ظهر الطفل وهو يغطي وجهه بوشاح أسود ويحمل مسدسا، فيما ارتدى السجين النيجيري بذلة حمراء.
في أقل من أسبوع هزت الولايات الأميركية جريمتا قتل جماعي، ما أعاد النقاش مجددا حول انتشار الأسلحة في البلاد.

خلال عشرة أيام، وجد الرئيس بايدن نفسه يعاين مسرحي جريمتي قتل جماعي، الأولى في مدينة بافالو بولاية نيويورك الشمالية، والثانية في بلدة أوفالدي بولاية تكساس الجنوبية، وذلك قبل 3 أيام من رحلته الأسيوية، وخلال رحلته عائدا من آسيا. حصاد الدم: 31 أميركيا من مختلف الأعمار والخلفيات. جريمة بافالو عنصرية بامتياز، أما جريمة أوفالدي، فهي تنتمي إلى خانة حديثة العهد نسبيا تسارعت وتيرتها منذ تسعينات القرن الماضي، أي قتل التلاميذ في المدارس من دور الحضانة إلى المدارس الابتدائية والثانوية وحتى الجامعات. ليلة عودته من جولته الآسيوية خاطب الرئيس بايدن الأمة ليواسيها على ضحايا جريمة أوفالدي، وتساءل مع ملايين الأميركيين: "لماذا هذا النوع من القتل الجماعي نادرا ما يحدث في أماكن أخرى في العالم؟ لماذا؟".

هذا السؤال يطرح بعد كل جريمة قتل جماعي، ويؤدي إلى جدل أصبح مألوفا بين دعاة ضبط اقتناء الأسلحة النارية، وبين الذين يرفضون أي قيود حتى ولو كانت بسيطة لضبط اقتناء أو انتشار الأسلحة النارية بحجة أنها مقدمة لقيود متشددة تدريجية تؤدي في نهاية المطاف إلى تسجيل الأسلحة أو حتى سحبها من التداول ما يمكن أن يؤدي الى "إبادة" حملة الأسلحة النارية في البلاد. نعم يستخدمون كلمة "إبادة" في هذا الجدل العقيم والبائس. معارضو تقييد اقتناء الأسلحة النارية يدّعون أن المشكلة ليست في الأسلحة، بل في من يسيء استخدامها، ويركزون على المشاكل الصحية والنفسية التي يعاني منها بعض مرتكبي هذه الجرائم، أو يطالبون بتسليح الأساتذة، أو تحصين المدارس بشكل أفضل. هؤلاء يرفضون مثلا الإجابة على سؤال بسيط، طرح بعد جريمتي بافالو وأوفالدي: لماذا لا يحق لشاب في الثامنة عشرة من عمره شراء الكحول، ولكن يحق له شراء بندقية هجومية شبه رشاشة؟ السؤال طرح بشكل ملحّ لأن مرتكبي الجريمتين كانا في سنّ الثامنة عشرة.

الكتب والدراسات التي نشرت في العقود الماضية من قبل باحثين محايدين وموضوعيين تبين بالأرقام أن السبب الرئيسي لظاهرة القتل الجماعي في الولايات المتحدة هو شيوع الأسلحة النارية الفتاكة، وخاصة البنادق الهجومية التي يستخدمها الجنود، وسهولة اقتنائها. ويشير دعاة ضبط بيع هذه الأسلحة إلى قرار حظر بيع البنادق الهجومية الذي اتخذ خلال ولاية الرئيس بيل كلينتون، والذي بقي ساري المفعول لعشرة سنوات، أن نسبة جرائم القتل الجماعي من خلال استخدام البنادق الهجومية قد انحسرت بنسبة 37 بالمئة، وأن عدد الضحايا الذين قتلوا في هذه الجرائم قد انحسر بنسبة 43 بالمئة وفقا لإحدى الدراسات.

