Ambulances carrying victims of Israeli strikes crowd the entrance to the emergency ward of the Al-Shifa hospital in Gaza City…
سيارات الإسعاف التي تحمل ضحايا الغارات الإسرائيلية تتجمع عند مداخل إحدى مستشفيات غزة

اعتقد الفلسطيني، أحمد الشوا، أن انتقاله من حي "تل الهوى" في غزة، حيث يسكن، إلى مجمع الشفاء الطبي سيحميه من خطر القصف الإسرائيلي العنيف، لكنه فجأة وجد نفسه محاصرا هناك إذ باتت الدبابات الإسرائيلية على بعد أمتار. وقال: "إذا خرجنا سنصاب بالقصف".

هذا هو حال مستشفيات غزة. مجمع الشفاء على وشك الانهيار، لا دواء ولا وقود، في مؤشر على خطر كارثة قد تحل بالمكان الذي يؤوي مرضى ومصابين بأعداد تفوق القدرة التشغيلية لأكبر مؤسسة طبية حكومية فلسطينية في القطاع، بينما حذر مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة الاثنين من "توقف العمليات الإنسانية خلال 48 ساعة لعدم السماح بدخول الوقود إلى غزة" بسبب الحصار الإسرائيلي.  

اكتظاظ في مستشفى الشفاء بقطاع غزة.

ويحاصر القتال آلاف الأشخاص في مجمع الشفاء، إذ لجأت إليه عائلات معتقدة أنها ستكون في مأمن، إلا أن المعارك باتت تدور في محيطه مع قصف لا يتوقف، ولم يعد أحد يجرؤ على التحرك.

في قطاع غزة، يعمل 32 مستشفى، تضم 2485 سريرا، وبنسبة 1.3 سرير لكل 1000 مواطن، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

جغرافيا، تتوزع المستشفيات على خمسة مناطق داخل قطاع غزة، هي: شمال غزة، ومدينة غزة، ودير البلح، وخانيونس، ورفح.

شمال غزة

وفق وزارة الصحة في القطاع، فإن  مستشفيات محافظة غزة باتت خارج الخدمة مع انقطاع الكهرباء بسبب النقص في الوقود.

وتشهد مناطق شمال القطاع مواجهات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحي حماس، حيث تحكم الدبابات الإسرائيلية الطوق حول مدينة غزة ومستشفياتها خصوصا، متهمة حماس بالتمركز فيها.  

قوات إسرائيلية دخلت مناطق شمال قطاع غزة

المستشفى الإندونيسي

مستشفى حكومي تديره وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في القطاع، تأسس عام 2011. واكتسب اسمه من التمويل الإندونيسي لمشروع المستشفى بقيمة تسعة ملايين دولار، والذي نفذته مؤسسة "ميرسي" الإندونسية في بيت لاهيا شمال القطاع، هدية للشعب الفلسطيني، خاصة بعد الحروب التي عانى من ويلاتها قطاع غزة.

مستشفيات في غزة وسط الحرب

وتبلغ السعة التشغيلية للمستشفى 110 أسرة، وأبرز أقسامه الجراحة العامة، والباطني، والعظام. وفيه وحدة للعناية المركزة بسعة 10 أسرة.

وتعرض محيط المستشفى الإندونيسي إلى انفجارات ضخمة بسبب غارات إسرائيلية في أوقات مختلفة، ما تسبب بأضرار، وأثار ذعرا بين المرضى والفرق الطبية والمدنيين المحتمين في مبانيه.

وكانت وزارة الخارجية الإندونيسية أكدت أن الغرض من المستشفى الإندونيسي في غزة هو خدمة الفلسطينيين "بشكل كامل"، ردا على اتهام الجيش الإسرائيلي بأن حركة حماس تستخدمه لشن هجمات. 

وأكدت الوزارة في بيان أن "المستشفى الإندونيسي في غزة منشأة بناها إندونيسيون لأغراض إنسانية خالصة ولخدمة الاحتياجات الطبية للفلسطينيين في غزة"، مضيفة أن المستشفى تديره السلطات الفلسطينية بمساعدة عدد قليل من المتطوعين الإندونيسيين.

