وقفت المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في الصفوف الأمامية للثورات التي شهدتها بعض البلاد العربية، متحدية غطرسة الأنظمة بل وحتى إرهاب الجماعات المتشددة. من تونس ومصر إلى ليبيا وسورية واليمن وصولا إلى البحرين. خطت المرأة العربية بعنفوانها ودمها وكرامتها ملاحم من الصمود.
غير أن الواقع الذي أفرزته ثورات الربيع العربي تنكر لهذه المرأة وتضحياتها في سبيل الحرية والعدالة. واختلفت مصائر هؤلاء النسوة لتواجه أغلبهن الجحود وجحيم المعتقل أو الموت.
ست نساء عربيات، من دول الربيع الست، تختصر حكاياتهن حال ملايين النساء.. في عهد الربيع.
رزان زيتونة-سورية
محامية وناشطة حقوقية سورية، اختارت منذ ولوجها عالم المحاماة الدفاع عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي. أسست زيتونة سنة 2005 مركز معلومات حقوق الإنسان في سورية ليكون بمثابة قاعدة بيانات لانتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان في البلاد.
مع بداية الثورة السورية، اضطرت زيتونة للتخفي بسبب نشاطها الإعلامي لنقل ما يحدث على الأرض لوسائل الإعلام المختلفة، خاصة الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في ثورتهم من أجل الحرية من اعتقالات وتعذيب وقتل وتنكيل.
في صباح التاسع من كانون الأول / ديسمبر 2013، داهمت مجموعة مجهولة مكتب مركز توثيق الانتهاكات في سورية، واختطفت الناشطة رزان زيتونة وفريق عملها (وائل حمادة، سميرة خليل، وناظم حمادي) واقتادتهم إلى جهة غير معروفة. ولم يعثر على زيتونة حتى اليوم.
زيتونة حاصلة على جائزة آنا بوليتكوفسكايا للمدافعات عن حقوق الانسان، وعلى جائزة ساخاروف الممنوحة من البرلمان الأوروبي بالاشتراك مع رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات.
شيماء الصباغ-مصر
قضت شيماء الصباغ بطلقة نارية في الذكرى الرابعة لثورة 25 كانون الثاني/يناير لتروي دماؤها إكليل الزهور الذي كانت تنوي وضعه على نصب تذكاري بميدان التحرير.
كانت الصباغ، إحدى قيادات شباب الثورة بالإسكندرية، ضمن من أشعلوا الشرارة الأولى للثورة ضد الرئيس المعزول حسني مبارك. أسست مع زملائها عقب أحداث يناير حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وشغلت منصب أمين العمل الجماهيري للحزب بالإسكندرية حتى وفاتها.
اهتمت الصباغ بالشأن العمالي وقضاياه وشاركت أيضا في العديد من الوقفات في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ما عرضها للضرب وإصابات بالخرطوش.
قبل أيام معدودة من مقتلها، كتبت الصباغ عبر حسابها على فيسبوك "البلد دي بقت بتوجع ومفيهاش دفا.. يا رب يكون ترابها براح وحضن أرضها أوسع من السماء"، لكنها فارقت الحياة وهي تهتف "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
مريم الخواجة-البحرين
ناشطة سياسية بحرينية، والدها عبد الهادي الخواجة، أحد قياديي الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في البحرين في 14 آذار/فبراير 2011 والذي يقضي حكما بالسجن المؤبد بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
كانت مريم الخواجة من أبرز المشاركات في الاحتجاجات التي شهدتها البحرين عامي 2011 و2012، وعكفت على انتقاد سياسات الحكومة البحرينية.
أوقفت السلطات البحرينية الخواجة التي اشتهرت بتغطيتها لأوضاع البحرين مرات عدة، من أبرزها توقيفها في 15 حزيران/يونيو 2011، بعد اعتصامها مع ناشطتين أمام مبنى الأمم المتحدة في البحرين لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط لإطلاق سراح "السجناء السياسيين". وألقي القبض على الخواجة أيضا في 15 كانون الأول/ديسمبر 2011 بعد أن اعتصمت مطالبة بإسقاط الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وفي 30 آب/أغسطس 2014، ألقي القبض على الخواجة فور وصولها إلى مطار البحرين وصدر بحقها في كانون الأول/ديسمبر حكم بالسجن لمدة سنة بتهمة الاعتداء على شرطية. وكانت مريم الخواجة قررت مقاطعة المحاكمة لعدة اعتبارات منها "افتقار قضاة البحرين للاستقلالية" حسب قولها، وانتهاك حقوقها أثناء خضوعها للاستجواب.
