يسأل الكاتب: "لماذا يصر البعض على اتباع حديث الحجاب المشهور"- صورة تعبيرية
يسأل الكاتب: "لماذا يصر البعض على اتباع حديث الحجاب المشهور"- صورة تعبيرية

أثارت تصريحات أدلى بها الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حول الحجاب  جدلاً شديدا عبر مواقع التواصل في مصر والعالم العربي.

وجاءت التصريحات في برنامج الحكاية في حوار أجراه مع الإعلامي عمرو أديب.

وانتفضت مؤسسات دينية، مثل الأزهر ودار الافتاء، للرد على الدكتور سعد الدين الهلالي ، بلغ حد الانتقاد المباشر له وللمنهج الذي اتبعه في "تجديد التراث الإسلامي" استنادا إلى "الحرية في فَهم النص" الديني. 

وتجلى الهجوم على ما قاله سعد الدين الهلالي فيما قاله الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق وأحد الداعمين لجماعة الإخوان، عبر صفحته على فيسبوك: "الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، ولا ينكر فرضيته إلا جاهل ضال، فقد أجمع على فرضيته علماء المسلمين في كل العصور، فكفوا عن إرضاء البشر على حساب دينكم". 

وتداول مدونون وسوماً مثل #الحجاب_فريضة، #الأزهر، و#سعد_الدين_الهلالي، للتعبير عن آرائهم في الموضوع سواء برفض ما قاله الهلالي أو بتأييده.

ووسط هذا الصراع علينا أن نضع بضع أسئلة حول الحجاب علينا أن نفكر فيها بعقل وبعمق وبتريث!

وأول هذه الأسئلة هو: لماذا يصر البعض على اتباع حديث الحجاب المشهور وهو: " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها غير هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه"؟ بالرغم أنه حديث مكذوب أو موضوع ولا يؤخذ به في الدين بحكم علماء الحديث أنفسهم، لأن من رواه عن عائشة هو "خالد إبن دريك" ورواه مباشرة عن عائشة وكأنه قابلها شخصياً وقالت له هذا الحديث بالرغم من أنه من الاستحالة أن يكون قد قابلها لأنه ببساطة شديدة مولود بعد وفاتها!

وجدير بالذكر هنا أن الحديث تم رفضه من علماء الحديث بناءً على مايلي:

أولاً: أن الراوي عن عائشة خالد بن دريك لم يلق عائشة كما ذكرنا، فهو حديث منقطع، والحديث المنقطع لا يحتج به لضعفه؛ لأنه لم يلقها أبداً، فروايته عنها رواية منقطعة. 

ثانياً: أن في إسناد حديث الوجه والكفين رجل اسمه سعيد بن بشير، وهو محدث ضعيف، لا يحتج بروايته. 

ثالثاً: أن قتادة الذي روى الحديث عن خالد بن دريك روى بالعنعنة عن فلان، وقتادة هو مدلس يروي عن المجاهيل ويُخفي ذلك، فإذا لم يصرح بالسماع؛ صارت روايته ضعيفة. 

وقد ذكر الثلاث نقاط السابقة الشيخ بن باز في فتاويه حول ضعف حديث الوجه والكفين!

أما السؤال الثاني فهو: لماذا زادت ظاهرة وجريمة التحرش بالنساء والهوس الجنسي حتى بالصغيرات بعد انتشار ظاهرة الحجاب؟ فكل من أدرك فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي يعلم جيداً كيف زاد التحرش الجنسي بجنون في العديد من الدول الإسلامية والعربية بعد انتشار الحجاب؟ فما السبب في هذا ياترى؟ ألم يكن مفترضاً أن انتشار الحجاب سيحسن من الأخلاق وليس العكس من ذلك!

ثم يأت السؤال الثالث وهو: لماذا لم تكن نساء مصر وطالبات جامعة الأزهر وزوجات وبنات شيوخ الأزهر محجبات في عصر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي؟ فهل لم يكن الحجاب فرضاً دينياً في الماضي؟ وهل تم اكتشاف فرضيته في السبعينيات؟ فياله من إكتشاف!

