بغداد – بقلم ملاك أحمد:
حذّر خبراء اقتصاديون عراقيون من أنّ قرار تقليص عدد موظفي القطاع العام وخفض رواتب موظفي الدولة سيكون له آثاره السلبية على الاقتصاد العراقي.
التحذيرات والمواقف الرافضة جاءت إثر قرارات حكومية في العراق، نهاية عام 2015، تقضي بتخفيض رواتب موظفي الدولة وفرض استقطاعات ضريبية وإجراءات تقشفية أخرى في محاولة لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط.
ويبلغ عدد موظفي الدولة والقطاع العام ومن يعتمدون على مرتبات حكومية في العراق أكثر من أربعة مليون مستفيد، حسب تصريحات رسمية عراقية.
الأفضل مواجهة الفساد ...
"العمل بهذا القرار سيؤدي إلى تدهور الوضع المعاشي في البلد"، حسب الخبير الاقتصادي هلال الطعان الذي انتقد طريقة الحكومة في مواجهة الأزمة، وأضاف "لذا من الأفضل أن تقوم الحكومة بمعالجة الفساد المالي والإداري بدلاً من المساس برواتب الموظفين، لأنّ رواتبهم تؤثر بشكل حساس وخطير على الوضع الاقتصادي".
وأردف الطعان في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "هذه حلول ترقيعية وغير إيجابية. ينبغي إحداث اصلاح جذري في الدولة".
وعاى الرغم من نفي أكثر من جهة حكومية، فإن العديد من الموظفين يقولون إنّهم "أجبروا" على أخذ إجازات من غير راتب.
وانتقد الطعان وجود عدد كبير من موظفي الدرجات الخاصة في أجهزة الدولة ممن يستلمون مرتبات عالية. وقال إن عدد الموظفين بدرجة وكيل وزير يبلغ حوالي 700 موظف، وقرابة الـ4800 موظف بدرجة مدير عام.
تظاهرات احتجاجية
أثار قرار "تعديل سلم الرواتب" سجالاً واسعاً ورفضاً أدى لخروج العشرات من الموظفين في المؤسسات الحكومية ونقابات العمال في تظاهرة وسط بغداد منتصف شهر كانون الثاني/يناير مطالبين بإلغاء هذا القرار.
"إصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي استهدفت صغار الموظفين والمتقاعدين"، حسب الموظف الحكومي عماد خضير، وهو أحد المشاركين بالتظاهرة، والذي قال في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إنّ اعتراضهم يكمن "في عدم المساواة".
وأضاف "هذه الخطوات أبقت رواتب كبار المسؤولين ومخصصاتها على حالها".
آخرون أخذوا اعتراضاتهم إلى صفحات التواصل الاجتماعي مطالبين بتعطيل رواتب أعضاء البرلمان والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة لمدة ستة أشهر تقليلاً للنفقات.
وفي حديث لموقع (إرفع صوتك)، قال صالح الشمري وهو أحد المتظاهرين إنّ "رواتب أعضاء البرلمان ومسؤولي الحكومة العراقية الهائلة أسهمت بشكل كبير بزيادة النفقات وأثقلت كاهل الميزانية العراقية" . وأضاف "تعطيل رواتبهم لستة أشهر سيقلص عجز الميزانية".
ويتناقل العراقيون العديد من الشائعات عن تخفيض أكبر قادم في المرتبات، الأمر الذي نفته أكثر من جهة حكومية.
ارتفاع الأسعار
يرتبط الاقتصاد العراقي باستيراد البضائع بصورة كبيرة، وارتفاع صرف الدولار مقارنة بالعملة المحلية يؤثر بصورة كبيرة على حيوات المواطنين وقدرتهم الشرائية.
"يعدّ ارتفاع الاسعار الآن الشغل الشاغل لكل العراقيين"، يقول عبد الكريم العبيدي وهو موظف حكومي. "من غير المعقول أن تخفض رواتبنا في حين يرتفع ثمن كل شيء في هذا البلد!".
ارتفاع الأسعار له أثره على الاقتصاد المحلي والسوق المالية، حيث تشهد الأسواق العراقية ركوداً بسبب عدم توفر القدرة الشرائية أو في محاولة من المواطن للادخار خوفاً من الأيام المقبلة.
وعن هذا الموضوع، تساءل علي إبراهيم وهو صاحب متجر صغير في بغداد في مداخلته لموقع (إرفع صوتك) "إذا كانت حركة السوق المحلية متوقفة من الآن، فكيف سيكون حالنا بعد شهر نيسان المقبل؟"، في إشارة إلى أخبار وشائعات عديدة حول عدم قدرة الحكومة العراقية على توفير المرتبات بحلول شهر نيسان/أبريل القادم.
عصر النفط قد انتهى
بلغ عجز الميزانية في العراق حوالي 60 ترليون دينار (45 مليار دولار) بسبب تراجع أسعار النفط، حسب الخبير الاقتصادي العراقي هيثم الياسري.
وقال الياسري في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ الآثار المترتبة على الاقتصاد العراقي جرّاء انخفاض أسعار النفط ستؤدي إلى انخفاض معدلات النمو وانحسار القطاع الخاص وارتفاع نسب البطالة، وبالتالي ارتفاع نسب الفقر في البلاد.
"على الحكومة التدخل العاجل والاعتماد على قطاعات أخرى غير النفط"، قال الياسري محذراً من أن عهداً قديماً قد انتهى، وأنّ عهداً جديداً على وشك البداية، بالقول إنّ "عصر النفط انتهى".
*الصورة: "عصر النفط انتهى"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659