عراقي غجري: "نحن صنّاع السعادة المهمّشون"
خاص- ارفع صوتك
"وجدنا في العراق منذ مئات السنين، واتخذنا من المساكن البعيدة عن المدن المكتظة مراكز لنا، نحن أبناء الطرب وصناع السعادة لمن يود ذلك"، يقول معين فاضل، من المكوّن الغجري في محافظة الديوانية العراقية.
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "نفخر بأننا جزء من التراث العراقي الفني بكل أشكاله وألوانه، لكننا بنظر الحكومات نعيش تحت الهامش وحتى أقل من ذلك بكثير".
ويتكون مجتمع الغجر في الديوانية، بشكل يتشابه تماماً مع المجتمعات الغجرية في المحافظات الوسطى والشمالية، حيث تعيش عدة عوائل في منزل واحد، يكلفون شخصاً واحداً مهمة لون إيجاد عمل لهم، وتنسيق جلسات الطرب، وهو الأكبر بينهم عادةً، وفق فاضل.
ويتابع: "الغجر يفضلون العيش في بيئة الديوانية، لأنهم مكثوا في قراها منذ مئات السنين، وساهموا من هناك بصناعة التراث الغجري العراقي، وتحولت مساكنهم إلى بيوت طرب وموسيقى للفن الغنائي بالعديد من الأغاني والألحان التي مثلت هويتنا".
وييشير فاضل، وهو متطوع للدفاع عن حقوق الغجر في العراق، إلى أن وجود "نحو 75 عائلة غجرية، تسكن قرية تسمى (حي الزهور) في سجلات المحافظة الرسمية".
ويبيّن: "منذ عقود، ونحن بلا هويات ولا إحصائية حقيقة، ونعاني من تهميش مستمر من قبل الحكومات المركزية والمحلية، فالكثير هنا وفي باقي المناطق التي نسكنها، من الأميين، والذين لم يحصلوا على هوية الأحوال المدنية، لأسباب كثيرة".
"كما ان مناطقنا سواء في الديوانية أو غيرها، لا يوجد فيها أبسط مقومات الحياة من عيادات طبية ومدارس ومراكز للشرطة، أو أي دائرة حكومية خدمية"، يقول فاضل.
ويرى أن الغجر "يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، فلا تهتم الحكومات ولا منظمات المجتمع المدني بأهمية دمجهم مع غيرهم، أو التعريف بأنهم أكثر من كونهم (كاولية)".
ويوضح فاضل: "نفخر بهذا اللقب، فهو يشير إلى هويتنا. نعم نحن كاولية، وعلى المسؤولين عدم الاشمئزاز من هذا اللقب بالعلن، واللجوء لنا سراً، بل التعامل معنا مثل أي مواطن عراقي آخر".
"أزمة حقوق"
من جهته، يؤكد محمد قاسم، وهو موظف بإحدى شعب محافظة الديوانية، أن "هناك أزمة حقوق يعاني منها سكنة قرية حي الزهور من الغجر".
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "عانوا كثيراً في موجات وباء كورونا، فلم تصلهم أية لجنة طبية أو تطوعية للاطلاع على وضعهم، كما أنهم بعيدون جداً عن مراكز العزل الصحي، وتوفي العديد منهم نتيجة عدم الاهتمام اللازم بهم، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها".
ويرى قا أنسم "ما يجري للغجر منذ سنوات، هو انتهاك مستمر لحقوق الإنسان من كافة الجوانب الثقافية والصحية والاجتماعية".
ويتابع: "من الغريب أنه لا يوجد أي اهتمام سياسي أو حكومي بوضع الغجر رغم أنهم عراقيون، وهذا يرسخ أمراً خرج الآلاف ضده في احتجاجات تشرين 2019، وهو أن الاحزاب الماسكة للسلطة لا تريد أي منفعة سوى لمن يواليها ويبقي على نفوذها".
وفي 8 أبريل من كل عام، تحتفل مؤسسات ثقافية ومراكز ومنظمات دولية بـ"يوم الغجر العالمي"، وهناك مختلف التسميات تطلق عليهم، منها "جيتان" في فرنسا، وفي إسبانيا "بسكاي" وفي وروسيا "چد" وفي إيران "زانگي" وفي إنجلترا وأمريكا "جبسي"، أما في العراق فيعرفون بـ"الكاولية" أو "الكيولية".
ويمثل أكبر امتياز حصل عليه الغجر في العراق منذ عقود، ما صدر من قرار تأريخي طبق قبل عامين، من قبل وزارة الداخلية، التي منحت البطاقات الموحدة للغجريين دون إشارة تمييز.