وأشارت الوزارة إلى أن المستشفى "يعالج حاليا المرضى بأعداد تفوق طاقته بكثير".

وكان، ساربيني عبد المراد، رئيس منظمة (أم.إي.آر-سي) التطوعية التي مولت المستشفى الإندونيسي، قال في وقت سابق إن الوقود نفد من المستشفى و"انهار".

مستشفى كمال عدوان الحكومي

مستشفى حكومي عام، يقع في بيت لاهيا في قطاع غزة، تأسس المستشفى عام 2002، حيث كان المستشفى في الأصل عبارة عن مركز طبي صغير أطلق عليه اسم "عيادة مشروع بيت لاهيا"

طورت العيادة إلى مستشفى لحاجة المنطقة إلى مجمع طبي يستوعب الحالات المرضية في المنطقة، والإصابات التي تنتج عن الغارات الإسرائيلية المتكررة على مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمال القطاع.

في الحرب الأخيرة، تقول إدارة المستشفى إنها تلقت بلاغات إسرائيلية بضرورة إخلاء المباني فيما قصف الطيران الإسرائيلي منزلا بجانب المجمع.

سم توضيحي للمستشفيات التي خرجت عن الخدمة في غزة بسبب القصف الإسرائيلي

ومستشفى كمال عدوان، بالإضافة إلى المستشفى الإندونيسي، هما الوحيدان اللذان يعملان حاليا في الشمال، لكن يتوقع أن يخرجا عن الخدمة في أي لحظة ما سيحرم حوالي 600 ألف شخص من الرعاية الصحية. 

مستشفى العودة

يتبع في إدارته إلى اتحاد لجان العمل الصحي في غزة، وافتتح عام 1997، وسعته التشغيلية بدأت بـ 53 سريرا، لكن تحسينات أجريت على المستشفى رفعت من عدد الأسرة إلى 77 سريرا. أما في أوقات الطوارئ فيمكن أن تصل السعة إلى 100 سرير.

نحو 75 بالمئة من كلفة تاسيس المستشفى كان مصدرها تبرعات من المجتمع المحلي، حيث يقدم المستشفى خدمات جراحة عامة، وأمراض  النساء، والمسالك البولية وغيرها من الخدمات الطبية. لكن الحرب الأخيرة، والقصف الإسرائيلي المكثف على أحياء قطاع غزة، جعل من قدرات المتستفى محدودة، حيث يعاني الفريق الطبي من نقص المعدات والأدوية اللازمة للتعامل معل الحالات التي تصل إليهم.

مستشفى الكرامة 

إلى جانب مستشفى العودة، تدير لجان العمل الصحفي في غزة مستشفى الكرامة، الذي يقع في شارع الكرامة بغزة، لكن القصف الإسرائيلي أخرج المستشفى عن الخدمات الطبية منذ 17 أكتوبر، ولم يعد قادرا على التعامل مع المصابين أو الحالات المرضية.

مدينة غزة

لليوم الثاني على التوالي تشهد المناطق المحيطة بعدد من مستشفيات مدينة غزة تصعيدا ملحوظا

مجمع الشفاء الطبي 

هو أكبر مجمع طبي حكومي في قطاع غزة، حيث يتكون من  ثلاثة مستشفيات، هي الجراحة، والباطني ومستشفى النساء للتوليد.

يعمل المجمع بقدرة تشغيلية تصل إلى نحو 560 سريرا، ويتبع المجمع مباشرة غلى وزارة الصحة في القطاع.

ويقع مجمع الشفاء في المنطقة الغربية الوسطى من المدينة، على تقاطع شارع عز الدين القسام، مع شارع الوحدة.

يتخذ المدنيون من مباني مستشفى الشفاء ملجأ من الضربات الإسرائيلية

في الأيام الأخيرة برز اسم مجمع الشفاء في الأخبار بشكل كبير بعد أن توغلت القوات الإسرائيلية في عمق مدينة غزة، وحاصرت مئات من المرضى والجرحى والنازحين داخل مجمع الشفاء، وفقا لمسؤولي السلطات الصحية في القطاع.

