بغداد – بقلم ملاك أحمد:

منذ العام 2003 والعاصمة العراقية بغداد تشهد إجراءات أمنية رسمية مشدّدة  شملت وضع الحواجز الخرسانية بين المدن وإغلاق الشوارع الرئيسة ومداخل المناطق. تواجد نقاط التفتيش وتزايدها استمرّ بسبب الأوضاع المضطربة في البلاد والحرب على تنظيم داعش.

وإذ يعتبر البعض هذه الإجراءات ضرورية لحفظ الأمن، يرى آخرون أنّها غير فاعلة وأنّها لم تحدّ إطلاقاً من الهجمات الإرهابية.

الدخول وفق الجنسية  

يقول محمد خالد، وهو من سكان منطقة اليرموك، في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) إنّ "نقاط التفتيش المتواجدة في شوارع العاصمة ومداخل المناطق تمنع دخول الاشخاص الذين لا يحملون أوراقهم الثبوتية - جنسية الأحوال المدنية - فضلاً عن بطاقة السكن التي تثبت أنهم من سكان هذه المنطقة أو تلك".

ويشير إلى أنّه يشعر بالاستياء بشكل خاص من الإجراءات المتبعة في بعض المناطق التي تضم داخلها مقرات حزبية، "حيث يمنع دخول الذين لا يسكنون فيها إلا بتزكية حزبية أو سياسية أو يسمح له عندما يكون حاملاً لبطاقة هوية أو ما يثبت أنّه من أتباع هذا الحزب، بحجة منع حدوث ثغرات أمنية".

الحفاظ على حياتنا

أما حسين علي وهو من سكان منطقة الشعلة، فيرى أنّه "على الرغم من أنّ الاجراءات الأمنية المتمثلة بالحواجز الخرسانية وإغلاق الشوارع قد تسببت بمضايقات وضغوط على حركة الناس، لكنّها بالمقابل منعت من حدوث الاختراقات الأمنية وحافظت على حياتنا".

ويضيف علي في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "البعض يقدّر أهمية هذا الأمر والبعض الآخر يسخر من تلك الإجراءات ولا يتفهمها".

أيام المناسبات

أما جنان صادق، وهي تعمل في وظيفة حكومية، فتعتقد أنّ "أكثر الأمور التي تدفعنا للشعور بالاستياء هي تعطيل الحياة بأكملها خلال أيام المناسبات بسبب الاجراءات الأمنية المتشدّدة التي تفرضها قيادة عمليات بغداد".

وتضيف في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى إغلاق الشوارع، وفرض إجراءات أمنية خاصة استعداداً لعبور موكب عضو برلماني أو وزير ما، ممّا يدفع الناس بالنزول من السيارات والسير لمسافات طويلة للوصول إلى وجهاتهم المنشودة".

ضبط الأمن

غالباً ما تكون شوارع بغداد مزدحمة بالسيارات بسبب نقاط التفتيش. "لكن عند تشديد الاجراءات الأمنية"، حسبما تشير بتول علي، وهي أستاذة جامعية، "كل شيء في العاصمة بغداد يبدأ بالتأثر بشكل سلبي، حيث يتغيب الطلبة عن الكليات والجامعات، والموظفون عن المؤسسات التي يعملون فيها".

لكن تعود بتول لتؤكد "ما يحدث من إجراءات أمنية تسبّب لنا بالكثير من المعانا، لكن حتماً لها الدور الكبير في ضبط الأمن".

جهاز فحص المتفجرات

وعلى الرغم من أن هذه الاجراءات تهدف بالدرجة الأساس إلى استقرار الأمن، إلّا أنّ عباس الكاظمي، وهو من سكان حي الجهاد، يشكك بجدواها. ويقول في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) إنّ "هذه الاجراءات لم تحل دون وقوع هجمات ارهابية".

ويضيف "أكثر ما يدفعني للاستياء هو أن انتظر لساعات في طابور مزدحم بالسيارات لكي تخضع سيارتي لفحص  جهاز "السونار" الذي يحمله رجل الأمن، رغم الضجة العالمية المثارة حول عدم قدرته على اكتشاف العبوات اللاصقة".

عمليات بغداد

المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، العميد سعد معن يؤكد لموقع (إرفع صوتك) أنّ "الإجراءات الأمنية الرسمية لا تهدف إلى عرقلة حركة الناس".

ويضيف "رغم التصعيد الأمني الحاصل من قبل عمليات بغداد بعد كل حادث تفجير سيارة مفخخة يستهدف التجمعات والأسواق، واتخاذ بعض الاجراءات منها زيادة نقاط التفتيش، إلا أن قيادة عمليات بغداد دائماً ما تعلن عن فتح عدد من الشوارع المغلقة في العاصمة بغداد لغرض التقليل من الضغط المسلط على المواطن بسبب الزحام الذي تشهده شوارع العاصمة".

الصورة: "الإجراءات الأمنية الرسمية لا تهدف إلى عرقلة حركة الناس"/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".