يستخدم تنظيم داعش في أشرطته الدعائية فتية يطلقون النار على أشخاص أو يتدربون حاملين رشاشات، سعيا منه لإظهار أنه يروض "جيلا قادما" يحمل أيديولوجيته وقادر على ضمان إدامته لسنوات.
وفي شريط تداولته منتديات إلكترونية جهادية في كانون الثاني/يناير عام 2014، يظهر فتى يحمل مسدسا، قبل أن يطلق النار على رأسي رجلين جاثمين أمامه ويداهما مقيدتان خلف ظهريهما. وبعد إطلاق النار، ينهار الرجلان اللذان قدما على أنهما "جاسوسان روسيان" أرضا، قبل أن يرفع الفتى مسدسه في الهواء ويظهر نص على الشاشة يمجد "الفتية المجاهدين".
ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من صدقية الشريط. وهو واحد من أشرطة عدة يروج لها أسبوعيا التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من سورية والعراق ويعتمد بشكل كبير على الحرب الإعلامية.
ترويض جيل
وسبق للفتى نفسه أن ظهر في شريط نشر في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2014 قائلا إنه يريد أن يكون "مجاهدا" عندما يكبر.
ويقول الباحث الزائر في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر لوكالة الصحافة الفرنسية إن داعش رفع خلال الأشهر الستة الماضية "من مستوى العنف الذي يشارك فيه أو ينفذه فتية، وأشرطة قتل الأطفال لبعض الضحايا تمثل مستوى العنف الأقصى الذي بلغته" هذه الأشرطة حتى الآن.
ويضيف "إظهار فتية ينفذون أعمالا عنيفة كهذه هو طريقة داعش لإظهار أن القتال الذي يخوضه يفترض أن يشارك فيه كل من يعتبر أنه بلغ سن القتال".
ويشير إلى أن إقحام الفتية "في هذه الذهنية العنيفة يساعد في ضمان أن الجو الذي يعمل فيه داعش حاليا، سيكون هو نفسه الذي سيجند منه عناصر جددا في السنوات المقبلة".
وفي الشريط المنشور في تشرين الثاني/نوفمبر، يظهر فتية يتلقون دروسا في تلاوة القرآن واللغة العربية، إضافة إلى تدريب بدني واستخدام الأسلحة الرشاشة.
ويبدو تعمد التنظيم تأكيد تدريب مقاتلين منذ الصغر واضحا من خلال الشريط، إذ يرد أن هؤلاء الفتية الذين قيل إنهم من كازاخستان هم "الجيل القادم"، بحسب صوت شخص يسمع في الخلفية أثناء قيام بعضهم بالتدرب وهم يرتدون ملابس عسكرية ويحملون رشاشات "كلاشينكوف".
وفي هذا الشريط، يقول الفتى الذي ظهر في الشريط الأحدث حاملا مسدسا إن اسمه عبد الله وإنه سيكون "ذباحا وسيكون مجاهدا" في المستقبل.
الضرر النفسي
وكثف التنظيم مؤخرا من خلال الأشرطة والصور الدعائية التي ينفذها بإتقان إظهار من يسميهم "أشبال الخلافة"، التي أعلن اقامتها في مناطق سيطرته في العراق وسورية في 29 حزيران/ يونيو.
ويرى المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في العراق جيفري بايتس أن التلقين الأيديولوجي أو المشاركة في الأعمال العنفية يسببان ضررا نفسيا للفتية الذين يتعرضون لذلك، ويمثلان مشكلة كبيرة للدول التي ينشأون فيها.
ويوضح لوكالة الصحافة الفرنسية "لدينا أمثلة من حول العالم على مدى عقود حول تأثير ذلك على الأطفال، وهو تأثير مدمر"، مضيفا أن عناصر التنظيم "لا يستخدمون هذا الاسلوب كأداة لتجنيد الأشخاص فقط، بل أيضا لتأسيس مستقبل يصبح فيه هؤلاء الأطفال راشدين يدفعون بهذه الأفكار قدما".
ويضيف "لا يمكن التقليل من شأن حجم هذه المشكلة في العراق. نحن أمام الآلاف والآلاف من الأطفال" الذين يحتاجون إلى مساعدة.
أيديولوجية مدمرة
وبين الصور التي تتداول بشكل دوري على حسابات مؤيدة للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة تظهر مجموعة من الفتية الملثمين بزي عسكري يحملون رشاشات "كلاشينكوف" أمام العلم الأسود للتنظيم.
كما تظهر صورة أخرى طفلا ملثما يرتدي زيا أسود اللون وجعبة عسكرية، وقد وضع على كتفه رشاش "كلاشينكوف"، وإلى جانبه رشاش آخر.
ويقول الباحث في "منتدى الشرق الأوسط"أيمن التميمي إن استخدام الفتية في الإنتاج الدعائي لتنظيم الدولة الإسلامية داعش بدأ بالانتشار منذ منتصف العام 2013، في وقت كان التنظيم يسعى إلى إظهار تأثيره في سورية.
ويشير إلى أن هذا التنظيم المتشدد ليس الوحيد الذي يلجأ إلى هذا الأسلوب الترويجي، إلا أنه "بالنسبة إلى داعش هذه رسالة أكثر فرادة، لأنه يقدم نفسه على أنه دولة قائمة".
ويضيف "التنظيم يستخدم الأطفال في دعايته لأنه يرى أنهم مكون أساسي في استدامة وجود الدولة الإسلامية حتى الجيل القادم".