ويدور قتال عنيف بالقرب من مجمع الشفاء بين القوات الإسرائيلية ومقاتلين من حماس، بعد أن اقتربت الدبابات والقوات الإسرائيلية من المنشأة، وهي واحدة من المراكز الصحية القليلة التي بقيت تواصل تقديم خدماتها في شمال غزة.

صورة جوية لمستشفى الشفاء في غزة

مستشفى العيون

تأسس عام 1965، ويقع في حي النصر غرب تقاطع شارع العيون مع شارع النصر، وهو مستشفى حكومي متخصص في تقديم خدمة طب وجراحة العيون إلى سكان قطاع غزة، وتبلغ القدرة السريرية له نحو 40 سريرا.
في الحرب الأخيرة، خرج المستشفى عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي، وفق السلطات في غزة.

مستشفيات غزة تعاني من نقص الأدوات والدواء وهو ما يخرجها عن الخدمة

مستشفى الرنتيسي

يقع في شارع النصر بمدينة غزة، وهو مستشفى يقدم الخدمات الطبية للأطفال. تأسس عام 2003، لكنه بدأ العمل في عام 2007، حيث وصلت قدرته التشغيلية إلى نحو 100 سرير.

يقع مستشفى الرنتيسي على بعد مئات الأمتار من مجمع الشفاء، وكان مواطنون أكدوا أن الجيش الإسرائيلي طلب منهم مغادرة مبنى المستشفى الذي لجأوا إليه هربا من القصف العنيف.

وكانت المتحدثة منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، أكدت في وقت سابق أن "قصفا شديدا" تعرض له مستشفى الرنتيسي، الوحيد الذي يقدم خدمات طب الأطفال في شمال غزة.

وأضافت هاريس أن مستشفى الرنتيسي، الذي أجبر على وقف عملياته، به أطفال متصلون بأجهزة إعاشة ويخضعون لغسل الكلى، وأن من المستحيل تنفيذ إجلائهم بأمان.

مستشفى القدس

بدأ العمل عام 2001، ويقع في حي تل الهوى بمدينة غزة، وهو مستشفى يتبع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني العاملة في قطاع غزة، وتبلغ قدرته التشغيلية نحو 120 سريرا،  لكن في حالات الطوارئ يضاعف عدد الأسرة إلى نحو 200 سرير.

وثقت مقاطع مصورة عمل الأطباء والممرضين داخل مستشفى القدس في ظروف صعبة، حيث اتقطع التيار الكهربائي، فيما تحيط دبابات إسرائيلية بالمبنى، ما دفع الفرق الطبية إلى الاستعانة بمصابيح الكشافات، ومصابيع الهواتف النقالة خلال معالجة المرضى. 

المستشفى الأهلي المعمداني

أقدم مستشفيات مدينة غزة. تأسس في حي الزيتون بالقرب من كنيسة القديس برفيريوس، عام 1882، وتديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس.

في السابع عشر من أكتوبر، تعرض المستشفى لانفجار عنيف أوقع قتلى وجرحى، وأثار جدلا على مستوى العالم حيث اتهمت السلطات الفلسطينية الجيش الإسرائيلي بـ "ارتكاب مجزرة" باستهداف ساحة المستشفى بغارة، وهو ما نفته إسرائيل التي أشارت إلى أن الانفجار نجم عن إطلاق فاشل لصاروخ تابع للجهاد الإسلامي.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، فإن الانفجار أسفر عن "مقتل 471 شخصا وإصابة أكثر من 314 آخرين"، وهو ما شككت فيه جهات مختلفة.

مستشفى غزة للطب النفسي

تأسس عام 1980 في مدينة غزة، حيث يقع في حي النصر شارع العيون. ويعد المستشفى التخصصي الوحيد في مجال الصحة النفسية بقطاع، غزة، حيث يخدم كل المدن هناك.

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، في تصريحات سابقة، إن مستشفى الطب النفسي "تعرض لأضرار كبيرة نتيجة القصف والحصار والاعتداءات" الإسرائيلية.

مستشفى محمد الدرة للأطفال

تبلغ قدرته التشغيلية نحو 100 سرير، ويقدم خدماته الطبية في مدينة غزة. تأسس عام 2000 في شارع صلاح الدين وسط المدينة، ويخدم مناطق الشجاعية والشعف، وحي الدرج، وحي الزيتون، وحي التفاح في المدينة.
قررت وزراة الصحة في غزة إخلاء المستشفى بسبب القصف الإسرائيلي العنيف، وتقدم الدبابات الإسرائيلية باتجاه مدينة غزة وشارع صلاح الدين.