بعد جريمة القتل الجماعي في نيوزيلاند في 2019 التي ارتكبها عنصري ضد مصلين مسلمين في مسجدين وأدت الى قتل 51 مدنيا، فرضت السلطات حظرا على الأسلحة شبه الرشاشة التي استخدمت في الهجوم، وأعطي المواطنين 6 أشهر لبيع أسلحتهم إلى الحكومة، التي اشترت منهم 60 إلف بندقية هجومية. بعد جريمة قتل جماعي في مدرسة في اسكتلندة في 1996 أدت إلى قتل 16 تلميذا، فرضت الحكومة البريطانية حظرا على بيع المسدسات. وهذا بالضبط ما فعلته السلطات الأسترالية في السنة ذاتها بعد جريمة قتل جماعي ذهب ضحيتها 35 مدنيا عندما فرضت حظرا على البنادق الهجومية واشترت من مواطنيها 650 إلف بندقية هجومية.

طبعا، يمكن – نظريا على الأقل – للحكومة الأميركية أن تعرض على المواطنين شراء أسلحتهم النارية، وخاصة البنادق الهجومية، ولكنها لا تستطيع حظر اقتناء الأسلحة النارية، لأنه حق يضمنه الدستور الأميركي في تعديله الثاني والشهير، والذي يستخدمه دعاة اقتناء الأسلحة الفردية وكأنه نص مقدس، على الرغم من أن هذا التعديل قد تم التصديق عليه رسميا في 1791 عندما كانت البنادق بدائية. كما أن نص التعديل يضع اقتناء الأسلحة في سياق تشكيل ميليشيا للمساهمة في الدفاع عن الوطن "حيث إن وجود ميليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، فلا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها". وهناك 3 دول فقط في العالم، يضمن دستورها حق المواطن في اقتناء الأسلحة النارية: الولايات المتحدة، والمكسيك وغواتيمالا. ولكن وحدها الولايات المتحدة هي الدولة التي لا يفرض دستورها أي قيود على اقتناء الأسلحة.

هذا التعديل الدستوري، واستخدام السلاح ودور الميليشيات في تحقيق الاستقلال، ولاحقا فتح الغرب الأميركي الذي أدى الى استخدام الأسلحة ضد السكان الاصليين، وأهمية الأسلحة في الصيد وتوفير الحماية الفردية في المناطق الريفية، كلها ساهمت في خلق ثقافة أسلحة عميقة في البلاد.

ولكن الجدل الحاد حول ثقافة الأسلحة، التي يصفها أميركيون كثر حاليا "بثقافة الموت" أصبحت في العقود الاخيرة جزءا عضويا من النقاش السياسي الاجتماعي والثقافي العميق بين الديموقراطيين والجمهوريين. وهناك فئة من الناخبين الأميركيين الذين يدلون بأصواتهم انطلاقا من مواقف المرشح لعضوية الكونغرس أو لأي منصب محلي وفقا لموقف المرشح من مسألة اقتناء الأسلحة النارية. وفي العقود الماضية برزت "الرابطة الوطنية للبنادق" التي تضم ملايين الأعضاء كقوة ضغط (لوبي) فعال في الانتخابات على مختلف المستويات. المتشددون في صيانة التعديل الثاني، يتحدثون عن استعدادهم لاستخدام العنف إذا تم تهديد حقوقهم، حتى ولو كانت المطالبة لا تقترب من مضمون التعديل ذاته، بل تطالب بإجراءات مثل التحقق من الخلفية النفسية والصحية للذين يشترون الاسلحة، أو منع أي مواطن من شراء البنادق الهجومية إذا كان دون سن الواحدة والعشرين على سبيل المثال.

