أقليات

مؤسسة تركمانية تساعد المشمولين بقانون الناجيات في التقديم لنيل التعويضات

دلشاد حسين
17 سبتمبر 2022

تواصل فرق مؤسسة "إنقاذ التركمان" العراقية تنفيذ مبادرتها التطوعية لدعم الناجيات والناجين من قبضة تنظيم داعش، المشمولين بأحكام قانون الناجيات الأيزيديات، عبر مساعدتهم في عملية التقديم لنيل التعويضات الخاصة بهم.

وبعد مرور أكثر من 18 شهراً على إقرار مجلس النواب العراقي لقانون الناجيات الأيزيديات رقم (8) لسنة 2021، أعلنت المديرية العامة لشؤون الناجيات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في السابع من سبتمبر الحالي، عن إطلاق نافذة خاصة لتقديم الناجيات والناجين طلبات الشمول بالقانون، عبر موقع الوزارة الإلكتروني.

وقالت المديرة العامة لشؤون الناجيات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، سراب إلياس، في بيان، إن "التقديم يشمل الناجيات والناجين من الأيزيديين والمسيحيين والتركمان والشبك، إلى جانب القاصرين من الذكور الذين لم تبلغ أعمارهم 18 عاما، الذين نجوا من داعش ومن عمليات القتل والتصفية الجماعية من المكونات المذكورة آنفاً".

بدوره، يقول رئيس مؤسسة "إنقاذ التركمان"، علي البياتي، إن المبادرة تتزامن مع انطلاقة النافذة الإلكترونية الخاصة باللجنة المعنية باستلام طلبات التحقق من كون المتقدم/ة ناجية أو ناج، بحسب فقرات قانون الناجيات الأيزيديات، ثم تعويضهم وجبر ضررهم وشملهم بكافة الامتيازات الموجودة في هذا القانون.

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "يعيش المشمولون والمشمولات بهذا القانون في ظروف اقتصادية واجتماعية متدنية، بالتالي هم بحاجة إلى من يساعدهم ويدعمهم من أجل التقديم لنيل التعويضات، خاصة أننا نتحدث عن آلية الكترونية وإجراءات نوعا ما معقدة، يصعب على المشمول القيام بها لوحده، لذلك بادرت مؤسستنا من خلال فرقها ومكاتبها لإطلاق هذه المبادرة".

وبحسب البياتي، تنفذ المبادرة عبر آليتين للاستجابة، الأولى مركزية، من خلال الخطوط الساخنة وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسة، التي تستجيب لكل الناجيات والناجين من مختلف الأقليات الدينية والعرقية، وليست حكراً على المشمولين والمشمولات من التركمان فقط، حيث تتواصل الفرق مع المتقدم أو المتقدمة وتحجز له موعدا لإتمام عملية التقديم والوثائق المطلوبة لذلك.

والآلية الثانية، تعتمد على الفرق الجوالة المتواجدة في بعض المناطق ميدانيا، التي تتواصل مع الناجين والناجيات لتسجيلهم وتقديم طلباتهم وتوضيح الأمور لهم وتوعيتهم حول متطلبات التقديم وإجراءاتها.

يتابع البياتي: "لدينا إجراءات مستقبلية تتمثل في رفع توعية المناطق المشمولة بهذا القانون وضرورة أن تكون هناك خطوات لتسهيل أمورهم".

وتتضمن المبادرة برامج لنشر الوعي وتثقيف الناس والفئات المشمولة بأحكام قانون الناجيات،  بالتعويضات المادية والمعنوية التي سيحصلون عليها وفق مبدأ جبر الضرر، وذلك عبر عقد ندوات توعوية ونشر بوسترات ومواد انفوجرافيك تعريفية باللغتين العربية والإنكليزية على صفحات المؤسسة في مواقع التواصل الاجتماعي.

كما تقوم الفرق الجوالة في بلدة تلعفر شمال غرب العراق، بتقديم المساعدة والاستشارة للناجين والناجيات، وتخصيص خط ساخن على مدار 24 ساعة لاستقبال الاتصالات والاستفسارات من الفئات المشمولة.

تمكنت الناجية التركمانية فاطمة تلعفري (اسم مستعار)، وبمساعدة الفرق الجوالة من التقديم على التعويضات عبر النافذة الإلكترونية.

تقول لـ"ارفع صوتك": "أنا أُميّة والتقديم صعب جدا بالنسبة لي، خاصة أن عائلتي أيضا لا يوجد فيها من يستطيع إتمام عملية التقديم، لكن إحدى الفرق الجوالة التابعة لمؤسسة إنقاذ التركمان زارتنا في البيت وأنجزت لي الطلب، وننتظر الحصول على التعويضات الخاصة بنا كناجيات من جرائم تنظيم دعش الإرهابي".