دير البلح

المصور الفلسطيني محمد العالول يحمل جثة أحد أطفاله الذين قتلوا في غارة إسرائيلية على مخيم المغازي للاجئين في دير البلح وسط قطاع غزة، أمام مستشفى القدس في نفس المدينة، 5 نوفمبر 2023.

مستشفى شهداء الأقصى

في منتصف أكتوبر، أعلن مستشفى "شهداء الأقصى" في دير البلح بالمنطقة الوسطى، توقف خدماته بسبب نفاد مخزونه الاستراتيجي من الوقود، وكان يخدم المرضى والمصابين في المنطقة الوسطى، التي شهدت قصفا إسرائيلية عنيفا ونزوحا لأعداد كبيرة من المواطنين من الشمال. وفاق عدد الجرحى والمرضى القدرة التشغيلية للمستشفى في الأسبوع الأول من بدء القصف الإسرائيلي على القطاع.

خانيونس

مجمع ناصر الحكومي

في الأيام الأولى لبدء الحرب على غزة، تراكمت الجثث في مستشفى ناصر الحكومي في خانيوس الذي وصل إلى نقطة الانهيار.

لم يتمكن الأطباء من التعامل مع كل الحالات التي وصلت إليه وبدأت الأطقم الطبية تنفيذ سياسة تقوم على إعطاء العلاجات لبعض المرضى فقط.

مخيمات لإيواء النازحين الفلسطينيين جنوبي قطاع غزة

مستشفى غزة الأوروبي

يقع في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وتديره وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في القطاع. وجاء تأسيس هذا المستشفى بمنحة من الاتحاد الأوروبي في عام 1989 بواسطة وكالة الأونروا.

مدير المستشفى، يوسف العقاد، أكد لموقع "الحرة" في وقت سابق أن الوضع في المستشفى الذي يؤوي نحو 290 مريضا "صعب للغاية"، مضيفا أن "كل أَسرة المستشفى ممتلئة، وكل أسرة العناية المركزة ممتلئة أيضا".

مستشفى دار السلام

مستشفى خيري غير ربحي تأسس عام 1995 لتقديم الخدمة الصحية للمواطنين، وهو أول مستشفى تم إنشاؤه ليخدم المنطقة الجنوبية من قطاع غزة.

يضم المستشفى غرفتي عمليات وعيادات تخصصية، ووحدة الجراحة باستخدام المنظار الجراحي، وتشرف المستشفى على إدارة مجموعة من العيادات الخارجية التخصصية يعمل فيها عدد من الاستشاريين والأخصائيين في مجالات الجراحة العامة والقلب والأمراض الباطنية والأنف والأذن والحنجرة، الأسنان، المسالك البولية، أمراض النساء والولادة والأطفال، وغيره من التخصصات الطبية.

يتهم المستشفى بتقديم الخدمات للطبقة الفقيرة في غزة، حيث أنشأ "صندوق المريض الفقير" لمعالجة من لا يستطيعون تغطية نفقات علاجهم في المستشفى وتقديم العلاج المجاني لهم بعد إجراء البحث الاجتماعي للحالات المتقدمة، ويقدم لهم الخدمات اللازمة ما بين عمليات جراحية وفحوصات وصرف أدوية مجانية.

رفح

دفعة جديدة من الرعايا الأجانب والجرحى الفلسطينيين يغادرون معبر رفح - صورة أرشيفية.

مستشفى أبو يوسف النجار

يقع في حي الجنينة شرقي مدينة رفح، وكان في الأصل عيادة للرعاية الصحية الأولية. لكن عام 2000، حول إلى مستشفى طوارئ بسعة 36 سريرا وغرفتين للعمليات. ارتفع عدد الأسرة فيه إلى 65 سريرا بعد توسعة أجريت على المستشفى عام 2007.

مستشفى الهلال الإماراتي

مستشفى الهلال الإماراتي يعد المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص في خدمات النساء والتوليد في قطاع غزة ويقع في حي تل السلطان غربي محافظة رفح.

