أربيل - بقلم متين أمين:

يرى الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة في إقليم كردستان، مريوان النقشبندي، أنّ أهم مشاكل المناهج التربوية والتعليمية في الإقليم تتمثل بعدم استنادها على مبادئ التعايش الديني وثقافة التسامح.

المناهج من أسباب التطرّف؟

ويقول النقشبندي في حديث لموقع (إرفع صوتك) "حتى إن كانت هذه المبادئ موجودة، فهي مواد ثانوية وليست أساسية. وهذه أحد أهم المشاكل في المناهج التربوية والتعليمية في الإقليم".

يتطرّق النقشبندي إلى مشكلة أخرى وهي افتقاد المدرّسين في مدارس الإقليم وفي المؤسسات التربوية المختلفة القدرة العالية لإفهام الطلبة والجيل الجديد من الشعب الكردي مسألة نبذ التطرف والابتعاد عن فكر التطرف والكراهية.

مادة التربية الإسلامية

ويشير النقشبندي إلى وجود بعض المواد التدريسية التي تشكل مشكلة رئيسية في هذا الإطار، ومنها مادة التربية الإسلامية. ويقول "هناك أخطاء كثيرة في منهج التربية الإسلامية، بالإضافة إلى الطريقة الخاطئة في تفسير النصوص القرآنية والأحاديث".

ويشير إلى أنّ "عدداً كبيراً من الأشخاص المتشددين الذين كانوا أعضاءً في أحزاب إسلامية، يعملون الآن مدرسين ومعلمين في المدارس. هؤلاء الأشخاص يغذون أفكار الطلبة حسب تصوراتهم للدين الإسلامي وحسب أيديولوجيتهم الحزبية وليس بمهنية".

انضمام شباب كردستان إلى داعش

بحسب النقشبندي، "هذه المناهج كانت سبباً من أسباب التحاق نحو 500 شاب كردي بتنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى خلال السنوات الماضية".

حلول مقترحة

ويقترح مريوان النقشبندي عدة حلول لمعالجة مشكلة المناهج التربوية والتعليمية في الإقليم، ومن ضمنها "التدخل السريع من قبل الدول الواعية التي تبحث عن الأمان وإنهاء الفكر المتطرف في العالم لمساعدة إقليم كردستان في هذا المجال".

ويشير إلى وجود ثلاثة مدرسين حالياً خارج الإقليم وبالتنسيق مع منظمات أمريكية وبريطانية يتلقّون دروساً خاصة في كيفية تغيير المناهج التربوية والتعليمية.

ويضيف "نحاول أيضاً عبر وزارة الأوقاف والتربية والتعليم العالي وبعض المؤسسات غير الحكومية، كاتحاد علماء الدين الإسلامي ومنتدى الفكر الإسلامي وبعض الجامعات في إقليم كردستان، أن نضع خطة مبرمجة لكي نخطو بالاتجاه الصحيح في هذا المجال".

محاولات للتغيير

ويلفت النقشبندي إلى أنّ حكومة إقليم كردستان، وعن طريق وزارة الأوقاف والجهات المعنية، حاولت تغيير منهج التربية الإسلامية في الإقليم عدة مرات، "لكنّها لم تتمكن من الخروج من دوامة الفكر المتطرف لكون الأشخاص المسنين أو الأساتذة الذين يعملون في مجال تغيير المناهج يجابهون بمعارضة شديدة من بعض الحركات الإسلامية المتطرفة أو بعض الشخصيات المتطرفة".

ويضيف "نحن لدينا خطة أيضاً لإنشاء هيئة لممثلي الأديان في إقليم كردستان بحيث يضع كل مختص في أي دين من الأديان المنهج الخاص بدينه. وهذه أحد الطرق لمعالجة هذه الأزمة، لأنّه في السابق كان المسلم من يضع درس الدين المسيحي في المنهج وكذلك المسلم هو من يضع منهج الدين اليهودي. وهذا خطأ".

القضاء على التطرّف

ويرى النقشبندي ضرورة اتباع عدة خطوات للقضاء على التطرف ومن ضمنها "تجفيف المنابع المالية للتنظيمات المتطرفة". كما يدعو إلى إغلاق القنوات والفضائيات المساندة للفكر المتطرّف والعمل من أجل تنظيم أكبر عدد ممكن من التجمعات الفكرية بين الطلبة والشباب الكرد.

"فكرة التجمعات غائبة للأسف عن ذهن الشخصيات الأكاديمية في إقليم كردستان. وأنا أقترح أن تكون لجامعات كردستان وخاصة كليات الشريعة مبادرة في هذا المجال".

ويضيف النقشبندي "نحن بحاجة الى ثورة فكرية في إقليم كردستان. كما أنّنا بحاجة إلى إصلاح الفكر الديني، خاصّة في مجال تفسير النصوص القرآنية والأحاديث النبوية. هناك عدد كبير من الكتب في مساجد إقليم كردستان التي تعتبر غير لائقة وغير مجدية لنبذ العنف".

*الصورة: الكاتب و الباحث مريوان النقشبندي/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.