المغرب - بقلم زينون عبد العالي:

ظهرت في السنوات الأخيرة في المغرب فئات شابة تنادي بالإصلاح وتعمل لتحقيقه. فمباشرة بعد تعديل الدستور المغربي، وإجراء الانتخابات البرلمانية التي أفرزت حكومة جديدة، قامت فعاليات شبابية بتأسيس "حكومة الشباب الموازية"، كهيئة مدنية تعمل إلى جانب الحكومة الفعلية.

حكومة الشباب الموازية تأسّست مباشرة بعد تشكيل الحكومة الائتلافية بالمغرب سنة 2012، بهدف إثراء النقاش العمومي ومتابعة السياسات الحكومية في شتّى القطاعات، بالإضافة إلى تقديم الاقتراحات والأفكار والبدائل للحكومة الرسمية. غير أنّ ما أثار انتقادات الكثيرين لهذه الحكومة، هو أنّه بعد ثلاث سنوات على تأسيسها من طرف هيئة شبابية تسمى بـ"منتدى الشباب المغربي" لم تخرج بأي نتيجة، ولم تفرض وجودها كإطار فاعل في الحياة السياسية والاجتماعية بالمغرب، بل تعترف بأنها لا تمثل كافة الشباب المغربي.

لا أعرفها ولا تمثلني !

الشاب المغربي أمين عزماني، 24 عاماً، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "هذه الحكومة لا تمثلني لأنّي لم أصوت لها يوماً، ولا أعرف من هم أعضاؤها. وحتّى الآن، لا أعرف طبيعة أنشطتها ومدى تأثيرها في القرار السياسي وإيصال صوت الشباب المغربي. كما أنّ هذه الهيئة لا تعرف شيئاً يسمونه التواصل... الشباب أصلاً لا يعرفون أيّ حكومة هذه ومن يمولها وما هو دورها".

مبادرة غير حزبية

غير أنّ اسماعيل الحمراوي، رئيس حكومة الشباب الموازية،  يعرّف عن الحكومة التي يترأسها كـ"مبادرة مخضرمة بين أغلبية شبابية غير حزبية وشباب ينتمون لأحزاب سياسية".

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "اليوم الشباب في الأحزاب السياسية هم مواطنون أيضاً، ولا يجب على جميع المبادرات أن تغلق في أوجههم فضاءات الانخراط المدني والإبداع السياسي، بل يجب الانفتاح على شباب الأحزاب السياسية والشباب غير المنتمي سياسياً حتى نتمكن من إعداد القادة الشباب الذين سيخلفون في المستقبل القيادات الحالية".

حضور ضعيف

أمّا عبد الرحيم بلشقار، 26 عاماً، فيرى في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّ "أعضاء حكومة الشباب الموازية أنفسهم يعترفون أنهم لا يمثلون كافة الشباب المغربي، لعدة اعتبارات أبرزها المرجعية الإيديولوجية والانتماء أو التقارب الحزبي، والرهانات السياسية والمجتمعية التي تختلف بين التشكيلات المتعددة للشباب المغربي".

ويضيف الناشط المغربي في صفوف إحدى المنظمات الشبابية التابعة لـ(حركة التوحيد والإصلاح) في المغرب "بالنسبة لي، فإن حكومة الشباب الموازية قد تمثلني في الفكرة والوظيفة المتجسدة في ممارسة الرقابة على العمل الحكومي الرسمي بما تسمح به المقتضيات القانونية لفعاليات المجتمع المدني المنصوص عليها في الدستور الجديد، وهذا عمل جيد يمنح أدواراً طلائعية للشباب المغربي. لكن على مستوى الحضور والتأثير في الوسط الشبابي، أعتقد أن دورها ضعيف، إذ لم تتمكن مبادرتها من تحميس الشباب تجاه قضية معينة، أو خلق نقاش يهمّ الشباب حول علاقتهم بالشأن العام".

نريد تمثيلاً للجميع وليس النخبة فقط

ويقول الصحافي المغربي وليد العوني، 30 عاماً، "أعتقد أنّ فكرة وجود حكومة موازية للشباب مهمّة جدّاً، لكن، نريد حضوراً أقوى لهذه الحكومة ولا نريدها أن تضمّ فقط نخبة الشباب، وإنّما ممثلين عن مختلف الشباب من كل الطبقات والمرجعيات الإيديولوجية والسياسية".

ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "الأهم من ذلك، يجب أن تضمّ شباباً أقوى من جهة علاقته بالحكومة والبرلمان، لكي يتمكّن أن يضغط في اتجاه أن تتحول الحكومة الموازية إلى تنظيم له كلمته وتأثيره في القرارات الحكومية المرتبطة بمستقبل الشباب".

ويعترف الحمراوي، الذي يشغل منصب مستشار لدى وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية بالحكومة المغربية، "لم نكن نعتبر نفسنا نمثل الشباب المغربي، لأنّ آليات التمثيل لها مؤسساتها. ما تقدّمه حكومة الشباب الموازية يدخل في إطار دعم المشاركة السياسية للشباب عبر مختلف المجالات، كما أن حكومة الشباب الموازية تستمد مرجعيتها من فصول الدستور المغربي الذي يتناول دور المجتمع المدني اليوم وآليات عمله".

في المقابل تقول ابتسام عزاوي، الوزيرة الشابة في الحكومة الموازية،  في تصريح لموقع (إرفع صوتك) "الهدف من إنشاء حكومة شبابية في المغرب، هو إعطاء الفرصة لمجموعة من الشباب لتتبع سياسات القطاعات الوزارية والسياسات العمومية، وتقييمها ومراقبتها وتقديم الاقتراحات".

وتضيف العزاوي، التي تحمل حقيبة وزارة الجالية وشؤون الهجرة بحكومة الشباب الموازية، "نحن  تجربة شبابية لا نمثل الشباب المغربي كافة. نحن صوت شبابي موجود على الساحة المغربية التي تحتاج الى أصوات ومبادرات شبابية أخرى، والهدف من إنشاء الحكومة الموازية هو إثبات قدرة الشباب على الإبداع والخلق، ومفاجأة صناع القرار بمشاريع وأفكار مبدعة".

إنجازات لا ترقى إلى المأمول

بعد إعلان تشكيل هذه الحكومة، استبشر الشباب المغربي خيراً فيها، وراهن عليها كوسيط بينه وبين المسؤولين وصناع القرار، غير أنّه بعد ثلاث سنوات من تشكيلها، لم تصل الحكومة الشبابية إلى الهدف المنشود، وبقيت حبيسة الانتقاد، والعمل المتواضع.

ويعلّق العوني على حصيلة عمل حكومة الشباب، قائلاً "للأسف حكومة الشباب الموازية لا تجد لها أهمية ولا صدى كتجربة، سواء على مستوى علاقتها بالحكومة المغربية، أو على مستوى تفاعلها مع مطالب الشباب، فأغلب الشباب لم يسمع عن هذه الحكومة، أو عن حصيلة إنجازاتها منذ تأسيسها سنة 2012، كما أنّها لم تقدم دراسات أو مشاريع تهم مستقبل الشباب في البلد".

غير أن عزاوي تشدّد على أنّ حكومتها "كوّنت مجموعة من الوجوه السياسية الشابة الذين قبل أن ينخرطوا في العمل الحزبي والمؤسسات السياسية، تمرسوا على آليات تتبع السياسات الحكومية داخل حكومة الشباب الموازية، بالإضافة إلى مساهمتها في تكون قيادات شبابية جديدة تجمل المشعل في القادم من السنوات".

قوة اقتراحية لكن..

وتضيف العزاوي "هناك قطاعات وزارية في حكومة عبد الإله بنكيران استجابت لمقترحاتنا ومطالبنا، بينما وجدنا صعوبة في التواصل مع قطاعات أخرى. غير أنّ هذا لم يمنع من مشاركة وزراء حكومة الشباب في أنشطة الوزارات الفعلية إلى جانب الوزراء، كما أن نسبة الاستجابة كانت محدودة نوعاً ما".

وتبرر حكومة الشباب ضعف عملها وحصيلتها بقلة إمكانيات العمل، حيث يؤكد الحمراوي على أنّهم "لا يملكون مقرّاً أو وسائل نقل، وغيرها من الوسائل اللوجستية التي تسهل عمل حكومة الشباب الموازية"، مشيراً إلى أنّهم يجتهدون قدر الإمكان "لوضع نظام معلوماتي متطور للتواصل بشكل كبير مع جميع المؤسسات الحكومية والخاصة وجميع فئات المجتمع المدني".

*الصورة: طلاب وطالبات في إحدى جامعات المغرب / وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".