بقلم علي عبد الأمير:
يجمل الباحث والكاتب سعد سلوم، عضو (المجلس العراقي لحوار الأديان)، عدداً من الحقائق التي استنبطها من عمله الدؤوب والمتواصل فيما يخصّ قضية الأقليات والتنوّع الاجتماعي في العراق، وهو يختار عنواناً لمداخلته مع موقع (إرفع صوتك) عبر سؤال "لماذا أدافع عن التعددية؟".
وفيها يوضح "هذا سؤال أطرحه على نفسي على نحو يومي، منذ أن سقط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس. وهو سؤال يتّسم بذعر حقيقي منذ تلازم التحولات الجديدة بعد الربيع العربي، وتسونامي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مع خطورة المنازعات ذات الطابع الديني والإثني والطائفي في كل من سورية والعراق وسائر دول المنطقة".
ويورد سلوم مؤشرات توصّل إليها من خلال عمله الميداني والبحثي، يقدّمها هنا، محرّر موقع (إرفع صوتك)، بوصفها حقائق عن الأقليات، وتحديداً في باب التساؤل عن كون وجودها كأساس لحيوية العراق أم ضعفه؟
*العراقيون يخافون من التعدّدية أكثر من خوفهم من جميع أسلحة الدمار الشامل، لأنّها ببساطة تطرح على الدولة سؤالاً صعباً حول كيفية إدارة هذه الجماعات المتنوّعة بعدالة. وهو سؤال يعجز الساسة الطائفيون عديمو الخيال عن الاستجابة لتحديه.
*تعزيز التعددية واستثمار التنوع الخلّاق لمجتمعاتنا، في وقت تتعرض فيه هويتها إلى خطر الإفقار بسبب الهجرة المتواصلة للأقليات. فالخطر الماحق لفقدان التنوع يضعنا على أعتاب شرق أوسط من دون تنوّع، أو عالم عربي بالأسود والأبيض.
*التنوّع صمّام أمان ضدّ تقسيم العراق، إذ لا يعني الدفاع عن التعددية عدم التشبث بالهوية الوطنية الجامعة أو رفضاً لها، فبقاء الأقليات في البلاد واختلاطها ببقية الجماعات، صمام أمان من تفكك البلاد إلى هويات كبرى (كردية، سنية، شيعية) متصارعة على الحيز المكاني والسلطة والثروة.
*بقاء الأقليات في مناطق سكنها يقف حاجزاً دون تقسيم البلاد إلى كيانات كبرى متصارعة أو صافية إثنياً أو دينياً أو طائفياً.
*مصادرة (الفرد) الذي يعدّ حامل الحقوق الأساسية تحت يافطة حقوق (المكوّن)، والأخير فكرة خيالية تستعمل سياسياً على نحو خطر في صالح نخب سياسية تعتمد الطائفية استراتيجية تعبئة ضد الآخر المختلف.
* الدستور العراقي وقع في براثن المصطلحات الماكرة، إذ لم يرتفع إلى مستوى تخيّل وطن جامع مانع، وطَرَدَ المواطن من معادلة إنتاج الوطن وتخيّله. بمعنى آخر، استخدم الدستور مصطلح "مكوّنات" ليصف العراق، وأسّس لبناء دولة "مكونات"، ومعنى ذلك أنّه لم يعد هناك "مجتمع" بل مجرّد "جماعات" يطلق عليها تسمية "مكونات". كما أنّه لم يعد هناك "فرد" يُنظر إليه بوصفه حاملاً للحقوق كمواطن، بل أضحى مجرّد رقم أعمى وغبي في هوية "مكون".
* الهويات المكوناتية (البزنس الطائفي) بدت مسؤولة عن هجرة الأقليات من مناطق البلاد المختلطة، وتورط بعضها الآخر في مثل هذا التهجير.
*بقاء التنوع يقف حجر عثرة أمام تنفيذ برامج خلق مناطق صافية تفرض عليها إيديولوجيا إثنية عنصرية أو دينية مذهبية متشددة. كما أنّه يفسّر سعي الجماعات الإرهابية المسلّحة لطرد الأقليات من مناطق نفوذها للأسباب عينها.
* الدفاع عن التنوع الاجتماعي قومياً ودينياً وفكرياً والذي تعنيه الاقليات، هو دفاع ضمني عن الوجود الحي للمجتمع برمته.
*نهاية "التنوع" هي نهاية المجتمع.
محو الاقليات.. قتل للمجتمع
وينهي الباحث سعد سلوم، حديثه عن حيوية الاقليات بوصفها حيوية للمجتمع كله، بمثال تاريخي يشكل درساً تربوياً مهمّاً، ضمن قوله إنّ "نهاية التنوع، هي نهايتنا، وسيكتب على شاهد قبرنا كلمات القس مارتي بنهولر التحذيرية، والتي نستحضرها الآن بكلّ ما تحتويه من ذعر من سرطان النازية: في البدء جاءوا إلى الشيوعيين فسكتُّ لأنّني لم أكن شيوعياً، ثم جاءوا إلى اليهود فسكتُّ لأنّني لم أكن يهودياً، ثم جاءوا إلى الكاثوليك فسكتُّ لأنّني كنت بروتستانتياً، وأخيراً جاءوا إلي، وعندها لم يبق أحد ليدافع عني".
*الصورة: كتابات حاضرة على جدران كنيسة العذراء مريم / إرفع صوتك
*يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659