أقليات

من يحمي ذوي الاحتياجات الخاصة من فيروس كورونا؟

محمد ناموس
03 أبريل 2020

أكثر من مليار شخص حول العالم يعيشون مع إعاقة في جسدهم، يواجهون فيروس كورونا بشكل أكثر صعوبة من الآخرين.
ومع تسارع انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم وارتفاع أعداد وفياته، بدأت الأصوات تتعالى مناشدة المجتمع الدولي تقديم الدعم الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة، كونهم فئة مهمّشة سابقاً.
وناشدت العديد من المنظمات الدولية المجتمع الدولي لحماية حقوق هؤلاء الأشخاص الذين يقدر عددهم حول العالم بنحو مليار شخص يعيشون مع أحد أشكال الإعاقة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير حديث لها إن فيروس "كورونا" الجديد، المسبب لمرض "كوفيد-19"، يشكل مخاطر لكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، وعلى الحكومات أن تبذل جهودا إضافية لحماية حقوقهم في الاستجابة للجائحة".
ولفتت جين بوكانان، نائبة مديرة قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في هيومن رايتس ووتش، إلى أن ذوو الإعاقة هم من الفئات الأكثر تهميشا وتعرضا للوصم في العالم، حتى في الظروف العادية.
وقالت "ما لم تتحرك الحكومات سريعا لإدراج ذوي الإعاقة في استجابتها لفيروس كورونا، سيتعرضون بشدة لخطر العدوى والموت مع انتشار الجائحة".
وبحسب التقرير فإن نحو 15% من سكان العالم، يعيشون مع أحد أشكال الإعاقة.
وأشار التقرير إلى ضرورة ضمان عدم حرمان هذه الفئة من المعلومات المنقذة للحياة، وأنه يجب أن تتضمن استراتيجيات التواصل ترجمة بلغة الإشارة للتصريحات المتلفزة، والمواقع الإلكترونية التي يسهل الاطلاع عليها من قبل ذوي الإعاقات المختلفة، بالإضافة إلى الخدمات الهاتفية ذات الخيارات النصية للأشخاص الصم أو ذوي صعوبات السمع، يجب أن يستخدم التواصل لغة واضحة لزيادة الفهم.

وائل أبو كويت المدير التنفيذي لمنظمة سند لذوي الاحتياجات الخاصة أشار إلى أن الدعم لهؤلاء الأشخاص يجب أن يكون من "الحكومات وليس فقط المنظمات".
فالأعداد ضخمة جداً وخاصة في البلدان التي فيها صراعات مثل سورية.

وأشار أبو كويت إلى أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في تقرير سابقٍ لها عن وجود أكثر من ثلاثة ملايين مصاب حرب في سوريا، أكثر من نصفهم هم أشخاص فقدوا أطرافهم أو لديهم إعاقات دائمة.
ولا توجد إحصائيات رسمية لهم في سوريا بسبب استمرار الحرب واختلاف توزع نقاط السيطرة.
قامت منظمة سند في الوقت الحالي بإيقاف عمل جميع الموظفين العاملين وتحويل عملهم إلى المنزل، مع استمرار الأنشطة في منازل الأشخاص المستفيدين.
ويقول مدير المنظمة، إن "جميع موظفينا من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم من يشرفون على جميع المشاريع الخاصة بالمنظمة وهذا ما يميزنا، اضطررنا الآن للعمل من المنزل وبدء نشاطات خاصة بالتوعية والنظافة، ووجهنا بعضها لأهالي الأشخاص الذين لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، لمساعدتهم في عملية التنظيف والتعقيم".
ومن بين الفئات الأكثر بالفيروس في حال انتشاره بين ذوي الإعاقة هم الأطفال والأشخاص البدينين، "كونهم مصابون وتكون مناعتهم ضعيفة مقارنة بالأشخاص الأصحاء"، وفقا لأبو كويت.
ويتابع أن المنظمة تعمل "على تقديم الدعم لهؤلاء الأشخاص بالتنسيق مع المانحين"، موجها نداءه لجميع المنظمات ليكون لديها قسم متخصص بهذه الفئة.
"نعمل على تقديم أشياء إضافية لهؤلاء الأشخاص لنحميهم حتى لا يتأثروا سلباً من موضوع الحجر الصحي، وللأسف حجم الدعم لا يكفي للوصول للجميع، فنحن نصل فقط لأقل من 3000 شخص في سوريا وتركيا، وهناك الآلاف ممن يحتاجون المساعدة والدعم"، يوضح أبو كويت.