لينا بن مهنى-تونس
لينا بن مهنى، تونسية وثقت من خلال مدونتها "بنية تونسية" يوميات الثورة التونسية ونقلت أحداثها إلى العالم بأسره.
تعرضت بن مهنى خلال الثورة لحصار أمني مشدد وحرمت حينها من رؤية العائلة لضرورة تواجدها في منزل آمن يحميها من تتبع البوليس السياسي.
نشطت منذ سنوات في مجال حقوق الإنسان ومكافحة رقابة الإنترنت وحرية التدوين وحرية التعبير كما شاركت في حملات لإطلاق سراح الطلبة المسجونين لنشاطهم السياسي.
رشحت لينا لأكثر من جائزة عالمية، وأهمها "جائزة نوبل للسلام" عامي 2011 و2013.
وتعتبر بن مهنى أن الثورة التونسية، وبعد أربع سنوات من نجاحها في إطاحة نظام بن علي، قد ضلت أهدافها وحادت عنها.
غيداء التواتي-ليبيا
ناشطة سياسية ومدونة ليبية بدأت نشاطها المعارض سنة 2003 من خلال كتابات كانت تنشرها في المنتديات الإلكترونية، قبل أن تنشئ مدونتها الخاصة في 2007. تعاونت فيما بعد مع بعض مواقع المعارضة التي تعمل من خارج ليبيا في كتابة المقالات وتزويدها بأخبار ما يجري داخل ليبيا، ما جعلها عرضة للانتقاد بل والتهديد.
بعد أيام من قيام الثورة، هددت غيداء بإحراق نفسها أمام الملايين في ميدان الشهداء بطرابلس إن لم يتوقف النظام عن قتل المتظاهرين. فاعتقلت واقتيدت إلى سجن أبو سليم حيث أضربت عن الطعام لثلاثة أشهر. وبعد أن تدهورت حالتها الصحية، تم الإفراج عنها لكنها وضعت تحت المراقبة المشددة.
بعد سقوط نظام معمر القذافي، استمرت غيداء في حشد الهمم لبناء دولة ليبية ديموقراطية، وهي تأسف لما آل إليه بلدها من انقسامات ولدوامة العنف التي غرق فيها.
ولكنها، وبعد أن عانت قساوة سلطات القذافي، تتعرض اليوم لحملة من القذف والتشنيع بسبب نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي.
توكل كرمان-اليمن
توكل كرمان، صحافية يمنية وعضوة في حزب التجمع اليمني للإصلاح. كان الحظ حليف كرمان أكثر من رفيقاتها في درب الثورات الشعبية. حصلت على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، اعترافا بنضالها السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام.
أطلق عليها اليمنيون اسم "روح الثورة اليمنية" و"أم الثورة"، وكذلك الملكة بلقيس الثانية.
عرفت بشجاعتها وجرأتها على قول الحق ومناهضة انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري ومطالبتها الصارمة بالإصلاحات السياسية في البلد.
كانت في طليعة الثوار الذين طالبوا بإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح. على الرغم من تعرضها للعديد من التهديدات والمضايقات والاعتداءات من أجل ثنيها عما تقوم به، تستمر كرمان في فضح الفساد ومناشدة شباب ثورة 11 فبراير أن يطلقوا موجة ثورية جديدة ضد ما تصفه بـ"الانقلاب الحوثي" على إرادة اليمنيين.
هن نساء تفرقت سبلهن، لكن وحد بينهن الشارع ووحدتهن لاحقا الحسرة على عدم تحقيق الثورات العربية التقدم المأمول على أوضاع المرأة وحقوقها.
ما رأيك؟ ما هو السبيل أمام المرأة العربية لكي تتجاوز واقعها وتحصل على حقوقها؟
شاركنا برأيك من خلال تطبيقي راديو سوا وقناة الحرة على هواتف آيفون وأندرويد، أو عبر عنه بتعليقات في صفحاتنا على فيسبوك وتويتر.