مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

تسيطر حالة من الاستياء على الشارع المصري بعد واقعة (سيدة المترو) التي تمثلت بقيام أحد أفراد الشرطة المكلفين بحراسة وتأمين محطة مترو الخلفاوى – إحدى محطات الخط الثاني لمترو الأنفاق في القاهرة – بصفع سيدة لإنزالها من القطار بعد مشادة نشبت بينها وبين أحد الأشخاص الذي استقل العربة المخصصة للسيدات.

وقد قام المسؤولون عن المحطة باقتياد السيدة وتحرير محضر لها وتغريمها 400 جنيه (حوالي خمسين دولار أمريكي) بالقسيمة رقم 526927 ومذكرة رقم 118/61 الصادرة عن أحوال قسم شرطة ثالث مترو الأنفاق، وذلك "لتعطيلها حركة المترو".

وعلى الرغم من انتشار target="_blank">فيديو الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، نفى المتحدث بوزارة الداخلية اللواء أبو بكر عبد الكريم واقعة الصفع، ثم عاد ليقول "سوف نفحص الفيديو من جديد" خلال برنامج "مساء القاهرة" الذي يُبث عبر قناة "تن" المصرية، بعد أن طلبت منه المذيعة الإمعان بالنظر إلى مشهد الضرب.

الاعتداء على الأطباء

حالة "سيدة المترو" ليس الوحيدة من نوعها، وتعاني مصر من مشاكل اجتماعية كثيرة من ضمنها سلوك رجال الأمن وعلاقتهم مع المواطن. فقبل أيام قليلة، وقعت حادثة مماثلة وإن اختلفت من حيث المكان والزمان، فمكانها مستشفى المطرية التابع لوزارة الصحة.

والحادثة تتلخص في اعتداء بعض أمناء قسم شرطة المطرية على طبيبين يعملان بالمستشفى واقتيادهما إلى قسم الشرطة وهو الأمر الذي استتبع غضباً من قبل الأطباء ونقابتهم التي قرر مجلسها إغلاق المستشفى إلى أن تتم محاكمة المتهمين.

ويصف الدكتور محمود سعد، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، لموقع (إرفع صوتك) الوضع في المطرية بـ"المعقّد". ويشير إلى أنّ الأطباء في المستشفى محل واقعة الاعتداء يتخوفون من تحرش الشرطة بهم، مطالباً وزارة الداخلية بمحاسبة رجالها. ويؤكّد أنّ نقابة الأطباء لا تريد من وراء تصعيدها إلا تنفيذ القانون.

"طبيب الإسماعيلية"

 هاتان واقعتان (لا تفصلهما سوى بضعة أيام) تجسدان اعتداءً من رجال الشرطة على مواطنين وذلك بالمخالفة للوظيفة الموكلة إليهم وهي حماية المواطنين. وتستمر هذه الحوادث حتّى بعد مرور خمس سنوات على الثورة المصرية وسعيها إلى التغيير.

وبالرجوع إلى الماضي القريب، فيمكن رصد العديد من تجاوزات بعض رجالات الشرطة ضد المواطنين.

ففي العام الماضي 2015 على سبيل المثال وفي أماكن مختلفة، يرصد أرشيف الاعتداءات الواقعة المعروفة بـ "طبيب الإسماعيلية" الذي تم اقتياده من الصيدلية الخاصة بزوجته بعد الاعتداء عليه من قبل بعض رجال الشرطة، حسبما أظهرت target="_blank">كاميرا المراقبة بالصيدلية. ومن ثم توفي الطبيب إثر أزمة قلبية.

"مواطن الأقصر"

وهناك أيضاً الحادثة المعروفة إعلامياً بـ "مواطن الأقصر"، والذي قامت قوات من شرطة المدينة بإلقاء القبض عليه من منطقة العوامية واقتياده إلى قسم شرطة المدينة لتتلقى أسرته بعد ذلك خبر وفاته. وبعد مقتل المواطن الأقصري طلعت شيب، عمّت تظاهرات مضادة للشرطة مدناً وقرى عديدة بالأقصر. وفي المقابل، قدّمت مديرية أمن الأقصر الاعتذار والتعزية لأسرة المواطن وأهالي المدينة معلنة الاستعداد الكامل للتحقيق وتطبيق القانون على أي فرد منهم يثبت تورطه في الاعتداء على المواطن.

وفي نفس العام وتحديداً في شهر آب/أغسطس الماضي، كان للمحامين نصيباً من تجاوزات رجال الشرطة حين عاتب أحد المحامين أفراد الأمن بمحطة مترو دار السلام (إحدى محطات الخط الأول للمترو) لتخلفهم عن حماية خطيبته التي قام بعض الشباب بمغازلتها، فنشبت مشادة بين المحامي وأفراد أمن المحطة وانهالوا عليه بالضرب.

أمّا الواقعة التي أثارت الجدل الأكبر، فكانت حين أظهر target="_blank"> فيديو تم بثه على "يوتيوب" أمين شرطة يضرب فتاة بقدمه. وعُرفت الحادثة إعلامياً بـ "بفتاة حدائق القبة".

حالات فردية؟

ويعلّق اللواء مجدي بسيوني مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمني على هذه التجاوزات، قائلاً لموقع (إرفع صوتك) إنّها "لا تمثل ظاهرة وإنما هي حالات فردية يقوم بها عدد قليل من أفراد الأمن إذا ما تمت مقارنتهم بآلاف الأفراد والأمناء والضباط العالمين بوزارة الداخلية".

ويضيف أنّ "مثل هذه التجاوزات تحدث في كل الجهات حتى في القطاع الخاص"، مشيراً إلى أن تسليط الضوء على هذه التجاوزات القليلة – حسب رأيه – يرجع إلى "تربص البعض بجهاز الشرطة المعني بالسلطة، وكذلك إلى الأعباء الجسيمة التي تتحملها الشرطة سواء في الأكمنة أو في محاربة العناصر الإجرامية أو مكافحة الإرهاب".

وتساءل مساعد وزير الداخلية السابق "لماذا يكتفي الإعلام بتسليط الضوء على السلبيات التي تقع من بعض أفراد الأمن (وهم مجتمع غير ملائكي) دون تسليط الضوء الكافي على الإيجابيات؟".

الصورة: عناصر من الشرطة المصرية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".