بقلم علي قيس:

"لا يقتصر التطرف الديني على المكوّن السني، الذي يبدو واضحاَ في مدارس الفكر الوهابي المنتشرة في السعودية فحسب، بل سجل حضوره لدى المكون الشيعي أيضاً من خلال الميليشيات المسلحة والأحزاب الدينية الموالية لإيران"، هكذا وصف السياسي ورجل الدين العراقي إياد جمال الدين موضوع التشدد الديني الشيعي.

وقال لموقع (إرفع صوتك) إنّ "كل دولة تستخدم القوة لفرض القانون وحماية البلاد، لكن ظهرت في الفترة الأخيرة ميليشيات ومجموعات تحمل السلاح خارج غطاء الدولة، وهذا الأمر جديد لدى الشيعة. هذه الميلشيات الشيعية انوجدت بعد الثورة الإيرانية، بسبب فكر الخميني الذي كان يريد تصدير الثورة".

واستبعد جمال الدين أن تتحمل المناهج التي تدرس في الحوزات العلمية مسؤولية هذا التشدد، موضحاً أنّ "مناهج الحوزات الدينية في محافظتي النجف العراقية وقم الإيرانية تعتمد على كتب تراثية وقديمة، لكن الشيعة يعتمدون فكرة الاجتهاد، أي أنك لا تستطيع أن تلزمهم بفتوى فقيه ميت، إنما الفقهاء هم الذين يعتبرون حجة على الشيعة الذين يقلدونهم".

وحمّل السياسي جمال الدين هؤلاء الفقهاء مسؤولية التطرف الديني الشيعي بقوله إنّ "فكرة الميلشيات المقدسة والسلاح المقدس جعلت الناس تتصور أن هناك تشدداً شيعياً قديماً. ما يحصل اليوم سببه الفقيه الحي".

وحول تطورات هذا التشدد لدى الطرفين السني والشيعي، توقع جمال الدين ثورة ثقافية قائلاً "أظن أن المستقبل سيكون لوعي المسلمين سنّة وشيعة، وتمرّدهم على الأطر الفكرية الضيقة التي تستعمل الدين أو المذهب من أجل المزيد من الكراهية وسفك الدماء. أتوقع تمرداً فكرياً ثقافياً إجتماعياً، شيعياً ضد الخمينوية، وآخر سنياً ضد الوهابية".

وأشار جمال الدين في ختام حديثه إلى أنّه "من الناحية السياسية نرى صراعاً حقيقياً في منطقة الشرق الأوسط، بين السعودية وهي بلد ناشر للفكر الوهابي، وإيران مع ميليشياتها. وكل منهما بلد نفطي وديني أيديولوجي يستخدم المذهب لمد نفوذه والحصول على المزيد من السيطرة، لذلك من الصعب التوقع كيف سينتهي هذا الصراع".

مناهج الحوزة تمنع دراسة السياسة

الناشط السياسي أحمد عبد الحسين، الذي درس في الحوزة الدينية بمدينة النجف، اعتبر الرأي الذي يزامن بين التطرف الشيعي والثورة الإسلامية في إيران، مبالغاً به. وقال لموقع (إرفع صوتك) إنّ "التطرف موجود لدى أي حزب إسلامي يهدف للوصول إلى السلطة والتشبث بها".

وأضاف عبد الحسين أنّه "من الصعب التفريق بين الأحزاب الإسلامية على أساس السنية والشيعية، لأنها تحمل أفكاراً واحدة، وتتفق على أن الإسلام السياسي قادر على الحكم وعلى إدارة الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".

وإذ أكد طالب الحوزة السابق خلو مناهج الأخيرة من أي شيء يتعلق بالسياسة، تابع قائلاً "كل المتطرفين، سواء الشيعة أو السنة، ليسوا خريجي المؤسسات الدينية. فليس بين قادة القاعدة خريج من الأزهر، ولا يوجد أحد من الأحزاب الإسلامية الشيعية خريج من الحوزة. كما أن المنهج المتبع في الحوزة هو علمي ديني بحت، ولا يسمح بدراسة أي شيء يتعلق بالسياسة".

وأردف أن "تلك الأحزاب تحاول لبس ثوب الدين لكسب تأييد الشعب لهم، وهي في الحقيقة ليست لها أية صلة بالدين أو بالإسلام، وهي بعيدة حتى عن فتاوى المرجعيات الدينية".

*الصورة: إياد جمال الدين/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".