الاصطفاف السياسي الآن بين دعاة تقييد شراء الاسلحة النارية تحت شعار "سلامة الأسلحة" (في محاولة لتفادي استخدام عبارات تثير سخط عشاق الأسلحة، مثل "ضبط الأسلحة" أو "تقييد" اقتنائها) ومعظمهم  ينتمون إلى الحزب الديموقراطي ودعاة عدم إقرار أي  ضوابط أو قيود تحت أي شعار، وهم من مؤيدي الحزب الجمهوري، يعني أن الجدل حول الأسلحة النارية هو جدل سياسي-ثقافي بالدرجة الاولى أكثر مما هو جدل حول سلامة المواطنين أو صيانة حرمة المدارس والجامعات ودور العبادة وهي من الأماكن التي تحولت في العقود والسنوات الماضية إلى مسارح لهذه الهجمات.

ويرى بعض المحللين أن المجتمع الأميركي أصبح رهينة لثقافة الموت هذه، وأن بعض الاجراءات الاحترازية التي يطالب بها الديموقراطيون مثل التحقق من خلفية مشترى الأسلحة أو حتى رفع سنّ اقتناء البنادق الهجومية إلى الواحدة والعشرين، لن يكون لها تأثير ملحوظ، بل هامشي في أفضل الأحوال، بسبب شيوع هذه الثقافة وبسبب جذورها العميقة في المجتمع. ولذلك يرى البعض أنه لم يعد مجديا أن نسأل الى أي مدى يمكن أن يتحمل الأميركيون مثل هذا الوضع الكارثي؟  ولذلك لا يمكن مثلا استبعاد حدوث جريمة قتل جماعي في الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل، في أي مكان في البلاد، لأنه لم يعد هناك أي مكان له حرمة: لا مدرسة، أو جامعة، أو كنيسة، أو كنيس، أو جامع، أو محل تجاري، أو صالة سينما، أو ناد ليلي. وتبين الاحصاءات أن البلاد شهدت في أول 21 أسبوعا هذه السنة 213 جريمة قتل جماعي (يتم تعريفها حين يسقط فيها ثلاثة قتلى باستثناء القاتل) أما احصائيات الجرائم العادية، فهي مروعة أكثر، حيث يصل معدل عدد ضحايا الجرائم يوميا الى 321 قتيل. كما يتم بيع 50 ألف قطعة سلاح في اليوم. شيوع الأسلحة النارية يفسر ارتفاع معدلات الانتحار بواسطة الأسلحة الفردية، حيث وصل عدد الذين أطلقوا النار على أنفسهم إلى أكثر من 23 ألف أميركي في 2019.

ولكن ما يجعل جرائم القتل الجماعي في أميركا ظاهرة غريبة يصعب وقفها أو الوقاية منها فهو طبيعتها العشوائية. في معظم جرائم الاعتداء أو القتل العادية، نجد أن القاتل والمقتول يعرفان بعضهما البعض: العنف المنزلي أو العنف بين أفراد العصابات على سبيل المثال. ولكن بما أن جرائم القتل الجماعي يمكن أن تحدث في أي مكان أو أي وقت وتستهدف أي فرد، ولا يمكن الوقاية منها، فإنها تعتبر وباء اجتماعيا وخطيرا فريدا من نوعه. معظم الباحثين الذين يدرسون ظاهرة القتل الجماعي وطبيعته العشوائية يعودون إلى أول أغسطس 1966 وهو اليوم الذي تحولت فيه جامعة تكساس الى أول مسرح لجريمة قتل جماعي عشوائي غطّتها وسائل الاعلام خلال حدوثها. طالب مسلح ببندقية، صعد إلى أعلى طابق في برج الساعة وسط الحرم الجامعي، وبدأ "باصطياد" كل من كان في مدى نيرانه. وقبل أن يقتله عناصر الشرطة، وصل عدد ضحاياه إلى 16 شخصا. آنذاك كتبت صحافية أن الهجوم أوصل إلى الأميركيين "حقيقة أن أي مجموعة من الناس، في أي مكان، حتى ولو كانوا يمشون في حرم جامعة خلال يوم صيفي يمكن أن يتعرضوا للقتل العشوائي على يد شخص غريب".

