An abortion rights demonstrator raises their fist, painted in red, in the air while yelling during a rally in front of the US…

قرار المحكمة العليا الأسبوع الماضي إلغاء القانون المعروف باسم Roe v. Wade الذي يعطي المرأة الحق بالإجهاض بعد إقراره بحوالي خمسين سنة هو قرار راديكالي بمثابة زلزال سوف تبقى تداعياته وتردداته الاجتماعية والثقافية والسياسية تعصف بالمجتمع الأميركي لعقود وربما أجيال، مع ما يعنيه ذلك لبلاد تعاني من استقطابات سياسية وإيديولوجية خطيرة، كما أظهرت السنوات القليلة الماضية. المحكمة العليا التي يفترض بها أن توسع من رقعة حريات المواطن الأميركي وأن تحميها، اتخذت عبر أكثرية قضاتها المحافظين المتشددين قرارا انتهك حقا دستوريا تمتعت به المرأة الأميركية منذ إقراره في 1973. للقرار أبعاد مقلقة وعديدة، من أبرزها أنه يكرس أكثر فأكثر ما يمكن وصفه باقتراب الولايات المتحدة من الوقوع تحت حكم أقلية محافظة ومتشددة لا تبالي حتى بمحاولة إخفاء ميولها الأوتوقراطية.

القضاة الخمسة الذين حرموا المرأة من حق الإجهاض، ناقضوا تعهداتهم العلنية خلال مثولهم في جلسات الاستماع التي نظمتها اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ حين قالوا إن قانون Roe v. Wade هو قانون أصبح سابقة وجزء من التاريخ القانوني للبلاد وجددت المحكمة العليا الالتزام لأكثر من مرة وخاصة خلال محاولة لإلغائه في عام 1992. ومن الواضح أن تصويت الأكثرية المحافظة والمسيحية عكس – على الرغم من التضليل والدخان القانوني – المواقف الأيدولوجية اليمينية للقضاة وليس اجتهاداتهم القانونية الموضوعية. الأكثرية المحافظة اتخذت قرارها عندما أدركت أنها قادرة على اتخاذه بغض النظر عن تعارضه مع مشاعر الناخبين الأميركيين، الذين تبين استطلاعات الرأي المختلفة وعبر السنين أن أكثرية منهم تتراوح بين 65 و 70 بالمئة تؤيد حق المرأة بالإجهاض.

استطلاعات الرأي التي أجريت بعد قرار المحكمة العليا إلغاء Roe v. Wade أظهرت أيضا أن أكثرية من الأميركيين انتقدت القرار. وأظهر استطلاع أجرته شبكة التلفزيون CBS News بعد قرار الالغاء أن 59 بالمئة من الأميركيين رفضوا قرار المحكمة، وارتفعت نسبة المعارضة لقرار الإلغاء في أوساط النساء في الاستطلاع إلى 67 بالمئة.

وكما قال الرئيس بايدن في كلمته التي انتقد بها بشدة قرار المحكمة العليا، فإن هذا القرار الذي قوّض نصف قرن من الحقوق التي اكتسبتها المرأة الأميركية، سوف يكون من بين القضايا الرئيسية التي ستشغل بال العديد من الناخبين الديمقراطيين، وبال نسبة من الناخبين المستقلين في الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل، إضافة إلى قضايا التضخم وغيرها من المسائل الاقتصادية والاجتماعية الملحة.

القرار الأخير للمحكمة العليا مقلق لأكثر من سبب، من أبرزها أنه يعمق الهوة بين أكثرية من الأميركيين تضم نسبة كبيرة من المواطنين الذين يختارون العيش خارج الحيّز السياسي، وأقلية من الأميركيين الذين يشاركون في العملية السياسية بحماس كبير، وخاصة في الانتخابات على مختلف المستويات المحلية وعلى مستوى الولايات والمستوى الوطني، لانتخاب ممثلين يؤكدون تمسكهم بقضايا أو حقوق محددة من بينها معارضة الإجهاض، أو معارضة فرض أي قيود أو رقابة جدية على اقتناء الأسلحة النارية.  هذا الحماس في صفوف الناخبين المحافظين أو المتشددين لا يوجد له مثيل في أوساط الناخبين الليبراليين أو حتى في أوساط الناخبين اليساريين والتقدميين في الحزب الديمقراطي. 

هذا الحماس اليميني والمحافظ، هو الذي يمثل ظاهرة السيطرة التدريجية للأقلية المحافظة على الديمقراطية الأميركية من خلال أحكام سيطرتها على مؤسسات مثل المحكمة العليا والمجمع الانتخابي ومجلس الشيوخ، وهي مؤسسات أو هيئات أميركية لا تعكس بالضرورة تطلعات أو مواقف أو طموحات الأكثرية الأميركية. هذه هي معضلة الديمقراطية الأميركية الان، والتي أبرزها إلى السطح بشكل صاعق قرار المحكمة العليا الأخير.