تأسس المستشفى عام 2005 ليقدم خدمات الولادة الطبيعية وعمليات الولادة، والحضانة، وخدمات الطوارئ.

مستشفى الكويت التخصصي

تأسس عام 2007 في رفح جنوبي غزة ويخدم نحو 100 ألف مواطن فلسطيني، وحولت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة هذا المستشفى إلى ملجأ لعدد كبير من المواطنين، حيث بات يقدم خدماته لنحو 300 ألف مواطن محرومون من الخدما الطبية.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة
أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة

تتفاقم معاناة سكان قطاع غزة، وتتدهور الأوضاع المعيشية، نتيجة الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، وتوقفت مؤقتا، الجمعة، بفضل هدنة إنسانية منحت السكان فرصة للتنفس، بعد أن استمر القصف الإسرائيلي المتواصل لأسابيع طويلة، وفقا لتقرير مطول نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

ويتمثل واقع الحياة اليومية الآن بالنضال من أجل العثور على الغذاء والماء والدواء، ومع ندرة الوقود، تشعل غالبية الأسر أخشاب من الأبواب وأشياء أخرى لطهي ما تيسر.

ويسرد التقرير معاناة العديد من الأسر النازحة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه هربا من المعارك، حيث أماكن الإيواء مكتظة، ومقومات الحياة معدومة، ويقضي كثيرون أوقاتا طويلة في الطوابير لتعبئة مياه الشرب، هذا إذا حالفهم الحظ بذلك.

ولم يعد هناك أي غاز أو وقود آخر في غزة، وفقا لوكالات الأمم المتحدة العاملة هناك، لذلك يقوم بعض الناس ببناء أفران مؤقتة من الطين أو المعدن للطهي.

كما نفد الحطب والفحم إلى حد كبير، لذا تحرق الأسر أبوابا خشبية وإطارات نوافذ وعلب كرتون وأعشاب يابسة، والبعض ببساطة لا يطبخون، ويأكلون البصل والباذنجان النيئ بدلا من ذلك على سبيل المثال.

وقال نظمي موافي (23 عاما) للصحيفة: "لقد عدنا إلى العصر الحجري".

وردا على الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، فرضت إسرائيل حصارا كاملا، وقطعت إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لـ"القضاء على حماس"، كما تقول.

كما شنت آلاف الغارات الجوية على القطاع وأرسلت قوات برية لمحاولة القضاء على حماس.

وتقول إسرائيل إن غاراتها الجوية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس ومستودعات الأسلحة في غزة. 

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن ضربات دقيقة تستهدف قادة المتشددين أو مواقع العمليات، وإنه لا يستهدف المدنيين، لكنه أيضا يتحدث عن زرع المسلحين في المناطق المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

وبدأ سريان هدنة مؤقتة، هي الأولى منذ بدء الحرب قبل سبعة أسابيع، الجمعة، وكجزء من اتفاق لتبادل المختطفين والسجناء، عبرت عشرات الشاحنات المحملة بالمياه وغيرها من المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة، ولكن هذا غير كاف لسد الاحتياجات الهائلة وفقا لمسؤولين.

ويلفت التقرير إلى الاكتظاظ الموجود في أماكن الإيواء مثل المخيمات والشقق والمدارس والمستشفيات، حيث حشر النازحون معا في مساحات تتقلص باستمرار، ويكافحون كل يوم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأصبح البقاء على قيد الحياة مهمة محفوفة بالمخاطر.

وكانت المياه المعدنية المنقولة بالشاحنات إلى القطاع في قوافل المساعدات كافية لـ 4 في المئة فقط من السكان، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

ولا تزال بعض المياه المحلاة توزع في الجنوب، لكن الشمال لم يعد به مصادر مياه صالحة للشرب، وفقا للأمم المتحدة.

ويعتمد الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المياه المعدنية والمياه المحلاة النادرة على المياه قليلة الملوحة من الآبار، والتي قالت الأمم المتحدة إنها غير آمنة للاستهلاك البشري.

