بقلم محمد الدليمي:

يعيش في عالمنا اليوم أكثر من مليار ومئتي مليون إنسان في فقرٍ مُدقعْ يهددُ حياتهم وحياة عوائلهم، فأكثرهم بلا مأوى ولا دواء، ولا ما يحفظ كرامتهم وحقهم في العيش الكريم.

وفي الدول العربية، يعيش قرابة 40 بالمئة من السكان دون خط الفقر الأعلى أي حوالي 140 مليون عربي حسب تقرير مشترك صدر بالتعاون بين البرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ودول الجامعة العربية سنة 2009.

وهي نسبة كبيرة لا شك أنها ازدادت سوءاً بعد اجتياح تنظيم داعش لأراضٍ واسعة من العراق وسورية عام 2014، وتدهور الأوضاع الأمنية في أكثر من بلد عربي.

وقدّر التقرير حاجة العالم العربي إلى 51 مليون وظيفة بحلول عام 2020 للحفاظ على معدل البطالة العام وليس تحسينه.

وفضلاً عن هذا كله، تحتل المنطقة العربية المركز الأول عالمياً في استيراد الأغذية، حيث تستورد أكثر من نصف حاجتها من الغذاء.

كل هذا يجعل من مكافحة الفقر في العالم، وفي الدول العربية مهمة صعبة.

خطة طموحة

في خطة طموحة للقضاء على الفقر في العالم، اتفق أكثرُ من 150 من قادة دول العالم على خطة القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030.

ونصّت الخطة الموقعة عام 2000 على تقليل نسبة الفقر المدقع إلى النصفِ بحلول عام 2015، وهو ما نجح العالمُ بتحقيقه قبل خمس سنوات من الموعد المفترض (أي في عام 2010).

والفقرُ المدقعُ، حسب تعريف الأمم المتحدة، هو العيشُ بدخل يقلّ عن دولار واحد يومياً.

وتنفيذاً للاتفاقات الدولية، تقوم المنظمات التابعة للأمم المتحدة وغيرها بجهود مختلفة لمواجهة الفقر في العالم بصورة عامة وفي العالم العربي أيضاً.

موقع (إرفع صوتك) يسلط الضوء على بعض هذه الجهود، والتي تبذلها المنظمات الدولية في دول المنطقة.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)

يعمل البرنامج التابع للأمم المتحدة في أكثر من 170 بلداً في محاولة لتعزيز التنمية والقضاء على الفقر وعدم المساواة.

ومن أبرز مساهمات البرنامج الإنمائي في المنطقة مساعدة الدول العربية على إعداد تقارير التنمية والمؤشرات الاقتصادية، بمشاركة جامعة الدول العربية، مما يتيح لصناع القرار، في هذه الدول، فرصة الحصول على معلومات مهمة من أجل رسم سياسة اقتصادية سليمة لمواجهة التحديات المختلفة في المنطقة.

وعلى صعيد المشاريع، فقد قام البرنامج في عام 2014 بصرف أكثر من 400 مليون دولار أميركي توزّعت على 617 مشروعاً في العالم العربي من ضمنها مشاريع لمواجهة أزمة النازحين في العالم العربي. وكان نصيب السودان منها 140 مليون دولار تلاه الصومال بـ65 مليون دولار ثم لبنان بـ60 مليون.

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)

وهي الوكالة الأميركية المكلفة بجهود القضاء على الفقر المدقع في العالم. تقدّم الوكالة الدعم للعديد من المشاريع والمساعدات في المنطقة العربية. ففي مصر قدمت الوكالة ما يفوق 30 مليار دولار منذ عام 1975.

وفي العراق قدمت الوكالة أكثر من 171 مليون دولار في عام 2014 بالمقارنة مع 361 مليون دولار في العام 2011.

وتقدم الوكالة مساعدات مختلفة منها لمساعدة العراق وسورية لتوفير الدعم اللازم لإيواء النازحين، ومشاريع في البنى التحتية ومشاريع كثيرة أخرى.

البنك الدولي World Bank

قدم البنك الدولي 2.8 مليار دولار لتمويل 21 مشروعاً في المنطقة العربية أغلبها كان للإنشاء والتعمير. وقروض أخرى لتعزيز الشفافية في الأردن والمغرب.

ووافق البنك الدولي على قروض تهدف لإقامة مشاريع لخفض نسب البطالة في المجتمع العربي.

وشملت القروض أربع دول عربية منها مصر واليمن والمغرب وتونس. فضلاً عن نشاطات كثيرة أخرى في العديد من البلدان في المنطقة.

برنامج الأغذية العالمي (WFP)

يُختصر دور برنامج الأغذية العالمي، بوصفه وكالة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الجوع ومساعدة الجائعين حول العالم والاستجابة السريعة لحالات الطوارئ.

ويزداد دور البرنامج أهمية في المنطقة العربية خاصة مع ازدياد حالات الفقر والحروب وعدم الاستقرار، وكذلك إذا ما علمنا أن العالم العربي يحتل المرتبة الأولى عالمياً بعدم الاكتفاء بالأغذية. حيث تستورد الدول العربية 53 في المئة من حاجتها من الأغذية.

وفي عام 2013 وحده قدم البرنامج مساعدات غذائية عاجلة لأكثر من أربعة مليون سوري شهرياً ومليون نازح آخر، فيما وصفه البرنامج بأكبر حالات الطوارئ وأكثرها تعقيداً.

ويستفيد من البرنامج أكثر من 15 مليون عربي في الدول العربية المختلفة على رأسها سورية واليمن والسودان.

*الصورة: اجتماع لمجلس الأمن الدولي/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".