منظمة هيومن رايتس ووتش قابلت إحدى المشتبه بإصابتهم بالفيروس "كارين ماكول"، وهي شبه مكفوفة وتعزل نفسها في منزلها في أونتاريو بكندا، بعد ملامستها شخص ثبتت إصابته بفيروس كورونا.
تقول ماكول، إنها واجهت عقبات في الوصول إلى المعلومات من وزارة الصحة في أونتاريو، حيث إن المعلومات عبر الإنترنت حول الحفاظ على الصحة أثناء تفشي الفيروس لم تكن متوافقة مع تقنية قراءة الشاشة أو التكبير التي تعتمد عليها.
وناشدت المنظمة الحكومات أن تنظر في الاحتياجات الخاصة لذوي الإعاقة عند وضع استراتيجيات الوقاية، مثل وضع إرشادات إضافية حول غسل اليدين للأشخاص ذوي الإعاقة الذين لا يستطيعون غسل أيديهم بشكل متكرر، أو بمفردهم، أو يفتقرون إلى الماء الكافي للنظافة، وطالبت الحكومات بتزويد البالغين ذوي الإعاقة بالدعم والخدمات الاجتماعية للعيش في المجتمع.
 
وحذرت مقررة الأمم المتّحدة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كاتالينا ديفانداس، في وقت سابق، من أنّه لم يتم بذل أي جهد يذكَر من أجل تزويد الأشخاص ذوي الإعاقة بالتوجيه والدعم اللازمين، وحمايتهم خلال تفشي فيروس كورونا المستمرّ، على الرغم من أنّ العديد منهم جزء من مجموعة تواجه أصلاً الكثير من المخاطر.
وأوضحت كاتالينا، "لمواجهة الوباء، من الضروريّ أن تكون المعلومات حول كيفية الوقاية من فيروس كورونا واحتوائه في متناول الجميع. كما يجب إتاحة الحملات العامة والمعلومات التي تنشرها السلطات الصحية الوطنية بلغة الإشارة وغيرها من النسخ الأخرى المتوفّرة، بما في ذلك التكنولوجيا الرقمية المتاحة للجميع، والشروح النصية، وخدمات ترحيل البيانات، والرسائل النصية، واللغة السهلة والمبسّطة".
 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق قدر أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص
المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق قدر أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص

يسابق الفريق الأممي المسؤول عن توثيق عمليات الإبادة الجماعية التي طالت الإيزيديين في العراق، الزمن من أجل استخراج رفات الضحايا من المقابر الجماعية التي لم تخضع للفحص حتى الآن، بعد قرار الحكومة العراقية القاضي بضرورة مغادرة الفريق منتصف الشهر الجاري.

منحت الحكومة العراقية فريق بعثة التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش في العراق "يونيتاد" حتى الـ17 من سبتمبر لإنهاء التحقيق، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتضيف الصحيفة أن هذه القرار سيحد من تنظيم قضايا جنائية ضد عناصر داعش، على اعتبار أن هناك عشرات المقابر الجماعية التي لم يتم الانتهاء من فحصها وتحتوي على أدلة حاسمة ضد عناصر التنظيم المتورطين.

ويسعى العراق جاهدا لطي صفحة الفترة المروعة التي سيطر فيها تنظيم داعش على مساحات واسعة من أراضيه، حيث يتجه بسرعة نحو إغلاق المخيمات التي تأوي الإيزيديين النازحين وتنفيذ أحكام الإعدام بحق مرتكبي جرائم داعش وإنهاء مهمة "يونيتاد".

لكن بالنسبة لعائلات ما يقرب من 2700 إيزيدي مفقود، فإن هذا القرار مفجع، لإن أي عظم يكتشف يمكن أن يساعد في حل لغز مصير أحبائهم الذين اختفوا خلال سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق في عام 2014.

تقول شيرين خُديدة، وهي امرأة إيزيدية أُسرت هي وعائلتها على يد داعش في عام 2014: "أنتظر بقايا عائلتي، وأعتقد أنهم هناك".

كشف تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش في عام 2017 عن فظائع لم تكن معروفة من قبل.

وبعد فترة وجيزة، وبطلب من الحكومة العراقية، انشأت الأمم المتحدة فريقا من المحققين لتوثيق وجمع الأدلة المتعلقة بتلك الجرائم حتى تتمكن المحاكم حول العالم من محاكمة المتورطين.

لكن، في سبتمبر 2023، أبلغت السلطات العراقية محققي الأمم المتحدة أن أمامهم عاما واحدا فقط لإنهاء المهمة.

وتعد حفرة "علو عنتر" قرب تلعفر شمالي العراق، حيث ألقى داعش مئات الجثث، واحدة من 68 مقبرة جماعية ساعد فريق "يونيتاد" في التنقيب عنها، وربما يكون الأخير،، بحسب الصحيفة.

اعتبارا من يوليو، حددت السلطات العراقية 93 مقبرة جماعية يعتقد أنها تحتوي على رفات ضحايا إيزيديين، لا تزال 32 منها لم تفتح بعد في منطقتي سنجار والبعاج.