ويعترف قانون الناجيات الأيزيديات بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الأيزيديات والنساء من الأقليات الأخرى، بما في ذلك الاختطاف والاستعباد الجنسي والزواج القسري والحمل والإجهاض، كجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.

وينص على معالجة الأضرار والآثار السلبية التي خلفتها هذه الجرائم، ومنح الحقوق اللازمة للناجيات وكافة المشمولين بأحكام القانون، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، وتعويضهم ومنع الجرائم التي تعرضوا لها من أن تتكرر مستقبلاً، بالإضافة لتخصيص رواتب تقاعدية لهم مع توفير قطعة أرض، وتعليمهم ومنحهم حصة من وظائف القطاع العام.

وتنظم المديرية العامة لشؤون الناجيات ملف المتقدمة والمتقدم وتعرضه أمام اللجنة المعنية بطلبات الناجيات، التي يترأسها قاضٍ مختص، للنظر فيه والمصادقة عليه خلال مدة أقصاها 90 يوما بعد تقديم الطلب عبر بوابة "أور" الإلكترونية واستيفائها المتطلبات والشروط كافة.

وتشير إحصائيات صادرة عن مجلس نساء سنجار حصل عليها موقع "ارفع صوتك" في أغسطس الماضي، إلى أن "80% من الناجيات يعانين اضطرابات نفسية، وتستمر عملية معالجتهن نفسيا وجسديا لفترة طويلة، تقع بين ستة أشهر وسنة كاملة في بعض الحالات".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق قدر أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص
المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق قدر أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص

يسابق الفريق الأممي المسؤول عن توثيق عمليات الإبادة الجماعية التي طالت الإيزيديين في العراق، الزمن من أجل استخراج رفات الضحايا من المقابر الجماعية التي لم تخضع للفحص حتى الآن، بعد قرار الحكومة العراقية القاضي بضرورة مغادرة الفريق منتصف الشهر الجاري.

منحت الحكومة العراقية فريق بعثة التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش في العراق "يونيتاد" حتى الـ17 من سبتمبر لإنهاء التحقيق، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتضيف الصحيفة أن هذه القرار سيحد من تنظيم قضايا جنائية ضد عناصر داعش، على اعتبار أن هناك عشرات المقابر الجماعية التي لم يتم الانتهاء من فحصها وتحتوي على أدلة حاسمة ضد عناصر التنظيم المتورطين.

ويسعى العراق جاهدا لطي صفحة الفترة المروعة التي سيطر فيها تنظيم داعش على مساحات واسعة من أراضيه، حيث يتجه بسرعة نحو إغلاق المخيمات التي تأوي الإيزيديين النازحين وتنفيذ أحكام الإعدام بحق مرتكبي جرائم داعش وإنهاء مهمة "يونيتاد".

لكن بالنسبة لعائلات ما يقرب من 2700 إيزيدي مفقود، فإن هذا القرار مفجع، لإن أي عظم يكتشف يمكن أن يساعد في حل لغز مصير أحبائهم الذين اختفوا خلال سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق في عام 2014.

تقول شيرين خُديدة، وهي امرأة إيزيدية أُسرت هي وعائلتها على يد داعش في عام 2014: "أنتظر بقايا عائلتي، وأعتقد أنهم هناك".

كشف تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش في عام 2017 عن فظائع لم تكن معروفة من قبل.

وبعد فترة وجيزة، وبطلب من الحكومة العراقية، انشأت الأمم المتحدة فريقا من المحققين لتوثيق وجمع الأدلة المتعلقة بتلك الجرائم حتى تتمكن المحاكم حول العالم من محاكمة المتورطين.

لكن، في سبتمبر 2023، أبلغت السلطات العراقية محققي الأمم المتحدة أن أمامهم عاما واحدا فقط لإنهاء المهمة.

وتعد حفرة "علو عنتر" قرب تلعفر شمالي العراق، حيث ألقى داعش مئات الجثث، واحدة من 68 مقبرة جماعية ساعد فريق "يونيتاد" في التنقيب عنها، وربما يكون الأخير،، بحسب الصحيفة.

اعتبارا من يوليو، حددت السلطات العراقية 93 مقبرة جماعية يعتقد أنها تحتوي على رفات ضحايا إيزيديين، لا تزال 32 منها لم تفتح بعد في منطقتي سنجار والبعاج.

ومن بين آلاف الإيزيديين الذين لم يتم العثور عليهم، تم استخراج رفات أقل من 700 شخص، ولكن تم تحديد هوية 243 جثة فقط وإعادتها إلى عائلاتهم.

