تاريخ بناء الكنيسة يعود إلى عام 425 ميلادية ـ صورة أرشيفية.
تاريخ بناء الكنيسة يعود إلى عام 425 ميلادية ـ صورة أرشيفية.

بعد أن ظلت لسنين رمزا للتعايش بين الديانات وملاذا آمنا يلجأ إليه الفارون من النزاعات، طالت آثار الحرب في غزة كنيسة القديس برفيريوس التي تعرضت، ليل الخميس، لضربة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وألحقت أضرارا  ببنايتها.

وتعد كنيسة القديس برفيريوس التي يطلق عليها أيضا اسم "كنيسة المقبرة" حيث تحيط بها مقبرة مسيحية، من أقدم الكنائس في العالم، وتعرف محليا باسم "كنيسة الروم الأرثذوكس".

وتعرضت الكنيسة لضربة صاروخية، الخميس، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وسط اتهامات من سلطات غزة وجهات مسيحية لإسرائيل بشنها، فيما اعترف الجيش الإسرائيلي بـ"استهداف موقع في منطقة الكنيسة، تابع لحركة حماس"، المصنفة إرهابية.

ووقعت الضربة بجوار الكنيسة التي تبلغ مساحتها 216 متر مربع، وتسببت بسقوط قتلى وجرحى، وانهيار مبنى تابع له، وفق ما أكدت مصادر لموقع "الحرة"، الجمعة.

تاريخ ومعمار 

يعود تاريخ بناء الكنيسة التي تقع في حي الزيتون التاريخي بغزة إلى عام 425 ميلادية، قبل أن يتم تجديدها عام 1856، وتشملها بعد ذلك أعمال ترميم متلاحقة، آخرها في عام 2020، بحسب دليل أثري لوزارة السياحة والآثار الإسرائيلية.

وتتكون هذه الكنيسة من بهو كبير مغطى بسقف وأقبية متقاطعة  على شكل "جمالوني" (شكل شبيه برأس المثلث)، وترتكز على دعامات حجرية وعلى أربعة جدران بنيت من الحجر الرملي الصلب.

النقوش والزخارف الدينية تزين جدران الكنيسة

وللكنيسة  التي سميت على اسم أسقف غزة السابق، القديس بورفيريوس، ثلاثة مداخل: واحد غربي وهو الباب الرئيسي للكنيسة ومدخل شمالي، إضافة إلى آخر جنوبي، افتتح في السنوات الأخيرة، ويؤدي إلى ردهة علوية افتتحت لاستقبال عدد أكبر من المصلين، بحسب المصدر ذاته.

ويتصدر النص التأسيسي للكنيسة المدخل الرئيسي للكنيسة، منقوشاً على لوح رخامي باللغة اليونانية القديمة في ثمانية سطور.

ويعود الهيكل الأصلي لكنيسة القديس بورفيريوس إلى القرن الخامس ميلادي، فيما تم بناء الهيكل الحالي في القرن الثاني عشر، وتتميز  الكنيسة بجدران سميكة غنية بالنقوش والزخارف والأيقونات الدينية الشاهدة على مراحل تاريخية متعددة بحسب بحث منشور لمجلة اتحاد الآثاريين العرب.

وبحسب السردية الأرثوذوكسية بشأن تأسيس الكنيسة، فإن إنشاءها جاء بدعم من الإمبراطور البيزنطي أردياكوس بالقسطنينية (اسطنبول حاليا)، بعد أن لجأ إليه القديس برفيريوس لصد اعتداءات سكان غزة الوثنيين ضد المسيحيين.

ووفق الرواية ذاتها، نجح القديس برفيريوس في الحصول على حماية الإمبراطور ودعمه بالموارد اللازمة لبناء الكنيسة، بعد أن صدقت نبوءته بأن زوجة الحاكم البيزنطي ستنجب طفلا.

القديس برفيريوس

ولد القديس برفيريوس في مدينة سالونيك باليونان عام 347 بعد الميلاد، وعند بلوغه سن الثلاثين رحل إلى مصر، حيثُ عاش ناسكا لمدة تناهز خمس سنوات.

وبعدها، انتقل رجل الدين المسيحي إلى القدس، أين استقر أيضا لسنوات رغم تنقله بين مدن وبلدات مختلفة، قبل أن يعين مطرانا لمدينة غزة، في عام 395 والتي عاش بها حتى توفي، بحسب معلومات على منصة "ويكي أورثوذوكس".