والسؤال الرابع والأخير هنا هو: لماذا كان الحجاب هو المطلب الرئيسي لمرشد منظمة الإخوان، حسن الهضيبي، حين التقى بالزعيم جمال عبد الناصر بعد ثورة يوليو 1952  في مصر؟ وقد ذكر تلك القصة الرئيس جمال عبد الناصر وقال إن مرشد الإخوان لم يطلب منه أي شيء غير أن يلبس نساء مصر "طرح" (جمع طرحة) بهدف الحجاب! وسخر الزعيم الراحل من المرشد حينذاك وقال أن ابنة المرشد نفسها لم تكن محجبة!

ولا يمكن أن ننسى تعليق أحد الحضور وقتها حينما قال بصوت عال للرئيس جمال عبد الناصر: "ما يلبسها هو"، في إشارة إلى أن يلبس مرشد الإخوان "الطرحة" بدلاً من أن تلبسها المصريات!  

وأترك القارئ هنا للتفكير في هذه الأسئلة!

وللحديث بقية!

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

الرئيس السوري بشار الأسد زار حلب إحدى أكبر المدن التي تضررت بالزلزال
الأسد خلال حديثه لوسائل الإعلام أثناء زيارته لحلب بعد الزلزال (سانا)

فور حدوث الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وقضى على عشرات الآلاف من الضحايا وحّول مناطق شاسعة في البلدين إلى أهرامات من الركام، سارع الرئيس السوري، بشار الأسد، دون خجل إلى تسيس هذه المأساة واستغلالها لخدمة مصالحه الضيقة، ولطمس جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها ضد شعبه في العقد الماضي، وللتخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على نظامه ولإعادة بعض الشرعية لنظامه الدموي الفاسد. 

الأسد رحّب بالاتصالات الهاتفية التي أجراها معه بعض القادة العرب، مثل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبأولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دولة الإمارات وقطر والسعودية والأردن. 

هذه الدول تسعى منذ سنوات إلى إعادة سوريا إلى "حظيرة" جامعة الدول العربية، سوف تتعاون مع دمشق في سياق إغاثة ضحايا الزلزال إلى إعادة تأهيل النظام السوري واعتماد سرديته الواهية التي تدعي أن إغاثة الضحايا السوريين يجب أن تمر عبر دمشق.

حتى الحكومة اللبنانية المستقيلة، التي بالكاد تقوم بمهام تصريف الأعمال، أرسلت وفدا حكوميا رسميا إلى دمشق لبحث تداعيات الزلزال المدمر "والإمكانات اللبنانية المتاحة للمساعدة في مجالات الإغاثة".

لبنان، الذي وصفه أحد الأصدقاء الظرفاء، "أجمل دولة فاشلة في العالم"، هذه الدولة التي تركت للبنانيين مشاهدة ركام أهرامات القمح في المرفأ بعد أن دمرها جزئيا أكبر انفجار غير نووي في العالم لتذكرهم بفشلها وفسادها ورعونتها، دفعتها المروءة المسرحية لمد يد المساعدة لنظام أذلّ اللبنانيين لعقود.

السوريون، الذين قهرهم أولا نظامهم الوحشي، وتخلى الله عنهم لاحقا، إلى أن أتت الطبيعة لتزيد من يبابهم يبابا، يستحقون كل مساعدة وكل إغاثة ممكنة لأنهم ضحايا بامتياز وعلى مدى سنوات طويلة.

ولكن الخبث اللبناني الرسمي ينضح من ادعاءات توفير الإمكانات اللبنانية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا، (الهدف الأول من الزيارة هو تطبيع العلاقات) بينما يتم تجاهل ضحايا الزلازل السياسية اللبنانية، ومن بينهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي ترفض الحكومة اللبنانية والقوى التي تقف وراءها مثل حزب الله حتى الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وخلال زيارته الأولى للمناطق المنكوبة في حلب (بعد خمسة أيام من حدوث الزلزال) ألقى الأسد باللوم على الغرب لتأخر وصول المساعدات الإنسانية مدعيا أن أولويات الغرب سياسية وليست إنسانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن يسيسوا الوضع، لأن اعتبارات الغرب غير إنسانية لا اليوم ولا في السابق.

