الظواهري يعود في مقاطع مصورة جديدة تدعو للجهاد المعولم. ارشيفية
الظواهري يعود في مقاطع مصورة جديدة تدعو للجهاد المعولم. ارشيفية

إن إعلان الرئيس جو بايدن عن نجاح الجيش الأميركي في القضاء على زعيم القاعدة أيمن الظواهري في 31 يوليو هو بلا شك مكسب في الصراع الذي عُرف سابقاً باسم "الحرب العالمية على الإرهاب". 

فالظواهري المولود في مصر كان الثقل الفكري للقاعدة منذ أن ضم تنظيمه المتشدد، الجهاد الإسلامي المصري، إلى شبكة أسامة بن لادن في عام 1998، وبعد مقتل بن لادن في عام 2011، تولى الظواهري المنصب الأعلى للجماعة الإرهابية، حيث عمل كرئيس لعملياتها واستراتيجيتها، ووسع من موطئ قدم التنظيم في أفريقيا، من بين إنجازات أخرى. 

إن مقتل الظواهري في هذا التوقيت يعتبر دليلاً على أن الولايات المتحدة، بالرغم من انشغالاتها بأولويات السياسة الخارجية الأخرى ومعاناتها من الانقسامات السياسية المحلية، لا تزال ملتزمة بمهمة مكافحة الإرهاب، وبذلك مقتل الظواهري سيكون بمثابة رفع أسهم الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي خلال نوفمبر المقبل باعتباره إنجازاً سياسياً.

لكن بالرغم من أهمية قتل رموز أي تنظيم إرهابي، إلا أن هذا الإنجاز لوحده ليس الاستراتيجية الناجحة في القضاء على الإرهاب، فهو احتمال يضعف تلك المنظمات مؤقتاً، لكن لن يقضي عليها وستظل الجماعات الإرهابية مستمرة في تفريخ قادة جدد ومنظمات أخرى. لا يمكن اعتبار النية جدية في القضاء على الإرهاب وليس احتوائه فقط، إلا من خلال العمل على جبهتين: أولاً، محاربة الفكر الإرهابي ومنبعه: الإسلام السياسي بجميع مذاهبه؛ ثانياَ، سياسة خارجية ثابتة للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بغض النظر عن الحزب المنتخب. 

إن أكبر إشكالية تمر بها الولايات المتحدة هي الانقسامات السياسية المحلية التي تنعكس بشكل خطير على السياسة الخارجية خاصة في مكافحة الإرهاب. إن عدم وجود أرضية مشتركة بين الحزبين بشأن حل الأمور الحاسمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يزيد من تأجيج التوترات وتستغلها أشد استغلال الجماعات الإرهابية. فالاختلافات في كل شيء تقريباً، على سبيل المثال، ألغت إدارة ترامب الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة أوباما، لأنها اعتبرته خطيراً ويضر بالأمن القومي للولايات المتحدة ويعطي إيران الكثير من الصلاحيات دون ضمانات كافية، ثم جاءت إدارة بايدن لتهرول في بداية أيامها لإرجاع المفاوضات النووية مرة أخرى وكانت على أوليات قائمة أجندتها. كذلك إدارة ترامب كانت ضد جماعة الإخوان وكانت تفكر في تصنيفها على أنها منظمة إرهابية، لكن أوباما، والآن إدارة بايدن، تدعمها سياسياً ولا يعتبرونها إرهابية.  

إن أساس هذا الاختلاف بين الأحزاب الليبرالية/اليسارية المتمثلة بالحزب الديمقراطي، والأحزاب المحافظة المتمثلة بالحزب الجمهوري، أن الأحزاب اليسارية مثل إدارة بايدن يجدون أن التابعين للإسلام السياسي مثل جماعة الإخوان والنظام الإيراني، علاجاً مناسباً للجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، لأنهم يعتبرونها تمثل الإسلام المعتدل التي بإمكانها ترويض الجماعات القتالية ومحاربتها.