وبحسب المصدر ذاته، كان المسيحيون في مدينة غزة خلال هذه الفترة التاريخية أقلية، وكانوا يشهدون للمطران برفيريويس بـ"كراماته ومعجزاته وأيضا بالقداسة وحنكة الوعظ وجهوده في حفظ حقوقهم من اضطهاد الوثنيين"، ولذلك "اختير لتعليم الناس ولتأسيس كنيسة المسيح في غزة".

ويفيد المرجع التاريخي بأن القديس برفيريوس وضع حجر الأساس لبناء الكنيسة التي استغرق تشييدها خمس سنوات، والتي حملت في البداية اسم الإمبراطورة البيزنطية أفظوكسييا زوجة أركاديوس، غير أنه بعد سنوات من رحيله عن عمر يناهز 73 عاما، في سنة 420، تم تغيير اسم هذا المعبد الديني ليحمل لقب مؤسسه.

انخفاض أعداد المسيحيين بغزة إلى حوالي الألف ـ صورة أرشيفية.

مسيحيو غزة

يعود الحضور المسيحي في غزة إلى القرن الرابع، ويمثل القطاع موطنا لبعض أقدم الكنائس في العالم، غير أنه بعد الحرب العالمية الثانية وتأسيس دولة إسرائيل عام 1948، غادر عدد كبير من المسيحيين المنطقة، بحسب بحث لجامعة نوتردام، وهي جامعة كاثوليكية بحثية غير حكومية ، في شمال ولاية إنديانا بالولايات المتحدة.

وبين عامي 2014 و 2021، وفيما ارتفع عدد سكان قطاع غزة من 1.8 مليون إلى أكثر من مليونين، وفقا لما نقله المصدر ذاته عن تقديرات أميركية رسمية، انخفض عدد المسيحيين خلال الفترة ذاتها "بسبب مستويات الهجرة المرتفعة للغاية وانخفاض معدلات المواليد".

واليوم، يعيش بالقطاع حوالي 1300 مسيحي فقط، بانخفاض من 3 آلاف قبل عام 2007، وفقا للبحث ذاته. 

وكشفت دراسة استقصائية أجرتها جمعية الشبان المسيحيين عام 2014 أن 89 بالمئة من السكان المسيحيين في غزة من الروم الأرثوذكس، بينما 9.3 بالمائة من الروم الكاثوليك، و 1.52 بالمائة ينتمون إلى الطوائف المعمدانية والبروتستانتية الأخرى.

ملاذ آمن

وعلى مدار سنوات الصراع بالقطاع، لطالما كانت كنيسة القديس برفيريوس ملاذا آمنا يلجأ إليه الفارون من  الاضطرابات الأمنية بالقطاع؛ ففي حرب غزة عام 2014،  فر مئات الفلسطينيين إلى هذه الكنيسة التي تقع بجانب مسجد "جامع كاتب ولاية"، هربا من القصف. 

وخلال هذه الحرب، طالت شظايا غارة قريبة مقبرة الكنيسة غير أنها لم تصل إلى بنايتها، وفقا لرويترز.

وقال رئيس أساقفة الكنيسة آنئذ "لقد كان هذا مكانا للرب لفترة طويلة، وإذا سعى الناس إلى الملاذ فمن واجبنا توفيره (..)".

الكنيسة تقع بجانب مسجد "جامع كاتب ولاية"

وفي التصعيد الأخير، نزحت عائلات فلسطينية، مسيحية ومسلمة، إلى الكنيسة، بعد أن دُمرت منازل عدد منهم جراء القصف، وبحثا عن ملجأ أكثر أمنا، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وافا".

وبعد الضربة الأخيرة، كشف القس، يوسف أسعد، من كنيسة اللاتين في غزة، عن "استهداف الكنيسة، وليس أحدا آخر، ووقعت بالضبط بين مبنى الكنيسة وبيت مهجور، والحفرة الناتجة عن الصاروخ تقع داخل أملاك الكنيسة".

وأضاف: "قطر الحفرة يبلغ نحو 7 أمتار، والضربة تسببت بانهيار مبنى الخدمات" التابع لهذا المبنى الديني.

من جهته، قال مجدي جيلدا، الذي كان من بين الأشخاص الذين فروا  إلى الكنيسة بعد اندلاع  أن حوالي 500 شخص كانوا يحتمون في حرم الكنيسة، من بينهم حوالي 80 في مبنى مجلسها، حيث وقع الانفجار.

وكان العشرات داخل قاعة الخدمات بالكنيسة التي تضررت أيضا، حسبما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مجدي جيلدا.

المتحدث باسم بطريركية الروم الأرثودكس، عيسى مصلح، استنكر استهداف دور العبادة والمدنيين في غزة، كاشفا أن الضربة خلفت 16 قتيلا وعددا من المصابين، إضافة إلى أشخاص لا يزالون تحت الأنقاض.

