مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

"نشر التشيّع في المجتمع السني: أسبابه – مخاطره – كيفية مواجهته"، هذا ليس عنواناً لبحث أو مناظرة أو مقال، إنّما هو عنوان لمسابقة أعلنت عنها مشيخة الأزهر في مصر للطلبة الوافدين في 10 كانون الأول/ديسمبر 2015، ورصدت لها جوائز مالية يبلغ مجموعها 42 ألف جنيه (أكثر من خمسة آلاف دولار).

وتضمّنت شروط المسابقة "إعداد تقرير علمي عن كتابين تناولا الفكر الشيعي أو تحديد عشرة مصادر أو مراجع شيعية مع التعريف بمؤلفيها، وتحديد عشر شخصيات سنية تخصصت في الرد على الفكر الشيعي مع ذكر أهم مؤلفاتهم، أو كتابة بحث علمي عن جهود الأزهر في مواجهة المد الشيعي". هذا بالإضافة إلى قسمٍ ثانٍ للمسابقة، حيث يقوم المشترك بإعداد مسرحية أو ملف أو خطبة أو منظومة شعرية أو قصة قصيرة "تتناول الفكر الشيعي والرد عليه في شكل حواري درامي".

الوقف الشيعي: سنوفر الكتب مجاناً

وكان رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق السيد علاء الموسوي قد وصف المسابقة بأنّها طُرحت بـ"أسلوب استفزازي".

وأضاف بيان رسمي صادر عن الديوان أنه على استعداد لتوفير الكتاب مجاناً للطلاب وذلك "خدمة للحقيقة وتجسيداً للأخوة الاسلامية من خلال توفير كافة المصادر والكتب الشيعية التي يحتاجها أعزاؤنا طلبة الأزهر الشريف للوصول إلى الحقيقة".

وانتشرت بعدها أخبار عن إلغاء المسابقة، لكن الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين والمسؤول عن المسابقة قال لموقع (إرفع صوتك) إنّ المسابقة تم إرجاؤها لما بعد الامتحانات بناء على رغبة الطلاب.

Al Azhar competition

وأشار أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إلى أنّ "المسابقة لا تستهدف من يعتنق التشيّع خارج مصر، وإنما تقصد من يأتي ليبث التشيع داخل مصر ويخترق عقول شبابها"، مشدداً على أن "مهمة الأزهر وعلمائه هي توضيح الأمور والمحافظة على المفاهيم على أرض مصر".

وفي سؤال حول أسباب اختيار هذا الموضوع وإمكانية أن يثير الفتن بين المذاهب، قال الدكتور فؤاد إن مؤسسة الأزهر تنظم العديد من المسابقات في جميع مجالات الدراسات الإسلامية وإن كلية الوافدين – باعتباره المسؤول عنها – تنظم مسابقات مختلفة في الموضوع والهدف مثل "الخطابة بين الطلاب الوافدين - كيفية تلاشي الأخطاء النحوية".

وأضاف "الهدف من مثل هذه المسابقات هو تدريب الطلاب في ساحات العلم على طرق البحث الصحيحة والدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة". ويتساءل "هل الردود على الآخر بالحجج والبراهين ستؤدي إلى الفتن أم إلى الحفاظ على القيم والمجتمع؟".

الأزهر فقد البوصلة؟

من جهته، علّق الكاتب المصري رشيد غمري، نائب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، في حديث لموقع (إرفع صوتك) على مثل هذه المسابقات، معرباً عن اعتقاده أنّها تعكس "فقدان مؤسسة الأزهر لبوصلتها ويظهر أنّ هذه المؤسسة تعمل في عكس الاتجاه المطلوب منها"، مضيفاً أن "عدد الشيعة في مصر قليل وبالتالي تنظيم مسابقات من هذا النوع هو جزء من العبث وإهدار الأموال، إضافة إلى أنها تؤجج الفتن بين المذاهب".

وتابع غمري ليربط بين طرح هذه الموضوعات ومناقشتها وبين القضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل خاص قائلاً "كله سياسي هدفه تدمير الشعوب العربية".

* الصورة الرئيسية: "عدد الشيعة في مصر قليل وبالتالي تنظيم مسابقات من هذا النوع هو جزء من العبث وهدر الأموال"/shutterstock

*الصورة 2: عن موقع الأزهر

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".