من ناحية أخرى، تجد الأحزاب المحافظة أن الإسلاميين السياسيين مثل جماعة الإخوان بوابة للتطرف، لذا فإن دعمهم يعني دعم الجماعات الإرهابية، مثل داعش والقاعدة، لأنهم جميعاً ينتمون إلى نفس الفكر المتطرف. ونتيجة لذلك، نجد التحدي الأكبر لمحور الاعتدال في المنطقة هو كيف يمكنه إقناع الأحزاب اليسارية او الرأي العام الأمييكي بأن دعم الإسلام السياسي ومحاباته هو أكبر دعم للجماعات الإرهابية لأنه مصدر الفكر الإرهابي، حتى لو ارتدى معتنقوه بدلاً رسمية وربطات عنق وحازوا على أعلى الشهادات.

إن من بين ذر الرماد في العيون، أن الإعلام الأميركي، عند مقتل أي إرهابي أو زعيم لجماعة إرهابية يسلط الضوء فقط على ما قام به من عمليات إجرامية قتالية دون التنويه عن المرجعية الفكرية لذلك الإرهابي، وهذه من أهم الأسباب لعدم معرفة غالبية المجتمع الأميركي بأبعاد خطر الفكر الإرهابي وليس فقط العمليات الإرهابية.

فمثلا، بعد مقتل الظواهري لا نجد ذلك التركيز على خلفيته الفكرية بأنه كان منتمياً لجماعة الإخوان المصرية في مراهقته في الستينيات بعد تأثره بكتب سيد قطب، ليتحول من طبيب جراح إلى منضم للجهاد الإسلامي المصري في أواخر السبعينيات ومن ثم تم اعتقاله وسجنه لأول مرة خلال الاعتقال الذي أعقب اغتيال الجهاد الإسلامي لأنور السادات في عام 1981، وبعد ذلك أصبح زعيماً لتنظيم القاعدة خلفاً لأسامة بن لادن. 

إن من أهم زيادة تطرف الجماعات الإرهابية وقادتهم، المدافعين عن جماعات الإسلام السياسي في الغرب، وأغلبهم من الأحزاب الليبرالية/اليسارية، مثل المدافعين عن الإخوان الذين يصفون الجماعة بأنها حركة سياسية غير قتالية. فهم يبررون أن المتطرفين منهم، مثل الظواهري، سبب تطرفهم هو التعذيب في السجون، لكن في الواقع وبعد البحث عن ذلك، نجد أن الكراهية والرغبة في القتل موجودة قبل السجن.

خطأ آخر من قبل هؤلاء المدافعين يأتي من النظرية القائلة بأن الفقر أنتج الإرهاب، لكن نجد أن هؤلاء الجهاديين ليسوا من خلفيات فقيرة، ومعظم هؤلاء وقادتهم من أبناء عائلات مهنية من الطبقة الوسطى، وغُسلت عقولهم بواسطة أيديولوجيات متطرفة دفعتهم للقيام بعمليات دموية لخدمة الدين، فالظواهري مثلا، نشأ مترفاً في أرقى أحياء العاصمة المصرية القاهرة في ضاحية المعادي، جنباً إلى جنب مع الطبقة العليا، والدبلوماسيين المقيمين في مصر، ثم انتهى به المطاف في كهوف تورا بورا بأفغانستان.   

هذا الفكر الملتبس لدى الأحزاب الليرالية/اليسارية في محاربة الإرهاب أدى إلى القرار الخاطئ بانسحاب إدارة بايدن من أفغانستان بهذا الشكل الاستسلامي. اعتقدت إدارة بايدن أن طالبان روضت بما فيه الكفاية بحيث سيعتمد عليها بترويض الإرهابيين ومحاربتهم. اتضح أن ذلك غير صحيح ورأينا حكومة أفغانستان التي تمثلها حركة طالبان أصدرت بياناً تدين عملية قتل الظواهري دون ذكر اسمه.