ومن بين آلاف الإيزيديين الذين لم يتم العثور عليهم، تم استخراج رفات أقل من 700 شخص، ولكن تم تحديد هوية 243 جثة فقط وإعادتها إلى عائلاتهم.

يقول رئيس وحدة العلوم الجنائية في يونيتاد آلان روبنسون إن "العمل في علو عنتر صعبا ومعقدا، لكن النتائج التي توصلنا إليها كانت مهمة".

ويضيف روبنسون أن بعض الرفات تم دفنها في أكياس للجثث، وكانت الجثث داخلها مرتدية بدلات برتقالية شوهدت في مقاطع فيديو دعائية لداعش".

كذلك وجدت رفات أخرى وبجانبها فرش الأسنان وأدوية لعلاج ضغط الدم يعتقد أن الضحايا أخذوها معهم أثناء هروبهم.

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الضحايا كانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم، والبعض الآخر كان معصوب العينين، فيما أظهرت النتائج الأولية أن البعض تعرض لإطلاق نار، بينما يبدو أن آخرين ماتوا بعد دفعهم في الحفرة.

ويلفت روبنسون إلى أن الظروف البيئية المعقدة في العراق جعلت بعض الجثث تكون أشبه بالمحنطة بدلا من أن تتحلل مما تسبب بانبعاث روائح كريهة للغاية منها.

ويتابع روبنسون: "بعد مرور ما بين سبع وعشر سنوات على وفاتهم، الرائحة لا تزال قوية، لذا يمكنك أن تتخيل كيف كانت الرائحة بعد وقت قريب من حصول الوفاة".

وفقا للصحيفة فإن قرار الحكومة العراقية بإنهاء مهمة "يونيتاد" يعد جزءا مساعيها لتأكيد سيادتها الوطنية في وقت لا تزال فيه القوات الأميركية متمركزة في البلاد والعديد من السياسيين العراقيين متحالفين بشكل وثيق مع إيران، وهي خصم للولايات المتحدة.

وتنقل الصحيفة عن الباحثة العراقية في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة صنبر القول إن إنهاء اعتماد العراق على مؤسسات الأمم المتحدة قد يكون جزءا من محاولات البلاد لتغيير صورتها.

في مايو، دعت بغداد إلى إنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، التي أُنشئت بعد الغزو الأميركي في عام 2003 للمساعدة في تطوير مؤسسات الحكومة وإجراء الانتخابات وحماية حقوق الإنسان. ومن المقرر أن تنتهي هذه المهمة بحلول ديسمبر 2025.

وتضيف صنبر أن "العراق يريد أن يصور نفسه كدولة ذات سيادة ما بعد الصراع"، وبعض الفصائل الداخلية ترى في وجود الأمم المتحدة "تدخلا دوليا غير مبرر في الشؤون العراقية."

وتشير صنبر إلى أن تحفظات الحكومة العراقية على عمل يونيتاد يتعلق بالأساس في أن المؤسسة الأممية رفضت تسليم الأدلة التي جمعتها إلى السلطات العراقية، رغم أنها كانت تشاركها مع دول أخرى تحاكم مقاتلي داعش.

وتفضل الأمم المتحدة، التي تعارض عقوبة الإعدام، أن يجري محاكمة عناصر داعش المتورطين دون احتمال فرض عقوبة الإعدام، لكن العراق قد حكم بالإعدام بالفعل على أعضاء داعش المدانين.

وفي رد على سؤال بشأن الخلاف المتعلق بمشاركة الأدلة وعقوبة الإعدام، قال مسؤولو يونيتاد في بيان أرسل للصحيفة إن المنظمة شاركت بعض الأدلة مع السلطات العراقية.

وأضاف مسؤولو يونيتاد أن السلطات العراقية أعربت عن استعدادها لمواصلة التنقيب عن المقابر الجماعية بعد مغادرة الفريق، رغم أنه لم يكن واضحا على الفور ما إذا كانت ستتمكن من توفير الموارد اللازمة للقيام بذلك.

وعزا محما خليل، وهو إيزيدي وعضو في البرلمان العراقي، قرار الحكومة بإنهاء تفويض يونيتاد إلى "التوتر في العلاقة بين العراق والأمم المتحدة وأيضا إلى وجود ضغوط خارجية" من دول أخرى على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

رفض خليل الإفصاح عن الدول التي يعتقد أنها تمارس تلك الضغوط، لكن الحكومة العراقية لها علاقات سياسية وعسكرية مع إيران، وفقا للصحيفة.

وتعتبر قضية المقابر الجماعية في العراق من أبرز الملفات الشائكة التي عملت الحكومات العراقية على معالجتها بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وقدر "المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق" أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص. ووفق منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن لدى العراق واحدا من أكبر أعداد المفقودين في العالم، ويقدر عددهم بين 250 ألف ومليون شخص، يُعتقد أن الكثير منهم دُفن في مقابر جماعية.