قرار إلغاء حق المرأة بالإجهاض لم يكن ممكنا لو لم يعين الرئيس ترامب، الذي فاز في انتخابات 2016 بأكثرية أصوات المجمع الانتخابي، ولكنه خسر التصويت الشعبي لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بحوالي 3 ملايين صوت، القضاة المحافظين الثلاثة: نيل غورسيتش، وبريت كافانو وآيمي كومي باريت. وكان ترامب قد تعهد قبل انتخابه بأنه لن يعين أي قاض للمحكمة العليا إلا إذا كان القاضي، أو القاضية، من معارضي قانون Roe v. Wade. أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا لصالح هؤلاء القضاة الثلاثة، إضافة إلى القاضي كلارنس توماس، الذين عينه جورج بوش الأب في 1991 مثلوا أقلية من الأميركيين، مقارنة بأعضاء مجلس الشيوخ الذين عارضوا تعيينهم.

الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، عيّن القاضيين جون روبرتس في 2005 وصاموئيل آليتو في 2006 بعد فوزه في انتخابات 2004 بأكثرية أصوات المجمع الانتخابي والتصويت الشعبي. ولكن فوز بوش في هذه الانتخابات كان ممكنا لأنه كان في البيت الابيض، بعد أن حكمت المحكمة العليا بفوزه في انتخابات سنة الفين بأصوات المجمع الانتخابي بعد أن خسر التصويت الشعبي لصالح منافسه الديمقراطي آلبرت غور. الرئيسان جورج بوش الابن، ودونالد ترامب هما من بين خمسة رؤساء أميركيين فازوا بالانتخابات بواسطة المجمع الانتخابي مع أنهم خسروا التصويت الشعبي لصالح منافسيهم. كل ذلك يبين أنه لو كانت الانتخابات الرئاسية الأميركية تحسم بالتصويت الشعبي فقط، لما كانت المحكمة العليا قد تحولت في السنوات الماضية إلى مؤسسة محافظة ومتشددة في قراراتها، ولكانت قد عكست الاتجاهات السياسية لأكثرية الأميركيين.

المجمع الانتخابي هو آلية انتخابية تعكس الأكثرية في كل ولاية وليس الأكثرية في جميع ولايات الاتحاد الفدرالي. وللتذكير فقط: لكل ولاية عدد من الناخبين الكبار يمثل عدد ممثليها في الكونغرس، ولكل ولاية بغض النظر عن ثقلها الديمغرافي عضوان في مجلس الشيوخ، (مئة عضو) وعدد من الممثلين في مجلس النواب الذين يعكسون ثقلها الديمغرافي. عدد أعضاء المجمع الانتخابي هو 538، وعلى المرشح الرئاسي أن يفوز على الأقل بأكثرية من 270 عضوا ليصبح رئيسا للبلاد.

ووفقا لدراسة أجراها موقع Vox الإعلامي استنادا إلى إحصاء سنة 2019، يتبين أنه على الرغم من انقسام مجلس الشيوخ بالتساوي بين الحزبين، خمسين لكل حزب، إلا أن الديمقراطيين يمثلون أكثر من 41 مليون مواطن أميركي أكثر من الأعضاء الجمهوريين. وللتدليل على الخلل في الوازنات الديمغرافية بين الولايات، يصل عدد سكان ولاية وايومنع الى أقل من 600 إلف نسمة، يمثلهم عضوان في مجلس الشيوخ، بينما يصل عدد سكان ولاية كاليفورنيا إلى حوالي 40 مليون نسمة، ويمثلهم أيضا عضوان في مجلس الشيوخ. وإذا استمرت سيطرة الحزب الجمهوري على أكثرية الولايات الريفية التي تقطنها أقلية من السكان، فإنه سيواصل سيطرته أو نفوذه الكبير في مجلس الشيوخ ما يعطيه وزنا سياسيا وتشريعيا لا ينسجم مع عدد الناخبين الذين يصوتون لمرشحيه. وهذا يعني أن إبقاء مجلس الشيوخ على تركيبته الحالية، والحفاظ على آلية المجمع الانتخابي، التي لا تعكس حجم الأكثرية على المستوى الوطني، سوف يعني بدوره أن هذه الأقلية السياسية في المجتمع الأميركي هي التي ستقرر طبيعة وتركيبة المحكمة العليا، بشكل لا ينسجم مع تطلعات أو مطالب أكثرية الأميركيين. السناتور الجمهوري المتشدد جوشوا هولي الذي يمثل ولاية ميزورا رأى في قرار المحكمة العليا بداية لفرز ديمغرافي جديد بين الولايات سوف يؤدي برأيه إلى رحيل الناخبين المؤيدين للقانون القديم Roe v. Wade من الولايات المحافظة التي أيدت الغائه، وإلى خلق أنماط جديدة في التصويت، وأضاف "المزيد من الولايات سوف تصبح حمراء أكثر (جمهورية أكثر).. والولايات البنفسجية (المتأرجحة بين الحزبين) سوف تصبح حمراء. والولايات الزرقاء (الديمقراطية) سوف تصبح زرقاء أكثر". وتابع السناتور هولي "وسوف أتطلع إلى الجمهوريين، نتيجة لذلك مع مرور الوقت لأن يعززوا من قوتهم في المجمع الانتخابي. وهذا خبر جيد للغاية لنا نحن الذين نريد انتخاب رئيس جمهوري، والذين يريدون بقاء المحكمة العليا محافظة". هكذا يسعى الجمهوريين المتشددين إلى فرز ديمغرافي مقلق لتكريس حكم الأقلية في الولايات المتحدة.