ووفقاً لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، انتهكت طالبان "بشكل صارخ" شروط اتفاقها مع الولايات المتحدة – المعروف باسم اتفاقية الدوحة – من خلال منح الظواهري الملاذ الآمن على الأراضي الأفغانية. هناك الكثير من المحللين الأميركيين ذكروا أن بلينكن وغيره من المسؤولين في إدارة بايدن كانوا غير واضحين بشأن العواقب العملية التي تستعد الولايات المتحدة لفرضها على طالبان الآن، بعد أن تم الكشف عن ازدواجية المعايير لطالبان في تعاملهم مع الجماعات الإرهابية.  

وكما نشاهد هذا اللبس في التعامل مع طالبان، رأينا نفس الأسلوب يتكرر مع إيران. بعد مقتل الظواهري، فإن المرشح الأكثر احتمالاً لتولي قيادة القاعدة هو محمد صلاح الدين زيدان الملقب بـ"سيف العدل" و"سيف الانتقام، وقد عمل ضابطاً بالقوات الخاصة المصرية سابقاً وخدم لفترة طويلة كقائد عسكري للجماعة. "سيف العدل" كن مقيماً على مدى الأعوام الـ19 الماضية في إيران، وعلى الرغم أنه كان اسمياً تحت "الإقامة الجبرية"، استمر العدل في تنسيق الأنشطة العالمية للجماعة الإرهابية والتخطيط لحملاتها.

كل ذلك يجب أن يؤخذ في الحسبان لإدارة بايدن، التي تفضل التعامل مع إيران عند المحادثات في شأن الاتفاق النووي. فعلى مدار العام ونصف العام الماضيين، اتبعت الإدارة بإصرار استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى إعادة الجمهورية الإسلامية إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

هذا الإصرار – على الرغم من رفضه من قبل عدة دول في المنطقة –مستمر، وقد اقتضى من الإدارة أن تغض الطرف عن المشاكل الإقليمية للنظام الإيراني، ودعمه الواسع للإرهاب الدولي. كذلك اقتضى من الإدارة أن تغض الطرف عن حقيقة إيواء إيران للإرهابيين وأن النظام الإيراني لا يميز بين المذاهب سواء سني أو شيعي عندما يتعلق الأمر بإيواء إرهابيين، لأن أهداف الإسلام السياسي واحدة بغض النظر عن اختلاف المذاهب.

لقد أصبح مثل هذا النهج حتى صعب تقبله في داخل الكونغرس، حيث تتزايد الشكوك حول استراتيجية فريق بايدن السائدة تجاه إيران، حتى بين أعضاء حزب الرئيس نفسه. فارتباط النظام الإيراني بالجماعات القتالية مثل القاعدة، يؤدي إلى التساؤل بشأن ما الذي ستستفيده أميركا من تمكين نظام طهران الداعم للإرهاب وما هي عواقب ذلك؟  

لا ننكر أن إدارة بايدن حققت نجاحاً تكتيكياً في مكافحة الإرهاب بمقتل الظواهري، لكن هذا النجاح في القضاء على زعيم منظمة إرهابية لن يكون استراتيجياً في القضاء على الإرهاب إن لم يكن هناك قضاء على الأيديولوجيات الإرهابية المتمثلة بفكر الإسلام السياسي والاعتراف بأنه المصدر الأساسي لتحريك الجماعات القتالية عقائدياً، وأهم خطوة لذلك، الحرص على عدم الوقوع في أخطاء كارثية بقرارات غير محسوبة في السياسة الخارجية، كما شاهدناها في إدارة بايدن في حالتين: الانسحاب من أفغانستان وتسليمه بالكامل لطالبان، غير الجديرة بالثقة، من خلال جعل أفغانستان ملاذا آمنا للإرهابين، وتمكين النظام الإيراني بإعادة الاتفاق النووي وغض الطرف عن دعمه للجماعات والميليشيات الإرهابية.

