بقلم علي قيس:
أثار إعلان السلطات القضائية العراقية عن الإفراج عن أكثر من 9 آلاف عراقي خلال الشهر الماضي، لعدم كفاية الأدلة، موجة انتقادات رسمية وشعبية واسعة.
وحذّرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق من أن استمرار توقيف المتهمين "ممن لم تثبت ادانتهم" سيؤدي إلى ارتفاع ميول التطرف بين أعداد كبيرة منهم، وصولاً إلى انتمائهم للجماعات المتشددة لاحقاً.
غضبٌ رسمي
عضوة المفوضية العليا لحقوق الإنسان، بشرى العبيدي، قالت لموقع (إرفع صوتك) إنّ "تأخير حسم الملفات القضائية فيه ثلاث مخالفات، قانونية وسياسية وإنسانية. من الناحية القانونية، لا يجوز تأخّر النظر في دعاوى التحقيق لأكثر من ستة أشهر، وسيزيد من الفوضى التي يشهدها الوضع السياسي".
وأوضحت أنّه "ومن الناحية الإنسانية، ستكون المعتقلات بيئة مناسبة لنمو الأفكار المتشددة".
واستطردت العبيدي "نحن نلاحظ منذ فترة أنه وبمعدل نحو تسعة آلاف شخص، يتم إطلاق سراحهم شهرياً، لعدم ثبوت التهم الموجهة إليهم. ومن خلال زيارتنا للسجون، وجدنا الكثير من المعتقلين لفترة طويلة لم يفتح معهم تحقيق. وهنا لا يمكن تعويض الشخص عن الفترة التي قضاها في السجن، هذا انتهاك خطير لحقوق الانسان".
"المفوضية طالبت مجلس القضاء الأعلى لأكثر من مرة زيادة عدد القضاة في المحاكم ومراكز التحقيق، وأن يكون هؤلاء القضاة مُدرّبون على قضايا حقوق الانسان"، بحسب العبيدي.
بيان رسمي
بحسب البيان الرسمي الصادر عن مجلس القضاء الأعلى فإن المحاكم العراقية أنجزت أكثر من 14 ألف قضية خلال الشهر الماضي. ومن بين هذه القضايا الإفراج عن 9286 موقوفاً "لم تثبت إدانتهم بما نسب إليهم".
وبيّن البيان أن 7870 موقوفاً أفرج عنهم خلال مرحلة التحقيق و1398 موقوفاً آخر في مرحلة المحاكمة.
وأضاف البيان على لسان المتحدّث الرسمي للسلطة القضائية عبد الستار بيرقدار، أن "القضاء العراقي يتابع باستمرار حسم قضايا الموقوفين، ويشدّد على ضرورة إنجاز الملفات التحقيقية بأسرع وقت، وفقاً للقانون".
السجون بوضع لا تحسد عليه
رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، أرشد الصالحي، انتقد الأوضاع داخل السجون وعدم الاستجابة لطلباته المتكررة لمعرفة مصير بعض السجناء.
"إن الأوضاع الإنسانية في المعتقلات في وضع لا تحسد عليه"، قال الصالحي الذي أضاف أن لجنته لم تستلم إجابات حول "مصير المعتقلين المجهولين ولم يردنا أي رد بالإيجاب، ولا لمرة واحدة".
ودعا الصالحي في حديثه لموقع (إرفع صوتك) الحكومة إلى تفعيل قانون العفو العام. وأضاف "نحن طالبنا مجلس القضاء الأعلى بالإسراع في حسم القضايا العالقة. كما طالبنا الحكومة بتفعيل قانون العفو العام، على ألّا يشمل من ثبت تورطهم بأعمال إرهابية، أو الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء".
وتابع رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أن "اللجنة حاولت تفعيل مشروع قانون ضحايا العدالة، الذي يتضمن تعويض الأشخاص المعتقلين لفترة طويلة، ويطلق سراحهم لعدم ثبوت التهم الموجهة إليهم. لكن الحكومة رفضت تشريعه، وقامت بسحب المشروع من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء".
مخالفات قانونية
وبعيداً عن الانتقادات الرسمية التي وجهها أعضاء البرلمان والمفوضية العليا لحقوق الإنسان فإن خبراء قانونيين انتقدوا بعض الإجراءات القضائية في العراق واعتبروها مخالفة للدستور.
الخبير القانوني زهير ضياء قال إن هناك مخالفات عديدة في العراق منها "الاحتجاز في مقرات الجيش والداخلية، حيث أنه وبحسب القانون، يجب أن يكون التوقيف في سجون وزارة الداخلية لفترة محدودة".
وأضاف ضياء في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن المخالفة الأخرى المنتشرة هي "الاستعانة بضباط الشرطة في التحقيق، في حين أن القانون حصر إجراءات التحقيق بالمحققين العدليين فقط".
وأضاف ضياء أن هناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها النظام العدلي في العراق ومنها أن الكثير من "المعتقلين مغيّبون ومقطوعون عن التواصل، سواء مع ذويهم، أو المحامين الموكلين بمتابعة قضاياهم".
*الصورة: نزيل في أحد سجون بغداد خلال زيارة أقاربه له/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659