أعمل في هذه المهنة منذ 20 سنة/ارفع صوتك
أعمل في هذه المهنة منذ 20 سنة/ارفع صوتك

الرمادي- محمد الجميلي:

أنا علي عيدان العبيدي، عمري 48 عام، وعندي من الأبناء أربعة، أعمل في هذه المهنة بائعا للشاي منذ 20 سنة. همي الوحيد أن أعيل عائلتي من رزق حلال وأن يواصل أولادي تعليمهم. أسكن في البيت الذي ورثته من أهلي رغم تعرضه لأضرار جراء الأحداث العسكرية التي شهدتها محافظة الأنبار لكنني استطعت إصلاحه وإرجاع عائلتي للسكن فيه.

حلمي كان التعيين في مؤسسات الدولة إلا إنك إن لم تكن عضوا في حزب معين فلن تحصل على مرادك. كما أنني لا أملك المال من أجل شراء درجة وظيفية ولست من المتملقين المقربين من شخصيات صاحبة نفوذ في الدولة.

عندما أنظر لحال الشباب من خريجي الجامعات وهم يلعنون شهاداتهم أو يلعنونها بسبب البطالة أصاب باليأس والعطف في الوقت نفسه، فمن أنهكتهم الحروب وسنوات الدراسة باتوا يلعنون الجهد والتعب الذي مضى وضياع مستقبل كانوا قد سعوا بجد من أجل تحقيقه.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

عودة الحياة إلى أسواق الموصل/لقطة من الفيديو
صورة لأسواق الموصل

بغداد – دعاء يوسف:

كانت وسن إسماعيل على سطح المنزل الذي تسكنه مع عائلتها عندما دخل عناصر داعش شارعهم في حي الزنجيلي من الساحل الأيمن لمدينة الموصل عام ٢٠١٤.

كانت تحاول تجفيف ملابس الغسيل بنشرها على الحبل.

لقاء استمرارهم بالعمل

تعرفت وسن، ٣٤ عاماً، من سطح منزلها على ملامح شابٍ بين المسلحين قبل أن تترك الغسيل من يدها وتهرع إلى داخل المنزل. حاولت وسن أن تستعيد ملامح الشاب، لتتذكر أخيرا أنّه علاء زميل أخيها الذي لم تره منذ وقت طويل.

كان علاء في الـ25 من عمره حين طُرد من عمله في إدارة محل لبيع المواد الغذائية، بعد أن تشاجر مع صاحب المحل.

اقرأ ايضاً:

نازحة موصلية: أكلنا الخبز العفن وطبخنا الثيّل

عراقي: الفساد سلب حقّي في التوظيف

اختفى الشاب بعدها من الحي ولم يعد أحد يراه. "سمعنا بعدها أنه اتخذ عربة جوالة (بسطية) في سوق الطوب لبيع الملابس"، تقول الشابة.

بقيت صورة علاء عالقة في ذهن وسن، فهي عهدته شابا هادئا، ورؤيته كمسلح دفعتها للتفكير بحاله. تروي وسن، التي تسكن الآن في منزل أقارب زوجها ببغداد، أنّ داعش فرض على باعة "البسطات" دفع مبالغ سنوية تقدر بمليوني دينار عراقي وأكثر لقاء استمرارهم بالعمل.

وبعد أن تقصّت عن أسباب انضمام علاء للتنظيم، سمعت أنّ الدافع كان عدم قدرته على توفير المال للحفاظ على بسطته.   

وتشير إلى أن الشباب الذين لم يستطيعوا الهرب آنذاك ويعانون من البطالة، انخرطوا في صفوف داعش. وقد حصل البعض على امتيازات مالية وأسلحة وغير ذلك. "لقد كان داعش بالنسبة للبعض فرصة للعمل"، على حد قولها.

لم تنته البطالة

بقي مصير علاء مجهولا بالنسبة لوسن بعد تحرير الموصل من داعش. وما بدا في السابق أشبه بفرصة عمل للشباب دفع بمعظمهم إلى الهاوية.

وإذ انتهى وجود داعش في الموصل وفي مناطق عراقية أخرى، لم تنتهِ البطالة. ويتوقع الناطق الرسمي للوزارة عبد الزهرة الهنداوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) تزايد نسب البطالة بين صفوف الشباب في المدن التي كانت تحت سيطرة داعش، بسبب توقف الأعمال والمشاريع والنزوح وغير ذلك.

وقد ارتفعت نسب البطالة والفقر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام ٢٠١٤،  إلى 30%، بحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية.

