تنتهي أيام الهاء البهائية في اليوم الأول من شهر مارس. تُعدّ تلك الأيام من أهم الفترات التي يعيشها البهائيون كل سنة. توجد أيضاً مجموعة أخرى من الأيام والأعياد المهمة في التقويم البهائي. يستذكر البهائيون، الذين يتجاوز عددهم الستة مليون شخص، تلك الأيام فيحرصون على تلاوة بعض النصوص المقدسة والأدعية. ما هي أهم تلك الأيام والأعياد؟ وما الذي نعرفه عن عيد الرضوان ويوم الميثاق؟ وكيف ارتبطت الذاكرة البهائية بشخصيتي الباب والبهاء؟
الأيام المرتبطة بالباب
يُطلق اسم الباب على علي محمد الشيرازي الذي ولد في مدينة شيراز الإيرانية في 20 أكتوبر سنة 1819م. درس الشيرازي العلوم الدينية وفق المذهب الشيعي الإمامي في شبابه. وفي مساء يوم 23 مايو عام 1844، أعلن عن رسالته التي قال إنها تمهد الطريق لشخص آخر سيكون "رسولا" هو "حضرة بهاء الله".
The Báb, born Sayyed ʻAlí Muḥammad Shírází (October 20, 1819 – July 9, 1850) the founder of Bábism, and one of the central figures of the Baháʼí Faith. pic.twitter.com/hs5WXXX5Pa
— NoT🖤ForgotteN (@the_memorypage) July 9, 2022
قال علي محمد الشيرازي إنه المهدي المنتظر وأطلق على نفسه لقب "الباب"، أي الممهد لـ"رسول" أعظم. ولاقت دعوته القبول بين العديد من الإيرانيين. وتسبب ذلك في غضب السلطات الحاكمة ليتعرّض "البابيون" للاضطهاد والتعذيب، حيث تم إعدام بعضهم والقبض على البعض الآخر.
في النهاية قرّرت السُّلطات التخلّص من الباب وإِعدامه، فنفّذ فيه الحكم رمياً بالرصاص في التاسع من يوليو عام 1850م. من هنا، سنجد أن الدين البهائي يحتفي بثلاثة أيام متعلقة بالباب. أول تلك الأيام هو العشرون من أكتوبر، والذي يصادف ذكرى ميلاده. والثاني هو الثالث والعشرون من مايو، ويصادف تاريخ إعلان دعوته. أما اليوم الثالث فهو التاسع من شهر يوليو الذي أُعدم فيه الباب.

بهاء الله.. رسول البهائية
ولد ميرزا حسين علي نوري في التاسع عشر من شهر أكتوبر. وكان أحد أتباع الباب علي محمد الشيرازي. تذكر الروايات البهائية أن النوري كان مسجوناً في سنة 1852م بسبب اعتناقه للبابية، وأنه شاهد "رؤيا" في سجنه. وعرف منها أنه هو "الرسول" الذي بشر به الباب منذ سنوات فسمى نفسه حينها "بهاء الله".
يحتفي البهائيون بيوم التاسع عشر من أكتوبر، تاريخ ميلاد بهاء الله. ويرددون في هذه الذكرى بعض النصوص المقدسة التي تتحدث عن تلك الحادثة.
استمرت دعوة البهاء لدينه الجديد مدة 40 عاما. وتذكر المصادر البهائية أن بهاء الله مرض في الأيام الأخيرة من شهر مايو سنة 1892م، وأنه أخبر الكثير من أتباعه الذين زاروه أنه "راضٍ عنهم" بسبب خدماتهم للدين الجديد، وبعدها توفي بهاء الله في التاسع والعشرين من شهر مايو، ودفن في "قصر البهجة" بعكا.
يُعرف هذا اليوم باسم "يوم صعود حضرة بهاء الله". ويُعدّ واحداً من الأيام الحزينة عند البهائيين.
