بغداد – بقلم ملاك أحمد:

ثمّة أمر أسوأ من الخوف من الأوضاع غير المستقرة في البلاد، وهو الاعتقاد السائد لدى الشاب العراقي بعدم قدرته على أن يكون رجلاً قيادياً أو زعيماً. غالباً ما يلجم الإحباط الشباب ويحدّ من دورهم التفاعلي والمنتج في المجتمعات التي يأتون منها. والبعض منهم يستغرق في التفكير بأنّه حتّى لو نجح في الوصول الى مركز القيادة، فإنّ هذا النجاح سيُسلب منه.

لا مجال للتغيير

يقول الشاب حيدر قاسم في حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) إنّ "الصراعات السياسية التي تسببت بفقدان الحرية والعدالة في البلاد لن تفسح المجال لي ولا لغيري من الشباب في التفكير بأن نكون قادة في المستقبل، حتى لو كانت لدينا الرغبة بذلك".

ويشير حيدر إلى أنّ "محاولة الوصول إلى الحكم أو إلى منصب قيادي في الدولة ستضعني أمام تحديات معقّدة للغاية، على أقل تقدير الجهات السياسية المعارضة لوجودي (التي يحلو له تسميتها بالمافيات) لأنّ كلّ من يصل لمركز قيادي يجب أن يتوافق مع جميع الجهات وفق اتفاقيات مريبة".

الشعب فقد ثقته بقادة السياسة

يعتقد الشاب علي ماجد أنّ "الأنظمة المتّبعة في البلاد وفسادها السياسي والاقتصادي، والإرهاب والحرب، والتطرف الديني من أهم الأسباب التي أدّت إلى إقصاء الشباب وإبعاده عن التفكير في أن يكون من قادة البلاد".

ويضيف علي "تروقني فكرة أن أصبح قائداً يوماً ما، لكنّي لا أريد ذلك لأنّ الأمر يتعلق بالثقة. نجاح الأنظمة القيادية يرتكز على الثقة والشعب فقد ثقته بقادة السياسة وبالقيادة من الأساس".

ويشير علي إلى أنّه "في حال توفّرت النية لدى الشاب العراقي بأن يكون قائداً، والشعب يعارض ويتحدّث سلباً عن دور غيره من القادة، فلا أظن أنّ وجوده سيكون مهمّاً أو مختلفاً".

دعم ومشاركة الشعب

ويبدو أنّ غالبية الشباب الذين حدّثهم موقع ( إرفع صوتك) لا يرون أنّهم يستطيعون أن يكونوا قياديين بمفردهم. ويقول الشاب عباس علي رجب  إنّ "المشكلات التي تواجهني اليوم لا تنطلق مني تحديداً ولست أنا من تسبّب بها، لهذا لا أملك القدرة على حلها وحدي".

ويضيف عباس "تعدّد الأطراف هو السبيل الوحيد للمواجهة أي تشكيل قوّة متظافرة. وإن كنت أريد أن أكون قيادياً، فيجب أن أحصل على دعم ومشاركة الشعب. وحتماً سوف يتطلب تحقيق هذا الأمر الكثير من الجهود".

عباس لا يرى أنّ المجتمع العراقي يحفّز الشباب على الإيمان بقدراتهم "والدليل على ذلك الهجرة التي شهدناها، هجرة الطبيب والمهندس والمفكّر، هذه إشارات إلى أنّ المجتمع القائم حالياً لا يحفّز على البقاء في البلاد".

يعني شلون؟

أمّا الشاب سليمان داود، فهو فاقد للأمل والرغبة حتّى بالتغيير. يقول لموقع (إرفع صوتك) "لا أمتلك القدرة على القيام بذلك، لأنّني لن استطيع فرض التغيير".

"أبسط حقوقي غير موجودة من تعليم وتخرّج وفرص عمل، فكيف أحلم بأبعد من ذلك؟ ليس لديّ أيّ طموح بأي قيادة ولا أيّ شيء. يعني شلون؟".

*الصورة: "ليس لديّ أيّ طموح بأي قيادة ولا أيّ شيء. يعني شلون؟".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".