ويقول الهنداوي إن الوزارة تعمل الآن على مسح بياني لتوفير إحصائيات حديثة وكاملة عن أضرار المدن التي كانت محتلة من داعش ونتائج الحرب، والتي ستعلن عنها رئاسة الوزراء قريباً، ومن ضمنها نسبة البطالة وتأثير الحرب على سوق العمل.

لا أريد أن أخسر عملي

وبسبب سيطرة داعش على الموصل، ترك الكثير من الشباب المهن التي كانوا يعملون فيها كي لا يدفعوا جباية لداعش، وآخرون أُقفلت أماكن عملهم.

قبل فراره من الموصل عام 2014، كان سامر يعمل في معرض لبيع السيارات. وقد تعرّض المعرض أثناء سيطرة داعش على المدينة إلى أضرار جسيمة. ويقول سامر "أصحابه لم يباشروا بافتتاحه حتى الآن ولا نعلم عن أخبارهم شيئا".

ولا يتوقع الرجل أن تعاود معارض بيع وشراء السيارات عملها في الوقت الحالي. "الناس هناك حائرة بتوفير قوت يومها، لا بشراء السيارات وبيعها".

ويتابع الشاب الذي يسكن الآن في بغداد، رغم عودة عائلته المتكونة من سبعة أفراد إلى الموصل، وافتتاح شقيقه محلا لبيع المواد الغذائية. "لا أستطيع العودة للموصل الآن. لا أريد أن أخسر عملي هنا في معمل للدباغة. لم يكن سهلا علي أن أجد عملا آخر".

الخلافات العشائرية

في مرحلة ما بعد داعش، فضل الكثير من النازحين، حالهم كحال سامر، ألا يعودوا إلى مناطقهم كي لا يخسروا أعمالا بسيطة. بعد تحرير مدينة الرمادي، كان عمر الطائي قد تفاءل وشعر أنه قد حان الوقت لبداية جديدة، ولكن الواقع لم يكن على مستوى توقعاته.

يقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن عائلته المتكونة من أمه وزوجته وأطفاله الثلاثة طبوا منه ألا يعود إلى الرمادي بعدما عادوا هم إلى المدينة "لأن الخلافات العشائرية والثارات الانتقامية لم تترك مجالا للعمل".

عمر الذي لم يتجاوز الأربعين من عمره كان يعمل بمدينته قبل دخول داعش وهربه منها لبغداد عامل بناء، وكان يتوقع عند تحريرها أن تشهد المدينة مشاريع كثيرة للإعمار والبناء بسبب الدمار الذي لحق بها، ولكنه حتى الآن يرى في العودة فكرة سيئة.

"لهذا فضلت البقاء في بغداد والحفاظ على مهنتي في بيع الخضار بسوق علوة الرشيد نواحي بغداد لتوفير لقمة العيش. على الأقل أضمن دخلا هنا".

البطالة تغذي الإرهاب

وتُدرج الأوضاع الاقتصادية المتأزمة والبطالة من ضمن العوامل التي دفعت نحو الانضمام لداعش.

ويقول المحلل العراقي كامل السعدون في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "البطالة تغذي الإرهاب الذي يستغل العاطلين عن العمل عبر مغريات مالية ومكاسب سلطوية مقابل تجنيدهم باسم الدين الإسلامي".

ويشير إلى أنه لا يمكن التخلص من الجماعات المتطرفة حتى بعد أن تحررت المدن من سيطرة داعش، ما لم يتم التركيز على الأسباب التي تستغلها هذه الجماعات في استقطاب الشباب وتجنيدهم. "وبالتالي يجب إيجاد حلول جذرية للبطالة في مرحلة ما بعد داعش".

وقد باشرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالعمل على تمويل المشاريع الصغيرة لتنشيط الوضع الاقتصادي في المدن المتحررة من خلال التقديم على القروض المعلنة وفق الشروط التي تفرض توفر بعض الضمانات كالكفيل وعقار ملك وغيرها.

لكن السعدون يرى أن الحكومة تفرض شروطاً تعجيزية مقابل استلام القرض، لأن غالبية الشباب لا يستطيعون بسهولة إيجاد من يتكفلهم من موظفي الدولة أو من يقوم برهن عقاره مقابل استلام أحدهم للقرض.

"لقد كانت العناصر المتطرفة تستغل الفقر والبطالة وضياع الحقوق كمحفزات للقتال معهم ضد الحكومة، بينما الحكومة تطالب العاطلين بضمانات أراها تعجيزية بالنسبة لمن يرغب بالعمل"، يحذر السعدون.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659