إربيل - بقلم متين أمين:
اضطر الكثير من أتباع الديانة الكاكائية (إحدى الديانات الكردية القديمة) في الشرق الأوسط إلى إعلان أنفسهم مسلمين، إثر تعرّضهم وبشكل متواصل لعمليات القتل والتهجير والتهديد من قبل الجماعات الإسلامية المتشدّدة، بالإضافة إلى تهميشهم من قبل الحكومة في بغداد وإقليم كردستان.
أقدم ديانة كردية
يقول الأستاذ الجامعي لقمان رشيد الكاكائي لموقع (إرفع صوتك) "تعتبر الكاكائية أو اليارسانية من أقدم الديانات الكردية في منطقة الشرق الأوسط، لكن ومع الأسف نحن وقبل تشكيل الدولة العراقية وحتى الآن نتعرض لإبادة ايديولوجية وبصورة مستمرة مبرمجة وممنهجة وليس من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية داعش فقط".
ويوضح الكاكائي أنّ "الفكرة التعسفية ضد الأقليات الدينية في العراق بصورة عامة وضد الكاكائيين بصورة خاصة، كانت موجودة ولا تزال موجودة".
ويضيف "أعتقد أنّها ستستمر في المستقبل أيضاً. نحن حُكم علينا بأنّنا (مرتدون) والجميع يعلم ما حكم المرتد في الدين الإسلامي. ومع الأسف هذه السياسة موجودة في فكر المجتمع العراقي والكردستاني. ولحد الآن نحن نلتمس ونشعر أنّ هذه السياسة التعسفية لا تزال موجودة".
يعطي الكاكائي أمثلة عن التعسّف ضدّ طائفته، قائلاً "يعطي قانون الأقليات، الصادر من برلمان إقليم كردستان والموقّع عليه من قبل رئيس الإقليم، الديانة الكاكائية الحق بأن يكون لها ممثل في وزارة الأوقاف في حكومة إقليم كردستان. لكن لحد الآن، لم يعطِ الإقليم الكاكائيين هذا الحق، وهذه إحدى السياسات التعسفية التي نتعرض لها من قبل الحكومة الكردية الوحيدة في المنطقة".
ويتابع الكاكائي "إثر هذه الظروف، بات قسم منا يقولون إنّهم مسلمون بسبب الخوف والتهديد. ومع الأسف لم تستطع حكومة إقليم كردستان أن تقدّم لنا ضمانات حتى نشعر بالأمان ونجهر أنّنا ديانة خاصّة".
بين العراق وإيران
يعود تأريخ ظهور الديانة الكاكائية إلى نحو أكثر من 5000 عام. وبحسب المصادر التأريخية، فإنّ جذور هذه الديانة تمتد إلى الديانة الميثرائية، التي ظهرت بين الشعوب الهندو-أوروبية. وعن طريقهم انتشرت في غرب آسيا ومنها إلى كردستان. وينقسم الكاكائيون بين إيران والعراق، حيث يبلغ عدد الكاكائيين في إقليم كردستان العراق نحو 250 ألف شخص، وهناك ثلاثة ملايين كاكائي في المناطق الكردية في إيران (غرب إيران).
مشروع اضطهاد دائم
من جهته، يشير القاضي جاسم رحيم الكاكائي، قاضي في محكمة جمجمال التابع لمحافظة كركوك، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ "الديانة الكاكائية عانت نتيجة ظهور الإمبراطوريات المتعاقبة في المنطقة مثل الإمبراطورية الفارسية والرومانية والإمبراطورية الفينيقية، وظهور أديان أخرى كالديانة الزرادشتية".
ويضيف "كلّ هذه العوامل أثرت كثيراً على الديانة الكاكائية. إلّا أنّها احتفظت بوجودها حتّى يومنا هذا، على الرغم من المحاربات الكثيرة لها من قبل الأديان الأخرى في المنطقة. منذ ظهور هذه الديانة ونحن مشروع دائم للاضطهاد وفي الفترة الأخيرة قُتل في العراق لوحده أكثر من 350 كاكائياً من جميع الصنوف والمراتب".
ويربط الكاكائي المستقبل "بنوعية الأنظمة الموجودة في المنطقة". ويقول "نحن نرى مستقبلنا الزاهر بوجود أنظمة علمانية ديمقراطية تؤمن بالديمقراطية وبحقوق الشعوب والديانات الأخرى وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان في دساتير الدول التي نعيش فيها".
داعش زاد من مخاوفنا
وتؤكّد الناشطة المدنية الكاكائية، سميرة كريمات، لموقع (إرفع صوتك) "نحن مستهدفون في إقليم كردستان، خاصّة بعد ظهور داعش في المنطقة. لذا تزايدت مخاوفنا، وكاد أن يحصل لنا ما حصل للأيزيديين في سنجار، حيث دمرت ثلاثة مزارات لنا".
وتضيف "على الرغم من يقيننا أنّ داعش حالة مؤقتة وستزول، لكنّ مخاوفنا الحقيقية من الحكومة، ومن قادتنا الكرد عندما لا يصغون إلى حقوقنا المشروعة. مستقبلنا في الدستور، يجب أن تثبت حقوقنا في الدستور العراقي وخاصة الدستور الكردستاني، نحن في القرن الواحد و العشرين وما زلنا نسمى أقلية ومذهب ليس لنا وقف ديني كما الأديان الأخرى... ونطالب الحكومة أن تلغي الديانة في المستمسكات الرسمية كهوية الأحوال المدنية لأنّ الكثير من المشاكل تحدث من خلال الدين".
مهدّدون في الموصل وجنوب كركوك
من جهته، يرى الكاتب والصحافي هاشم كاكائي أنّ الكاكائيين يواجهون التهديد في مناطق محافظتي الموصل وكركوك. ويضيف لموقع (إرفع صوتك) "نحن مهددون في مناطق الموصل وجنوب كركوك. هناك عدد من قرانا التابعة للموصل حالياً تحت سيطرة داعش... أمّا في إقليم كردستان وعلى الرغم من القانون رقم (5) لسنة 2015 الخاص بحماية حقوق المكونات، إلّا أن هذا القانون لم يطبق لحد الآن بالكامل. لذا على حكومة الإقليم تطبيقه بحذافيره".
*الصورة: "نحن مستهدفون في إقليم كردستان خاصّة بعد ظهور داعش في المنطقة"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659