واستغل الأسد وأقطاب نظامه الزلزال للمطالبة بإلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية، في الوقت الذي واصلوا فيه إصرارهم على ضرورة وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المنكوبة في البلاد عبر الحكومة السورية فقط، بما في ذلك المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سجل الأسد خلال العقد الماضي في استغلال المساعدات الانسانية وتوزيعها على أنصاره أو سرقتها وبيعها في السوق السوداء.

وفي الأسبوع الماضي، جددت واشنطن إصرارها على رفض التعامل المباشر مع نظام الأسد أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضده، مع التأكيد على أن العقوبات تستثني المساعدات الانسانية والأغذية والأدوية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحفيين: "من المثير جدا للسخرية، إن لم يأت بنتائج عكسية، أن نتواصل مع حكومة عاملت شعبها بوحشية على مدى أكثر من عشر سنوات حتى الآن عن طريق إطلاق قنابل الغاز عليهم وذبحهم، لتتحمل المسؤولية عن الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب".

في هذا السياق من الصعب تصديق ادعاءات وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، أن حكومته مستعدة لأن تسمح بدخول المساعدات الدولية إلى جميع المناطق السورية "طالما لم تصل إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة" كما قال في مقابلة تلفزيونية وهذا يعني عمليا استثناء محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية.

وادعى مقداد أن العقوبات تزيد من صعوبة الكارثة. هذا الموقف ينسجم مع الموقف التقليدي لنظام الأسد خلال العقد الماضي حين كانت السلطات السورية تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين كانوا يعانون من المجاعة في المناطق المحاذية للعاصمة، دمشق، كما حدث خلال سنتي 2012 و2014. ويجب ألا نتوقع غير ذلك الآن.

نصف المناطق المنكوبة في سوريا واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والنصف الآخر واقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

ويخشى السوريون في المناطق الواقعة خارج السيطرة الحكومية في شمال غرب سوريا وكذلك منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام الأسد سوف يعطل إيصال المساعدات إليهم او الاستيلاء عليها، وأن الوسيلة الوحيدة لإيصال هذه المساعدات بسرعة الى المتضررين هي عبر الأراضي التركية وعبر معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا.

وتقوم روسيا، بطلب من الحكومة السورية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع فتح المعابر الاخرى بين تركيا وسوريا.

ولذلك، فإن مفتاح الإسراع بإيصال مساعدات الإغاثة الدولية إلى تلك المناطق السورية هي عبر فتح المعابر الدولية، بدلا من الحديث العبثي عن إلغاء العقوبات الاقتصادية وهي مسألة صعبة قانونيا وسياسيا، وسوف تؤدي إلى تعزيز وترسيخ نظام ارتكب جرائم حرب ضد شعبه. ووصلت صفاقة النظام السوري إلى درجة أنه قصف مناطق المعارضة المنكوبة حتى بعد حدوث الزلزال.

وفي خطوة لافتة أرادت من خلالها واشنطن أن تفند الاتهامات الباطلة بأنها لا تقوم بما فيه الكفاية لإيصال المساعدات الى المناطق السورية المنكوبة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية استثناء مؤقتا من العقوبات يتعلق بالمعاملات المالية للأغراض الإنسانية لمدة ستة أشهر.

وأكد مساعد وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، أن "برامج العقوبات الأميركية تحتوي بالفعل على إعفاءات قوية للجهود الإنسانية ومع ذلك أصدرت وزارة الخزانة اليوم ترخيصا عاما شاملا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر: إنقاذ الأرواح وإعادة البناء".

ولكن هذا التعديل المؤقت لا يشمل السماح بالتعامل المالي مع أي جهة رسمية تابعة لنظام الأسد ولا التعامل مع الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات، كما لا يستثني الحظر المستمر على النفط السوري.

من المتوقع أن يؤدي الزلزال إلى تعجيل وتيرة تطبيع العلاقات بين معظم الدول العربية بمن فيها أصدقاء الولايات المتحدة والنظام السوري، على الرغم من استمرار العلاقات الوثيقة بين دمشق وطهران.

كما من المتوقع أن تبقى العقوبات الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، طالما بقي الأسد متربعا على كرسيه الرئاسي فوق الركام السوري.