لا يمكن أن نعتبر أي جهة جدية في القضاء على الإرهاب إن لم تتخذ هذه الخطوات، بجانب الصراحة والشفافية وعدم التغاضي عن أي خطر محتمل لأجل مكاسب سياسية، بالإضافة إلى الثبات والاتفاق على استراتيجية واحدة بين الأحزاب السياسية المختلفة في مكافحة الإرهاب، وإلا سيظل الإرهاب مستمراَ.     

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

الرئيس السوري بشار الأسد زار حلب إحدى أكبر المدن التي تضررت بالزلزال
الأسد خلال حديثه لوسائل الإعلام أثناء زيارته لحلب بعد الزلزال (سانا)

فور حدوث الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وقضى على عشرات الآلاف من الضحايا وحّول مناطق شاسعة في البلدين إلى أهرامات من الركام، سارع الرئيس السوري، بشار الأسد، دون خجل إلى تسيس هذه المأساة واستغلالها لخدمة مصالحه الضيقة، ولطمس جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها ضد شعبه في العقد الماضي، وللتخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على نظامه ولإعادة بعض الشرعية لنظامه الدموي الفاسد. 

الأسد رحّب بالاتصالات الهاتفية التي أجراها معه بعض القادة العرب، مثل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبأولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دولة الإمارات وقطر والسعودية والأردن. 

هذه الدول تسعى منذ سنوات إلى إعادة سوريا إلى "حظيرة" جامعة الدول العربية، سوف تتعاون مع دمشق في سياق إغاثة ضحايا الزلزال إلى إعادة تأهيل النظام السوري واعتماد سرديته الواهية التي تدعي أن إغاثة الضحايا السوريين يجب أن تمر عبر دمشق.

حتى الحكومة اللبنانية المستقيلة، التي بالكاد تقوم بمهام تصريف الأعمال، أرسلت وفدا حكوميا رسميا إلى دمشق لبحث تداعيات الزلزال المدمر "والإمكانات اللبنانية المتاحة للمساعدة في مجالات الإغاثة".

لبنان، الذي وصفه أحد الأصدقاء الظرفاء، "أجمل دولة فاشلة في العالم"، هذه الدولة التي تركت للبنانيين مشاهدة ركام أهرامات القمح في المرفأ بعد أن دمرها جزئيا أكبر انفجار غير نووي في العالم لتذكرهم بفشلها وفسادها ورعونتها، دفعتها المروءة المسرحية لمد يد المساعدة لنظام أذلّ اللبنانيين لعقود.

السوريون، الذين قهرهم أولا نظامهم الوحشي، وتخلى الله عنهم لاحقا، إلى أن أتت الطبيعة لتزيد من يبابهم يبابا، يستحقون كل مساعدة وكل إغاثة ممكنة لأنهم ضحايا بامتياز وعلى مدى سنوات طويلة.

ولكن الخبث اللبناني الرسمي ينضح من ادعاءات توفير الإمكانات اللبنانية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا، (الهدف الأول من الزيارة هو تطبيع العلاقات) بينما يتم تجاهل ضحايا الزلازل السياسية اللبنانية، ومن بينهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي ترفض الحكومة اللبنانية والقوى التي تقف وراءها مثل حزب الله حتى الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وخلال زيارته الأولى للمناطق المنكوبة في حلب (بعد خمسة أيام من حدوث الزلزال) ألقى الأسد باللوم على الغرب لتأخر وصول المساعدات الإنسانية مدعيا أن أولويات الغرب سياسية وليست إنسانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن يسيسوا الوضع، لأن اعتبارات الغرب غير إنسانية لا اليوم ولا في السابق.

واستغل الأسد وأقطاب نظامه الزلزال للمطالبة بإلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية، في الوقت الذي واصلوا فيه إصرارهم على ضرورة وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المنكوبة في البلاد عبر الحكومة السورية فقط، بما في ذلك المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سجل الأسد خلال العقد الماضي في استغلال المساعدات الانسانية وتوزيعها على أنصاره أو سرقتها وبيعها في السوق السوداء.