قبل أسبوعين كتبت في هذه المساحة عن جريمة القتل الجماعي في بافالو. واليوم أعود من جديد إلى الظاهرة ذاتها. كل ما أتمناه هو أن لا اضطر لمعالجة جريمة مماثلة في أي وقت قريب، مع أنني لن أفاجأ إذا صعقتنا جريمة جديدة خلال أيام. 

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

الرئيس السوري بشار الأسد زار حلب إحدى أكبر المدن التي تضررت بالزلزال
الأسد خلال حديثه لوسائل الإعلام أثناء زيارته لحلب بعد الزلزال (سانا)

فور حدوث الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وقضى على عشرات الآلاف من الضحايا وحّول مناطق شاسعة في البلدين إلى أهرامات من الركام، سارع الرئيس السوري، بشار الأسد، دون خجل إلى تسيس هذه المأساة واستغلالها لخدمة مصالحه الضيقة، ولطمس جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها ضد شعبه في العقد الماضي، وللتخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على نظامه ولإعادة بعض الشرعية لنظامه الدموي الفاسد. 

الأسد رحّب بالاتصالات الهاتفية التي أجراها معه بعض القادة العرب، مثل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبأولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دولة الإمارات وقطر والسعودية والأردن. 

هذه الدول تسعى منذ سنوات إلى إعادة سوريا إلى "حظيرة" جامعة الدول العربية، سوف تتعاون مع دمشق في سياق إغاثة ضحايا الزلزال إلى إعادة تأهيل النظام السوري واعتماد سرديته الواهية التي تدعي أن إغاثة الضحايا السوريين يجب أن تمر عبر دمشق.

حتى الحكومة اللبنانية المستقيلة، التي بالكاد تقوم بمهام تصريف الأعمال، أرسلت وفدا حكوميا رسميا إلى دمشق لبحث تداعيات الزلزال المدمر "والإمكانات اللبنانية المتاحة للمساعدة في مجالات الإغاثة".

لبنان، الذي وصفه أحد الأصدقاء الظرفاء، "أجمل دولة فاشلة في العالم"، هذه الدولة التي تركت للبنانيين مشاهدة ركام أهرامات القمح في المرفأ بعد أن دمرها جزئيا أكبر انفجار غير نووي في العالم لتذكرهم بفشلها وفسادها ورعونتها، دفعتها المروءة المسرحية لمد يد المساعدة لنظام أذلّ اللبنانيين لعقود.

السوريون، الذين قهرهم أولا نظامهم الوحشي، وتخلى الله عنهم لاحقا، إلى أن أتت الطبيعة لتزيد من يبابهم يبابا، يستحقون كل مساعدة وكل إغاثة ممكنة لأنهم ضحايا بامتياز وعلى مدى سنوات طويلة.

ولكن الخبث اللبناني الرسمي ينضح من ادعاءات توفير الإمكانات اللبنانية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا، (الهدف الأول من الزيارة هو تطبيع العلاقات) بينما يتم تجاهل ضحايا الزلازل السياسية اللبنانية، ومن بينهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي ترفض الحكومة اللبنانية والقوى التي تقف وراءها مثل حزب الله حتى الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وخلال زيارته الأولى للمناطق المنكوبة في حلب (بعد خمسة أيام من حدوث الزلزال) ألقى الأسد باللوم على الغرب لتأخر وصول المساعدات الإنسانية مدعيا أن أولويات الغرب سياسية وليست إنسانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن يسيسوا الوضع، لأن اعتبارات الغرب غير إنسانية لا اليوم ولا في السابق.

واستغل الأسد وأقطاب نظامه الزلزال للمطالبة بإلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية، في الوقت الذي واصلوا فيه إصرارهم على ضرورة وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المنكوبة في البلاد عبر الحكومة السورية فقط، بما في ذلك المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سجل الأسد خلال العقد الماضي في استغلال المساعدات الانسانية وتوزيعها على أنصاره أو سرقتها وبيعها في السوق السوداء.