وندد المتحدث باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، لـ"الحرة" بـ"القصف الإسرائيلي الذي طال مباني الكنيسة التي تحوي الفقير والمحتاج وكل إنسان يحتاج حماية لكي يعيش"، مضيفا أن "بيوت الله تتعرض للقصف في غزة ولا تمييز بين الحجر والبشر".

الضربة تسببت بانهيار مبنى الخدمات التابع للكنيسة

وتابع: "لا نريد استنكارات، نريد عالما غير صامت لإيقاف هذه الحرب المدمرة"، مشيرا إلى أنه "غياب معدات لسحب الضحايا من تحت الأنقاض، وأيضا غيابا شبه كامل لكل الخدمات الأساسية للحياة".

من جهتها، قالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في الأراضي الفلسطينية، إن استهداف أحد مباني كنيسة القديس برفيريوس في قطاع غزة، التي يحتمي بها نحو 500 مواطن فلسطيني (مسلمون ومسيحون)، يؤكد أن "أهداف القوات الإسرائيلية هي المواطنين العزل من أطفال ونساء وشيوخ".

بالمقابل، أكدت وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، لموقع "الحرة"، الجمعة، "استهداف موقع في منطقة الكنيسة".

وقالت: "طائرات مقاتلة استهدفت (...) مقر قيادة أحد العناصر العسكرية التابعة لمنظمة حماس الإرهابية، والذي له ضلوع في إطلاق قذائف صاروخية وقذائف هاون باتجاه أراضي دولة إسرائيل".

وأضافت: "أدير القتال من مقر القيادة واحتوى على بنى تحتية إرهابية (...) وفي أعقاب موجة الانفجار الناتجة عن الغارة تضرر حائط كنيسة تقع في المنطقة".

كما أكدت أن "الادعاء بشأن وقوع إصابات معروف لدينا، ويجري التحقيق في ملابسات الحادث".
وتابعت: "حماس تضع بناها التحتية في قلب المناطق المأهولة بالسكان المدنيين، وتستخدم سكان القطاع دروعا بشرية".

وأشارت الوحدة إلى أنه "من أجل الحد من المساس بالمدنيين، حث جيش الدفاع سكان المنطقة على إخلاء منازلهم والتنقل إلى المنطقة الواقعة جنوبي وادي غزة، وهي خطوة تحاول حماس منعها".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد ذوي الإعاقة في العراق فيما تشير التقديرات إلى أنهم يتجاوزون أربعة ملايين. (صورة تعبيرية)
لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد ذوي الإعاقة في العراق فيما تشير التقديرات إلى أنهم يتجاوزون أربعة ملايين. (صورة تعبيرية)

"لا شيء للمعاقين في العراق" يقول محمد الفريجي الذي يسكن محافظة البصرة الغنية بالنفط أقصى جنوبي العراق، عندما بدأ حديثه عن وضع ذوي الإعاقة في بلد النفط والحروب.

يتلقى الفريجي المصاب بعوق ولادي تشتد وطأته كلما تعذر عليه الإنفاق على العلاج. يقول لـ "ارفع صوتك": "إعانة حكومية شهرية بمبلغ 125 ألف دينار (٨٧ دولاراً أميركياً تقريباً)، لا تكفي أجور زيارة واحدة للطبيب".

ويضيف: "تتوزع هموم ذوي الإعاقة في العراق على كل المستويات، فلا بنية تحتية يمكن الاستناد عليها حين نخرج إلى الشارع لقضاء حوائجنا، أو خلال مراجعتنا الأطباء أو المؤسسات الحكومية التي تفتقر أغلبها للمنحنيات المخصصة لتسهيل التنقل بالكراسي المتحركة التي نعتمد عليها".

مثله تماماً يعاني ابن مدينة النجف كريم الغرابي، الذي يسكن في منطقة يصفها بـ "منطقة تجاوز شبه معدومة، تفتقر للخدمات التي يحتاجها الإنسان الذي لا يُعاني من أي عوق، فكيف بالمعاقين".

يعاني الغرابي وهو شاب عشريني مع شقيقيه من عوق ولادي، أفقدهم الرؤيا بشكل شبه كامل. ويقول لـ "ارفع صوتك": "كنت أرتاد المدرسة، لكنني تركتها لعدم توفر الإمكانية المادية، وبسبب تراجع بصيص النور في عيني كلما تقدمت في السن".

