بقلم حسن عبّاس:
تستغلّ التنظيمات الإرهابية الانتهاكات التي ترتكبها بعض الأجهزة الأمنية العربية، وبشكل خاص الانتهاكات الجنسية ضد النساء، لكي تجيّش الشباب وتستقطبهم تحت عناوين "الدفاع عن الشرف والأعراض".
الشرف والعار
وأكّد الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أنّ ما تتعرّض له النساء على أيدي قوّات الأمن هو "أحد مكوّنات الخطاب الجهادي السلفي بكل أطيافه".
وأضاف، في حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، أن "مجموعة من العمليات الإرهابية التي نُفّذت في دول عربية عدّة قال منفّذوها إنّها ردّ على عمليات اغتصاب وقعت في السجون".
وأشارت دراسة نشرها مركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أنّ "الجهاديين يستغلّون قضيتي الاعتداء الجنسي والتعذيب للاستفادة من غضب الشباب. وهم يدركون أن قضية الاعتداء الجنسي قد تدفع مَن يقفون على الحياد إلى أن يفقدوا صوابهم، ولذلك فقد ربطوا هجماتهم بهذه الانتهاكات مباشرة".
ولفت أبو هنية إلى أن "المرأة لها علاقة بمفهومي الشرف والعار في الثقافة العربية، ولها قيمة مستمدّة من الدين ومن المُثل الاجتماعية. وهذه نقطة أساسية في التجييش والتعبئة". ولذلك "يستخدم داعش في ما يسمّيه غزوات كلمة الانتقام للحرائر".
وكان زعيم داعش أبا بكر البغدادي والمتحدث الرسمي باسمه أبا محمد العدناني قد أشارا في خطابات لهما إلى قضية تحرير النساء من السجون.
ولاحظ أبو هنيّة أن "هذا الخطاب فعّال وكثيرون من الشباب يتطوّعون في الجماعات المتطرّفة نتيجة لسماعهم بوقوع حالات اغتصاب في بعض المعتقلات، ما يثير فيهم الجانب العاطفي المتعلّق بالشرف والفضيلة والدين"، واصفاً ذلك بأنه "أحد أهم مصادر التجنيد".
أجهزة الأمن تنتهك
لا ينطلق المتطرّفون من فرضيات. فالانتهاكات التي تتعرّض لها النساء في السجون وأماكن الاحتجاز على أيدي قوات الأمن وثّقتها تقارير حقوقية.
في مصر، كشف تقرير أصدرته الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن الشرطة المصرية وعناصر من الأمن الوطني والجيش متورطون في العنف الجنسي، بما يشمل أعمال اغتصاب، واعتداءات جنسية، واغتصاب بأدوات، وصعق الأعضاء الجنسية بالكهرباء، والتشهير الجنسي والابتزاز الجنسي.
"راحوا يعبثون بنا ووجوهنا باتجاه الحائط، وقد تحرشوا بنا جميعاً وأهانونا"، قالت ناشطة في منظمة مصرية معنية بحقوق الإنسان في شهادتها للمنظمة.
وبعد نحو سنة من بداية الثورة السورية، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً موسعاً وثّقت فيه حدوث اعتداءات جنسية في المعتقلات السورية. ونقلت عن شهود أن الانتهاكات الجنسية "تشمل الاغتصاب وإيلاج أجسام صلبة، والتحسس الجنسي، والتعرية القسرية لفترات طويلة، وتوجيه الضربات للأعضاء التناسلية".
"أخذوني إلى شقة بها فتيات أخريات... احتجزوني لمدة شهرين ونصف إلى ثلاث. كانت هناك ثلاث نساء أخريات... كانوا يتناوبون علينا"، قالت إحدى السيدات للمنظمة.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد نشرت تقريراً أوضحت فيه أن العديد من النساء اللواتي احتجزن في العراق أكّدن "التعرض للاعتداء... والاغتصاب أو التهديد بالاعتداء الجنسي من طرف قوات الأمن أثناء استجوابهن".
المتطرّفون يجيّشون
الأمثلة عن استغلال التنظيمات المتطرّفة للاعتداءات على النساء في خطابها أكثر من أن تُحصى وهنا بعضها:
ـ في بيان أصدره تنظيم "دولة العراق الإسلامية" (سلف داعش)، عام 2012، ونفى فيه خبر اعتقال زعيمه أبي بكر البغدادي، قال التنظيم "لن تزيدنا أفعالكم الجبانة بحرائر أهل السنّة في سجونكم إلا إصراراً على نُصرتهنّ وبذل النُفوس والمهج ثأراً لهنّ والفتك بكم".
ـ في بيان لداعش بعد عملية نفذها في آذار/مارس 2013 على مقر وزارة العدل العراقية، جاء أنها أتت "ثأراً لحرائر أهل السنّة في سجون المرتدّين"، واصفاً المقرّ بأنه "معقل خبيث آخر من معاقل الشرّ التي لطالما كانت أداةً في التمكين للمشروع الصفوي من رقاب أهل السنّة وأعراضهم".
ـ في مايو 2014، أصدرت "مؤسسة البتار الإعلامية" التابعة لتنظيم القاعدة تسجيلاً بعنوان "من للحرائر؟" كلّه صراخات استغاثة لنساء وشهادات لبعض مَن تعرّضن لانتهاكات.
ـ شنّ أبو بكر البغدادي في كلمة له نُشرت في 14 أيار/مايو 2015 هجوماً عنيفاً على الحكام العرب وقال "أين غيرة حكام الجزيرة من الحرائر اللواتي يغتصبن كل يوم في الشام والعراق وشتى بقاع المسلمين؟".
وفي النهاية، فإن عدم محاسبة بعض أفراد الأجهزة الأمنية المتهمون بارتكاب هذه الجرائم، أدى للإساءة للأجهزة الأمنية، ومنح الفرصة للكثير من المنظمات الإرهابية لاستغلال هذه التجاوزات في حملات تجنيدها.
الصورة: متظاهرون ضد التحرش الجنسي في القاهرة/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659