وفي الأسبوع الماضي، جددت واشنطن إصرارها على رفض التعامل المباشر مع نظام الأسد أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضده، مع التأكيد على أن العقوبات تستثني المساعدات الانسانية والأغذية والأدوية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحفيين: "من المثير جدا للسخرية، إن لم يأت بنتائج عكسية، أن نتواصل مع حكومة عاملت شعبها بوحشية على مدى أكثر من عشر سنوات حتى الآن عن طريق إطلاق قنابل الغاز عليهم وذبحهم، لتتحمل المسؤولية عن الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب".

في هذا السياق من الصعب تصديق ادعاءات وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، أن حكومته مستعدة لأن تسمح بدخول المساعدات الدولية إلى جميع المناطق السورية "طالما لم تصل إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة" كما قال في مقابلة تلفزيونية وهذا يعني عمليا استثناء محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية.

وادعى مقداد أن العقوبات تزيد من صعوبة الكارثة. هذا الموقف ينسجم مع الموقف التقليدي لنظام الأسد خلال العقد الماضي حين كانت السلطات السورية تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين كانوا يعانون من المجاعة في المناطق المحاذية للعاصمة، دمشق، كما حدث خلال سنتي 2012 و2014. ويجب ألا نتوقع غير ذلك الآن.

نصف المناطق المنكوبة في سوريا واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والنصف الآخر واقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

ويخشى السوريون في المناطق الواقعة خارج السيطرة الحكومية في شمال غرب سوريا وكذلك منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام الأسد سوف يعطل إيصال المساعدات إليهم او الاستيلاء عليها، وأن الوسيلة الوحيدة لإيصال هذه المساعدات بسرعة الى المتضررين هي عبر الأراضي التركية وعبر معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا.

وتقوم روسيا، بطلب من الحكومة السورية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع فتح المعابر الاخرى بين تركيا وسوريا.

ولذلك، فإن مفتاح الإسراع بإيصال مساعدات الإغاثة الدولية إلى تلك المناطق السورية هي عبر فتح المعابر الدولية، بدلا من الحديث العبثي عن إلغاء العقوبات الاقتصادية وهي مسألة صعبة قانونيا وسياسيا، وسوف تؤدي إلى تعزيز وترسيخ نظام ارتكب جرائم حرب ضد شعبه. ووصلت صفاقة النظام السوري إلى درجة أنه قصف مناطق المعارضة المنكوبة حتى بعد حدوث الزلزال.

وفي خطوة لافتة أرادت من خلالها واشنطن أن تفند الاتهامات الباطلة بأنها لا تقوم بما فيه الكفاية لإيصال المساعدات الى المناطق السورية المنكوبة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية استثناء مؤقتا من العقوبات يتعلق بالمعاملات المالية للأغراض الإنسانية لمدة ستة أشهر.

وأكد مساعد وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، أن "برامج العقوبات الأميركية تحتوي بالفعل على إعفاءات قوية للجهود الإنسانية ومع ذلك أصدرت وزارة الخزانة اليوم ترخيصا عاما شاملا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر: إنقاذ الأرواح وإعادة البناء".

ولكن هذا التعديل المؤقت لا يشمل السماح بالتعامل المالي مع أي جهة رسمية تابعة لنظام الأسد ولا التعامل مع الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات، كما لا يستثني الحظر المستمر على النفط السوري.

من المتوقع أن يؤدي الزلزال إلى تعجيل وتيرة تطبيع العلاقات بين معظم الدول العربية بمن فيها أصدقاء الولايات المتحدة والنظام السوري، على الرغم من استمرار العلاقات الوثيقة بين دمشق وطهران.

كما من المتوقع أن تبقى العقوبات الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، طالما بقي الأسد متربعا على كرسيه الرئاسي فوق الركام السوري.