قبل ثلاث سنوات كما يقول: "وعدتنا الحكومة العراقية بتوزيع قطع أراض سكنية للمعاقين، وبسبب ضعف الحالة المادية، استدنت مبلغاً لإنجاز المعاملات الرسمية لدى دائرة البلدية، على أمل الحصول على سكن لائق، لكن دون نتيجة حتى اليوم، لعدم وجود تخصيص كما قيل لنا".

وفي بغداد لم يتمكن محمد الجبوري من إيجاد مدرسة مناسبة لولده المصاب بإعاقة تمنعه من المشي وتضطره للاعتماد على كرسي متحرك.

"اضطررت إلى الاكتفاء بتعليمه منزلياً، فالمدارس سواء كانت حكومية أو خاصة، غير مؤهلة للتعامل مع مثل هذه الحالات. غير قادر على الاندماج مع نظرة المجتمع له بالتعامل معه كفاقد للأهلية". يقول الجبوري.

 

لا أرقام دقيقة

 

تتضارب الأرقام الرسمية وغير الرسمية بشأن أعداد المعاقين في بلد صنفته الأمم المتحدة كواحد من الدول التي يوجد فيها "أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم".

وتذكر المنظمة الأممية: "في بلد يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، يقدر أن أكثر من أربعة ملايين شخص ممن لديهم إعاقة واحدة أو أكثر، بما في ذلك تلك الناتجة عن نزاع مسلح سابق أو حديث. ومن بينهم اللاجئون والنازحون الذين هم من بين أكثر الفئات ضعفا".

"يفتقر العراق إلى إحصاء دقيق رسمي لذوي الإعاقة رغم أهميته" وفقاً لما يقوله وفق تجمع المعاقين في العراق وهي منظمة غير حكومية، موفق الخفاجي لـ"ارفع صوتك".

ويضيف: "لكننا نعتمد في إحصاءاتنا على تقديرات التحالف الدولي للإعاقة لنسب المعاقين الموجودين بشكل طبيعي في المجتمع، والتي تبلغ 10 %، أما الدول التي تشهد حروب ونزاعات، فتصل النسبة فيها ما بين 13-15 %، وهو ما يعني وجود نحو خمسة ملايين من ذوي الإعاقة في العراق".

يقول نائب رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي حسين عرب لـ "ارفع صوتك" إن "عدد المعاقين في العراق غير معروف بشكل دقيق. لم يتم إحصاء الأعداد، على اعتبار أن البعض لا يُسجل في بيانات الدولة الرسمية، كما لا توجد حتى الآن أتمتة لعمل هيئة ذوي الإعاقة، لذلك".

ويضيف أن "العدد يقدر ما بين مليون ونصف المليون، إلى مليوني معاق أو أكثر، لكن ليس لدينا رقم حقيقي لذوي الإعاقة داخل العراق".

وبحسب مؤشرات الإعاقة للعام 2016 التي نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة التخطيط العراقية، فإن عدد الأسر التي تضم أفراداً معاقين بلغ مليوناً و117 ألف عائلة، أكثر من 621 ألف عائلة منهم ذات مستوى معاشي ضعيف، ويعاني أكثر من 42% منهم أحد أنواع الإعاقة الحركية.

 

البنى التحتية "غير ميسرة"

 

يرى رئيس جمعية المعاقين موفق الخفاجي، أن البنى التحتية غير ميسرة للمعاقين، الذين يواجهون صعوبات في الوصول للخدمات، سواء كانت في الشوارع أو المباني، أو وسائط النقل، وفقاً لقوله.

يتحدث أيضاً عما أسماه "تجاهل" احتياجات ذوي الإعاقة، فوفقاً له، فإن "تصاميم المشاريع الحديثة غير دامجة لذوي الإعاقة، وهذا مخالف لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بهم".

ويضيف: "ما زلنا في قطاع التعليم نعتمد على صفوف التربية الخاصة، ونسعى جاهدين لترويج التعليم الدامج الذي يجعلهم متساوين مع أقرانهم".

توفر الدولة العراقية بعض المكاسب وفق التزامات قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم (38 لسنة 2013)، الذي يشمل نحو 250 ألفاً من شديدي العوق براتب المعين المتفرغ لخدمته بواقع 170 ألف دينار شهرياً (105 دولار أميركي تقريباً) وفقاً لأسعار الصرف في الأسواق العراقية.

كما أن هناك تخفيضات بنسبة 50‎ % ‎على تذاكر الطيران في شركة الخطوط الجوية العراقية ولمرتين في السنة، وهناك مقعد مخصص في كل قسم لذوي الإعاقة في الدراسات العليا، ويحق لمن نسبة عجزه 50‎ %‎ استيراد سيارة "محورة" معفية من الضرائب.