قرار المحكمة العليا الأخير، جاء في مناخ سياسي متوتر في البلاد، في الوقت الذي تستمر فيه تحقيقات اللجنة الخاصة في مجلس النواب التي تنظر في الأسباب التي أدت الى الاجتياح الدموي لمبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021، على خلفية ارتفاع معدلات أعمال العنف في البلاد، والتخوف من استقطابات أو أعمال عنف يمكن أن تجلبها الانتخابات المقبلة والانقسامات السياسية في البلاد. الأيام القليلة الماضية شهدت تصعيدا ملحوظا في حدة السجال السياسي عقب قرار المحكمة العليا. وما يمكن قوله بكثير من الثقة هو أن قرار المحكمة العليا الذي أبرز إلى العلن وبشكل سافر مضاعفات حكم الأقلية وتهديده الفعلي والطويل الأمد للديمقراطية الأميركية، يعني أن الأشهر القليلة المقبلة سوف تتسم بتشنج سياسي أكثر وبإعادة رسم خطوط التماس بين أميركتين متنازعتين: حمراء وزرقاء، وتدور معاركها على جبهات متعددة، ريفية ومدينية، شمالية وجنوبية، بيضاء وسوداء، أوتوقراطية وديمقراطية. 

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

الرئيس السوري بشار الأسد زار حلب إحدى أكبر المدن التي تضررت بالزلزال
الأسد خلال حديثه لوسائل الإعلام أثناء زيارته لحلب بعد الزلزال (سانا)

فور حدوث الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وقضى على عشرات الآلاف من الضحايا وحّول مناطق شاسعة في البلدين إلى أهرامات من الركام، سارع الرئيس السوري، بشار الأسد، دون خجل إلى تسيس هذه المأساة واستغلالها لخدمة مصالحه الضيقة، ولطمس جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها ضد شعبه في العقد الماضي، وللتخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على نظامه ولإعادة بعض الشرعية لنظامه الدموي الفاسد. 

الأسد رحّب بالاتصالات الهاتفية التي أجراها معه بعض القادة العرب، مثل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبأولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دولة الإمارات وقطر والسعودية والأردن. 

هذه الدول تسعى منذ سنوات إلى إعادة سوريا إلى "حظيرة" جامعة الدول العربية، سوف تتعاون مع دمشق في سياق إغاثة ضحايا الزلزال إلى إعادة تأهيل النظام السوري واعتماد سرديته الواهية التي تدعي أن إغاثة الضحايا السوريين يجب أن تمر عبر دمشق.

حتى الحكومة اللبنانية المستقيلة، التي بالكاد تقوم بمهام تصريف الأعمال، أرسلت وفدا حكوميا رسميا إلى دمشق لبحث تداعيات الزلزال المدمر "والإمكانات اللبنانية المتاحة للمساعدة في مجالات الإغاثة".

لبنان، الذي وصفه أحد الأصدقاء الظرفاء، "أجمل دولة فاشلة في العالم"، هذه الدولة التي تركت للبنانيين مشاهدة ركام أهرامات القمح في المرفأ بعد أن دمرها جزئيا أكبر انفجار غير نووي في العالم لتذكرهم بفشلها وفسادها ورعونتها، دفعتها المروءة المسرحية لمد يد المساعدة لنظام أذلّ اللبنانيين لعقود.

السوريون، الذين قهرهم أولا نظامهم الوحشي، وتخلى الله عنهم لاحقا، إلى أن أتت الطبيعة لتزيد من يبابهم يبابا، يستحقون كل مساعدة وكل إغاثة ممكنة لأنهم ضحايا بامتياز وعلى مدى سنوات طويلة.

