بقلم محمد الدليمي:
أشعل شباب مصر ثورة 25 يناير 2011، وأدام زخمها، وأصرّ على مطالبها حتى دخل صفحات التاريخ. فأنجز التغيير، وتحقّق ما لم يكن يتوقعه أحد أن يكون ممكن الحدوث قبل ذلك التاريخ.
مرّت أربع سنوات من الحراك المستمر والأحداث المتلاحقة، من حكم للمجلس العسكري، ومن ثم حكم الإخوان المسلمين ومظاهرات 30 حزيران/يونيو 2013 وما تلاها من عودة للحكم العسكري، فانتخابات رئاسية أدت إلى وصول القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع سابقاً إلى سدّة رئاسة جمهورية مصر العربية.
وتخوض مصر في هذه الأيام من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015 الاستحقاق البرلماني بمرحلتيه الأولى والثانية، في أوّل انتخابات بعد إقرار الدستور الجديد.
خلال هذه السنوات، اكتسب شباب مصر الناشط خبرات كبيرة وأثبت قدرته على التواجد في الساحة بعد أن أفرز الحراك قيادات شابة لا تزال فاعلة وتطالب بالإصلاح، وإن اختلفت الطرق.
موقع (إرفع صوتك) أجرى حواراً مع اثنين من هذه القيادات الشابة حول أين يجد الشباب نفسه من قيادة المستقبل وصنع القرار، اختلاف تعامله مع الواقع، وكيفية تحقيق الآمال والطموحات.
حرب شعواء
يقول تامر القاضي، عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية، والمتحدّث باسم شباب الثورة، إنّ الشباب المصري الذي قام بالتغيير وسعى له يتعرض لحملة إقصاء وتشويه، وهناك محاولات حثيثة لإبعاده عن دائرة التأثير.
"تمّ إفراغ الساحة من الشباب الذي يحمل تجربة سياسية أو فكرية وممّن اكتسب خبرة في الحراك الشعبي وذلك عن طريق الاعتقال أو غيرها من وسائل الضغط. الشباب المصري غير ممثل تنفيذياً وتمّ اقصاؤه".
ويضيف القاضي "الشباب المصري غير ممثل في أي عمل تنفيذي متقدّم في الحكومة، وبالتالي فهو لا يشارك في صنع القرار".
ويشرح القاضي وجود صعوبة في تقبّل دور الشباب ويشير إلى أنّ رافضي دور الشباب لا ينظرون إلى قادة بعض دول العالم من الشباب، في دول مثل كندا وغيرها.
"الشباب يتعرضون لحرب شعواء"، يضيف القاضي الذي يرى أنّ سبب هذه الحرب هو كون "الشباب يدعون لنظام جديد يقوم على القضاء على الفساد، وإصلاحات اقتصادية واجتماعية وبفكر جديدٍ وهذا كلّه يصطدم بنظام قديم متجذر يعتمد على الفساد ومجموعة متشابكة من المصالح على حساب الشعب".
ويشرح القاضي أنّ هذه الحرب ضد الشباب أخذت صوراً مختلفة، منها "اتهامات بالخيانة ومحاولات تشويه سمعة الشباب من قبل رجال العهد القديم الذين يحاولون العودة للمشهد السياسي في البلاد، مستغلين نفوذهم المالي وإمكانياتهم المتراكمة عكس الشباب الذي يحاول السباحة ضد التيار".
ويقول القاضي إن الشباب المصري غير راضٍ عن مستوى تمثيلهم ويشير إلى أنّ الدليل على إحباط الشباب هو "نسبة المشاركة القليلة" في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية نتيجة عزوف الشباب وغيرهم عن المشاركة.
وكانت مصر أجرت أول مرحلة من مراحل التصويت على البرلمان بين 17 – 19 أكتوبر.
وعن ما يريده الشباب في مصر وعلاج الاحباط الذي يشعر به الشباب لتلافي مشاكل المستقبل، يقول القاضي "يجب إشراك الشباب في القيادة، وإلا فليس أمام الشباب إلا الاستمرار في النضال".
غضب مكبوت
يشير عمرو درويش، أحد شباب الثورة والمرشح في الانتخابات البرلمانية المصرية الحالية في حديث لموقع (إرفع صوتك) أثناء توجهه لنشاط انتخابي عشية التحضيرات للجولة الثانية من الانتخابات، إلى وجود غضب شبابي متزايد.
"هناك نوع من أنواع الغضب المكبوت، حيث يرى الشباب شخصيات من النظام السابق تحاول العودة للمشهد السياسي"، يقول درويش، مضيفاً "النظم السابقة لا تستسلم بسهولة وتحاول أن ترجع بثوب جديد وهو أمر متوقع".
وعن مصطلح "تمكين الشباب"، الذي استخدم في تسعينيات القرن الماضي كبوابة لدخول أبناء السياسيين معترك السياسة مثل ابن الرئيس السابق جمال مبارك، يقول درويش "تمّ تشويه هذا المصطلح، حيث صار يفهم منه جلب أيّ شباب ودفعهم لمراكز القرار، وهو فكر خاطئ فالشباب المصري مؤهل ولديه من الكفاءات والقدرة والتمرس في العمل السياسي ما يخوّله تسلّم مراكز قيادية وتنفيذها على أكمل وجه".
ويؤكّد درويش على أهمية إحدى مبادرات الرئاسة المصرية الأخيرة والتي تهدف إلى تأهيل الشباب لممارسة دور قيادي، قائلاً إنّ "الدولة تحتاج للتفكير الدائم بإعداد أجيال قادرة على تحمّل المسؤولية".
ويضيف "لو أن الدولة تسعى لبناء كوادر شبابية، ولو أنها تعطي الفرصة لجيل من الشباب يريد المشاركة ويرنو إليها، لأنتج هذا الشباب الكثير من الحلول لمشاكل مستعصية".
ويدعو درويش الشباب المصري إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات مشدّداًَ على أنّ "المقاطعة ليست حلاً وإنما المشاركة واختيار الشباب، وإن قل عددهم من بين المرشحين هي أفضل الطرق".
ويذكّر درويش بأهمية التفاعل الاجتماعي الشبابي في تمويل الشباب لمواجهة "رؤوس الأموال الكبيرة التي تحاول العودة إلى المشهد السياسي".
ويقول إنّ سبب غضب الشباب هو"رغبتهم في التغيير السريع، لكنّ الديمقراطية لها قواعدها وهذا ما يجب علينا أن نفهمه".
*الصورة: "الديمقراطية لها قواعدها وهذا ما يجب علينا أن نفهمه"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659