تذكر المنظمة الدولية للهجرة في تقرير لها بعنوان "الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم في العراق: المعوقات والتحديات والأولويات" أن "ثمة افتقار عام بمعرفة دمج الإعاقة وفهمها، فضلا عن حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة من قبل العائلات والمجتمعات والمعلمين والعاملين في المجال الإنساني والمسؤولين الحكوميين، ونشأت عن ذلك وصمة اجتماعية وتباعد واستبعاد لهؤلاء الأشخاص".

غالبية الأشخاص ذوي الإعاقة كما يقول التقرير: "قد يكون لديهم قدر ضئيل من الدخل، أو عدم وجود دخل على الإطلاق، فحرموا من فرص كسب الرزق مثل التدريب المهني، والتوظيف ودعم تطوير الأعمال. هذا إلى جانب أن الكثير منهم لم يتسن له الحصول على إعانات الحماية المدنية".

ويواجه ذوو الإعاقة صعوبات الوصول إلى خدمات التعليم والأماكن العامة والمواصلات والرعاية الصحية، نظراً لكونها غير مجهزة بما يحتاجون، بالإضافة إلى ذلك فهم يواجهون صعوبات في الوصول إلى الأجهزة المساعدة ووسائل الاتصالات المجهزة، لعدم توافرها وتكلفتها المرتفعة، بحسب التقرير.

 

مطالبات

 

كل الأشخاص الذي يصنفون من ذوي الإعاقة ممن التقاهم كادر "ارفع صوتك" طالبوا بالإسراع في إقرار تعديلات قانون 38 لسنة 2013، بسبب قلة المبالغ المالية المخصصة كإعانات، والتي لا تحفظ كرامتهم، خاصة من كان منهم من ذوي الدخل المحدود، وفقاً لما قالوه.

ولأجل تحقيق التعديلات المطلوبة خرج ذوو الإعاقة لأكثر من مرة في تظاهرات سلمية، طالبوا خلالها كما يقول رئيس تجمع المعاقين موفق الخفاجي: "بتفعيل فقرات عديدة في القانون، وتعديل فقرات أخرى، بسبب وجود أخطاء لا تتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة التي يجب أن يلتزم العراق بها".

"كثير من فقرات القانون التي تتضمن منح حقوق لذوي الإعاقة بقيت حبر على ورق". يقول الخفاجي الذي أكد "ضرورة اتخاذ تدابير جادة من أعلى سلطة في البلد وتخصيص ميزانيات كافية لدمج وتمكين وتنميه ذوي الإعاقة، والإسراع بحسم مشكلة تعطيل الحكومة لتعديل أخطاء القانون وتوظيفهم بنسبة 5% في القطاع الحكومي والخاص، وجميعها موجودة ولم تنفذ".

عرض الخاص بذوي الإعاقة للقراءة الأولى والثانية في البرلمان، وكاد أن يمر لولا سحبه من قبل الحكومة العراقية للتعديل، وفقاً للنائب حسين عرب، الذي أشار إلى أن "تعديلات جوهرية وتنظيمية في بعض بنوده، وسيُعاد مرة أخرى إلى لجنة العمل للمناقشة والتصويت".

أهم أسباب سحب القانون كانت بسبب راتب المعين المتفرغ، لأن الحكومة تريد أن تحتسب حجم الأرقام المالية التي تحتاجها للتخصيص، وفقاً لعرب.

وتنص المادة 17 من القانون 38 على منح ذوي الإعاقة إعانة نقدية شهرية تتناسب مع نسبة العجز المقدر من لجنة طبية، وفقاً لقانون شبكة الحماية الاجتماعية. فيما تنص المادة 19 لمن تحّول درجة عجزهم عن تلبية متطلباتهم حق تعيين معين متفرغ من الأقارب الدرجة الأولى أو الثانية على نفقة الحكومة، ويمنح راتباً شهرياً يعادل راتب الحد الأدنى في سلم رواتب الموظفين.

يقول النائب حسين عرب: "راتب العين المتفرغ سيرتفع من 170 ألف دينار عراقي، إلى 260-280 ألف دينار في حال أقر تعديل القانون، بالإضافة إلى العديد من المكاسب المادية والمعنوية في تعديلات القانون من ضمنها التعليم الدامج في المدارس والجامعات الحكومية والأهلية وإصدار هويات خاصة لذوي الإعاقة، وتنظيم عملية تنقلهم بشكل سلس عبر إلزام جميع الدوائر والمنشآت الحكومية والخاصة بتوفير البنية التحتية اللازمة، بالإضافة إلى منح أولوية قانونية في المحاكم العراقية، بحيث تكون قضايا ذوي الإعاقة ذات أولوية".