ميسان- حيدر الساعدي:
فينيسيا الشرق، أو جنة العراق، هكذا وصفت أهوار ميسان لما تزخر به من طبيعة فريدة وثروة هائلة من الطيور والأسماك تمتد على مساحة شاسعة من الهكتارات بين العراق وإيران، لم تحظ هذه الثروة باهتمام الحكومات المتعاقبة بعد تغيير النظام السابق عام 2003.
عادت المياه ولم تعد معها الحياة
يقول المواطن سعدي جبار، 40 عاما، من سكنة هور أم النعاج (65 كيلومترا شرق مدينة العمارة) التابع لقضاء الكحلاء إنه وعلى الرغم من عودة المياه إلى مساحات واسعة من أهوار المحافظة إلا أن سكانها ما زالوا يعيشون ظروفا معيشية صعبة نظرا لانعدام الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ومراكز صحية.
اقرأ أيضا:
مسافر آمن في أهوار العراق؟
سكّان الأهوار واستعادة الفردوس
فلا مولدات أهلية لتوفير الكهرباء في جو الصيف الحار، ولا أسواق أو محال لبيع المواد الغذائية والخضروات، لذا فنحن نعتمد على ما نستطيع صيده من السمك خلال رحلة مليئة بالمتاعب، والتي لا تخلو من المخاطر في الوقت نفسه، وفي حالات كثيرة لا يوفق الكثير منا حتى في صيد سمكة، وبالتالي الاعتماد على مخزون بسيط من الغذاء، أو ما توفره الماشية من حليب وأجبان.
جولة داخل الأهوار
يكسب محمد سعدون، 28 عاما، قوته اليومي بزورقه ذو المحرك (الشختورة)، الذي يتسع لحمل خمسة أفراد، فهو يصطحب القادمين من مركز المدينة في جولات داخل الهور للتعرف على الطبيعة المائية والتنوع البيئي مقابل مبلغ مالي قدره 10 آلاف دينار عن كل راكب.
ويقول لموقعنا "لا يوجد عمل في الوقت الحاضر، فلا أسماك ولا طيور نصطادها، وننتظر قدوم المواطنين الراغبين بالاستمتاع بأجواء الأهوار لأخذهم في جولة بالشختورة وهذه الرحلات تنتعش في وقت الربيع لاعتدال درجات الحرارة وانخفاض معدل الرطوبة".
وينتقد محمد، تجاهل الحكومات المحلية المتعاقبة بعدم إيلاء مناطق الأهوار الاهتمام والرعاية لتكون ذات طابع اقتصادي، يعوض سكانها عن سنوات الحرمان التي عانوها وما زالوا يعانونها حسب قوله.
التربية والتعليم
ويطالب المواطن عمار حسن، 25 عاما، بتوفير الكادر الطبي والعلاج الكافي للمركز الصحي الوحيد في المنطقة؛ فالحالات الطارئة يتوجب نقلها إلى مستشفيات المدينة 65كم، كذلك "نريد مدرسة لإكمال دراسة المتوسطة والاعدادية لطلبة الأهوار، مبينا أن الأمية تفشت بين الأطفال لعدم وجود مدارس كافية وقريبة من القرى والقصبات المترامية على جوانب الأهوار، ومن يريد إكمال مشواره الدراسي عليه الوصول إلى مدارس قضاء الكحلاء، 30 كيلومترا شرق العمارة، وهذا ما لا يحصل كونه يكلف مبالغ مالية لا يقدر أولياء الأمور على تحملها.
الصيد الجائر
ويتعرض التنوع البيئي وأصناف نادرة من أسماك الأهوار كالبني والقطان إلى خطر الانقراض، بسبب عمليات الصيد الجائر بالسموم والكهرباء مع غياب الاجراءات الحكومية الرادعة.
المختص في شؤون الاهوار جاسب المرسومي يشير في حديثه إلى الآثار السلبية على واقع البيئة والثروة السمكية في مياه الأهوار جراء الاستخدام المستمر للسموم والصعق الكهربائي في عمليات صيد الأسماك، داعيا إلى ضرورة إيجاد مشاريع تنمية بشرية تمكن سكان الأهوار من صناعة حياتهم، خصوصا وإن أغلب ما كان يعتمدون عليه من صيد وتربية الحيوانات والزراعة بدأت تقل في الوقت الحاضر.
الأهوار ولائحة التراث العالمي
ويرى الناشط البيئي أحمد صالح نعمة، نتائج جيدة بعد دخول الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي، من "خلال رفد الأهوار الشرقية والغربية بكميات محددة من المياه ما أسهم بإنعاشها وفي ذات الوقت فسح المجال أمام انتشار البحيرات والاحواض الخاصة بتربية الأسماك خارج الضوابط المعمول بها في وزارة الزراعة والموارد المائية"، حيث انعكس ذلك على الحصة المائية الواجب إيصالها إلى المسطحات المائية المترامية في المحافظة لكنها حققت وفرة في إنتاج الأسماك خاصة أسماك الكارب وهو ما ظهر في انخفاض أسعارها محليا، ناهيك عن الكميات الكبيرة التي تطلقها وزارة الزراعة من الاصبعيات السمكية والتي تقدر بالملايين سنويا لإدامة هذه الثروة وديمومتها في ظل التحدي الأكبر المتمثل بالصيد الجائر.
وأعرب نعمة عن مخاوفه من أن تتسبب درجات الحرارة المرتفعة لما تبقي من شهر الصيف بانخفاض مناسيب مياه الاهوار.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659