بقلم علي قيس:

يتخوف الجزائريون من تصاعد الأفكار المتطرفة في بلادهم لأسباب عدة، أبرزها طريقة تعامل الحكومة مع القانون وتصاعد عدد المسجونين السياسيين، إضافة إلى سيطرة الحكومة على قرارات السلطة القضائية. وهو ما دفع مراقبين إلى التحذير من إمكانية إستغلال الجماعات المتطرفة للسجون بيئة لنشر أفكارهم المتشددة.

وقال منسق شؤون شبكة المحاميين الجزائريين أمين سيدهم لموقع (إرفع صوتك) إنّ "السجون الجزائرية، وحتى العربية، التي يتم توقيف الأشخاص فيها بتهمة الإرهاب والتطرف أصبحت معاقل لتجنيد عناصر جديدة لما يسمى بالجهاديين، خصوصاً في الآونة الأخيرة حيث بدأ الشباب يتوجهون إلى سورية تحت راية الجهاد من دون أن يعلموا من هي الجهات التي تقف وراء استخدامهم".

وحول قوانين مكافحة الإرهاب التي وضعت في العديد من الدول، يعلّق سيدهم قائلاً أن هذه القوانين "ربما تكون فيها نية مكافحة الجماعات المتطرفة، لكن الهدف الأساس منها هو ضمان استمرار أنظمتهم".

ويشير منسق جمعية المحامين الجزائريين إلى أنّ "التطرف ناتج بالدرجة الأولى عن تصرفات الأنظمة الدكتاتورية في التعامل مع شعوبها. ولو أرادت تلك الأنظمة القضاء عليه، فعليها معالجة مسبباته كالفقر والظروف الإجتماعية الصعبة وحتى آلية تطبيق القوانين، لأنّ هذه الأسباب هي التي تجعل الشباب عرضة للاستغلال من قبل الجماعات المتطرفة".

وبحسب آخر إحصائية للمركز الدولي لدراسات السجون المعني بنشر التقارير والأبحاث، بالإضافة لإقامة المؤتمرات عن أوضاع السجون في العالم، ومقرّه في العاصمة البريطانية لندن، فإن عدد النزلاء في السجون الجزائرية بلغ 60220 شخص.

يجب أن نعرف لماذا؟

وفي سياق ذي صلة، حذرت المحامية الجزائرية فاطمة الزهراء بن براهم، من تصاعد ظاهرة التطرف في الجزائر. وقالت لموقع (إرفع صوتك) إنّ "التطرف في تصاعد صامت"، الأمر الذي وصفته بالـ"خطير جداً".

"من الممكن أن نشهد انفجاراً شعبياً داخل البلاد"، حسب قولها. وأضافت "الجزائر عرفت التطرّف بسبب القانون، لأن طريقة تطبيقه مجحفة بحق المجتمع. عندما يكون هناك انتماء كبير للمجموعات المتشددة، يجب أن نعرف لماذا؟".

وتوضح بن براهم بعض أسباب تصاعد ظاهرة التطرف في بلادها بالقول "أحياناً المواد القانونية التي تطبق على المتهمين لا أساس لها مع حقيقة الفعل. بالتالي يحكمون عليهم أحكاماً مشددة وهم أبرياء. التطرف لا يعالج بالأحكام المشددة، لأن ذلك يصنع القمع ويدفع بالأشخاص للإنضمام إلى المجموعات المتطرفة".

"في القضايا السياسية والرأي العام والفساد، جميع الأحكام القضائية تكون مهيئة مسبقاً. فإذا كان المتهم منتمياً للحكومة أو مقرّباً منها، تكون الأحكام خفيفة جداً. أمّا إذا كان منتمياً إلى المجتمع البسيط، فتكون الأحكام ثقيلة جداً" حسب بن براهم.

محاولات إصلاحية

وجواباً على انتقادات موجهة من منظمات مختلفة وشكاوى تتعلق بالإجراءات العدلية في الجزائر، بيّن وزير العدل الجزائري الطيب لوح عن رفضه لوضع محتجزين على ذمة التحقيق "في سجون سرية"، مؤكداً ضرورة علم الأجهزة القضائية بأماكن تواجدهم.

وأشار خلال اجتماعه بكوادر قطاع القضاء  نهاية العام الماضي إلى أنّه "لا يريد سماع أي نائب عام أو وكيل للجمهورية يقول إنّه لا يعرف أماكن الحجر تحت النظر للمحبوسين".

*الصورة: الشرطة الجزائرية تفض مظاهرات/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".