غالبية المستشفيات، وأكبرها مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تعرضت لهجمات إسرائيلية
غالبية المستشفيات، وأكبرها مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تعرضت لهجمات إسرائيلية

يستمر الحصار الإسرائيلي لمستشفى العودة في شمال قطاع غزة منذ يوم الأحد الماضي، حيث يوجد 148 من موظفيه و22 مريضا ومرافقيهم بداخله، في وقت تستمر فيه الأعمال العسكرية بمحيطه.

وتحدث القائم بأعمال مدير مستشفى العودة، وهو أحد آخر المستشفيات العاملة في شمال غزة، عن ظروف سيئة للغاية يعيشها العاملون والمرضى، وهو محاط بأصوات القنابل، فيما يتم تجميع المرضى المذعورين بعيدا عن النوافذ.

وأشار الدكتور محمد صالحة، في حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الوقود على وشك النفاد، مؤكدا نفاد المياه النظيفة، وقال: "لا يستطيع أحد أن يتحرك، ولا يمكن لأحد أن يقترب من النوافذ". وخلال حصار مستشفى العودة الذي استمر 18 يوما في ديسمبر الماضي، قتل ثلاثة من العاملين في المجال الطبي بالرصاص من خلال النوافذ.

وقال الدكتور صالحة، إنه منذ يوم الأحد، هناك حوالي 150 شخصا – بما في ذلك الأطباء والمرضى المصابين والرضع، اثنان منهم ولدا قبل أيام فقط – محاصرون داخل العودة، وسط هجوم إسرائيلي متجدد في الشمال.

وأضاف في مقابلة هاتفية ورسائل صوتية أن المستشفى محاصر فعليا من قبل قوات إسرائيلية. ولا يستطيع الأشخاص داخل المستشفى المغادرة، ولا يمكن وصول المساعدة الخارجية إليهم، ولا تستطيع سيارات الإسعاف الاستجابة لنداءات إحضار المصابين والجرحى.

وذكرت منظمة أطباء بلا حدود، التي لديها موظفين في المنطقة، أن المستشفى كان محاطا بالدبابات يوم الاثنين.

وتحدث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، عن حصار مستشفى العودة، الثلاثاء، وقال إن فريق الطوارئ الطبي الذي أرسلته المنظمة لدعم المستشفى، اضطر إلى الانتقال في 13 مايو بسبب "الأعمال العدائية المكثفة"، في إشارة إلى المخاطر التي يتعرض لها بقية المرضى والموظفين.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق للصحيفة على عملياته العسكرية حول العودة.

ويشار إلى أنه في ديسمبر الماضي، حاصرت قوات إسرائيلية مستشفى العودة لمدة أسبوعين تقريبا، ثم اقتحمته، مما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص واحتجاز آخرين للاستجواب.

وكان مدير المستشفى، الدكتور أحمد مهنا، أحد الذين تم اعتقالهم لدى إسرائيل ولا يزال مكان وجوده مجهولا، وفقا لمنظمة أكشن إيد، وهي منظمة غير حكومية تدعم المستشفى. ومنذ ذلك الحين أصبح الدكتور صالحة يقود طاقم المستشفى مكانه.

كما تم اعتقال رئيس قسم جراحة العظام السابق في مستشفى الشفاء، الدكتور عدنان أحمد البرش، في ديسمبر بمستشفى العودة، حيث كان يعمل. وقال مسؤولون فلسطينيون وجماعات حقوقية في وقت سابق من هذا الشهر إنه توفي في الحجز الإسرائيلي.

وفي شأن متصل، قال مسعفون إن صواريخ إسرائيلية أصابت قسم الطوارئ في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، الثلاثاء، مما دفع أفراد الطاقم الطبي المذعورين إلى نقل المرضى على أسرة المستشفى ومحفات إلى الشارع المليء بالحطام بالخارج.

وأظهر مقطع مصور حصلت عليه رويترز مسعفين يرتدون الزي الأزرق وهم يخرجون المرضى من مجمع المستشفى في جباليا ويصيحون في خوف وينظرون خلفهم كما لو كانوا يتوقعون مزيدا من الضربات.

وقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، "الصاروخ الأول استهدف مدخل الاستقبال بالطوارئ. حاولنا الدخول، ثم ضرب الصاروخ الثاني والثالث ثم المبنى المحيط".

وظهر في اللقطات المصورة رجل وهو يحتضن ما بدا أنه طفل حديث الولادة ملفوف بقطعة قماش زرقاء. وظهر رجل مسن وهو يُنقل على محفة ذات عجلات في شارع يملؤه الحطام نحو سيارة إسعاف فيما كان آخرون، معظمهم من النساء وبعضهم يرتدي معاطف أو ملابس بيضاء، يفرون من المستشفى في خوف.

وقالت إسرائيل إنها عادت إلى مخيم جباليا، الذي أعلنت قبل شهور أنها أخرجت مقاتلي حركة حماس منه، لمنع الحركة المسلحة التي تدير قطاع غزة من إعادة بناء قدراتها العسكرية هناك.

وقال متحدث باسم وزارة الصحة في غزة لرويترز إنه يجري نقل المرضى إلى مستشفى المعمداني بمدينة غزة وإلى مراكز طبية أخرى أقيمت في شمال القطاع.

وانهار نظام الرعاية الصحية في غزة إلى حد بعيد منذ أن بدأت إسرائيل هجومها العسكري هناك بعد هجمات السابع من أكتوبر التي شنها مسلحون من حماس على مواقع ومناطق إسرائيلية محاذية لقطاع غزة.

ويذكر أن غالبية المستشفيات، وأكبرها مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تعرضت لهجمات إسرائيلية بحجة وجود مسلحين من حماس بداخلها، وقد توقفت عن العمل بشكل كامل.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 35 ألف شخص وجرح نحو 80 ألفا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".