ولكن الخبث اللبناني الرسمي ينضح من ادعاءات توفير الإمكانات اللبنانية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا، (الهدف الأول من الزيارة هو تطبيع العلاقات) بينما يتم تجاهل ضحايا الزلازل السياسية اللبنانية، ومن بينهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي ترفض الحكومة اللبنانية والقوى التي تقف وراءها مثل حزب الله حتى الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وخلال زيارته الأولى للمناطق المنكوبة في حلب (بعد خمسة أيام من حدوث الزلزال) ألقى الأسد باللوم على الغرب لتأخر وصول المساعدات الإنسانية مدعيا أن أولويات الغرب سياسية وليست إنسانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن يسيسوا الوضع، لأن اعتبارات الغرب غير إنسانية لا اليوم ولا في السابق.

واستغل الأسد وأقطاب نظامه الزلزال للمطالبة بإلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية، في الوقت الذي واصلوا فيه إصرارهم على ضرورة وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المنكوبة في البلاد عبر الحكومة السورية فقط، بما في ذلك المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سجل الأسد خلال العقد الماضي في استغلال المساعدات الانسانية وتوزيعها على أنصاره أو سرقتها وبيعها في السوق السوداء.

وفي الأسبوع الماضي، جددت واشنطن إصرارها على رفض التعامل المباشر مع نظام الأسد أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضده، مع التأكيد على أن العقوبات تستثني المساعدات الانسانية والأغذية والأدوية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحفيين: "من المثير جدا للسخرية، إن لم يأت بنتائج عكسية، أن نتواصل مع حكومة عاملت شعبها بوحشية على مدى أكثر من عشر سنوات حتى الآن عن طريق إطلاق قنابل الغاز عليهم وذبحهم، لتتحمل المسؤولية عن الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب".

في هذا السياق من الصعب تصديق ادعاءات وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، أن حكومته مستعدة لأن تسمح بدخول المساعدات الدولية إلى جميع المناطق السورية "طالما لم تصل إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة" كما قال في مقابلة تلفزيونية وهذا يعني عمليا استثناء محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية.

وادعى مقداد أن العقوبات تزيد من صعوبة الكارثة. هذا الموقف ينسجم مع الموقف التقليدي لنظام الأسد خلال العقد الماضي حين كانت السلطات السورية تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين كانوا يعانون من المجاعة في المناطق المحاذية للعاصمة، دمشق، كما حدث خلال سنتي 2012 و2014. ويجب ألا نتوقع غير ذلك الآن.

نصف المناطق المنكوبة في سوريا واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والنصف الآخر واقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

ويخشى السوريون في المناطق الواقعة خارج السيطرة الحكومية في شمال غرب سوريا وكذلك منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام الأسد سوف يعطل إيصال المساعدات إليهم او الاستيلاء عليها، وأن الوسيلة الوحيدة لإيصال هذه المساعدات بسرعة الى المتضررين هي عبر الأراضي التركية وعبر معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا.

وتقوم روسيا، بطلب من الحكومة السورية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع فتح المعابر الاخرى بين تركيا وسوريا.

ولذلك، فإن مفتاح الإسراع بإيصال مساعدات الإغاثة الدولية إلى تلك المناطق السورية هي عبر فتح المعابر الدولية، بدلا من الحديث العبثي عن إلغاء العقوبات الاقتصادية وهي مسألة صعبة قانونيا وسياسيا، وسوف تؤدي إلى تعزيز وترسيخ نظام ارتكب جرائم حرب ضد شعبه. ووصلت صفاقة النظام السوري إلى درجة أنه قصف مناطق المعارضة المنكوبة حتى بعد حدوث الزلزال.

وفي خطوة لافتة أرادت من خلالها واشنطن أن تفند الاتهامات الباطلة بأنها لا تقوم بما فيه الكفاية لإيصال المساعدات الى المناطق السورية المنكوبة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية استثناء مؤقتا من العقوبات يتعلق بالمعاملات المالية للأغراض الإنسانية لمدة ستة أشهر.

وأكد مساعد وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، أن "برامج العقوبات الأميركية تحتوي بالفعل على إعفاءات قوية للجهود الإنسانية ومع ذلك أصدرت وزارة الخزانة اليوم ترخيصا عاما شاملا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر: إنقاذ الأرواح وإعادة البناء".

ولكن هذا التعديل المؤقت لا يشمل السماح بالتعامل المالي مع أي جهة رسمية تابعة لنظام الأسد ولا التعامل مع الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات، كما لا يستثني الحظر المستمر على النفط السوري.

من المتوقع أن يؤدي الزلزال إلى تعجيل وتيرة تطبيع العلاقات بين معظم الدول العربية بمن فيها أصدقاء الولايات المتحدة والنظام السوري، على الرغم من استمرار العلاقات الوثيقة بين دمشق وطهران.

كما من المتوقع أن تبقى العقوبات الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، طالما بقي الأسد متربعا على كرسيه الرئاسي فوق الركام السوري.