بقلم علي عبد الأمير:

عاد إلى صفّه في مدرسة الزهاوي بناحية الكحلاء في محافظة ميسان (جنوب العراق)، ودوي ضربة المعلم يكاد يصم أذنه التي تلقت الضربة الشديدة، حدّ أن ابن الثامنة عاد مرتبك الخطوات إلى أهله الذين لم يصدقوا ما عاناه ابنهم حتى انتشر target="_blank">فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثّق ضرب المعلم للتلاميذ الصغار.

صحيح أن وزير التربية العراقي محمد إقبال قال إنّ "المعاني التربوية والتعليمية هي ليست إرهاب الطلبة وإنّ المعلم هو الأب الثاني للطلبة ويؤدي رسالة سامية ونبيلة في المجتمع"، إلا أن صورة ما تعرض له التلاميذ ظلت مثار تعليقات غاضبة وناقدة لمثل هذا السلوك العنيف.

بالمقابل هناك target="_blank">تربوي عراقي قدّم صورة مناقضة للسلوك الأول، فهو يحرص على توديع تلاميذه لدى انتهاء اليوم الدراسي بطريقة تعزز علاقة ألفة ومودة بين التلاميذ والمدرسة، فضلاً عن التأثيرات التربوية الإيجابية لما تعنيه تلك الطريقة من إشاعة روح السلام بين التلاميذ.

القوانين العربية: ضرب الأطفال مسموح؟

ويكشف الخبير الأردني في مواجهة العنف ضد الأطفال هاني جهشان أنّ بعض قوانين الدول العربية لا تزال تسمح بالضرب التأديبي للأطفال ولا تعتبره جريمة، مشيراً إلى أنّ تونس أجرت تعديلاً بإلغاء النص الذي كان يسمح بالضرب التأديبي عام 2010.

وفي الأردن، انتشر target="_blank">فيديو قبل فترة، ولقي رواجاً كبيراً، لأستاذ يضرب تلاميذه بعصا. وظهر لاحقاً أنّ هذا الأستاذ هو مدير المدرسة، وقوبل الأمر بردود فعل قوية وناقدة لذلك السلوك الذي يجعل من العنف أمراً "طبيعياً" و"شائعاً" بين التلاميذ والطلبة الصغار.

"بيت الحكايات والموسيقى": مواجهة العنف

ونظل في الأردن، حيث تجربة مميزة يمثلها "بيت الحكايات والموسيقى" عبر خبيرة التربوية والكاتبة ربيعة الناصر، التي تؤكد لموقع (إرفع صوتك) أنّ "العنف موجود في كل مكان في لعب الأطفال وفي أفلام الأطفال وحتى قصص الأطفال. وإن مواجهة العنف لن تتأتى إلا بتذوق فنون الأدب والفنون من موسيقى ومسرح ورسم".

ويقوم منهج الناصر التربوي على "رفض الفنون الموجهة"، مؤكدة أنها "مع إطلاق الخيال بعيداً عن كل توجه سياسي أو ديني، عرقي وإقليمي. حين أذهب للصغار وبعد أن أقرأ القصة، أطلب منهم أن يخبروني ما الذي دار في مخيلتهم أو من تذكروا. وأشترط عليهم بأني لا أريد رسماً لعلم وطني أردني فلسطيني سوري... الخ، لقد أشبعوا الأطفال شعارات فارغة".  وتستدرك الناصر "سؤالكم حول مواجهة تأثير العنف هو تماماً ما يؤرقني كلما التقيت مع الأطفال. وفي كل ما ذكرت، خبرته وعشته وأقوله باستمرار في كل جلسة وكل حوار عن هموم التعلم والتعليم وعن المدارس والطلبة الصغار، لدينا تجارب مدهشة وغنية، لكن لا يوجد لدينا إعلام تربوي".

وتبدو فكرة المعرفة والتربية عبر الثقافة والفنون لمواجهة التأثيرات المخيفة للعنف بين الجيل الجديد، وهي فكرة "بيت الحكايات والموسيقى"، مناسبة للتأثير في أوساط اجتماعية باتت هي نتاج العنف، كما في حالة مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، حيث ذهبت إليهم التجربة ولتتحول في عنوانها من "بيت" إلى "باص الحكايات والموسيقى"، وتحديداً إلى مخيم المفرق، الذي تتولى هيئة إماراتية إسناده لوجيسيتاً. وكانت تجربة ثرية مثلما هي تجارب "البيت" في انتقاله نحو المدارس وحيث يتجمع الأطفال، ومن باب مثير لأرواحهم، باب الحكايات والموسيقى والمسرح الصغير.

*الصورة 1: مشهد من فيديو لمعلم أردني يضرب تلاميذه

*الصورة 2: مشهد من فيديو لمعلم عراقي يضرب تلاميذه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".