المغرب - بقلم زينون عبد العالي وخالد الغالي:
أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس بإعادة النظر في مناهج تدريس التربية الدينية في النظام التعليمي المغربي باختلاف مستوياته.
يأتي هذا القرار في سياق تزايد موجة التطرف التي تجتاح العالم العربي، والدعوات المحذرة من "الثقافة الدينية التكفيرية".
وأعلن عن قرار المراجعة عقب مجلس وزاري ترأسه الملك بمدينة العيون جنوبي المغرب، نهاية الأسبوع الماضي، وقدمت خلاله "الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030".
الوسطية والاعتدال
وسيشمل تعديل المناهج الدينية مختلف المستويات سواء في التعليم العمومي أو الخاص أو في مؤسسات التعليم الديني في المغرب.
وترتكز المراجعة المنتظرة، حسب بلاغ للديوان الملكي، على "القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي، الداعية إلى الوسطية والاعتدال وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية".
ويعتقد الكاتب والباحث المغربي، أحمد عصيد في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّ "المقترح بإدخال التعديلات الجديدة جاء بعد تكرار استهداف المغرب ومحاولات إدخال السلاح، حيث تم الكشف على أكثر من 150 خلية (منذ سنة 2002). هذا، دون أن ننسى أنّ إعلان مؤتمر مراكش الأخير حول حماية الأقليات الدينية نصّ في إحدى فقراته على ضرورة مراجعة المناهج التعليمية الدينية. والقرار الملكي جاء كاستجابة لتوصيات هذا البيان".
دعوات مراجعة سابقة
وكانت جمعيات ومنظمات مغربية طالبت في وقت سابق بضرورة إعادة النظر في مضامين المقررات الدراسية الخاصة بالتربية الدينية. وكان آخرها جمعية "بيت الحكمة" التي دعت إلى "تنقيح المقررات الدراسية، ومن ضمنها مقررات التربية الإسلامية من كل المواد والمضامين التي من شأنها تغذية التأويلات والقراءات الخاطئة للدين الإسلامي أو للديانات الأخرى وإعادة الاعتبار لدرس الفلسفة والعلوم الإنسانية، وايلائها العناية اللازمة بالانتصار لقيم التنوير والعقلانية".
وأشار أحمد عصيد إلى أنّ "ما يجب تعديله الآن يتمثل في المواضيع المرتبطة بالعنف في دروس التربية الإسلامية التي تقدم للأطفال".
وتابع قائلاً "ما زلنا ندرس أطفالنا نصوصاً عن العنف والعذاب وجهنم وعذاب القبر. وهذا أمر خطير من الناحية المنهجية التربوية. نعلمهم أيضاً أنّ الديانات الأخرى مزيفة ومحرفة ويجب محاربتها. فكيف للطفل أن يحترم ديانات يعتبرها محرفة وتجب محاربتها. هناك أيضاً تمييز في المناهج ضد المرأة، يجعلها في رتبة دونية. وهو تمييز تجاوزناه في مدونة الأسرة من دون أن نتجاوزه في الكتب المدرسية".
وأضاف عصيد "يوجد في المناهج الدينية أيضا تحريف للمفاهيم الحقوقية الكونية، مثل التسامح الذي يصبح التسامح مع المسلم، بدل الإنسان. أضف إلى هذا أن المرجعية المعتمدة في هذه الكتب هي الفقه التراثي القديم وليس الاجتهادات الفكرية العصرية في القرن العشرين".
في المقابل، شدد الباحث المغربي في الشأن الديني مصطفى الفاتحي على "أهمية التربية الدينية وضرورة أن تتضمن مناهج التعليم مادة تعنى بالتوجيه الديني لتكوين أجيال تعرف دينها".
وشدد في المقابل على ضرورة المراجعة، قائلا "المراجعة ضرورية لا بد منها، إذ لا يمكن لمنهاج واحد أن يصلح دائماً وأبداً. وقد جاءت هذه المراجعة استجابة لمتطلبات العصر الراهن، خاصة مع انتشار الفكر المتطرف في العالم وتزايد عدد المنتسبين، وبالتالي فإن المراجعة جاءت لتكوّن جيلاً قادراً على فهم الدين في بعده الوسطي المعتدل".
طرق التدريس هي المشكلة
وعلى عكس رأي أحمد عصيد، يستبعد الفاتحي الذي يشتغل كأستاذ للتربية الإسلامية أن يكون "محتوى مقررات التربية الدينية في المغرب يؤدي إلى تغذية الفكر المتطرف".
وألقى الفاتحي باللوم على طريقة التدريس، قائلاً لموقع (إرفع صوتك) "الإشكال يطرح في الطريقة التقليدية التي تدرس بها هذه المواد في المؤسسات التعليمية بالمغرب. وبالتالي فهي ليست مسؤولة عن تغذية التطرف، بقدر ما هي مسؤولة عن عدم مد الطالب بآليات المناعة لمكافحة التطرف الآتي من خارج المقررات الدراسية كالمواقع الإلكترونية وكتب الفكر المتشدد والإعلام".
وبدوره يرى الباحث المغربي مصطفى بوكرن، بناء على تجربته كمدرس لمادة التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية، أن المقررات المدرسية الدينية لا تتضمن ما يدعو إلى الإرهاب.
وقال في تصريح لموقع (إرفع صوتك) "أدرس جميع المستويات. المقررات الحالية متطورة ومنفتحة، وتواكب وضعية المتعلمين المراهقين"، مشيراً إلى أن هناك دروساً حول "التواصل والحوار والاختلاف، بل إن أول درس مثلاً في مقرر الجذع المشترك هو درس علاقة الإسلام بالأديان الأخرى، حيث يتعلم التلميذ قيم التسامح والتعايش مع الآخرين".
*الصورة: الملك محمد السادس وعلى يمينه ولي عهده الأمير الحسن خلال درس ديني/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659