المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

تؤثر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها بلدان العالم العربي على المواطنين الذين قد يتبنّون سلوكاً غير مقبول للتعبير عن اعتراضهم على واقعهم.

وبحسب مواطنين مغاربة استقى موقع (إرفع صوتك) آراءهم، يمكن لغياب العدل أن يمهّد الطريق نحو التطرّف.

العدل صمام أمان ضد التطرف

"يبرز غياب العدالة وفساد القضاء في بعض البلدان العربية كعامل أساسي في توجه الشباب نحو بؤر التطرف، هرباً من فساد السلطة القضائية التي بات الجميع يهاب أحكامها التي تنتصر أحياناً للظالم ولا تنصف المظلوم"، تقول سهام العرسي لموقع (ارفع صوتك).

وتضيف الشابة المغربية التي تدرس القانون في كلية الحقوق بالرباط "حينما يشعر الشباب بغياب أهم مرتكزات المجتمعات الديمقراطية وهي العدالة، وحينما يأكل الضعيف القوي والغني الفقير والمسؤول المواطن.. يجد هؤلاء الشباب أنفسهم أمام واقع مر. وكلنا يتذكر ما فعله البوعزيزي الذي أحرق نفسه فقط بعد تعرضه للظلم من دون أن يتمكن من أخذ حقه ومن رد الاعتبار نتيجة غياب العدالة".

وتعرب سهام عن اعتقادها أنّ "العدل، ثم العدل قبل أيّ شيء آخر، يمكنه حماية الشباب من التطرّف".

العدالة أولاً

وكان مطلب تحقيق العدالة الاجتماعية قد استأثر باهتمام الشباب المحتج في البلدان العربية خلال السنوات الماضية، إذ لطالما عبّر المحتجون عن رغبتهم بأن يسود العدل ويصطلح القضاء ويُعطى كل ذي حق حقه.

يقول المواطن المغربي عبد الحق شاوني، وهو ناشط شارك في الحراك الشعبي بالمغرب الذي قادته حركة 20 فبراير سنة 2011،  لموقع (إرفع صوتك) "عندما يستتب العدل وتتحقق العدالة الاجتماعية داخل الوطن، يمكن للمواطن آنذاك الإيمان بالفكر الإصلاحي الذي ينهض بالبلاد".

"حينها، تتكوّن لديه المناعة ضد أي فكر متطرف وغير معتدل. والعكس صحيح، فغياب العدالة يفتح الطريق بيسر أمام المتطرفين لاستقطاب الناقمين على الوضع وبالتالي ضياع أجيال في غياهب التطرف والإرهاب"، يضيف عبد الحق.

إصلاح القضاء هو الحل

من جهة أخرى، ترى جيهان العلمي أستاذة التعليم الابتدائي أنّ "غياب العدل وفساد القضاء في العالم العربي، إضافة إلى التأثير في الأحكام القضائية من طرف الشخصيات النافذة في المجتمع، يجعل المواطن العربي يفقد الثقة في وطنه الذي عجز عن صون حقه في قضاء عادل. وقد يدفعه ذلك إلى سلك طريق العنف والتطرف والانتساب إلى جماعات تكفيرية تؤمن بالإرهاب كوسيلة لتحقيق العدل وتحكيم الشرع".

مهندس المعلومات محمد الوزاني يؤمن باستقلالية القضاء المغربي.  ويقول لموقع (إرفع صوتك) "في المغرب نحمد الله على استقلال جهاز القضاء الذي يضمن العدل للجميع".

لكن على الرغم من ذلك، يأمل محمد بتحقيق العدالة الاجتماعية وإنصاف المهمشين وإعطاء كل مواطن حقه في العيش الكريم، "بما يضمن ولاءه لوطنه فلا يبقى هدفاَ للمتطرفين الذين يتربصون بالساخطين على الوضع لاستقطابهم والزج بهم في مستنقعات الإرهاب والتطرف".

 *الصورة: "العدل، ثم العدل قبل أيّ شيء آخر، يمكنه حماية الشباب من التطرّف"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".