يقول رئيس وحدة العلوم الجنائية في يونيتاد آلان روبنسون إن "العمل في علو عنتر صعبا ومعقدا، لكن النتائج التي توصلنا إليها كانت مهمة".

ويضيف روبنسون أن بعض الرفات تم دفنها في أكياس للجثث، وكانت الجثث داخلها مرتدية بدلات برتقالية شوهدت في مقاطع فيديو دعائية لداعش".

كذلك وجدت رفات أخرى وبجانبها فرش الأسنان وأدوية لعلاج ضغط الدم يعتقد أن الضحايا أخذوها معهم أثناء هروبهم.

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الضحايا كانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم، والبعض الآخر كان معصوب العينين، فيما أظهرت النتائج الأولية أن البعض تعرض لإطلاق نار، بينما يبدو أن آخرين ماتوا بعد دفعهم في الحفرة.

ويلفت روبنسون إلى أن الظروف البيئية المعقدة في العراق جعلت بعض الجثث تكون أشبه بالمحنطة بدلا من أن تتحلل مما تسبب بانبعاث روائح كريهة للغاية منها.

ويتابع روبنسون: "بعد مرور ما بين سبع وعشر سنوات على وفاتهم، الرائحة لا تزال قوية، لذا يمكنك أن تتخيل كيف كانت الرائحة بعد وقت قريب من حصول الوفاة".

وفقا للصحيفة فإن قرار الحكومة العراقية بإنهاء مهمة "يونيتاد" يعد جزءا مساعيها لتأكيد سيادتها الوطنية في وقت لا تزال فيه القوات الأميركية متمركزة في البلاد والعديد من السياسيين العراقيين متحالفين بشكل وثيق مع إيران، وهي خصم للولايات المتحدة.

وتنقل الصحيفة عن الباحثة العراقية في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة صنبر القول إن إنهاء اعتماد العراق على مؤسسات الأمم المتحدة قد يكون جزءا من محاولات البلاد لتغيير صورتها.

في مايو، دعت بغداد إلى إنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، التي أُنشئت بعد الغزو الأميركي في عام 2003 للمساعدة في تطوير مؤسسات الحكومة وإجراء الانتخابات وحماية حقوق الإنسان. ومن المقرر أن تنتهي هذه المهمة بحلول ديسمبر 2025.

وتضيف صنبر أن "العراق يريد أن يصور نفسه كدولة ذات سيادة ما بعد الصراع"، وبعض الفصائل الداخلية ترى في وجود الأمم المتحدة "تدخلا دوليا غير مبرر في الشؤون العراقية."

وتشير صنبر إلى أن تحفظات الحكومة العراقية على عمل يونيتاد يتعلق بالأساس في أن المؤسسة الأممية رفضت تسليم الأدلة التي جمعتها إلى السلطات العراقية، رغم أنها كانت تشاركها مع دول أخرى تحاكم مقاتلي داعش.

وتفضل الأمم المتحدة، التي تعارض عقوبة الإعدام، أن يجري محاكمة عناصر داعش المتورطين دون احتمال فرض عقوبة الإعدام، لكن العراق قد حكم بالإعدام بالفعل على أعضاء داعش المدانين.

وفي رد على سؤال بشأن الخلاف المتعلق بمشاركة الأدلة وعقوبة الإعدام، قال مسؤولو يونيتاد في بيان أرسل للصحيفة إن المنظمة شاركت بعض الأدلة مع السلطات العراقية.

وأضاف مسؤولو يونيتاد أن السلطات العراقية أعربت عن استعدادها لمواصلة التنقيب عن المقابر الجماعية بعد مغادرة الفريق، رغم أنه لم يكن واضحا على الفور ما إذا كانت ستتمكن من توفير الموارد اللازمة للقيام بذلك.

وعزا محما خليل، وهو إيزيدي وعضو في البرلمان العراقي، قرار الحكومة بإنهاء تفويض يونيتاد إلى "التوتر في العلاقة بين العراق والأمم المتحدة وأيضا إلى وجود ضغوط خارجية" من دول أخرى على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

رفض خليل الإفصاح عن الدول التي يعتقد أنها تمارس تلك الضغوط، لكن الحكومة العراقية لها علاقات سياسية وعسكرية مع إيران، وفقا للصحيفة.

وتعتبر قضية المقابر الجماعية في العراق من أبرز الملفات الشائكة التي عملت الحكومات العراقية على معالجتها بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وقدر "المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق" أن المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص. ووفق منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن لدى العراق واحدا من أكبر أعداد المفقودين في العالم، ويقدر عددهم بين 250 ألف ومليون شخص، يُعتقد أن الكثير منهم دُفن في مقابر جماعية.