المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
يعاني المغرب من الهجرة المكثفة لنخبه المتميزة نحو الخارج بحثاً عن مستقبل أفضل.
فالكثير من الشباب المغاربة اختار الهجرة لتحقيق أحلامه بعد أن لم تتوفّر لهم في بلدهم أدنى الظروف المناسبة لاستغلالهم لصالح تنمية قطاعات مختلفة، وذلك بسبب عدم وجود مخططات حكومية فاعلة تستهدف حل مشاكل البطالة والفقر.
غادر الشباب صوب بلدان الشمال في أوروبا، فمنهم من هاجر في قوارب الهجرة غير الشرعية، ومنهم من اختار الهجرة في رحلات آمنة. ولبعضهم قصص نجاح تروي تمكنهم من الوصول إلى مناصب مهمة في أشهر المجالات عالمياً.
هجرة كبيرة
كشفت دراسة قام بها مركز البحوث الاقتصادية للتنمية التطبيقية بالجزائر، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، حول هجرة الكفاءات من الدول المغاربية نحو أوروبا، عن أرقام صادمة تظهر تزايداً في عدد الكوادر التي غادرت وطنها. حيث قارب عدد الكوادر المهاجرة من بلدان المغرب الـ853 ألفاً منذ عام 1990.
46 بالمئة منهم مغاربة، فيما وصلت نسبة الجزائريين إلى 23 بالمئة.
ومن جانب آخر، كشفت تقارير صادرة عن الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج والهجرة، أن عدد المهاجرين المغاربة ناهز الـ 4.5 مليون، تركّز أغلبهم في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا، إضافة للهجرة إلى كندا وأميركا.
سلوى رشدان في ناسا
قصة نجاح أخرى بطلتها الشابة المغربية سلوى رشدان، 30 عاماً، التي استطاعت أن تلج الإدارة الوطنية الامريكية للملاحة الفضائية والفضاء، والمعروفة اختصاراً بوكالة ناسا NASA، إلى جانب علماء كبار منهم عرب ومغاربة، لتعطي بذلك مثالاً عن المرأة المغربية المهاجرة.
درست سلوى في مدارس التعليم العمومي بالمغرب، وتابعت دراستها الجامعية بمدينة مراكش، حيث أظهرت مستوى متميزاً في دراستها التي وفقت في جميع مراحلها، ما أهّلها لتحتل مكانة هامة لدى بعض المنظمات غير الحكومية الدولية التي دعمتها لتطوير قدراتها، ليستقر بها الحال داخل مختبرات وكالة ناسا.
قلّة من المهاجرين المغاربة يفضلون العودة إلى بلدهم الأم للاستثمار فيه أو الاستقرار النهائي في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها المغرب، غير أن ذلك لم يمنع الذين اختاروا الاستقرار في بلاد المهجر من المساهمة في تنمية وطنهم الأصل عبر تحويلات مالية سنوية تقدر بملايين الدراهم، حيث تعتبر تحويلاتهم مصدراً مهماً للعملة الصعبة ورافداً من روافد تنمية الاقتصاد المغربي.
وطني لم يسعني
جمال العيادي، 28 عاماً، نموذج من الشباب المغربي الذي فضل هجرة وطنه باتجاه أوروبا بحثاً عن تحقيق حلمه، وذلك بعد أن ضاقت به سبل الحصول على عمل مناسب يضمن حقه في العيش الكريم،" في وطن ظننت أنه يسع الجميع"، قال جمال.
يحكي جمال، الذي يتحدر من إحدى المناطق الفقيرة في الشمال المغربي لموقع (إرفع صوتك) عن الأسباب التي دفعته لمغادرة بلاده صوب أوروبا، قائلاً "قلّة فرص الشغل واستشراء الفساد والمحسوبية في مباريات التوظيف، إضافة إلى عدم الاعتراف بالكفاءات والأفكار المبدعة من طرف أصحاب القرار، كلها أمور جعلتني أختار الهجرة نحو أوروبا، لعلي أجد فرصة تليق بي وبما اكتسبه من مهارات وخبرات".
يتوفر جمال على إجازة في علم الاجتماع وإجازة أخرى في تدبير وتسيير المقاولات، إضَافة إلى أفكار ومشاريع مهمة، لم تشفع له في الحصول على فرصة عمل في المغرب في القطاع العمومي.
"أما القّطاع الخاص"، يقول جمال، "فتبقى شروط أصحابه التعجيزية هي العقبة التي لا يستطيع أحد تجاوزها، خاصّةً وأنّك تعمل تحت ضغط كبير بأجرة زهيدة لا تتماشى ومستواك المهني. كما أنّ القائمين عليه يرفضون الشباب الحامل لشهادات عليا، كي لا يطالبهم بأكثر مما يقترحون".
تأثير الهجرة
وفي هذا الصدد، قال الباحث المغربي في قضايا الهجرة الحسين العمراوي، لموقع (إرفع صوتك) إنّ "الدولة المغربية تفقد أطراً وأفكاراً متنوعة بسبب قلة الاهتمام بها، ما يضيع عليها آلاف الفرص لتحقيق إنجازات مهمة في كافة المجالات، خاصّة وأن المهاجرين يجدون الفضاء رحب والظروف ملائمة في بلدان الاستقبال، ليقدموا أفضل ما يملكون، وبذلك يحققون تنمية إضافية لهذه البلدان".
وعن تأثير هجرة المغاربة، يقول العمراوي "بالتأكيد هناك تأثير، إذ تفقد الدولة المصدرة الطاقات والكفاءات، بينما تربح العائدات والاستثمارات إذا ما فضل المهاجرون القيام بها في المغرب. وخير دليل على ذلك النسبة المهمة التي تساهم بها عائدات المهاجرين في النمو الاقتصادي بالمغرب".
*الصورة: عدد المهاجرين المغاربة في العالم يناهز 4.5 مليون /shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659