عيد الرضوان
يحتفل البهائيون في هذا العيد ببداية دعوة بهاء الله إلى الدين الجديد. حدث ذلك في سنة 1863م في حديقة الرضوان في منطقة الباب المعظم بمدينة بغداد. استمرت الدعوة لمدة اثني عشر يوماً. وبعدها، تم نفي بهاء الله من بغداد إلى إسطنبول. يُعد يوم الرضوان أهم الأعياد عند البهائيين. يظهر ذلك في وصف بهاء الله لهذا العيد بأنّه "سلطان الأعياد". يقول البهاء في كتاب "الأقدس": "قل إنّ العيد الأعظم لسلطان الأعياد اذكروا يا قوم نعمة الله عليكم إذ كنتم رقداء أيقظكم من نسمات الوحي وعرّفكم سبيله الواضح المستقيم".
يستمر عيد الرضوان لمدة 12 يوماً بداية من يوم 21 أبريل وحتى 2 مايو. ويُحرّم العمل في اليوم الأول والتاسع والأخير منه. من الجدير بالذكر أنه توجد بعض الطقوس الخاصة في هذا العيد. تبدأ مراسم الاحتفال في اليوم السابق للعيد بعد الغروب عندما يبدأ البهائيون بما يسمونه "المناجاة" ثم ينطلقون في تلاوة "لوح الرضوان" ثم الغناء. وفي اليوم التالي، يقيمون الصلوات الجماعية والاحتفالات ويخرجون إلى الحدائق والمتنزهات العامة.
يوم الميثاق
يعتقد البهائيون أن بهاء الله نظم أوضاع جماعته الدينية قُبيل وفاته. وأنه عيّن ابنه عبد البهاء لِيخلُفَه، وسماه بمركز العهد والميثاق. ظهر ذلك التعيين في الكتاب "الأقدس" بشكل مُبهم إلى حد ما. ذكرت إحدى "آيات" الكتاب "إِذا غيضَ بحر الوصال وقُضِي كتاب المبدء في المآل توجّهوا إلى من أراده الله الذي انشعب من هذا الأصل القديم". شرح بهاء الله هذه الآية بشكل أكثر وضوحاً في وصيته المعروفة بعنوان "كتاب عهدي" عندما كتب قائلاً: "كان المقصود من هذه الآية المباركة الغصن الأعظم"، ومن المعروف أن الغصن الأعظم كان اللقب الذي عُرف به ابنه عبد البهاء.

زار عبد البهاء ابن بهاء الله الولايات المتحدة الأميركية في سنة 1912م. وفي اليوم السادس والعشرين من شهر نوفمبر من تلك السنة أعلن عبد البهاء عند زيارته إلى مدينة نيويورك بأنها "مدينة للميثاق"، وشرح مبادئ الدين البهائي الداعية لتحقيق التآلف والسلام والوحدة بين البشر. لا يزال البهائيون يستذكرون ذلك الإعلان في 26 نوفمبر من كل سنة.
أيام الهاء
ترتبط أيام الهاء بالتقويم البهائي المعروف باسم التقويم البديع. تتكون السنة البهائية من تسعة عشر شهراً في كل منها تسعة عشر يوماً. وتضاف إليها 4 أو 5 أيام كل سنة -بحسب إذا ما كانت تلك السنة بسيطة أو كبيسة- حتى تتوافق السنة البهائية مع السنة الشمسية.
تُعرف تلك الأيام المضافة بأيام الهاء. وقد عُرفت بهذا الاسم لكون حرف الهاء يساوي رقم 5 بالحساب الأبجدي، كما أن حرف الهاء يرمز لجوهر الله وهويته في البهائية. تبدأ تلك الأيام في السادس والعشرين من شهر فبراير، وتستمر حتى الأول من شهر مارس. ويردد البهائيون فيها عدداً من الأدعية الواردة في كتبهم المقدسة.
عيد النيروز
يحتفل البهائيون، مع كثير من الطوائف الدينية الأخرى، بعيد النيروز في الحادي والعشرين من شهر مارس. وهو اليوم الذي يوافق يوم الاعتدال الربيعي من كل عام. يمثل هذا العيد بداية السنة الجديدة في التقويم البهائي ويليه مباشرة شهر الصيام. جاء في الكتاب الأقدس التنبيه على أهمية هذا العيد: "طوبى لمن فاز باليوم الأوّل من شهر البهاء الّذي جعله الله لهذا الاسم العظيم. طوبى لمن يظهر فيه نعمة الله على نفسه".