ذكرت شبكة "سي أن أن" الإخبارية أن قوات إسرائيلية اعتقلت صحفيين وعاملين صحيين فلسطينيين، وعصبت أعينهم وجردتهم من ملابسهم حتى الداخلية منها، في مستشفى الشفاء شمال غزة، بحسب ما نقلته عن روايات شهود عيان.
وفي حديثهم لـ"سي أن أن"، وصف مراسلون فلسطينيون وموظفون في المستشفى "مشاهد الاستجوابات المهينة"، حيث تم تجريد زملائهم من ملابسهم وتركهم في الخارج في البرد، بعد أن فرض الجيش الإسرائيلي حصارا على أكبر مستشفى في القطاع، الإثنين.
والإثنين، داهم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء بعد أن قال إن "كبار إرهابيي حماس" كانوا يستخدمون المنشأة لـ"القيام بنشاط إرهابي والترويج له".
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه "اعتقل أحد كبار نشطاء حماس خلال العملية"، بينما قالت "سي أن أن" إنها لا تستطيع بشكل مستقل التحقق من تصريحات الجيش الإسرائيلي.
احتجاز وتجريد من الملابس
قال الصحفي بقناة الجزيرة القطرية، إسماعيل الغول، إنه وفريقه احتُجزوا لمدة 12 ساعة، وتم تجريدهم من ملابسهم الداخلية ومعصوبي الأعين طوال الوقت، على الرغم من المطر والبرد.
وقال أحمد الحرازين، وهو عضو آخر في الفريق: "بينما كنا جالسين (هناك)، داهمنا الجيش (الإسرائيلي) فجأة واعتقلنا.. ثم تم إطلاق سراحنا".
وقال سامر ترزي، الذي كان أيضا جزءا من فريق الغول في الشفاء، لشبكة "سي أن أن"، إنه كان قد انتهى للتو من العمل في الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي يوم الإثنين عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي المجمع واعتقلهم.
وأضاف:" لقد كنا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي بينما كنا ننتظر إطلاق سراحنا.. كنا ننتظر، ولا نعرف أين كنا أو إلى أين تم نقلنا".
وبعد اعتقاله، طلب الجيش الإسرائيلي من الترزي وزملاءه الفرار جنوبا، على طول شارع الرشيد الساحلي، حسبما أشار في حديثه.
وتابع: "تم إطلاق سراحنا دون استعادة هوياتنا أو هواتفنا المحمولة".
والإثنين، قالت الجزيرة في بيان إن "الغول وفريقه تعرضوا للاحتجاز وتعرضوا للضرب المبرح قبل نقلهم إلى مكان غير معلوم واستجوابهم".
لكن على جانب آخر، قال الجيش الإسرائيلي لشبكة "سي أن أن"، إنه ليس لديه سجل باعتقال الغول أو زملاءه.
من داخل المستشفى
تلقت "سي أن أن" تقريرا من الدكتور مروان أبو سعدة، رئيس قسم الجراحة في مستشفى الشفاء.
ولم يكن أبو سعدة في المستشفى عندما بدأت المداهمة الإسرائيلية يوم الإثنين، وقال، الثلاثاء، إن زملاءه الذين سمح لهم بمغادرة المستشفى أفادوا بأن قوات إسرائيلية اقتحمت معظم مباني المستشفى.
وقال إن الطاقم الطبي الذكور أُجبروا على خلع ملابسهم وتركوا "لساعات في البرد"، وهو تأكيد أدلى به رجال آخرون تم إطلاق سراحهم من المنطقة، بحسب "سي أن أن".
وأضاف:" لقد قاموا بمسح وجوههم بالكاميرا وأخذوهم واحداً تلو الآخر لإجراء (تحقيق مهين)".
وتابع أبو سعدة: "تم اعتقال الكثيرين واقتيادهم إلى جهة مجهولة، وأجبر البعض على مغادرة المستشفى ونزحوا إلى الجنوب نصف عراة، فيما أُمر آخرون بالعودة إلى المستشفى".
واستطرد: "اعتدى جنود على طواقمنا الطبية والعاملين في مستشفى الشفاء، وتركوهم دون طعام أو ماء لمدة يومين، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا شهر رمضان وهم صائمون".
ولم يتمكن موقع "الحرة" من التأكد من صحة تلك الروايات من خلال مصادر مستقلة.
وطلبت شبكة "سي أن أن" من الجيش الإسرائيلي الرد على الاتهامات، لكنه لم يرد أيضا.
ورد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق من موقع "الحرة"، وقال إنه يعمل "في معاقل حماس كجزء من الجهود الرامية إلى تفكيك قدراتها العسكرية وإنقاذ الرهائن المختطفين".
وتابع إنه خلال العمليات "يتم اعتقال واستجواب الأشخاص المشتبه في تورطهم في النشاط الإرهابي، ويتم إطلاق سراح من يتبين أنهم لا يشاركون في أنشطة إرهابية"، مؤكدا أنه "لم ولن يستهدف الصحفيين عمدا".
وأضاف الجيش أنه "يتم معاملة المحتجزين وفق القانون الدولي، وفي أوقات كثيرة يكون من الضروري أن يسلم المعتقلون المشتبه فيهم بالإرهاب ملابسهم بحيث يتم تفتيشها والتأكد من أنهم لا يخفون سترات ناسفة أو أسلحة... لا يتم إعادة الملابس على الفور، بسبب الاشتباه في أنها قد تخفي وسائل يمكن استخدامها لأغراض عدائية".
والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل "أكثر من 140" مقاتلا فلسطينيا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في شمال مدينة غزة، والذي اقتحمه فجر الاثنين بعد تطويقه بالدبابات.
وقال الجيش في بيان "منذ بدء العملية، تم القضاء على أكثر من 140 إرهابيا في منطقة المستشفى"، مضيفا أن أكثر من 50 من القتلى سقطوا خلال معارك، الأربعاء.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن القوات استجوبت "أكثر من 300 مشتبه به" واقتادت 160 آخرين على الأقل إلى الأراضي الإسرائيلية، لمزيد من الاستجواب، ولا تستطيع "سي أن أن" التحقق بشكل مستقل مما ذكره الجيش الإسرائيلي.
وطلبت شبكة "سي أن أن" من الجيش الإسرائيلي تقديم مزيد من التفاصيل حول الأشخاص الذين تقول إنه قتلهم أو اعتقلهم خلال الغارة على الشفاء وفي الحي، ولكن لم تتلق الرد.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 31988 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 74188، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الخميس.