كما أن الدقيق ينفد أيضا،  وقال برنامج الأغذية العالمي إن الوكالات الإنسانية تمكنت من توصيل الخبز والتونة المعلبة والتمر إلى نحو ربع السكان منذ السابع من أكتوبر، لكن التوزيع يعوقه القتال والحصار.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن 10% فقط من احتياجات غزة من الغذاء دخلت إلى القطاع منذ بدء الحرب، مما يؤدي إلى "فجوة غذائية هائلة وجوع واسع النطاق".

وقالت علياء زكي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، هذا الشهر، إن "دقيق القمح ومنتجات الألبان والأجبان والبيض والمياه المعدنية نفدت تماما من السوق".

كما أدى الانهيار الفعلي لنظام الصرف الصحي وتشريد حوالي 1.7 مليون من سكان غزة، الذين تدفقوا إلى المخيمات وتكدسوا في منازل أقاربهم، إلى أزمة نظافة وأمراض تحذر منظمة الصحة العالمية من أنها قد تتفاقم كثيرا.

وينتشر الإسهال والجرب والقمل بين السكان، ويصيب الأطفال الأصغر سنا بشكل خاص، وفقا للتقرير.

ولفتت زكي، إلى أنه "حتى قبل 7 أكتوبر، كان 70 في المئة من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية بشكل أو بآخر، وكان القطاع يعاني من أعلى معدلات الفقر والبطالة في العالم".

الغالبية العظمى من المتاجر مغلقة الآن أو فارغة، ومعظم الناس يشترون ويبيعون البضائع بشكل غير رسمي، وفقا للأمم المتحدة.

ومع انقطاع الكهرباء وإغلاق معظم البنوك، فإن القلة التي لديها أموال لا تستطيع الحصول عليها. وحتى لو استطاعوا ذلك، فليس هناك الكثير ليشتروه، وفقا للتقرير.

آية إبراهيم (43 عاما)، تعيش مع أطفالها في مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تقول للشبكة "الحمامات هنا سيئة للغاية، نحن جميعا محصورون لأنه ليس لدينا مياه على الإطلاق". ينام الرجال والفتيان، بمن فيهم ابناها المراهقان، بالقرب من المراحيض، والنساء في فصل دراسي في الطابق العلوي.

وقالت إن فريقا أمميا وزع مجموعة واحدة من الفوط الصحية على 30 امرأة يتشاركن معها الفصل الدراسي.

وقالت أمل، وهي امرأة أخرى في نفس الملجأ، إنها كانت يائسة للغاية بسبب عدم توفر الفوط الصحية لدرجة أنها بدأت بتناول حبوب منع الحمل لوقف الدورة الشهرية تماما. ويعاني الكثيرون من الجوع والإسهال وآلام المعدة، وخاصة لدى الأطفال.

فرصة للتنفس

وتمنح الهدنة سكان غزة فرصة للتنفس، وتكشف عن حجم الدمار، وفقا لتقرير مطول لشبكة "سي أن أن".

وذكر التقرير معاناة من نوع آخر، وتتعلق بجثث القتلى، وقال إنه "بينما كانت الجرافات تشق طريقها عبر أنقاض بلدة القرارة جنوب قطاع غزة، صباح الأحد، كانت مجموعة من الناس تراقب بقلق، وكانوا يأملون أن تتيح الهدنة الوقت الكافي لانتشال جثث أحبائهم من تحت الأنقاض، كي يتمكنوا من دفنها".

ومنذ نحو سبعة أسابيع، كان معظم الناس في قطاع غزة يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة، مع التركيز على الأساسيات: العثور على المأوى، والفرار من القتال، والحصول على الغذاء والماء.

وتقع بلدة القرارة في جنوب محافظة خان يونس، وهي المنطقة التي شهدت زيادة ملحوظة في الأضرار التي لحقت بالمباني في الأسبوعين الماضيين، وفقا لتحليل بيانات عبر الأقمار الاصطناعية.

وأظهرت لقطات لشبكة سي أن أن من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، آلاف الأشخاص يتدفقون إلى الشوارع ويذهبون إلى السوق، في محاولة لشراء الضروريات التي كانت بعيدة عن متناولهم لعدة أسابيع ولكنها أصبحت الآن متاحة مرة أخرى، ولو مؤقتا فقط.

