بقلم حسن عبّاس:

تُلاحق تهمة اعتداء قوات البيشمركة التابعة لحكومة كردستان العراق، أو الميليشيات المتحالفة معها، على العرب والعمل على تهجيرهم قسراً وتدمير قرى عربية لمنع أبنائها من العودة إليها بهدف "إحداث تغيير ديموغرافي". لكن الكرد ينفون هذه الاتهامات.

أحدث الاتهامات

في أحدث الاتهامات، أشارت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته، في 20 كانون الثاني/يناير، بعنوان "هُجّروا وجُرّدوا من كل ما يملكون: النزوح القسري والتدمير المتعمد في شمال العراق"، إلى أن قوات البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق والميليشيات الكردية في شمال العراق هدمت باستخدام الجرافات، ونسفت، وأحرقت آلاف المنازل، في محافظات نينوى وكركوك وديالى في الفترة بين أيلول/سبتمبر 2014 وآذار/مارس 2015.

وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، إنّ "قوات حكومة إقليم كردستان تقود، على ما يبدو، حملة منسقة للنزوح القسري لأبناء المجتمعات المحلية العربية عن طريق تدمير قرى بأكملها في المناطق التي استعادت السيطرة عليها من الدولة الإسلامية في شمال العراق. وقد يُعَدّ النزوح القسري للمدنيين والتدمير المتعمد للمنازل والممتلكات دون مبرر عسكري من قبيل جرائم الحرب".

كذلك، اتهم التقرير قوات حكومة إقليم كردستان بمنع السكان العرب الذين فرّوا من ديارهم، أثناء سيطرة داعش عليها والحملة العسكرية لتحريرها، من العودة إلى المناطق التي استُعِيدَت من قبضة التنظيم.

ودعت دوناتيلا روفيرا قوات البيشمركة إلى "عدم السماح للجماعات المسلحة والميليشيات المتحالفة معها في محاربة "الدولة الإسلامية" بارتكاب مثل هذه الانتهاكات"، كونها تسيطر على هذه المناطق "وعليها مسؤولية ضمان حماية كل المجتمعات المحلية".

وكانت المنظمة نفسها قد أشارت إلى أن أفراداً في مليشيا أيزيدية شنّوا هجمات على قريتين عربيتين، هما الجري والسيباية في منطقة سنجار بشمال غرب العراق، وقتلوا 21 مدنياً، نصفهم من الرجال المسنين والنساء والأطفال.

سجال حول التقرير

وأكّد رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، الدكتور واثق الهاشمي، أن التقرير المذكور "فيه الكثير من القضايا الصحيحة".

وقال لموقع (إرفع صوتك) إنّ "هنالك معلومات مؤكدة حول قيام البيشمركة بحرق قرى عربية وتدمير وسلب ممتلكات لمواطنين عرب".

واتهم الهاشمي رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بأنه "يبحث عن السلطة ويحاول أن يصعّد قومياً في الكثير من القضايا"، ووضع الانتهاكات التي أشارت إليها منظمة العفو الدولية في سياق "نظرة توسعية كردية على حساب الآخرين".

من جانب آخر، ذكّر عضو مجلس محافظة نينوى خلف الحديدي بأن عمليات عسكرية وقعت أثناء "عملية التحرير من إرهاب داعش"، وأن "داعش كان يفخّخ بعض البيوت"، وهذا أدّى إلى دمار "لا يُحسب على البيشمركة".

لكنّه قال لموقع (إرفع صوتك) إنّ "بعض قيادات البيشمركة ارتكب أخطاءً وهؤلاء، باجتهادات فردية، أعطوا أوامر بحرق أو هدم بعض البيوت"، مؤكداً أنه "البيشمركة لا تستهدف المكوّن العربي".

وأضاف الحديدي أن القوات الأيزيدية المحسوبة على البيشمركة أحرقت بيوتاً وقتلت أبرياء في منطقة سنجار ذاكراً قرى سيباية والجري وخلف الساير.

كما لفت إلى أن "هنالك تضييقاً من البيشمركة على العرب في بعض المناطق بسبب تخوّفات تحسّبية من تعاون بعضهم مع داعش ما اضطر الأهالي إلى ترك قراهم".

ما هو رأي البيشمركة؟

يتهم جبار ياور، الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق، منظمة العفو الدولية بأنها أخذت أقوال جهة واحدة هي "المشتكين الذين لا نعرف مَن هم".

وقال لموقع (إرفع صوتك) إنّ "هذه المنظمة لم تزرْ وزارة البيشمركة ولم تتباحث معها حول أي نوع من الخروقات ولم تقدّم أدلة ثبوتية على اتهاماتها".

وفي ردّه على الاتهامات الواردة في التقرير، قال "نحن حالياً لدينا أكثر من مليون و800 ألف نازح يشكلون نحو 30% من سكّان الإقليم، وهذا عبء كبير. وأحسن لنا أن يعودوا إلى قراهم، فلماذا نهدمها ونترك هذا العبء علينا؟".

وتابع "نحن في مواجهة منظمة إرهابية تستخدم كل الأساليب في الحرب، فتلغّم الطرق والبيوت والمساجد والكنائس بآلاف الأطنان من المتفجرات. وعندما ينسحب عناصرها يقومون بتفجير ما فخخوه".

كما لفت إلى أنه "في الحرب تُستخدم الأسلحة الخفيفة والثقيلة وهذا يؤدي إلى دمار في مواقع القتال، كما أن طائرات التحالف الدولي تقصف يومياً مواقع إرهابيين وهؤلاء يتمركزون داخل بيوت ومدارس وينتج عن ذلك أيضاً دمار".

وأشار إلى أن بعض أعمال الثأر حصلت في موقع أو موقعين عندما اعتدى مسلحون إيزيديون فقدوا أقرباءهم على سكّان عرب "لكن البيشمركة تمكّنت سريعاً من ضبط الوضع".

وختم بالقول "نحن مستعدون لتشكيل لجان مشتركة مع منظمة العفو الدولية للتحقيق في كل اتهاماتها".

الصورة: عناصر من قوات البيشمركة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.