، وتوفير خطوط ساخنة للتبليغ عن الحالات".

ولتعزيز دور الجمعيات غير الحكومية، تشدد حمادي على ضرورة "زيادة دعمها وتمويلها، والتعاون مع جميع الجهات المعنية لتعزيز الجهود المشتركة".

ورغم أهمية دور الجمعيات غير الحكومية، إلا أن غنوي ترى على أن المطلوب هو "تعاونها مع السلطة التنفيذية لا أن تحل مكانها، وأن يضعا سوية آليات فعّالة تضمن تطبيق القوانين بشكل صارم ونشر ثقافة الوعي"، مشددة على ضرورة "محاسبة أي جمعية أو منظمة تقصر في واجباتها". 

عقوبات قاسية.. ولكن

وفقاً للقانون اللبناني، تحديداً المادة 503 وما يليها من قانون العقوبات، يتم تصنيف اغتصاب الأطفال كجريمة خطيرة (جناية)، وفقاً لما يقوله رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، المحامي الدكتور بول مرقص "ويعاقب عليها بعقوبات قاسية. تتضمن العقوبات الأشغال الشاقة، لا تقل عن 7 سنوات وقد تصل لفترات طويلة كما المؤبد في بعض الحالات، خصوصاً إذا كانت الضحية تحت سن 12 عاماً".

ويفصّل مرقص لموقع "الحرة" عقوبات الاغتصاب، قائلاً "في حالات اغتصاب القاصرين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، تنص المادة 503 وما يليها من قانون العقوبات على معاقبة الجاني بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن 7 سنوات".

أما في الحالات التي يكون فيها الجاني من أصول الضحية أو من المكلفين برعايتها أو له سلطة عليها، وتكون الضحية دون 12 عاماً، "فإن العقوبة تتضاعف. ويعاقب الجاني في هذه الحالة بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن 9 سنوات، وفقًا للمادة 506 من قانون العقوبات اللبناني".

وعن الفجوات في التشريعات اللبنانية يشرح مرقص:

-غياب حماية كافية للشهود والضحايا: في كثير من الحالات، يتعرض الشهود والضحايا لضغوط اجتماعية وعائلية للتنازل عن الشكاوى أو عدم التبليغ عن الجريمة.

-الثغرات في التنفيذ: هناك ضعف في التنفيذ الفعلي للقوانين والعقوبات بسبب التأثيرات الاجتماعية والسياسية، وأحياناً بسبب الفساد.

-ضعف في التوعية والتثقيف: هناك نقص في البرامج التوعوية التي تهدف إلى توعية الأطفال وأولياء الأمور بمخاطر التحرش والاغتصاب وكيفية الوقاية منه.

ويوصي مرقص بعدة أمور:

-تعديل القوانين لتعزيز الحماية: ينبغي تشديد العقوبات لتكون رادعة بشكل أكبر، وتوسيع نطاق الحماية لتشمل جميع أنواع الاعتداءات الجنسية على الأطفال بالوسائل كافّة.

-تعزيز برامج التوعية والتثقيف: يجب تنفيذ برامج تثقيفية شاملة في المدارس والمجتمعات المحلية لتوعية الأطفال والأهالي بمخاطر الاعتداءات الجنسية وكيفية الوقاية منها.

-توفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا: إنشاء مراكز متخصصة لتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا والشهود لضمان حصولهم على المساعدة اللازمة للتعافي ومتابعة الإجراءات القانونية.

-تعزيز آليات الشكاوى والملاحقة القضائية: يجب تحسين آليات تقديم الشكاوى وتسهيل إجراءات الملاحقة القضائية لضمان عدم إفلات الفاعل من العقاب.

-تطبيق القوانين مرعية الإجراء منها أحكام قانون حماية الاحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر رقم 422/2002، لاسيّما المادة 26 منه، التي تعطي لقاضي الأحداث دور كبير ومهم جداً في تقصي البيئة التي يعيش فيها الطفل كما واتخاذ تدابير الحماية اللازمة تلقائياً في الحالات التي تستدعي العجلة، مما يساهم ولو على نحو غير مباشر في تفادي وقوع هكذا جرائم.

-تفعيل دور النيابة العامة أكثر في هذا المجال لتقصي وضع الاطفال الذين هم في خطر أو معرّضين لأذى داخل منازلهم، كما وتكريس عدد أكبر من المساعدين الاجتماعيين المختصين لهذه القضايا حمايةً للأطفالنا ومنعاً لحدوث جرائم مروّعة كهذه بحقهم.

من خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن بحسب مرقص "تحسين حماية الأطفال في لبنان من جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي بشكل أفضل".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".