بقلم خالد الغالي:

دعمت تونس بقوة ترسانتها الأمنية والعسكرية، خلال سنة 2015، في إطار حربها ضد الجماعات المسلحة. ورفعت الحكومة من ميزانية الجيش والشرطة، كما عقدت صفقات مع دول أجنبية لشراء أسلحة.

وتواجه تونس خطر تنظيمين إرهابيين: كتيبة عقبة بن نافع، المرتبطة بتنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، وتنظيم داعش الذي تبنى الهجومين الداميين على متحف باردو في العاصمة تونس، وأحد المنتجعات السياحية بولاية سوسة الساحلية، خلال العام الماضي.

وفوق هذا، تؤكد الإحصائيات وجود أكثر من 6000 شاب تونسي يقاتلون في صفوف داعش.

ميزانية أكبر

قررت الحكومة التونسية، السنة الماضية، تخصيص ميزانية إضافية تقدر بـ95.5 مليون دولار للجيش و86.9 مليون دولار لقوات الأمن الداخلي، تضاف إلى ميزانيتهما الأصلية.

رغم ذلك، يقول العميد السابق في الجيش التونسي، ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، مختار بن نصر  لموقع (إرفع صوتك) إن "ميزانية وزارة الدفاع بكاملها تبقى ضعيفة، فهي لا تتعدى 2050 مليون دينار تونسي (ما يفوق 1 مليار دولار أميركي بقليل)، بعدما لم تكن تتجاوز 1300 مليون دينار قبل سنوات. أما ميزانية وزارة الداخلية، فلا تتجاوز 2900 مليون دينار (1,4 مليار دولار)".

وعقدت تونس، العام الماضي، لدعم جهودها في الحرب على الإرهاب، صفقات لشراء الأسلحة مع كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

ووافقت الحكومة الأميركية على تزويد تونس بـ12 مروحية عسكرية من نوع "بلاك هوك"، إضافة إلى معدات عسكرية أخرى، في صفقة بلغت 700 مليون دولار.

ويوضح بن مختار أن "الجيش التونسي لديه حاليا طائرات أميركية F5، وطائرات هليكوبتر أميركية وفرنسية، وطائرات تدريب إيطالية". وهو يعتبر أن صفقة الأسلحة مع الحكومة الأميركية تمثل "حدا أدنى يدخل في إطار رفع قدرات الجيش الوطني، وليست سباق تسلح. فصفقة الطائرات لا تتعدى سربا من 12 طائرة، لديها مناظير ليلية لتعقب الإرهابيين".

ووقّع البلدان أيضا صفقات لتزويد تونس بصواريخ "هلفاير" موجهة بالليزر، وناقلات جنود مدرعة، وشاحنات نقل عسكرية، وسيارات "هامفي" متعددة المهام وعالية الأداء.

وسلمت الولايات المتحدة تونس، في أيار/ مايو الماضي، 52 سيارة عسكرية من طراز هامفي، وزورقا للبحرية.

وفي السياق نفسه، أكدت تقارير صحافية فرنسية أن تونس دخلت مع فرنسا في مفاوضات لشراء أسلحة، بتمويل إماراتي. وتتضمن الصفقة بنادق هجومية ورادارات وأجهزة استشعار ومناظير ليلية وسفن حربية صغيرة.

من جانبها، أكدت وزارة الدفاع الفرنسية تقديم مساعدات مالية، لتونس، بقيمة 20 مليون دولار لدعمها في الحرب ضد الإرهاب.

الحرب المفتوحة

تتعمد الجماعات الإرهابية في تونس استهداف أفراد الجيش وقوى الأمن، إضافة إلى السياح الأجانب.

يقول الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، هادي يحمد لـ(إرفع صوتك) "استهداف قوات الأمن والجيش أمر متوقع ومفهوم من قبل هذه الجماعات، بالنظر إلى اعتبارهم، في إيديولوجيا التنظيمات الإرهابية، القاعدة وداعش على حد سواء، بمثابة الطواغيت الذين من الواجب قتالهم".

وشهدت السنة الماضية هجوما إرهابيا على حافلة للأمن الرئاسي أسفر عن مقتل 13 من عناصرها.

وتبنى تنظيم داعش الهجوم، إضافة إلى الهجومين اللذين استهدفا متحف باردو في العاصمة تونس (22 قتيلا) ومنتجعا سياحيا بولاية سوسة (37 قتيلا).

وتتركز المواجهات بين الجيش وكتيبة عقبة بن نافع، التابعة للقاعدة، في جبل الشعانبي، وسط غرب تونس، قرب الحدود مع الجزائر.

وتتقاسم تونس حدودا مشتركة طولها نحو 1000 كيلومتر مع الجزائر، وحوالي 500 كيلومتر مع ليبيا. وتمثل مصدر قلق دائم للحكومة.

ويبلغ قوام الجيش التونسي 60 ألف عنصر، بما في ذلك عناصر الاحتياط.

ويعتبر مختار بن نصر أن الجماعات المسلحة في تونس "أضعفت بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة"، خاصة بعد القضاء على عدد من القيادات، فـ"صارت الخلايا في الجبال بدون قيادات، ودخلت في ضائقة مالية".

ويؤكد العميد السابق في الجيش أن "التهديد  الإرهابي نقص بشكل كبير. فسنة 2015 شهدت 15 عملية إرهابية، مقارنة بـ23 عملية سنة 2014. لكن ما حدث هو أن سنة 2015 عرفت عمليتين نوعيتين كبيرتين (متحف باردو في العاصمة والمنتجع السياحي في سوسة)، فظهر أن حجم الإرهاب ارتفع".

رغم ذلك، يرى الكاتب والمحلل هادي يحمد أن الخطر مازال قائما. فـ"على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقتها الجماعات الإرهابية في المناطق الجبلية وتصفية العديد من عناصرها، وآخرها مجموعة قابس (450 كيلومترا جنوب العاصمة)، فإن هذه الجماعات مازالت تشكل خطرا، وخاصة مع الدعم اللوجستي الذي تتمتع به من الجماعات الإرهابية الموجودة في ليبيا".

الصورة: شاحنة عسكرية تقل عناصر في الجيش التونسي/ وكالة الصحافة الفرنسية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".