وتحدث سكان من دير البلح في السوق للشبكة عن الارتياح الذي شعروا به عندما بدأت الهدنة.

وقالت امرأة تدعى أم إيهاب، الأحد، إنها كانت المرة الأولى التي خرجت فيها مع عائلتها، وتابعت "كنا خائفين دائما من الخروج والتعرض للقصف بالصواريخ والغارات الجوية".

وأضافت: "لكن منذ اليوم الأول للهدنة المؤقتة، تمكنا من الذهاب لشراء ما نحتاج إليه بأمان. لمدة 47 يوما، كنا نعيش في حالة حرب وخوف. أطفالنا كانوا مرعوبين".

وقالت أم محمد، وهي من سكان غزة، لسي أن أن إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب.

وتابعت: "بدا كل شيء باهظ الثمن، ليس كما كان قبل (الحرب)"، مضيفة: "نحمد الله أننا على الأقل نستطيع أن نأتي إلى السوق بأمان".

وكان السوق مهجورا طوال الأسابيع السبعة الماضية، مع إغلاق معظم المحلات التجارية وخوف الناس من الخروج. يوم الأحد، كان الشارع يضج بالحركة والنشاط، حيث كان المتسوقون يهرعون للتخزين، والأطفال يركضون بين الأكشاك حاملين الخضار، والقمامة تتراكم على جوانب الشوارع.

وقال أبو عدي، وهو من السكان المحليين، "نأمل أن يكون وقف إطلاق النار دائما وأن تنسحب (القوات الإسرائيلية) من الشمال، حتى يتمكن جميع الذين نزحوا قسرا من العودة إلى ديارهم، حتى لو عادوا إلى الخيام".

ومع ذلك، بالنسبة للكثيرين في غزة، جلبت الهدنة وجع القلب بعدما تمكنوا من رؤية حجم الدمار الهائل لأول مرة. وقد أدت أسابيع من القصف الإسرائيلي إلى تسوية أحياء بأكملها بالأرض.

ومن بين نحو 2.4 مليون شخص يعيشون في غزة، هناك 1.7 مليون نازح داخليا، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

والوضع أكثر خطورة في الأجزاء الشمالية من غزة، حيث بقي بعض المدنيين على الرغم من الأوامر المتكررة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي بالإخلاء إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة.

وكجزء من اتفاق الهدنة، يسمح الآن بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ويوم السبت، قامت 61 شاحنة بتوصيل الغذاء والمياه والإمدادات الطبية الطارئة إلى شمال غزة، بحسب الأمم المتحدة. وكانت هذه أكبر شحنة تصل إلى الشمال منذ 7 أكتوبر، ولكنها ليست كافية لتلبية احتياجات الناس.

وأعلنت الأونروا، الأحد، أن المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة لا تزال غير كافية على الإطلاق.

وقال المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، إن المساعدات التي تصل في الوقت الحالي هي مجرد قطرة في محيط من الاحتياجات الإنسانية.

وأضاف: "نحتاج إلى 200 شاحنة مساعدات يوميا بشكل متواصل لمدة شهرين على الأقل لتلبية الاحتياجات. إننا بحاجة إلى المزيد من الوقود حتى نتمكن من تقديم الخدمات وتشغيل باقي القطاعات التي ندعمها، مثل تحلية المياه والصرف الصحي والمستشفيات والمخابز وخدمات الأونروا الأخرى والاتصالات".

وقبل الحرب، كانت نحو 455 شاحنة تدخل غزة يوميا محملة بإمدادات ومساعدات، وفقا للأمم المتحدة.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، توقفت مع بدء الهدنة، الجمعة،  وبلغت حصيلة القتلى في غزة 14854 شخصا، بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، فضلا عن إصابة نحو 36 ألف شخص، فيما بلغ عدد المفقودين قرابة 7 آلاف مفقود، بحسب السلطات التابعة لحماس.

وقد بدأ تطبيق هدنة مؤقتة لمدة أربعة أيام، الجمعة، تقوم خلالها إسرائيل بالإفراج عن مسجونين فلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح مختطفين لدى حماس في غزة، وقد تمت 3 عمليات تبادل بنجاح.