وفي الأسبوع الماضي، جددت واشنطن إصرارها على رفض التعامل المباشر مع نظام الأسد أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضده، مع التأكيد على أن العقوبات تستثني المساعدات الانسانية والأغذية والأدوية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحفيين: "من المثير جدا للسخرية، إن لم يأت بنتائج عكسية، أن نتواصل مع حكومة عاملت شعبها بوحشية على مدى أكثر من عشر سنوات حتى الآن عن طريق إطلاق قنابل الغاز عليهم وذبحهم، لتتحمل المسؤولية عن الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب".

في هذا السياق من الصعب تصديق ادعاءات وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، أن حكومته مستعدة لأن تسمح بدخول المساعدات الدولية إلى جميع المناطق السورية "طالما لم تصل إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة" كما قال في مقابلة تلفزيونية وهذا يعني عمليا استثناء محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية.

وادعى مقداد أن العقوبات تزيد من صعوبة الكارثة. هذا الموقف ينسجم مع الموقف التقليدي لنظام الأسد خلال العقد الماضي حين كانت السلطات السورية تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين كانوا يعانون من المجاعة في المناطق المحاذية للعاصمة، دمشق، كما حدث خلال سنتي 2012 و2014. ويجب ألا نتوقع غير ذلك الآن.

نصف المناطق المنكوبة في سوريا واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والنصف الآخر واقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

ويخشى السوريون في المناطق الواقعة خارج السيطرة الحكومية في شمال غرب سوريا وكذلك منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام الأسد سوف يعطل إيصال المساعدات إليهم او الاستيلاء عليها، وأن الوسيلة الوحيدة لإيصال هذه المساعدات بسرعة الى المتضررين هي عبر الأراضي التركية وعبر معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا.

وتقوم روسيا، بطلب من الحكومة السورية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع فتح المعابر الاخرى بين تركيا وسوريا.

ولذلك، فإن مفتاح الإسراع بإيصال مساعدات الإغاثة الدولية إلى تلك المناطق السورية هي عبر فتح المعابر الدولية، بدلا من الحديث العبثي عن إلغاء العقوبات الاقتصادية وهي مسألة صعبة قانونيا وسياسيا، وسوف تؤدي إلى تعزيز وترسيخ نظام ارتكب جرائم حرب ضد شعبه. ووصلت صفاقة النظام السوري إلى درجة أنه قصف مناطق المعارضة المنكوبة حتى بعد حدوث الزلزال.

وفي خطوة لافتة أرادت من خلالها واشنطن أن تفند الاتهامات الباطلة بأنها لا تقوم بما فيه الكفاية لإيصال المساعدات الى المناطق السورية المنكوبة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية استثناء مؤقتا من العقوبات يتعلق بالمعاملات المالية للأغراض الإنسانية لمدة ستة أشهر.

وأكد مساعد وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، أن "برامج العقوبات الأميركية تحتوي بالفعل على إعفاءات قوية للجهود الإنسانية ومع ذلك أصدرت وزارة الخزانة اليوم ترخيصا عاما شاملا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر: إنقاذ الأرواح وإعادة البناء".

ولكن هذا التعديل المؤقت لا يشمل السماح بالتعامل المالي مع أي جهة رسمية تابعة لنظام الأسد ولا التعامل مع الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات، كما لا يستثني الحظر المستمر على النفط السوري.

من المتوقع أن يؤدي الزلزال إلى تعجيل وتيرة تطبيع العلاقات بين معظم الدول العربية بمن فيها أصدقاء الولايات المتحدة والنظام السوري، على الرغم من استمرار العلاقات الوثيقة بين دمشق وطهران.

كما من المتوقع أن تبقى العقوبات الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، طالما بقي الأسد متربعا على كرسيه الرئاسي فوق الركام السوري.