بقلم علي عبد الأمير:
أثار فيديو لشاب عراقي تم تداوله على نحو واسع في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" موجة من النقاش والتعليقات وصلت حد السجال المؤثر، كونه توجه بالنقد المباشر والواضح للوعي الاجتماعي السائد في البلاد، بدلا من النقد الشائع والموجّه نحو القيادات والنخب السياسية في الحكومة والبرلمان.
الرأي الذي تضمنه فيديو الشاب العراقي، بدا وقد ازداد تأثيرا وزخما، فهو يتزامن مع موسم العزاء الحسيني (عاشوراء) الذي يحييه قطاع عريض من المواطنين في العراق ودول أخرى.
"إحنا بس حايرين نروح لكربلاء كل سنة نمشي، انطبر ونضرب زنجيل ونلطم"، يقول الشاب في الفيديو. "هذا أكثر غاياتنا وهي هاي أهدافنا بس. ليش؟ الإمام الحسين من إجا لكربلاء إجا يلطم على الإمام علي لو إجا يلطم على النبي محمد؟ لا، الإمام الحسين إجا حتى يغير، حتى يصلح، إجا حتى يكول بوجه الظالم انت ظالم".
ومع أن ردود المعلقين على الفيديو أجمعت في أغلبها على رجاحة فكرة الشاب الذي "ينتقد الخروج الجماعي (المليوني) بمسيرات اللطم والحزن، ويدعو إلى استبدالها بأخرى مماثلة في العدد ولكن من أجل الاحتجاج على سوء الأوضاع في البلاد"، كما جاء في أحد التعليقات، إلا أن هناك من اعتبرها "رأيا لا يستحق التوقف عنده، كونه يمس الشعائر المقدسة".
وحول هذا السجال ، وعن الفكرة التي تضمنها فيديو الشاب العراقي، قال الأستاذ الجامعي عارف العلي لموقع (إرفع صوتك) "هذا الشاب الموجوع بمحنة اسمها الوطن، اختصر كل معاناة العراق التي هي معاناتنا بطبيعة الحال والحلول اللازمة لمعالجتها بهذا المقطع الكلامي الذي مدته لا تتجاوز ٣ دقائق".
ويضيف العلي "نتمنى أن يكثر في العراق أمثال هذا الشاب الغيور، فيصبحوا قوة لن تستطيع الوقوف بوجهها أي قوة مهما كانت، حتى وإن كانت مؤدلجة بالدين والدجل مثل ما يحصل الآن من تزاوج غير شرعي بين السلطة والدين . اُحيي هذا الشاب الغيور من كل قلبي" .
التظاهر المليوني بدلا من اللطم المليوني؟
ويرى الكاتب والصحافي أحمد حميد، أن "السجال هو حول الفكرة التي تضمنها الفيديو، فكرة الاحتجاج، التظاهر، الاعتصام، وهي ظواهـرٌ تنمُ عن وعـي وثقافة يفتقدها أغلب شرائح المجتمع العراقي، ولاسيما شريحة الشباب. وذلك بسبب أدلجة قوى الإسلام السياسي الحاكم في البلاد لعقول الناس وتخديرها باسم المسلمات الدينية والوعود الغفرانية. لـذا أصـوات الاحتجاج على الوضع المزري ليست بالعالية والكافية. والسبب أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي تعيش الغيبوبة الطائفية التي تُنسيـه حقـوقه ومطالبه بالعيش الكريم".
ويضيف حميد في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) "الطـائفيـة السياسيـة الحاكمة في العراق، تمكنت من تمزيق النسيج المجتمعي والهوية الوطنية وثقافة المواطنة، الأمر الذي خلق نوعاً من أزمة ثقة بين جميع المكونات، مما يجعل كل فئة تتمسك بقادتها ورموزها خشية من الفئة الأخرى وهيمنتها على السلطة والعيش تحت سياطهم من جديد، بحسب الأدلجـة الاسلاموية للمجتمع."
ويوضح حميد، وهو الناشط في الاحتجاج الشعبي السلمي، أنه "بإمكان الكثيـر من العراقييـن تغيير المعادلة السياسية في البلاد، عبر تجيير المنبر الحسيني وطقوس عاشوراء نحو انتقاد الأوضاع المزرية والعمل على تثقيف المجتمع بثقافة الإصلاح وأهمية التغيير".
وشدد حميد "الزحف المليوني تجاه كربلاء، بإمكانه أن يقلب الأمور ويخلق نوعاً من التهديد للسلطة الفاشلة في البلاد، لوكان زحفاً نحو المنطقة الرئاسية الخضراء. أؤيد ماقاله هذا الشاب، والمشكلة فعلا هي في الوعي المجتمعي".
*الصورة: "بإمكان الكثيـر من العراقييـن تغيير المعادلة السياسية في البلاد، عبر تجيير المنبر الحسيني وطقوس عاشوراء نحو انتقاد الأوضاع المزرية"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659