حتى اللحظة تبدو فرص حصول انفراجه سياسية في الحوار الوطني العراقي ضئيلة، بالرغم من إصرار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على عقد جلسة حوار ثانية، سيحضرها كافة الأطراف باستثناء الطرف المعني بها التيار الصدري، الأمر الذي يجعل قراراتها مرهونة بليونة قد يظهرها الصدر مستقبلا وهذا مستبعد قبل جلسة المحكمة الاتحادية للبت في إمكانية حلّ مجلس النواب الحالي.
لكن جلسة الحوار بعيدا عن قرارات المحكمة وموقف التيار الصدري تملك أرضية معقولة تنطلق منها في جلستها الثانية وهي أن أغلب الاطراف تظهر موافقتها على إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن إجماع القوى السياسية على ضرورة حلّ البرلمان الحالي تحتاج إلى مخرج قانوني، فقرار الحلّ ان حصل قد يسبقه شروط كثيرة معقدة قد تتسبب مجددا في احتكاكات خشنة، فالاستجابة لبعض الشروط منها قانون الانتخابات واختيار أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات ولكن الأهم هوية الحكومة التي ستشرف على هذه المرحلة وتنفذ قرارات المحكمة، كل هذه العقد ستتسبب حتما بخلافات بين القوى السياسي وفي انقسامات داخل التحالفات إضافة إلى ضغوط خارجية، خصوصا عندما تقترب الأطراف من بحث وضع الحكومة، بداية من الربط ما بين حلّ البرلمان واستقالة الحكومة وضرورة تشكيل حكومة جديدة محايدة تكون مهمتها انتقالية حتى إجراء الانتخابات، وهنا يكمن جزء أساسي من تعقيدات المشهد، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل القوى التي تملك الآن الأغلبية البرلمانية ستوافق على أن يحل البرلمان قبل تشكيل حكومة جديدة ومن هو الشخص الذي سيتم تكليفه، وهل السيد الصدر سيوافق على أن يسيطر خصومه على السلطة التنفيذية، وفي المقابل هل ستوافق قوى الإطار على بقاء الحكومة الحالية، وهذا ما يمكن اعتباره انكسارا لجزء منها وخضوعا لشروط الصدر، الذي لا يظهر تمسكه بالحكومة الحالية بقدر رفضه حصول الاطار التنسيقي على موقع رئاسة الوزراء.
يحرص بعض المدعوين إلى طاولة الحوار على مراعاة شروط التيار الصدري ويراهنون انه يمكن تعويض غيابه مستقبلا إذا نجح المجتمعون في التوصل إلى حلول ممكنة تساعد على معالجة الأزمة، تدفع التيار الصدري إلى التعامل مع ما سوف ينبثق من قرارات تحت مبررات السلامة الوطنية وتجنب الاقتتال، وهذا ما قد يرفع التهمة أو الشبهة عن التيار بأنه يرفض الحوار، ولكن بعد أحداث 30 آب تبدو ان استجابة الصدر صعبة وتحتاج ان يقدم الطرف الآخر تنازلات حقيقية وهذا ما يبدو مستبعدا.
يوم الأحد الفائت أعلن التيار الصدري انه ليس لديه صلة بالدعوى التي قُدمت ضد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بموضع الحكم بعدم صحة انعقاد الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب، المنعقدة بتاريخ 23 يونيو هذا العام وما صدر من قرارات خلالها، ومن شأن هذه الدعوى إذا فازت ان تلغي نتائج الجلسة التي تم فيها تعيين نواب بدائل عن نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا، وهذا ما يعيد سحب الأغلبية من الإطار التنسيقي، ولكنه يترك المقاعد خالية، هذا المخرج قد يعفي المحكمة من تحمل مسؤولية حل البرلمان ولكنه يجعله شبه معطل.
بالنسبة للكاظمي الدولة بأدوات ضعيفة تمارس واجبها الأخلاقي فقط أمام شعبها، فهي تتمسك أولا بعدم الانحياز لأي طرف من الأطراف وبالدعوة إلى الحوار الذي تديره بين متقاتلين يبدو أنهم لن يتخلوا عن خيار اللجوء إلى السلاح في أي لحظة، لذلك لم يعد سرا أن الكاظمي قد يلجأ إلى خيارات دراماتيكية تدفعه إلى إعلان عجزه عن إمكانية إصلاح العلاقة بين الطرفين ويقوم بتنفيذ ما لوح به سابقا أي المادة 81 ويسلم السلطة التنفيذية إلى رئيس الجمهورية، وهذا القرار سابقة، له ما له وعليه ما عليه، قد يعتبره البعض تخليا وقد يعتبره البعض اعترافا بحجم الأزمة.